حكومة الانقلاب الجديدة.. الحوثي يضحي بمؤتمر صنعاء لاحتواء الصراعات الداخلية بين قيادات جماعته - مصادر سياسية تكشف التفاصيل
تاريخ النشر: 14th, August 2024 GMT
أثار إعلان الجماعة الحوثية تشكيل الحكومة الانقلابية الجديدة موجة من التندر في الأوساط الشعبية والسياسية؛ بعدما جاءت التشكيلة معبرة عن الأجنحة المتصارعة داخل الجماعة وخالية من وعود التغييرات الجذرية، باستثناء إزاحة جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء.
ووفق مصادر سياسية يمنية، فإن الجماعة استبعدت جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء، بعد أن طالب الحزب بصلاحيات كاملة لوزرائه في حال دخل في التشكيلة، حيث رُفض طلبه.
ونقلت صحيفة«الشرق الأوسط»عن المصادر بأن زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، وفي مسعى لاحتواء الصراعات الداخلية أقرَّ تشكيل الحكومة الانقلابية الجديدة من أجنحة الجماعة حتى تتقاسم السلطة والمال، مع التضحية بجناح حزب «المؤتمر الشعبي»، الذي ظل ممثلوه دون صلاحيات في الحكومة الانقلابية السابقة طوال الأعوام الستة الماضية منذ مقتل الرئيس الأسبق علي عبد الله صالح.
وتعني تشكلية الحكومة الانقلابية الجديدة -وفق المصادر- أن الحوثيين قد استفردوا بحكم مناطق سيطرتهم؛ لأنهم يتهمون جناح حزب «المؤتمر الشعبي» بعدم الجدية في التحالف معهم، وأنه قَبِل بوضعيته ليتجنب حله ومصادرة ممتلكاته واعتقال قيادته.
ونبهت المصادر بأن الحكومة الجديدة لن يكون لها أي دور باعتبار أن الهيئات الموازية التي استحدثها الحوثيون وعيّنوا فيها عناصرهم العقائديين، هي التي تمتلك السلطة الفعلية.
ردود شعبية
على الصعيد الشعبي كانت ردود الأفعال من حكومة الانقلاب الجديدة سلبية حيناً، ومتندرة في أحيان أخرى، إذ رأى الناشط عبد الله منصور أن الحوثيين فشلوا فشلاً ذريعاً في إدارة الدولة على الصعيد السياسي والاقتصادي والعسكري والاجتماعي، ومكافحة الفساد، وتعزيز سلطة الدستور والقانون، وحماية الحريات العامة والخاصة. في حين وصف البرلماني المعارض أحمد سيف، التشكيلة، بأنها «حكومة محاصصة بين أجنحة الجماعة»، وأكد أن الولاء على رأس معايير الاختيار.
ويجزم خليل أحمد، موظف حكومي، أن السكان لن يستفيدوا من التغيير في شيء، وأن الحوثيين هم المستفيدون؛ لأنهم وبكل بساطة لا يبحثون عن الحلول، وكان هدفهم من تأخير إعلان الحكومة الانقلابية هو استمرار المكاسب الشخصية، غير أن فؤاد النهاري، وهو من سكان صنعاء، يرى أن الشيء الإيجابي الوحيد في التشكيلة الانقلابية الجديدة هو تقليص عدد أعضائها، ودمج الوزارات، ما يعني تقليص النفقات والاعتمادات.
لكنه عاد ليقول إن الواقع متخم بالهيئات والمؤسسات الحكومية، وقد تشهد الأيام المقبلة ولادة هيئات ومؤسسات أخرى، وتوقع نتائج سلبية في كل الأحوال، لاختلاف المسميات والوزارات مع الحكومة المعترف بها دولياً، ما سيؤثر على بعض معاملات المواطنين، ويضاعف من معاناة الناس.
تندر وسخرية
تندر اليمنيين من حكومة الانقلاب الحوثية امتد إلى عملية دمج الوزارات؛ إذ يستغرب مطهر، وهو ناشط يمني في صنعاء، من دمج وزارتي النقل والأشغال مع أنه لا توجد علاقة مشتركة بينهما سوى أن مقريهما بجوار بعضهما. وقال إن منصب وزير هذه الوزارة منح هدية لمحافظ الحوثيين في الحديدة محمد عياش قحيم.
وكذلك الأمر فيما يتعلق بوزير الشباب والرياضة الجديد في حكومة الانقلاب محمد المولد، إذ سخر النشطاء اليمنيون من تعيينه، وذكروا أنه كان يعمل أميناً عاماً لجامعة البيضاء، وهو عضو في رابطة علماء الدين التابعة للحوثيين، كما أنه لا يمارس الرياضة، ولا يتابع أي لعبة رياضية، ولا يشجع أي فريق محلي أو دولي.
وامتد التندر إلى النائب الأول لرئيس الحكومة الانقلابية محمد مفتاح، وهو خطيب جامع، وسبق أن هاجم الموظفين المطالبين بصرف رواتبهم المقطوعة منذ عام 2016، وقال إن الرواتب لم تذكر في القرآن الكريم. وتساءل المعلقون بسخرية عما سيقوله للموظفين وهو صاحب القرار الأول في الحكومة؛ لأن رئيسها أحمد الرهوي مجرد واجهة.
ويؤكد ناشطون في حزب «المؤتمر الشعبي» أن التشكيلة المعلن عنها أنهت الشراكة الشكلية مع الحزب، بعد استبعاد أسماء بارزة، وإن لم يكن لها أي قرار.
أما البرلماني والوزير السابق في حكومة الانقلاب الحوثية عبده بشر، فيرى أن «التغيير الجذري» ومحاربة الفساد اللذين وعدت بهما الجماعة لم يتما، كما لم يتم تشكيل حكومة كفاءات، وقال إن الحوثيين حمّلوا جناح حزب «المؤتمر الشعبي» سبب فشل الحكومة الانقلابية السابقة، ومع هذا عادوا واختاروا رئيس وزراء من الحزب دون حتى الرجوع لحزبه.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
يافطة نصر الاقصى.. بوابة حوثية لدعم جبهاتهم الداخلية المنهارة
تواصل ميليشيا الحوثي المدعومة من إيران توسيع حملات التجنيد الإجباري في مناطق سيطرتها، مستغلة العدوان الإسرائيلي على غزة وتحت شعارات "نصرة الأقصى"، لإعادة تعبئة صفوفها المقاتلة بعد سلسلة من الخسائر التي تكبدتها في الجبهات الداخلية، في وقت تتزايد فيه المؤشرات على اتساع عمليات التعبئة المجتمعية واستهداف مختلف الفئات، بما في ذلك الرياضيين والطلبة والمزارعين.
وبحسب مصادر محلية في محافظة حجة، شمال غرب اليمن، شرعت الميليشيات خلال الأسابيع الماضية في تنفيذ ما أسمته "الدورات العسكرية المفتوحة" تحت عنوان "طوفان الأقصى"، وسط حملة تحشيد غير مسبوقة استهدفت النوادي الرياضية والقطاعات الشبابية والأكاديمية، في إطار سعي حثيث لتعويض النقص الحاد في صفوف مقاتليها.
وفي مديرية عبس التابعة لمحافظة حجة، تلقى الشاب محمد.ع، أحد المنتسبين لنادٍ رياضي محلي، بلاغًا بضرورة تسجيل اسمه ضمن دورة "طوفان الأقصى"، التي وصفت بأنها إجبارية على كل أعضاء النادي وزملائهم في باقي الأندية الرياضية. مصادر محلية أكدت أن الميليشيا تستخدم مصطلحات مثل "التصدي للغزو الأمريكي-الإسرائيلي" و"الاستعداد للجهاد المقدس" للضغط على المواطنين والزج بهم في معسكرات التدريب.
وبحسب المعلومات، عقدت قيادات حوثية بارزة على رأسها عبدالكريم خموسي، المعيَّن كوكيل لمحافظة حجة، ومحمد الهلاني، مسؤول ما يعرف بـ"التعبئة العامة"، سلسلة لقاءات موسعة خلال الأيام الماضية، استهدفت فيها مختلف الفعاليات المجتمعية من أندية رياضية، وأمناء زكاة، ولجان مجتمعية، وخطباء مساجد، وطلاب أكاديمية جامعة القرآن الكريم، تمهيدًا لإطلاق ورش تأهيلية ذات طابع عسكري تحت عنوان "الاستعداد للمعركة الكبرى".
ووفقًا للمصادر، تم تخصيص هذه اللقاءات لتعزيز المشاركة في دورات "طوفان الأقصى" التي باتت تتخذ طابعًا تعبويًا قسريًا، حيث جرى إلزام المشاركين بالانخراط في برامج تأهيل قتالي تحت غطاء ديني وسياسي، باستخدام خطاب تحريضي يتحدث عن "الرؤية الثاقبة" لزعيم الجماعة عبدالملك الحوثي، الذي دعا سابقًا إلى تجنيد كافة أبناء الشعب اليمني استعدادًا لما وصفه بـ"الجهاد المقدس".
القيادات الحوثية ربطت بشكل مباشر بين ما يجري في قطاع غزة وبين أولويات الجماعة القتالية في الداخل، حيث دعت إلى "الاستعداد للمعركة" بحجة الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم، في محاولة واضحة لتأطير حملات التجنيد الإجباري ضمن خطاب ديني-سياسي يهدف إلى امتصاص الغضب الشعبي وتسويق الحرب الداخلية كجزء من معركة "الأمة الإسلامية الكبرى".
وبينما تواصل الميليشيا الدفع بمئات المجندين الجدد إلى معسكراتها، أكدت مصادر عسكرية أن معظم من يتم استقطابهم عبر هذه الدورات يتم إرسالهم إلى الجبهات الداخلية، خصوصًا في محافظات مأرب وتعز والضالع، لتعويض خسائر الميليشيا المتزايدة في محاولات التسلل والهجمات التي باءت بالفشل خلال الأشهر الأخيرة.
وتوضح هذه المصادر أن ما يُروج له من دعم "المقاومة الفلسطينية" لا يعدو كونه غطاءً دعائيًا لتجنيد آلاف المواطنين، وتحويلهم إلى وقود لحروب الجماعة ضد خصومها في الداخل، في وقت تتصاعد فيه وتيرة الرفض الشعبي لمثل هذه الحملات، خاصة بعد ظهور مؤشرات على نية الحوثيين استهداف طلاب الجامعات والمزارعين في المرحلة المقبلة.
وحذرت منظمات حقوقية وإنسانية من اتساع نطاق هذه الدورات لتشمل القُصر وصغار السن، في ظل غياب أي رقابة على تلك المعسكرات التي تديرها الجماعة، والتي يتم فيها غالبًا إخضاع المشاركين لبرامج فكرية صارمة، وغسل دماغ منهجي، قبل الزج بهم في الصفوف الأمامية للقتال.
ويرى مراقبون أن الميليشيا الحوثية تمارس عملية تضليل ممنهجة باسم "نصرة الأقصى"، محذّرين من أن استغلال المآسي الإنسانية في فلسطين من أجل حشد مقاتلين لحروب داخلية، يمثل سلوكًا غير أخلاقي، ويندرج ضمن توظيف القضايا العادلة لخدمة أجندات ضيقة. مؤكدين أن التحركات الحوثية الأخيرة تندرج ضمن استراتيجية تعبئة مجتمعية تقوم على التخويف العقائدي والإلزام القسري، ما يمثل تهديدًا خطيرًا للنسيج الاجتماعي اليمني، ويعمق من معاناة المواطنين، لا سيما في ظل تردي الوضع الاقتصادي، وشح الخدمات، وارتفاع معدلات الفقر.