مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية يقدم حكاية كتاب «القرآن والفلسفة»
تاريخ النشر: 8th, August 2023 GMT
قدم مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، حكاية كتاب «القرآن والفلسفة» لفضيلة الدكتورمحمد يوسف موسى، وذلك في ذكرى وفاته التي توافق 8 أغسطس 1963م، وذلك استكمالًا لمشروعه التثقيفيّ «حكاية كتاب».
مؤلف الكتاب في سُطور
ولد الدكتور محمد يوسف موسى في شهر يونيو من عام 1317هـ/ 1899م، وتُوفي والده وهو ما يزال في عامه الأول من عمره، فتولَّت أُمُّه رعايته وأَعدَّته للدراسة في الأزهر الشريف؛ فحفظ القرآن الكريم بكتاب القرية في سن صغيرة، ثم التحق بالأزهر حتى حصل على شهادة العالمية عام 1343هـ/ 1925م.
وعُيِّنَ الدكتورمحمد يوسف موسى، مدرسًا بمعهد الزقازيق الأزهري، إلا أن ضَعْف بَصره الشديد حال دون استمراره في وظيفته؛ فاتَّجه إلى دراسة اللغة الفرنسية ليتمكن من دراسة الحقوق والعمل بالمحاماة، وقد تمَّ له ذلك حتى نافس أكبر المحامين آنذاك.
استثناه الإمام محمد المراغي فعاد للتدريس مرة أخرى، وعُيِّن بمعهد طنطا، ثم عُيِّن مُدرِّسًا للفلسفة والأخلاق بكلية أصول الدين عام 1356هـ/ 1937م، واختار «ابن رشد» ليكون موضوع بحثه لنيل درجة الدكتوراة من فرنسا تحت عنوان: «الدين والفلسفة في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط» عام 1367هـ/ 1948م.
كما عُيِّنَ أستاذًا مساعدًا لتدريس الشريعة بكلية الحقوق جامعة القاهرة -جامعة فؤاد الأول آنذاك-، وصار رئيسًا لقسم الشريعة بكلية الحقوق جامعة عين شمس، وظلَّ بها حتى أُحيل إلى المعاش عام 1378هـ/ 1959م، ثم طلب منه وزير الأوقاف العمل كمستشار للدين والثقافة بوزارة الأوقاف.
وقضى الدكتور محمد يوسف موسى عمره في خدمة العلم وقضايا الإصلاح والتجديد، وكان يرى أن دور الفلسفة هو وضع حلول للمشكلات الحياتية، ولم يألُ جهدًا في خدمة قضايا الدين وإصلاح التعليم والنشر والتأليف والترجمة إلى أن وافته المنيَّة في 18ربيع الأول 1383هـ، الموافق 8 أغسطس 1963م.
وصف الكتاب
طُبِعَ كتاب «القرآن والفلسفة» ضمن مشروع إعادة إصدار كتب التراث الإسلامي الحديث، والذي تَبنَّته مكتبة الإسكندرية للمحافظة على التراث الفكري، وللتأكيد أن إسهامات العلماء والمفكرين في الفكر النهضوي والتنويري لم تنقطع في عصر من العصور.
ويمثل كتاب «القرآن والفلسفة» الجزء الأول من أطروحة الدكتوراة التي قدمها الدكتور محمد يوسف موسى، وكتبها أولًا باللغة الفرنسية ثم ترجمها إلى العربية، وقد طبع هذا الكتاب للمرة الأولى في شهر ربيع الآخر من عام 1378هـ/ نوفمبر 1958م، وطبعته دار المعارف في 164 صفحة، ويمثل الجزء الثاني من الدكتوراة كتابه «بين الدين والفلسفة في رأي ابن رشد وفلاسفة العصر الوسيط».
سبب تأليف الكتاب
ذكر المؤلف سبب تأليف هذا الكتاب، فقال في المقدمة: "فإن هذا بحثًا أردت منه بيان أن القرآن كان من أهم العوامل التي دفعت المسلمين إلى التفلسف، وبيان ما اشتمل عليه من فلسفة".
وبين أن القرآن الكريم قد مثَّل حصنًا لعقول المسلمين من الانسياق وراء أفكار الفلسفة الإغريقية، وكان المصدر الأول الذي استقى منه المتكلمون آراءهم وأدلتهم على اختلاف مذاهبهم، إلا أنهم لم يفيدوا منه الإفادة الكاملة بعد.
ووضح المؤلف خطأ المستشرقين الذين زعموا أن القرآن يتعارض مع إعمال العقل.
منهج المؤلف في الكتاب
عرض الدكتور موسى آراء العلماء في المسائل الكلامية بشيء من التفصيل، وفنَّدها، ونقد بعضها؛ مبينًا ما رآه حسنًا فيها، ورافضًا لما يتعارض والعقيدة الصحيحة، ثم ذكر ما ترجح لديه في كل مسألة منها؛ محاولًا التوفيق بين المذاهب.
وبدأ الكاتب بتعريف القرآن الكريم ووصف البيئة التي نزل فيها، والقضايا التي كانت تشغل الأذهان آنذاك، وبيان أن العرب كان لهم لونٌ من النظر العقلي قبيل نزول القرآن الكريم فيما يتصل بالألوهية والعالم والبعث، والقضايا التي كانت مثار خلاف بين أرباب النحل المختلفة، فجاء القرآن الكريم بالكلمة الفصل فيها.
وأن غاية القرآن وموضوعاته قضايا فلسفية تحتاج لإعمال العقل والتدبر، وتثير نزعة الجدل والتفكر، وأنه بطبيعته يدعو للتفلسف.
فقد كفا الوحي الشريف المسلمين مؤنة تشكيل الفلسفات والمفاهيم حول وجود الله، وكثير من ظواهر الطبيعية، والكون والإنسان، فصرف جهدهم بكلماته البليغة وأطروحاته الفريدة إلى شرح آياته واستنباط ما فيها من حِكَمٍ وأخلاق، مع بيان أن الفلاسفة قديمًا وحديثًا قد أتعبوا أنفسهم في البحث عن المبدأ الأول للوجود، في حين أن القرآن قد جاء بالحق ودلل عليه بالحُجج العقلية والوجدانية التي يؤمن بها العقل والقلب معًا.
أما فيما يتعلق بالفلسفة الإنسانية فقد سلَّط المؤلف الضوء على أن القرآن الكريم اعتنى بالإنسان كعضوٍ مؤثر في المجتمع، فنظَّم جميع أدواره المجتمعية ليبني مجتمعًا سليمًا.
ويصل الشيخ في النهاية إلى إثبات أن القرآن الكريم بما اشتمل عليه من أصول فكرية عن الإيمان بالخالق سبحانه والكون والإنسان والأخلاق قد دفع المسلمين إلى التفلسف بمعناه الواسع.
وقد شغلت قضية التوفيق بين الدين والفلسفة قسطًا كبيرًا من كتابات الدكتور موسى الفلسفية، وتتبع مناهج الفلاسفة في ذلك بالنقد والتحليل، ورأى أن الذي يفهم روح الإسلام وتعاليمه التي تأخذ بالوسط من الأمور وتدعو للإصلاح بين المتخاصمين، يدرك أن روح التوفيق بصفة عامة كانت طابعًا للمسلمين في الفروع النظرية.
كما عَرَضَ المؤلف في هذا الكتاب لبعض القضايا الكلامية التي كانت مثار خلاف بين العلماء كالقول بالقدر، ورؤية الله سبحانه، وكلامه، والوعد والوعيد، وغيرها من المسائل التي ثارت بين علماء الكلام.
ويخلص الدكتور يوسف موسى في نهاية بحثه إلى ضرورة النظر في القرآن الكريم ليس كمصدر للأدلة على مسائل العقيدة فقط كما فعل المتكلمون؛ بل يجب أن نعرف كيف نصل بالقرآن إلى معرفة الله المعرفة الحقة، التي يؤمن بها القلب قبل العقل، أي إلى المعرفة التي لا يصل إليها العقل وحده.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الأزهر القرآن الکریم أن القرآن
إقرأ أيضاً:
الداخلية أولا وظفار ثانيا وشمال الباطنة ثالثا في النسخة 49 من مسابقة القرآن الكريم
"عُمان": أعلنت وزارة التربية والتعليم ممثلة بالمديرية العامة لتطوير المناهج نتائج النسخة الـ49 من مسابقة القرآن الكريم على مستوى الوزارة للعام الدراسي 2024 / 2025، التي تُعد من أقدم المبادرات التربوية في سلطنة عُمان، التي تهدف إلى تعزيز الارتباط بكتاب الله تعالى، وترسيخ قيمه ومبادئه في نفوس الطلبة بمختلف المراحل التعليمية.
نتائج المسابقة
وتميزت المسابقة هذا العام بمستوى عالٍ من روح المنافسة على مستوى الطلبة والمحافظات التعليمية، حيث حققت تعليمية محافظة الداخلية المركز الأول على مستوى الوزارة، وجاءت تعليمية محافظة ظفار في المركز الثاني، وحصول تعليمية محافظة شمال الباطنة في المركز الثالث.
تاريخ المسابقة
وأكدت الوزارة أن العناية بالقرآن الكريم والاشتغال به من أعظم القربات إلى الله تعالى، لكونه كلامه المُنزل، والدستور الذي يمنح الإنسان عزّته وكرامته في الدنيا والآخرة، وقد حرصت وزارة التربية والتعليم منذ فجر النهضة المباركة على إدراج القرآن الكريم ضمن مناهج التربية الإسلامية، والاهتمام المبكر بتحفيظه، وإتقان تلاوته بين الطلبة، وكان من أبرز ذلك تدشين مسابقة القرآن الكريم عام 1975م (1395هـ)؛ لتصبح ركيزة سنوية في تعزيز روح الانتماء والهُوية الإسلامية في البيئة المدرسية.
مسارات المسابقة
وصُممت المسابقة بطريقة تدرّجية تضمن تنافسًا عادلًا على أربع مراحل: بدءًا من التصفيات على مستوى المدارس، ثم الولايات، فالمحافظات، وصولًا إلى المرحلة الختامية على مستوى الوزارة، حيث تُشكّل لجنة التحكيم بقرار وزاري في كل عام دراسي.
ويتنافس الطلبة في المسابقة في ثلاث مسارات رئيسة، المسار الأول: مسار الحفظ العام الذي يتنافس فيه جميع طلبة المدارس الحكومية والخاصة من مرحلة التعليم المبكر حتى مرحلة التعليم ما بعد الأساسي، وبه خمس مستويات، والمسار الثاني: مسار الحفظ الخاص بالطلبة ذوي الإعاقة، ويشترك فيه جميع طلبة المدارس الحكومية والخاصة في جميع المراحل الدراسية، وينقسم إلى ثلاثة أقسام، وهي: مسابقة الحفظ الخاصة بالطلبة ذوي الإعاقة السمعية وبه ثلاثة مستويات، مسابقة الحفظ الخاصة بالطلبة ذوي الإعاقة البصرية، وبها ثلاث مستويات، ومسابقة الحافظ الخاصة بطلبة الإعاقة الفكرية، وبها ثلاث مستويات، والمسار الثالث: مسار إتقان التلاوة والصوت الحسن، وهي مسابقة خاصة بالطلبة العُمانيين، ويشترك فيها جميع الطلبة العُمانيين من المدارس الحكومية والخاصة، وبها ثلاث مستويات.
التحسين والتطوير
وفي إطار التطوير المستمر، شهدت المسابقة هذا العام عددًا من التحسينات التقنية، من بينها: استخدام الحواسيب الخاصة لتوليد أسئلة عشوائية، وتسجيل جلسات التحكيم بالصوت والصورة، وتحسين البيئة البصرية للمسابقة، وتعزيز التغطية الإعلامية، إلى جانب العمل على تدشين المصحف الإلكتروني، الذي سيسهم في تسجيل الطلبة، وتتبع أدائهم عبر حلول ذكية متكاملة، تدعم توجهات "رؤية عُمان 2040".
التنافس لحفظ كتاب الله
وقال الدكتور سليمان بن عبدالله الجامودي، المدير العام للمديرية العامة لتطوير المناهج، رئيس اللجنة الرئيسية للمسابقة: قامت الوزارة بتطوير مسابقة القرآن الكريم، لتشمل الفئات الطلابية كافة، وخصصت مسارات للطلبة ذوي الإعاقات البصرية، والسمعية، والفكرية، وتم ربط المسابقة بمقرر التلاوة، وأُضيفت مسابقة الصوت الحسن، وذلك لأهمية كتاب الله في حياة المسلم، فهو خير داعٍ إلى الاهتمام بالمعرفة والعلم، فبحفظه يزداد الطالب قوة في إيمانه، وحصافة في تفكيره، واستقامة في نطقه وتحدثه.
وأضاف في حديثه: منذ وضع اللبنات الأولى للمسابقة في بدايات النهضة المباركة، وحتى دورتها الحالية التاسعة والأربعين، وهي في تطور مستمر، سواء أكان في مستوياتها أو آليات تقييمها، أو نوعية الجوائز التي تقدمها للمتنافسين على شرف الفوز في حفظ كتاب الله تعالى.
طموح كل طالب
وتحدث الدكتور حمد بن سالم الراجحي، مدير دائرة تطوير مناهج التربية الإسلامية، رئيس لجنة التحكيم، عن مستويات الطلبة في المسابقة، قائلًا: ترقّت مسابقة القرآن الكريم التربوية في مستوياتها أخذًا بالمبادئ القرآنية والعلمية في مراعاة سُنن التدرج، والوصول إلى المستوى الذي يحفظ فيه الطلبة القرآن الكريم كاملًا، وهو طموح يؤيده واقع أبنائنا الطلبة ممن يحفظون عشرة أجزاء فأكثر حفظًا متقنًا، وأكد في حديثه أن وزارة التربية والتعليم ستظل حاضنة العلم والإيمان والقيم، منها يتخرج الرواد في كل المجالات العلمية، متسلحين بالعلم النافع، والإيمان الراسخ، والقيم الإنسانية العليا، مما يجعلهم يمثلون الوطن والأمة خير تمثيل في مختلف مجالات الحياة.
قدرات الطلبة ومهاراتهم
وصرّح علي بن عبدالله الحارثي، مدير عام المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة الداخلية، الفائزة بالمركز الأول: لدى أبنائنا الطلبة من القدرات والمهارات ما يؤهلهم بأن يحوزوا قصب السبق في مختلف الأنشطة والفعاليات التربوية، ونبارك لأنفسنا ولطلبتنا الحصول على المركز الأول على مستوى سلطنة عمان في مسابقة القرآن الكريم، ونشكر جميع الجهود المبذولة من قبل الطلبة والمشرفين على هذه المسابقة وأولياء الأمور، وطموحنا أن يبلغ أبناؤنا من مخرجات هذه المسابقة أعلى مراتب التكريم في المسابقات القرآنية، سواء على المستوى المحلي، أو المستويين الخليجي والعربي، أو حتى على المستوى العالمي.
وسام شرف
وعبّرت الدكتورة ميزون بنت بخيت الشحرية، المديرة العامة للمديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة ظفار، عن فخرها بالطلبة، بقولها: نفاخر بطلبتنا حفظة كتاب الله تعالى، ومتقني تلاوته، فهنيئًا لنا هذا الفوز الذي يُعد وسام شرف لنا جميعًا، وهنيئًا لمديري المدارس والمعلمين والمعلمات، ولأولياء أمور الطلبة الذين بذلوا جهودهم في المتابعة وتعهد هذا الغرس المبارك، ونثمّن جهود المسؤولين في وزارة التربية والتعليم وعلى رأسهم معالي الوزيرة الموقرة هذا النهج القويم في العناية بكتاب الله تعالى وغرس القيم الحميدة والحفاظ على الهوية الوطنية.
التربية على القيم الأصيلة
وأكد الدكتور وليد بن طالب الهاشمي، المدير العام للمديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة شمال الباطنة، أثر المسابقة، قائلًا: إن عناية الوزارة بالقرآن الكريم دليل على الوعي الراسخ بأهميته في تصحيح سلوك النشء، وتربيتهم على القيم الأصيلة التي ستنعكس بلا شك على كافة جوانب الحياة لديهم، مما يعزز الشعور بالمسؤولية تجاه الوطن، ويغرس قيم الانتماء، ويصقل شخصياتهم، ويجعلهم طموحين للتنافس والمثابرة في مضمار التفوق في شتى ميادين المعرفة، وهذا الفوز يُضاف إلى الجهود المبذولة من قبل المسؤولين عن هذه المسابقة.
وتهدف المسابقة إلى تنمية الشعور بأهمية القرآن الكريم لدى طلبة المدارس الحكومية والخاصة، وخدمة مناهج التربية الإسلامية في جميع المراحل الدراسية، وتحسين الزاد اللغوي لدى الطالب، وتعزيز التنافس في حفظ القرآن الكريم، وبث روح الاعتزاز بكتاب الله في نفس الطالب، وتعزيز التمسك بدينه وهويته الإسلامية.