يغيب الاستحقاق الرئاسي عن صدارة الاهتمام في لبنان هذه الأيام، وهو ما قد يكون مفهومًا في ضوء تطورات الميدان المشتعل منذ الثامن من تشرين الأول، وعلى وقع حبس الأنفاس بانتظار ردّ "حزب الله" على ضربة الضاحية الجنوبية، وسط سيناريوهات "ضبابية" بشأن ما يمكن أن يترتّب عليه، سواء على مستوى جبهة الإسناد المفتوحة في جنوب لبنان، أو على مستوى إمكانية انزلاق الأمور إلى حرب واسعة ومفتوحة.


 
ومع أنّ لبنان شهد في الأسبوع الماضي حراكًا دبلوماسيًا مكثّفًا، ذكّر في مكانٍ ما بالمبادرات والوساطات الرئاسية، ولا سيما أنّ الموفدين الثلاثة الذين حطّوا في لبنان ينتمون إلى مجموعة ما بات يُعرَف بـ"الخماسية"، إلا أنّ كلّ المعطيات أشارت إلى أنّ النقاشات بينهم وبين المسؤولين اللبنانيين الذين التقوهم تركّزت بصورة أساسيّة على الوضع الأمني في الجنوب، وعلى ضرورة خفض التصعيد، وتجنّب الخوض في مواجهة أكبر بين "حزب الله" وإسرائيل.
 
إلا أنّ المطّلعين على كواليس اللقاءات وما دار فيها يقولون إنّ الملف الرئاسي لم يغب بالمُطلَق عن هذه الجولات، خصوصًا من بوابة التأكيد على ضرورة انتخاب رئيس يكون قادرًا على مواكبة جو المفاوضات في المنطقة، وحتى يضمن لبنان "مقعده" على طاولة التسوية المقبلة، ليبقى السؤال عمّن "يتلقّف" في لبنان هذه الدعوات، وقبل ذلك، من يمكنه أن "ينعش" المبادرات المجمَّدة على الخط الرئاسي، وإن كان مثل هذا "الإنعاش" واردًا أساسًا.
 
المبادرات "في خبر كان"؟
 
في المبدأ، يقول العارفون إنّ الثابت حتى الآن أن كل المبادرات الرئاسية التي كانت مطروحة في مرحلة من المراحل، باتت "في خبر كان" إن جاز التعبير، بغياب الإرادة الداخلية بإنجاز الاستحقاق، وغياب الزخم الدولي المصاحب له، فحتى لو صحّ أنّ الاستحقاق الرئاسي لم يغب بالمطلق عن جولات الموفدين الأخيرة، فإنّ الأكيد أنّه لم يحضر سوى من باب "رفع العتب"، مع إدراك جميع المعنيّين بأنّه مؤجَّل، حتى إثبات العكس بالحدّ الأدنى.
 
في هذا السياق، يقول العارفون إنّ الزخم الدولي الذي كان البعض يراهن عليه لتحريك الملف الرئاسي يبدو غائبًا في هذه الفترة، فلا شيء يشغل المجتمع الدولي سوى تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة، وكيفية العمل على إنهائها من خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، علمًا أنّ كلّ المؤشرات لا توحي حتى الآن بأنّ التقدّم المُحرَز يمكن أن يفضي إلى اتفاق حقيقي، خصوصًا في ظلّ ما يُحكى عن شروط وتعقيدات إسرائيلية جديدة.
 
بالتوازي، يقول العارفون إنّ الاهتمام الدولي بالشأن اللبناني ينحصر في "بُعدَين أساسيَّين"، أولهما معرفة انعكاس أيّ اتفاق في غزة على جبهة الإسناد اللبنانية، في ظلّ اعتقاد بأنّ العمليات على الحدود الجنوبية ستتوقف بمجرد التوصل إلى تسوية توافق عليها فصائل المقاومة الفلسطينية، والثاني يتمحور حول "مصير" ردّ "حزب الله" على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، والذي يقول إنّه آتٍ حتمًا، حتى ولو انتهت حرب غزة.
 
الكرة بيد الداخل
 
وسط هذه الانشغالات والاهتمامات الدولية، تبدو المبادرات الرئاسية غائبة عن "أجندة" الدول الكبرى، بما فيها مجموعة "الخماسية" التي يقول العارفون إنّها "شبه منكفئة"، منذ الزيارة الأخيرة للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، علمًا أنّ أيّ تحرّك "جدّي" لم يُرصَد بعدها، حتى على مستوى ما اصطلح على تسميته بـ"حراك السفراء"، ولو استعيض عنه ببعض الخطوات "الفردية" للسفراء، والتي لا يبدو أنّها استطاعت أن تحقّق أيّ شيء.
 
وبعيدًا عن حراك "الخماسية" المجمَّد، فإنّ كل المبادرات الرئاسية الداخلية، المتقاطعة والمنفصلة، تغيب بدورها عن دائرة الضوء، بما في ذلك مبادرة كتلة "الاعتدال" الوسطيّة التي استبشر فيها الكثيرون خيرًا في مرحلة معيّنة، وصولاً إلى تلك "المتفرّعة" عنها، في إشارة إلى الوساطات التي دخل على خطها العديد من الأفرقاء، على غرار "الحزب التقدمي الاشتراكي"، و"التيار الوطني الحر"، وغيرهما.
 
وحدها مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي قد تكون "أصل" كلّ هذه المبادرات، كما يقول العارفون، لا تزال مطروحة بشكل أو بآخر، مع تأكيد الرئيس بري في كلّ المناسبات، أنّه جاهز لتطبيقها، بمعزل عن تطورات الحرب على غزة، إذا ما لمس استعدادًا لدى مختلف الأطراف للمشاركة في حوار جدّي من أجل التفاهم، وهو ما يضع الكرة مرّة أخرى في ملعب الداخل، بدل انتظار "كلمة سرّ" من الخارج، لا يبدو أنّها ستأتي.
 
في النتيجة، قد يكون مفهومًا ألا يكون استحقاق الرئاسة في صدارة الاهتمام، رغم اقتراب الذكرى السنوية الثانية للشغور في قصر بعبدا، باعتبار أنّ الحرب القائمة في الجنوب قلبت كلّ الأولويات. لكن ما قد لا يكون مفهومًا أن يتمّ "تهميش" الاستحقاق بالمُطلَق، في بلدٍ يُقال إنه على أعتاب حربٍ شاملة، ما يتطلّب بالحدّ الأدنى تفاهمًا وطنيًا على انتخاب رئيس، لا يعيد الانتظام للمؤسسات الدستورية فحسب، بل يضمن مقعد لبنان على طاولة المفاوضات!  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الانتقالي يحمّل مجلس القيادة الرئاسي مسؤولية تدهور الأوضاع في حضرموت

حمل المجلس الانتقالي الجنوبي، المدعوم إماراتيا، مجلس القيادة الرئاسي مسؤولية تدهور الأوضاع في محافظة حضرموت (شرقي اليمن).

 

جاء ذلك في بيان صادر عن الاجتماع الدوري للهيئة الإدارية للجمعية الوطنية الانتقالي في العاصمة المؤقتة عدن.

 

وناقش الاجتماع، مستجدات الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في محافظات الجنوب، متطرقًا بشكل خاص إلى موجة الاحتجاجات الشعبية المتصاعدة في محافظة حضرموت، التي جاءت نتيجة التدهور الحاد في الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها الكهرباء.

 

وحملت الهيئة، مجلس القيادة الرئاسي المسؤولية الرئيسة عمّا آلت إليه الأوضاع في حضرموت، بسبب عدم إيجاد معالجات جذرية للأزمة المستحكمة كما حملت الهيئة، أيضًا، السلطة المحلية، بأقطابها المتصارعة، المسؤولية المباشرة عن تدهور الأوضاع في المحافظة.

 

وأعربت الهيئة عن تضامنها الكامل مع المحتجين ومطالبهم العادلة، مؤكدة حق أبناء حضرموت وسائر محافظات الجنوب في التظاهر السلمي، وفقًا لما يكفله القانون، مع ضرورة الحفاظ على الطابع السلمي وتجنب أي أعمال عنف أو سلوكيات فوضوية.

 

ودعت الهيئة المتظاهرين إلى الحفاظ على الأمن العام واحترام الممتلكات العامة والخاصة، مشيدة، في الوقت ذاته، بالتعامل الراقي والمسؤول الذي أبداه رجال الأمن والنخبة الحضرمية مع المحتجين في حضرموت.

 

 


مقالات مشابهة

  • ترجمة خطبتي الجمعة في الحرمين الشريفين إلى 15 لغة عالمية
  • الأمير نواف بن سعد رئيسًا لنادي الهلال
  • ملتقى التأثير المدني: متى يصدق شبه الدولة أنه يستطيع أن يكون دولة؟
  • أمين عام حزب الله: لبنان لن يكون تابعاً لإسرائيل ولو اجتمع علينا العالم كله
  • الشيخ قاسم: لبنان لن يكون ملحقًا بـإسرائيل ولن نقبل أن نسلّم سلاحنا
  • الشيخ نعيم قاسم: لن نقبل أن يكون لبنان ملحقاً لكيان العدو الإسرائيلي ولو اجتمع علينا الكون كله
  • الأمين العام لحزب الله: لن نقبل أبدا أن يكون لبنان ملحقا بإسرائيل
  • الانتقالي يحمّل مجلس القيادة الرئاسي مسؤولية تدهور الأوضاع في حضرموت
  • فعاليات ثقافية متنوعة ضمن مبادرة صيفنا بالعربية في أبوظبي
  • ينعش الجسم.. فوائد صحية مذهلة لعصير الليمون بالنعناع