شبكة انباء العراق:
2025-08-09@22:32:45 GMT

دم حمودي وبان.. جرس إنذار للأمن العراقي

تاريخ النشر: 10th, August 2025 GMT

دم حمودي وبان.. جرس إنذار للأمن العراقي

بقلم: الحقوقية انوار داود الخفاجي ..

في العراق، كل حادثة قتل تهز المجتمع، لكنها في أحيان كثيرة لا تتجاوز حدود التعاطف اللحظي. غير أن حادثتي مقتل البطل الشاب حمودي في أربيل، والدكتورة بان في البصرة، تجاوزتا ذلك لتتحولا إلى صرخة مدوّية تضع الحكومة والشعب أمام اختبار صعب يتعلق بمعايير الأمان وحماية أرواح المواطنين.


حمودي، الذي أصبح رمزاً للشجاعة والإنسانية في مواقفه، رحل برصاص السلاح المنفلت، في جريمة تكشف هشاشة قدرة الدولة على ضبط السلاح خارج إطار القانون، حتى في مدن كانت تُعد أكثر استقراراً. أما الدكتورة بان، فقد قُتلت في بيتها، في حادثة صادمة تفضح أن الخطر لم يعد في الشوارع فقط، بل يمكن أن يطرق باب بيتك، دون إنذار أو حماية.
هاتان الجريمتان ليستا حادثتين منفصلتين في كتاب جرائم العراق، بل هما صفحتان سوداوين في ملف واحد: ملف غياب الردع الحقيقي، وضعف إجراءات حماية المدنيين. عندما يصبح المواطن، سواء كان رجلاً أو امرأة، مهدداً في حياته حتى وهو في بيته، فإن ذلك يعني أن معيار الأمان الذي يجب أن تضمنه الدولة قد انهار جزئياً.
الحكومة العراقية اليوم أمام اختبار صعب. ليس لأن هاتين القضيتين أثارتا الرأي العام وحسب، بل لأنهما تكشفان حجم الفجوة بين النصوص القانونية والتطبيق الفعلي للعدالة. ضبط السلاح المنفلت، وتحقيق القصاص العادل من الجناة، ليس خياراً سياسياً أو إعلامياً، بل واجب وطني وأخلاقي لا يحتمل التأجيل. فكل تأخير في المحاسبة يعطي رسالة سلبية مفادها أن القاتل قد ينجو بفعلته، وأن حياة العراقي يمكن أن تُسلب بلا ثمن لكن المسؤولية لا تقع على الحكومة وحدها. المجتمع نفسه أمام اختبار إعادة الحسابات في مفهوم الأمان والتضامن. فحين تتكرر الجرائم، يصبح من الضروري أن يتكاتف المواطنون في الضغط على السلطات، وأن تتغير الثقافة الاجتماعية التي أحياناً تتساهل مع العنف أو تبرره.
القصاص العادل من الجناة هو بداية الطريق فقط. الإصلاح الحقيقي يبدأ من إغلاق منابع السلاح المنفلت، وتقوية أجهزة الأمن، وتحديث أساليب التحقيق، وضمان أن أي جريمة، أياً كان مرتكبها، لن تمر بلا عقاب. حماية النساء والرجال على حد سواء هي معيار أساسي لقياس قوة الدولة وهيبتها، بل ومعيار لمدى تقدم أي مجتمع.
إن دم حمودي وبان ليس مجرد مأساة شخصية لأسرتهما، بل قضية رأي عام واختبار وطني كبير. إذا استطاعت الدولة أن تثبت أنها قادرة على حماية مواطنيها ومعاقبة المعتدين، فإنها ستعيد الثقة التي تآكلت بين المواطن ومؤسسات الدولة. أما إذا فشلت، فإن الخوف سيصبح جزءاً دائماً من حياة العراقيين، وستتكرر المآسي تحت مسميات وأسماء جديدة.

ختاما ليس المطلوب بيانات استنكار أو لجان تحقيق بلا نتائج، بل أفعال واضحة وسريعة تتضمن محاسبة الجناة، ضبط السلاح، وحماية البيوت قبل الشوارع. عندها فقط يمكن أن نقول إن العراق بدأ فعلاً يستعيد حقه في الحياة الآمنة التي يستحقها شعبه.

انوار داود الخفاجي

المصدر: شبكة انباء العراق

كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات

إقرأ أيضاً:

سلاحُ المقاومة ليس ترفًا بل ضرورةٌ وجودية

يمانيون|بقلم د. إسماعيل النجار*

بين دعوات نزع السلاح ودروس الجغرافيا الدامية: مقاومةُ لبنان في عين العاصفة

في قلب النقاش اللبناني المزمن، يتجدَّدُ الحديثُ حول سلاح “المقاومة” – سلاح حزب الله – كقضيةٍ وطنية مركَزية تشطُرُ اللبنانيين بينَ من يراه سلاحًا يحمي لبنانَ، ومن يعتبره عقبةً أمام بناء الدولة.

في الآونة الأخيرة، ارتفعت وتيرةُ المطالَبة بنزع هذا السلاح من قبل بعض الأطراف المسيحية والدروز والسُّنَّة؛ بذريعةِ أن أيَّ سلاح خارج الدولة يُفقدها هيبتها وشرعيتها، ويكرّس واقعًا موازيًا يعمّق الانقسامَ الطائفي والمؤسّساتي.

لكن السؤال الجوهري الذي يُطرَحُ هنا؟ ألم يتعظ هؤلاء من دروس التاريخ والجغرافيا القريبة؟ ألم ينظروا جيِّدًا إلى ما حَـلّ بأبناء طوائفهم في سوريا عندما تخلّوا عن خيار المقاومة وتركوا أنفسهم في مواجهة العاصفة حُفاةً وعُزَّلًا؟، السويداء والساحل عبرتان لمن يعتبر!،

السويداء أصبحت عزلة سلاح ونزيف كرامة هي معقل الدروز السوريين، فيها قرّر أهلُها منذ بداية الحرب في سوريا عام 2011 أن ينأوا بأنفسهم عنها، وأن يعتمدوا خيارَ “الحياد المسلح” أَو الدفاع المحلي المحدود، فلم يدخلوا في صراعاتِ النظام أَو المعارضة، ولم ينخرطوا في المقاومة العسكرية الفعلية، والنتيجةُ ماذا كانت؟

تحوّلت السويداء إلى ساحة استنزاف، محاصَرة اقتصاديًّا، مهدّدة أمنيًّا، يتلاعبُ بمصيرها أمراء الحرب التكفيريين والبدو الخارجون عن القانون، ولم تشفع لهم خطابات الحياد، ولا تاريخهم الوطني.

لا النظامُ دافع عنهم، ولا المجتمعُ الدولي اكترث لمعاناتهم، ومن دونِ أيِّ عُمْق استراتيجي أَو حماية حقيقية، أصبح جبلُ العرب مكشوفًا لِمَن يريد الانقضاض عليه!، وهذا الأمر عجلَ بهجوم عصابة الجولاني وبدو المنطقة والعشائر.

الساحل السوري المكلوم مثالًا آخر عندما سلَّمَ سلاحَه؛ لأَنَّ هناك البعضَ لم يتخلَّ عن سلاحه، بل قاتلوا بضراوة دفاعًا عن وجودهم، ومن منطقٍ وجودي بحت، تعاملوا مع الحرب على أنها مسألة “حياة أَو موت”.

وبينما سقطت مدن سورية كبرى، بقي الساحل محصّنًا نسبيًّا، بعيدًا عن الانهيار الكامل، وهذا ما تؤمن به قوى المقاومة في لبنان: أن السلاح، في منطقة “كالشرق الأوسط”، ليس ترفًا بل ضرورة وجودية.

 

في لبنان “سلاحُنا ضمانتُنا” ليس شعارًا، بل عقيدة:

الطائفةُ الشيعية في لبنانَ، وعبر تجربة تاريخية حافلة بالمآسي، من مجازر أيلول في النبطية وصيدا، إلى الاجتياح الإسرائيلي عام 1982، ثم الحرب الأهلية الطائفية، خرجت بقناعة راسخة أن السلاحَ هو مَن حَمَىَ أبناءَها من الذبح والتهجير؛ فشعار “سلاحنا ضمانتنا” ليس مُجَـرّد دعاية حزبية، بل خلاصة تجربة وجودية شعرت فيها الطائفة أنها تُستهدف ككيان وكرمز، وفي ضوء المتغيّرات الجيوسياسية في الإقليم، من اليمن إلى سوريا إلى غزة، يبدو أن هذه المعادلة لا تزالُ راسخةً وستبقى؛ فالدعوة إلى نزع السلاح عن قصد أم غير قصد تعتبر سذاجة.

حين تدعو القوى المسيحية والدُّروز والسُنَّة، إلى نزع سلاح حزب الله، ويتجاهلون أن لبنانَ بلدٌ هَشٌّ، ليس فيه دولة مركزية قوية، ولا جيش قادر على صد عدوان أَو حفظ التوازنات الداخلية، فهل يراد له أن يتحوّل إلى سويداء جديدة؟ هل يُطلَبُ من المقاومة أن تُسلِّمْ سلاحها ثم يُترك أهل الجنوب والضاحية والبقاع بلا حماية في وجه التحولات الكبرى؟ وهل نسي هؤلاء أن غالبية المجازر الطائفية في التاريخ الحديث حصلت حين كانت الجماعات مستضعفة ومُجَـرّدة من أدوات الدفاع عن نفسها؟

بين الواقعية والأماني لا أحد يهوى السلاحَ لذاته، ولكن في زمن السكاكين الطويلة، وفي منطقة تنهار فيها الدول كأحجار الدومينو، لا يمكن أن يُطلب من طائفة أن تنتحرَ سياسيًّا وعسكريًّا بحُجّـةِ الوطنية فقط، في حين أن الآخرين يتمترسون خلفَ مصالحهم وتحالفاتهم.. ربما يجب أن يُسأل المطالبون بنزع سلاح المقاومة.. ما هو بديلكم؟ وأين كنتم حين كنا نقاتل (إسرائيل) في خلدة وبنت جبيل؟

وإن سقط سلاح المقاومة من الذي يضمن ألا تعود مجازر الماضي بوجه جديد؟

إلى الذين يطالبون بنزع سلاح المقاومة ألم تتّعظوا مما جرى في السويداء والساحل؟ في كُـلّ مفصل داخلي حاد، يتجدد في لبنان ذلك السجال العقيم: هل آن الأوان لنزع سلاح المقاومة؟ يخرج بعض الساسة والمراجع، من دوائرَ مسيحية ودرزية تحديدًا، ليجاهروا بأن سلاحَ حزب الله لم يعد ضروريًّا، وأنه يُفقد الدولة هيبتَها، ويكرّس واقعًا ميليشيويًّا مرفوضًا.

لكن المدهش، والمُحزن في آن، أن هؤلاء يتجاهلون تجارِبَ قريبة، قاسية، ودامية، كان يمكن أن تكون أقوى حُجّـة ضد منطقهم، لو أرادوا التعلم؛ لذلك نحن نسألهم هل نسيتم ما حَـلّ بالساحل السوري، وبمدينة السويداء تحديدًا، حين اختار بعضُ أهلها الحياد، ونزع السلاح، و”الرهان على الدولة وحدَها”؟ النتائج كانت واضحة، ذبح، نهب، سلب، اغتصاب، تفتيش منازل، وحرق أرزاق بلا رحمة، عزلة، جوع، تهديد مُستمرّ، وكيان مهدّد بالانهيار أَو الابتلاع.

أعود إلى السويداء، معقل الدروز السوريين، الذين اختاروا الحياد العسكري في حرب كبرى، لم تنضم للنظام، ولا للمعارضة، لم تستدعِ قوى خارجية، ولا سلّحت نفسها بقدرات دفاعية استراتيجية.. ماذا كانت النتيجة؟

تحولت المحافظةُ إلى ساحة مقايضات، يُرادُ لها أن تكونَ خاصرةً رخوةً، تُخنق اقتصاديًّا، وتُهدّد أمنيًّا من داعش حينًا، ومن شبيحة البدو تلك المجموعات الخارجة عن القانون دائمًا، ثم النظام الحالي! لم يحمِ الحياد أهل الجبل، بل زاد غُربتَهم، لم تُنقذهم خطاباتُ الوعي، ولا وَحدةَ الطائفة، ولا حتى صرخات رجال الدين، لقد بدوا وحدَهم في مهبّ العاصفة؛ لأَنَّهم افتقروا إلى ما هو أعمق من الموقف فصنعوا بأنفسهم قوة الرّدع وقاتلوا وصمدوا وانتصروا.

هذه ليست دعوة لتكرارِ النموذج، بل دعوة لقراءة العِبرة؛ فالتاريخ القريب يقول: في هذا الشرق، لا تحميك بيانات الأمم المتحدة، بل ميزان القوى. ولا تحميك الدولة الضعيفة، بل قدرة الردع.

 

“سلاحنا ضمانتنا”.. ليست جملة إنشائية”:

حين يقولُ حزبُ الله: إن “سلاحَنا ضمانتنا”، لا يتحدَّثُ بلُغة الشِعر، بل بلغة الدم والذاكرة الجماعية للطائفة الشيعية في لبنانَ، من مجازر السبعينيات والثمانينيات، إلى الاجتياح الإسرائيلي، إلى محاولات العُزّل والحصار، تعلم الشيعة أن التمسك بالسلاح ليس ترفًا أيديولوجيًّا، بل ضمانة في بلد قد يتحوَّل فيه التوازن الطائفي إلى مذبحة إذَا اختلَّت المعادلات.

السيد حسن نصر الله قالها مرارًا ليس لدينا مشروع انقلاب على الدولة، لكننا لن نسلِّمَ رقابَنا للذبح.. هذا السلاح هو سلاحُ الدفاع عن أهلنا وأرضنا وكرامتنا، فهل يريد من يطالب بنزع السلاح من المقاومة أن تعود الطائفة الشيعية إلى ما قبل 1982؟ إلى زمن كانت فيه مستباحةً من كُـلّ أطراف الداخل والخارج؟ حين تصدر هذه المطالبات من بعض القوى السياسية اللبنانية، يجب أن نسألَ هؤلاء هل يملكون بديلًا عن السلاح يحمي الشيعة؟ هل يعتقدون حقًا أن الجيشَ قادرٌ على حماية لبنان في حال حصول اعتداء خارجي عليه؟ أم أن خلف هذا الخطاب حسابات سياسية ضيقة، تخدم مشاريع إقليمية أَو تجاري المزاج الدولي؟

أيها الإخوة لا أحد يهوى السلاح، ولا أحد يسعى إلى دولة مزدوجة، لكن في بلدٍ كلبنانَ، بدستوره الطائفي الهش، وجغرافيته المكشوفة، وتاريخه المليء بالمذابح، السلاح الرادع ليس ترفًا، بل ضرورة وجودية، وقبل أن يُرفع الصوت ضد سلاح المقاومة، فليُجِبْ أصحاب النداء أين كنتم حين قاتلت المقاومة “إسرائيل”؟ وأين البديل إذَا خُيّرنا بين السلاح وبين الذبح؟

أكيد ليس لديهم جواب.

قرارنا لن نترك السلاح.

*كاتب لبناني

مقالات مشابهة

  • شلقم: الجيوش تحولت من حماية الأوطان إلى أدوات للحكم
  • رئيس الوزراء العراقي: حصر السلاح بيد الدولة لا تفاوض عليه والحكومة ملتزمة بإنهاء وجود التحالف الدولي
  • رئيس الوزراء العراقي يفاجئ المليشيات الشيعية في العراق بخصوص سلاحها
  • السوداني: حصر السلاح بيد الدولة ومكافحة الفساد لا يمكن التهاون في تطبيقها
  • مركز دراسات:لن يستقر العراق دون إلغاء الحشد الشعبي الإيراني
  • مصدر مسؤول في الحكومة السورية عن مؤتمر قسد: هذا المؤتمر خرق للاستحقاقات التي باشرت الحكومة السورية في تنفيذها بما في ذلك تشكيل هيئة العدالة الانتقالية وبدء أعمالها، ومسار الحوار الوطني الذي أطلقته الحكومة السورية في شباط الماضي والمستمر حتى إيصال البلاد إ
  • مسيرات في بيروت احتجاجاً على قرار حصر السلاح بيد الدولة
  • انتقاد لإجراءات الأمان بعد حادثة قاعدة فورت ستيوارت الأميركية
  • سلاحُ المقاومة ليس ترفًا بل ضرورةٌ وجودية