أبو حمد والتعدين «المآلات والحلول»

* د. الفاتح يس

مدينة أبو حمد بولاية نهر النيل تعاني من آثار التعدين العشوائي منذ زمن؛ إلا أن هطول أمطار هذا العام زاد الحال سوءاً وفاقم من الأزمة البيئية.

في البداية لابد من التعريف بطريقة التعدين العشوائي، وأنه يتم في موقعين: الأول يكون في مناطق بعيدة إلى حد ما عن المناطق السكنية وفيه تتم عملية حفر الأرض بآليات وأدوات ومعدات الحفر الكبيرة والصغيرة واستخراج الذهب مخلوطا بالتراب، وبعده تجري عملية استخلاص الذهب وفصله من هذا التراب بمادتي السيانيد والزئبق.

وغالبا الشركات الكبيرة وكبار المعدنين من يتولون عمليات الحفر بآلياتهم ومعداتهم الثقيلة.

عملية الاستخلاص لا تتم بصورة كلية ويتبقى جزء من الذهب في هذا التراب؛ الذي يُسمي بــ(الكرتة)، ويتم بيعه إلى شركات تعدين أصغر ومعدنين آخرين؛ لإعادة استخلاص الذهب مرة أخرى، ومن هنا تكون المرحلة الثانية وتبدأ رحلة التلوث بنقل هذه (الكرتة) إلى مناطق قريبة من المساكن والمناطق الحيوية (منازل، أسواق، مزارع، منخفضات ومجاري ومصادر للمياه ثم تدخل السلسلة الغذائية وتسبب ضرر صحي للإنسان). معروف أن السيانيد والزئبق مواد لها اضرارها الصحية والبيئية على النبات والحيوان ومن ثم الإنسان.

هذه هي عمليات التعدين باختصار والتلوث يأتي بفعل الرياح التي تحرك هذه المواد إلى المناطق الحيوية (مساكن ومزارع ومراعي ومصادر ومجاري مياه ومنهم تدخل إلى السلسلة الغذائية)، والأمطار تلعب دوراً كبيراً في نقل مخلفات التعدين من سيانيد وزئبق من مواقعها إلى الأماكن الحيوية لتدخل عبر السلسلة الغذائية إلى الإنسان، وهو ما حدث الآن في مدينة أبو حمد التي تلوثت باختلاط مخلفات التعدين بمياه الأمطار.

كإجراء إسعافي آني ولمنع التلوث الآن؛ لابد من حجر وعزل مناطق التعدين لوحدها، وعزل مياهها؛ بعمل خيران وحفائر لنزول مياه التعدين الملوثة فيها. ثم معالجته بعد نهاية الخريف.

التعدين العشوائي أصبح منتشراً ومستقبلاً يجب تقنينه وتحديد مناطق تعدين معينة بعيدة عن الأماكن الحيوية (مصادر مياه وأراضي رطبة)، ولابد من تقنين شركات التعدين برخص وتسجيلها في وزارة المعادن وفقاً للالتزام بشروط السلامة والصحة المهنية والبيئية، ولابد من تقنين عمل المعدنين والكادر الفني بإنشاء معهد المعدنين (تحت إدارة وزارة المعادن) ولا يسمح للعمل في قطاع التعدين إلا بعد التخرج والتدريب في هذا المعهد التعديني.

والأهم من ذلك إلزام شركات التعدين بضوابط السلامة البيئية والعمل بنظام البيئة العالمي (أن يدفع المتسبب في التلوث تكاليف المعالجة البيئية)

Pollutor pay principle system

ولابد من فرض رسوم مالية لهذه الشركات؛ يعود عائدها للتخلص الآمن من المخلفات ولرفاهية إنسان المدينة، وهذا لا يعفيها من تقديم خدمات للمدينة؛ تحت بند المسؤولية المجتمعيـة، وكل هذا ينطبق على أبو حمد وكل مناطق السودان التعدينية.

* أستاذ جامعي وباحث في قضايا البيئة والاستدامة

[email protected]

الوسومأبو حمد الأمطار التعدين الذهب الزئبق السيانيد السيول الكرتة د. الفاتح يس

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: أبو حمد الأمطار التعدين الذهب الزئبق السيانيد السيول د الفاتح يس أبو حمد

إقرأ أيضاً:

هام.. تحرك فوري لخفض أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية في عدن

انضم إلى قناتنا على واتساب

شمسان بوست / خاص:

أصدر معالي وزير الدولة، محافظ العاصمة عدن، صباح الخميس 31 يوليو 2025، توجيهات عاجلة لتنفيذ حملة ميدانية شاملة لضبط أسعار السلع الأساسية في الأسواق، وذلك استجابةً للهبوط الكبير في أسعار صرف العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني.

وبحسب التوجيه الصادر عن عمليات المحافظ، تم تكليف مدير مكتب الصناعة والتجارة في العاصمة، إلى جانب مدراء عموم المديريات، بتشكيل فرق ميدانية للقيام بزيارات فورية إلى الأسواق والمحال التجارية. وتهدف الحملة إلى التأكد من التزام التجار بتخفيض أسعار المواد الغذائية والاستهلاكية بما يتوافق مع سعر الصرف الجديد.

وشدد التوجيه على ضرورة اتخاذ إجراءات قانونية صارمة بحق كل من يثبت تورطه في التلاعب بالأسعار أو استغلال المواطنين، كما أُلزمت الفرق الميدانية برفع تقارير يومية إلى قيادة المحافظة حول نتائج النزول، لضمان مراقبة فعالة للأسواق وتخفيف الأعباء المعيشية على السكان.

كما تضمن التوجيه تحذيرًا صريحًا بأن بقاء الأسعار مرتفعة رغم تحسن سعر الصرف أمر غير مقبول، ويستدعي تدخلاً حازمًا من الجهات المعنية. ودعت قيادة المحافظة المواطنين إلى التعاون والإبلاغ عن أي تجاوزات أو مخالفات، مؤكدة التزامها الكامل باتخاذ كافة الإجراءات لضبط السوق وإعادة الاستقرار إليه.

وتأتي هذه التحركات في ظل حالة من التفاوت الكبير في الأسعار داخل الأسواق، رغم الانخفاض الملحوظ في أسعار الدولار والريال السعودي، وسط مطالبات متزايدة من المواطنين بفرض الرقابة الفعلية ومعاقبة المتلاعبين بالأسعار.

مقالات مشابهة

  • مدير «أوتشا» في فلسطين لـ«الاتحاد»: أزمة الوقود تهدد بتوقف الخدمات الحيوية في غزة
  • جائزة «حمدان بن زايد البيئية» تبدأ مرحلة تقييم المشاركات
  • وزارة الصناعة تنشر قائمة أسعار جديدة للمواد الغذائية وفقًا لسعر الصرف في عدن(صور)
  • نحو 6000 شاحنة محملة بالمساعدات الغذائية جاهزة للدخول إلى غزة
  • نحو 6000 شاحنة محمّلة بالمساعدات الغذائية جاهزة للدخول إلى غزة
  • ترمب يكشف عن خطط لتوفير المساعدات الغذائية لغزة ويهاجم حماس
  • بين تقشف واشنطن وتحرك أوروبا: هل تنتقل قيادة الأبحاث البيئية إلى القارة العجوز؟
  • دراسة أهمية تقييم المضادات الحيوية المستخدمة في تربية الحيوانات
  • هام.. تحرك فوري لخفض أسعار السلع الغذائية والاستهلاكية في عدن
  • برغم الحرب.. “قفزة نوعية في إيرادات قطاع التعدين