عربي21:
2025-08-12@09:12:46 GMT

إدارة الدولة العراقيّة بين المثاليّة والواقعيّة!

تاريخ النشر: 9th, August 2024 GMT

تُعرّف الدولة وفقا للقانون الدوليّ العام بأنّها مجموعة أفراد مستقرون في إقليم معيّن، ويخضعون لسيطرة هيئة حاكمة ذات سيادة.

والهيئة الحاكمة يقصد بها القوى المالكة للسلطة سواء أكانت سلطات جاءت بطريقة إجباريّة أو ديمقراطيّة، وبالمحصّلة هي التي تمتلك زمام إدارة الأمور العامّة للدولة!

والهيئة الحاكمة تشمل السلطات التنفيذيّة والتشريعيّة، وهي القوّة السياسيّة أو العسكريّة التي بيدها الأمر بمقتضى الشرعيّة الديمقراطيّة، أو الوراثيّة، أو التسلّط!

وإدارة الدولة ليست "مُقامرة" يمكن أن تُبنى على الحظّ، بل هي عمليّة علميّة صارمة ومدروسة قائمة على الخطط العلميّة والإمكانيات المتاحة، وليس مجرّد "دعايات" صحفيّة وإعلاميّة عصيّة على التنفيذ!

ومنذ العام 2003 ونحن لا ندري ما شَكل الهيئة الحاكمة للعراق: هل هي بيروقراطيّة، أم ثيوقراطيّة (دينيّة)، أم حزبيّة، أم نخبويّة أو أيّ شيء آخر؟

منذ العام 2003 ونحن لا ندري ما شَكل الهيئة الحاكمة للعراق: هل هي بيروقراطيّة، أم ثيوقراطيّة (دينيّة)، أم حزبيّة، أم نخبويّة أو أيّ شيء آخر؟
ويفترض بإدارة الدولة أن تَعْرف دورها في بناء "دولة ومجتمع المستقبل" في ضوء التطوّرات الحديثة في المجالات السياسيّة والعسكريّة والاقتصاديّة والعلوم والتكنلوجيا! والدول المتينة هي الدول التي تدرس آليّات إدارة البلاد في المستقبل، ولا تتعامل بسياسة الفعل ورَدّ الفعل وتترقّب الواردات النفطيّة فقط!

إنّ الجسم الإداريّ للدولة، الذي يضمّ الأجهزة المدنيّة والعسكريّة، هو قلب الدولة النابض، ولهذا يفترض العمل على تطويره والعناية به، ومكافحة الترهّل الإداريّ والبطالة المقنعة المنتشرة في غالبيّة المؤسّسات!

وقد أكّد رئيس حكومة بغداد محمد شياع السوداني بأنّ عدد الموظّفين يقرب من أربعة ملايين موظّف وفقا لجداول رسميّة؛ ما كفاءتهم؟ وأين إنتاجيّتهم؟! وبناء على كلام السوداني فإنّ الموظّفين يشكّلون عشرة في المئة من مجموع سكّان العراق! هذا فضلا عن أكثر من ربع مليون موظّف يتقاضون أكثر من راتبين، وبعضهم يتقاضون ستّة رواتب، ونحو 300 ألف موظّف لا يعملون في أيّ دائرة حكوميّة، وفقا لتأكيدات اللجنة الماليّة النيابيّة العراقيّة! فمَنّ المسؤول عن هذه الفوضى الوظيفيّة؟ وأين الدور الرقابي للحكومة؟

ثمّ إنّ اختيار الشخصيات الإداريّة من أهم عوامل نجاح إدارة الدولة، ولكن حينما يُقَدّم الرجل الحزبيّ، ليس لمؤهّلاته بل لحزبيّته، فهنا تبدأ مرحلة السقوط الشاقوليّ الذي لا يمكن تحديد مديات الخراب التي سيلحقها بالوطن والمواطن!

والعجيب أنّ غالبيّة المسؤولين الإداريّين الذين فشلوا في إدارة الوزارات والمؤسّسات يُعاد ترشيحهم لمناصب، ربّما أخطر وأكبر من المناصب السابقة، وهذا دليل على غياب التقييم الموضوعيّ، وإلا لو كان هنالك تقييم لأدائهم السابق لما أُعيد ترشيحهم لمناصب جديدة!

إدارة الدولة تعدّ من أخطر المهام ويفترض تسليمها لشخصيّات تمتلك عقولا جبّارة وقادرة على الإدارة والتقييم والعمل في المؤسّسات والميدان، وإلا فهذا تلاعب بمقدّرات الوطن والناس!

إنّ أبرز ما نلمسه اليوم هي حالة التناقض الصارخ بين ما تُعلنه الحكومات عبر وسائل إعلامها التي لا حصر لها، وبين الممارسات الواقعيّة لغالبيّة المسؤولين والأجهزة الرسميّة المدنيّة والعسكريّة!

وخلال الأيام العشرة الماضية حصرا وقعت العديد من الحوادث التي تؤكّد حالة التناقض والتراخي في إدارة الدولة، حيث حذّرت لجنة الأمن والدفاع النيابيّة من عودة التصعيد بين المليشيات المسلّحة والولايات المتّحدة خلال المرحلة المقبلة في العراق، بينما تقف الحكومة موقف المتفرّج وفي أفضل الأحوال تدين وتستنكر أيّ خرق للسيادة العراقيّة!

ومن التناقضات العجيبة إعلان منصّات حوثيّة يوم الأحد الماضي مقتل العميد حسين مستور الشعبل، في قصف أمريكيّ في منطقة جرف الصخر بمحافظة بابل الجنوبيّة! ولا ندري ما المهمّة التي جعلت الشعبل يتواجد فيها على الأراضي العراقيّة!

وبالتوازي، كشف مؤشّر الأداء البيئيّ حلول العراق في المراتب الأخيرة في قائمة "الدول الأكثر والأقلّ نظافة"، حيث حلّ العراق في المرتبة (172) من أصل (180) دولة عالميّا، وفي المرتبة الأخيرة عربيّا!

يفترض أن تكون حماية سيادة العراق وسلامة المواطنين وصحّتهم وأفكارهم من أولى أوّليّات الإدارة، ولكن يبدو أنّ الصراع على السلطة، واستمرار تنوّع مصادر القرار، من أكبر عوائق الإصلاح والإعمار!
ونقل موقع "إنتل نيوز" الإنجليزي، عن مسؤولين عراقيّين أنّ أكثر من مليون عامل أجنبيّ، معظمهم بدون تصاريح قانونيّة، يعملون في العراق، مما يثير مخاوف اقتصاديّة كبيرة!

وتقول صحيفة "ذي نيشن" الباكستانية، إنّ مجلس الشيوخ ناقش مسألة اختفاء 50 ألف زائر باكستانيّ في العراق حتّى الآن! وقالت تقارير أخرى بأنّهم التحقوا ببعض المليشيات، فيما نفت الخارجيّة العراقيّة تلك "المزاعم"!

وأخيرا الفشل الرياضيّ الواضح، رغم الدعم الماليّ الكبير، حيث وَدّع المنتخب العراقيّ لكرة القدم أولمبياد باريس 2024، بعد أداء هزيل ومحرج أمام الفريقين الأرجنتينيّ والمغربيّ!

وما ذكرناه جزء من عشرات التناقضات الإداريّة المتعلّقة بآليّات تطبيق القوانين والتعايش السلميّ وقانون الأحوال الشخصيّة، وغالبيّتها ترجع أسباب تناميها إلى غياب القواعد العلميّة التي يفترض أن تؤسّس عليها أنظمة إدارة الدولة، وكذلك نتيجة تسنّم "الضعفاء" علميّا وفكريّا لمناصب أكبر من حجمهم!

يفترض أن تكون حماية سيادة العراق وسلامة المواطنين وصحّتهم وأفكارهم من أولى أوّليّات الإدارة، ولكن يبدو أنّ الصراع على السلطة، واستمرار تنوّع مصادر القرار، من أكبر عوائق الإصلاح والإعمار!

صدقا، الإداريّ الفاسد لا يقود مؤسّسات البلاد إلا لمزيد من الخراب والفساد، والإدارات العامّة التي لا تحافظ على سيادة البلاد وسكّانها وأموالها وثرواتها لا تستحق البقاء في سدّة الحكم!

x.

com/dr_jasemj67

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق العراق الفساد الادارة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة رياضة رياضة سياسة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إدارة الدولة ة العراقی ة ة التی

إقرأ أيضاً:

دولة حزب الله في لبنان التي انتهى زمنها

آخر تحديث: 12 غشت 2025 - 10:01 صبقلم: فاروق يوسف انزعجت إيران من قرار سيادي لبناني. هل كان على الرئيس اللبناني جوزيف عون أن يعرض قرار حصر السلاح بيد الدولة على الولي الفقيه قبل أن يصدره؟ المسألة لبنانية وليست إيرانية. كما أن لبنان دولة ذات سيادة ولا تتمتع إيران بحق الوصاية عليه. من حق دولته أن تفرض القوانين التي تؤكد من خلالها سيادتها على أراضيه. أما إذا كان لإيران رأي آخر فتلك مشكلتها التي يجب ألاّ يدفع لبنان ثمنها. وفي حال اعترفت إيران بأن لها جيشا في لبنان لا يحق للحكومة اللبنانية أن تمسّه فإن المسألة تأخذ حجما آخر يدخل في إطار، سيكون على لبنان باعتباره دولة مستقلة أن يكسره بالطرق التي تناسبه. في مقدمة تلك الطرق العمل على إنهاء ذلك الاحتلال بدءا من نزع السلاح الذي يمثله. كان الأمين العام الأسبق لحزب الله حسن نصرالله يصف نفسه بأنه واحد من جنود الولي الفقيه. بمعنى أنه كان جنديا إيرانيا. يصح ذلك الوصف على كل أفراد الميليشيا التي كان نصرالله يقودها. وبالعودة إلى تصريحات نصرالله فإن إيران كانت (ولا تزال) تمول تلك الميليشيا بالمال والسلاح. الآن بعد أن تغير كل شيء في لبنان صار بإمكان حكومته أن تعيد الأمور إلى سويّتها وبالطرق القانونية. فليس صحيحا على سبيل المثال أن تلاحق العدالة عملاء إسرائيل فيما يُترك عملاء إيران طلقاء، يتجولون بسلاحهم ويهددون أمن وسلامة الشعب اللبناني الذي دفع باهظا ثمن مغامراتهم حين جروه عبر السنتين الماضيتين إلى حرب هي ليست حربه، ضاربين عرض الحائط مصالح لبنان وشعبه.

لم تصل الدولة اللبنانية إلى مرحلة مطاردة أعضاء ميليشيا حزب الله بتهم الخيانة والعمالة والتخابر مع دولة أجنبية. لا أحد في لبنان يتمنى أن تصل الأمور إلى تلك الدرجة الحرجة التي لا تخون الواقع لأن الواقع اللبناني كان دائما ملغوما ولم يكن السلم الأهلي إلا مناسبة لتمرير الكثير من الأخطاء التي أفقدت القانون هيبته. اليوم تسعى الدولة اللبنانية إلى كسر ذلك الخطاب الطائفي القائم على الاستقواء بالسلاح الذي لا يقع تحت سيطرتها. بالنسبة إلى حملة ذلك السلاح فإن ذلك القرار يعني إنهاء دولتهم. ومن الطبيعي أن يكون ما يحدث صعبا عليهم. ذلك ما يجب التعامل معه بحذر. وكما أتوقع فإن زعيم الحزب الحالي نعيم قاسم الذي رفض الاستجابة الفورية لقرار الدولة هو الأكثر دراية بأن دولة حزبه قد انتهى زمنها ومَن يقرأ خطاباته التي لا تزال خاضعة للرقيب الإيراني لا بد أن يكتشف بين سطورها رغبة في التفاهم عند الحدود الدنيا. ذلك ما يُشير إلى بدء مرحلة جديدة.

وللإنصاف فإن موافقة الدولة اللبنانية على الورقة الأميركية لم تكن خضوعا لمطالب إسرائيلية. كانت هناك قرارات دولية، كلها لمصلحة لبنان تضمنتها تلك الورقة. ليس من المقبول أن تكون هناك دولة داخل الدولة. كان حزب الله دولة همشت الدولة اللبنانية. وليس من المقبول أيضا أن يتم استبعاد الجيش اللبناني عن حدود الدولة ليحل محله جيش إيراني بحجة المقاومة. كما أنه لم يكن من حق أيّ جهة أن تسلب الدولة حقها في إعلان الحرب كما حدث غير مرة مع حزب الله الذي تبين في الحرب الأخيرة أن هلاكه ما كان ليحدث لولا أنه خضع لأوامر إيرانية كانت قد احتكمت إلى أخطاء في التقديرات التي سببت سيلا من الكوارث. أخطاء الحزب في حربه الأخيرة هي أخطاء إيرانية. وعلى العموم فقد آن الأوان أن يتخلص لبنان من العبء الإيراني. لتذهب إيران بأخطائها إلى جحيمها. فلكي يستمر لبنان في حياته صار عليه أن يتحرر من إملاءات المقاومة الإيرانية. ما من شيء في بيان الدولة اللبنانية الداعي إلى حصر السلاح بيد الدولة يشير إلى إيران. من حق الدولة اللبنانية أن تبسط سيطرتها على أراضيها. من حقها أن تطلب ممَّن يملكون سلاحا غير مرخص أن يسلموه لها. كما أن من حقها أن تنشر جيشها على حدودها. وعلى الجانب الآخر فقد صار على حزب الله أن يفهم أن زمنه انتهى. زمن الوصاية الإيرانية انتهى. لقد انتهى زمن دولته التي همشت الدولة اللبنانية المعترف بها دوليا. لبنان اليوم ليس جبهة إيرانية. وإذا ما كانت إيران قد انتحرت بالقيادات التاريخية لحزب الله فإن القيادة الحالية للحزب لن تنتحر كما أتوقع من أجل عيني إيران.

مقالات مشابهة

  • قرار الحكومة اللبنانية سحب السلاح بين سيادة الدولة ومعادلة الردع
  • دولة حزب الله في لبنان التي انتهى زمنها
  • بعد لبنان وغزة.. هل يدخل العراق في سجال سحب السلاح من الحشد الشعبي وحصره في مؤسسات الدولة؟
  • نائب:العراق دولة بلا سيادة والقوات التركية وصلت إلى الموصل وكركوك
  • البنك المركزي العراقي:الدين العام لشهر أيار الماضي بلغ (85.50) تريليون ديناراً
  • المركزي العراقي يعلن انخفاض الانفاق العام والدين الداخلي
  • تقرير أمريكي:قانون الحشد الشعبي الإيراني يهدد سيادة العراق
  • دم حمودي وبان.. جرس إنذار للأمن العراقي
  • رئيس الوزراء العراقي: حصر السلاح بيد الدولة لا تفاوض عليه والحكومة ملتزمة بإنهاء وجود التحالف الدولي
  • رئيس الوزراء العراقي يفاجئ المليشيات الشيعية في العراق بخصوص سلاحها