الرئاسة الغائبة في زمن المفاوضات.. مَنْ ينعش المبادرات المجمَّدة؟!
تاريخ النشر: 20th, August 2024 GMT
يغيب الاستحقاق الرئاسي عن صدارة الاهتمام في لبنان هذه الأيام، وهو ما قد يكون مفهومًا في ضوء تطورات الميدان المشتعل منذ الثامن من تشرين الأول، وعلى وقع حبس الأنفاس بانتظار ردّ "حزب الله" على ضربة الضاحية الجنوبية، وسط سيناريوهات "ضبابية" بشأن ما يمكن أن يترتّب عليه، سواء على مستوى جبهة الإسناد المفتوحة في جنوب لبنان، أو على مستوى إمكانية انزلاق الأمور إلى حرب واسعة ومفتوحة.
ومع أنّ لبنان شهد في الأسبوع الماضي حراكًا دبلوماسيًا مكثّفًا، ذكّر في مكانٍ ما بالمبادرات والوساطات الرئاسية، ولا سيما أنّ الموفدين الثلاثة الذين حطّوا في لبنان ينتمون إلى مجموعة ما بات يُعرَف بـ"الخماسية"، إلا أنّ كلّ المعطيات أشارت إلى أنّ النقاشات بينهم وبين المسؤولين اللبنانيين الذين التقوهم تركّزت بصورة أساسيّة على الوضع الأمني في الجنوب، وعلى ضرورة خفض التصعيد، وتجنّب الخوض في مواجهة أكبر بين "حزب الله" وإسرائيل.
إلا أنّ المطّلعين على كواليس اللقاءات وما دار فيها يقولون إنّ الملف الرئاسي لم يغب بالمُطلَق عن هذه الجولات، خصوصًا من بوابة التأكيد على ضرورة انتخاب رئيس يكون قادرًا على مواكبة جو المفاوضات في المنطقة، وحتى يضمن لبنان "مقعده" على طاولة التسوية المقبلة، ليبقى السؤال عمّن "يتلقّف" في لبنان هذه الدعوات، وقبل ذلك، من يمكنه أن "ينعش" المبادرات المجمَّدة على الخط الرئاسي، وإن كان مثل هذا "الإنعاش" واردًا أساسًا.
المبادرات "في خبر كان"؟
في المبدأ، يقول العارفون إنّ الثابت حتى الآن أن كل المبادرات الرئاسية التي كانت مطروحة في مرحلة من المراحل، باتت "في خبر كان" إن جاز التعبير، بغياب الإرادة الداخلية بإنجاز الاستحقاق، وغياب الزخم الدولي المصاحب له، فحتى لو صحّ أنّ الاستحقاق الرئاسي لم يغب بالمطلق عن جولات الموفدين الأخيرة، فإنّ الأكيد أنّه لم يحضر سوى من باب "رفع العتب"، مع إدراك جميع المعنيّين بأنّه مؤجَّل، حتى إثبات العكس بالحدّ الأدنى.
في هذا السياق، يقول العارفون إنّ الزخم الدولي الذي كان البعض يراهن عليه لتحريك الملف الرئاسي يبدو غائبًا في هذه الفترة، فلا شيء يشغل المجتمع الدولي سوى تطورات الحرب الإسرائيلية على غزة، وكيفية العمل على إنهائها من خلال مفاوضات وقف إطلاق النار، علمًا أنّ كلّ المؤشرات لا توحي حتى الآن بأنّ التقدّم المُحرَز يمكن أن يفضي إلى اتفاق حقيقي، خصوصًا في ظلّ ما يُحكى عن شروط وتعقيدات إسرائيلية جديدة.
بالتوازي، يقول العارفون إنّ الاهتمام الدولي بالشأن اللبناني ينحصر في "بُعدَين أساسيَّين"، أولهما معرفة انعكاس أيّ اتفاق في غزة على جبهة الإسناد اللبنانية، في ظلّ اعتقاد بأنّ العمليات على الحدود الجنوبية ستتوقف بمجرد التوصل إلى تسوية توافق عليها فصائل المقاومة الفلسطينية، والثاني يتمحور حول "مصير" ردّ "حزب الله" على اغتيال قائده العسكري فؤاد شكر، والذي يقول إنّه آتٍ حتمًا، حتى ولو انتهت حرب غزة.
الكرة بيد الداخل
وسط هذه الانشغالات والاهتمامات الدولية، تبدو المبادرات الرئاسية غائبة عن "أجندة" الدول الكبرى، بما فيها مجموعة "الخماسية" التي يقول العارفون إنّها "شبه منكفئة"، منذ الزيارة الأخيرة للموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، علمًا أنّ أيّ تحرّك "جدّي" لم يُرصَد بعدها، حتى على مستوى ما اصطلح على تسميته بـ"حراك السفراء"، ولو استعيض عنه ببعض الخطوات "الفردية" للسفراء، والتي لا يبدو أنّها استطاعت أن تحقّق أيّ شيء.
وبعيدًا عن حراك "الخماسية" المجمَّد، فإنّ كل المبادرات الرئاسية الداخلية، المتقاطعة والمنفصلة، تغيب بدورها عن دائرة الضوء، بما في ذلك مبادرة كتلة "الاعتدال" الوسطيّة التي استبشر فيها الكثيرون خيرًا في مرحلة معيّنة، وصولاً إلى تلك "المتفرّعة" عنها، في إشارة إلى الوساطات التي دخل على خطها العديد من الأفرقاء، على غرار "الحزب التقدمي الاشتراكي"، و"التيار الوطني الحر"، وغيرهما.
وحدها مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري التي قد تكون "أصل" كلّ هذه المبادرات، كما يقول العارفون، لا تزال مطروحة بشكل أو بآخر، مع تأكيد الرئيس بري في كلّ المناسبات، أنّه جاهز لتطبيقها، بمعزل عن تطورات الحرب على غزة، إذا ما لمس استعدادًا لدى مختلف الأطراف للمشاركة في حوار جدّي من أجل التفاهم، وهو ما يضع الكرة مرّة أخرى في ملعب الداخل، بدل انتظار "كلمة سرّ" من الخارج، لا يبدو أنّها ستأتي.
في النتيجة، قد يكون مفهومًا ألا يكون استحقاق الرئاسة في صدارة الاهتمام، رغم اقتراب الذكرى السنوية الثانية للشغور في قصر بعبدا، باعتبار أنّ الحرب القائمة في الجنوب قلبت كلّ الأولويات. لكن ما قد لا يكون مفهومًا أن يتمّ "تهميش" الاستحقاق بالمُطلَق، في بلدٍ يُقال إنه على أعتاب حربٍ شاملة، ما يتطلّب بالحدّ الأدنى تفاهمًا وطنيًا على انتخاب رئيس، لا يعيد الانتظام للمؤسسات الدستورية فحسب، بل يضمن مقعد لبنان على طاولة المفاوضات! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
25 مليار قدم مكعب | اكتشاف غازي جديد ينعش آمال الاقتصاد المصري .. وخبير يوضح
أكد الدكتور رمضان مَعن، رئيس قسم الاقتصاد والمالية العامة بكلية التجارة في جامعة طنطا، أن الإعلان عن اكتشافات غازية جديدة في منطقة شمال العريش يمثل إضافة مهمة لمنظومة الطاقة المصرية، ويعكس نجاح الدولة في جذب الاستثمارات الأجنبية في قطاع الغاز، وخاصة من شركات كبرى مثل "دانة غاز". واعتبر أن هذا التطور يحمل إيجابيات اقتصادية مباشرة وغير مباشرة ستظهر خلال الفترة المقبلة.
رفع الاحتياطيات ودعم قدرة مصر على تحقيق أمن الطاقةأوضح الدكتور معن، في تصريحات خاصة لموقع صدى البلد، أن حجم الاكتشاف والذي يتراوح بين 15 و25 مليار قدم مكعبة، مع توقع بدء إنتاج يصل إلى 8 ملايين قدم مكعبة يومياً، يمثل تعزيزًا مهمًا للاحتياطيات المصرية من الغاز الطبيعي. هذه الزيادة بحسب قوله ستساعد مصر على تقليل الضغط على الشبكة المحلية، وزيادة القدرة على تلبية الطلب الداخلي دون الحاجة لزيادة واردات الغاز المسال.
تحسن ميزان المدفوعات وتقليل فاتورة الاستيرادوأشار الخبير الاقتصادي، إلى أن أي زيادة في إنتاج الغاز المحلي تعني خفضاً مباشراً لفاتورة الاستيراد، وهو ما ينعكس إيجابًا على ميزان المدفوعات والدولار داخل السوق. ومع ارتفاع تكلفة استيراد الغاز عالميًا، فإن هذا الاكتشاف يُعد مكسبًا استراتيجيًا يساهم في تخفيف العبء على الموازنة العامة وتقليل الضغط على العملة الأجنبية.
تعزيز الاستثمارات الأجنبية وتوفير فرص تشغيلورأى الدكتور رمضان مَعن، أن استمرار "دانة غاز" في تنفيذ برنامج استثماري بقيمة 100 مليون دولار، وإنجازها لثلاث آبار رفعت الإنتاج بـ 30 مليون قدم مكعبة يوميًا حتى الآن، يعكس ثقة المستثمر الأجنبي في السوق المصري. وأكد أن هذا النوع من الاستثمارات يؤدي إلى خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة و دعم سلاسل الإمداد المحلية وتنشيط الصناعات المرتبطة بالطاقة وتعزيز موارد الدولة من الضرائب وهو ما يشكل حافزًا لمزيد من الشركات للدخول إلى السوق.
دعم خطط التحول لمركز إقليمي للطاقةوأضاف أن الاكتشافات الجديدة تتسق مع رؤية مصر للتحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الطاقة، خاصةً مع بدء التخطيط لحفر بئر إضافية "دافوديل" خلال الربع الأول من العام المقبل. استمرار هذه المشروعات حسب قوله يعزز مكانة مصر في سوق الغاز شرق المتوسط ويدعم صادراتها المستقبلية عبر محطات الإسالة.
اختتم الدكتور معن بالإشارة إلى أن هذا الاكتشاف يمثل خطوة إيجابية جديدة في مسار تعافي الاقتصاد المصري، وأن تأثيره لن يكون فقط في الأرقام الإنتاجية، بل في تعزيز الثقة، ورفع الاحتياطيات، وتقوية الشبكة المحلية للطاقة، ودعم العملة، وتقليل الضغط على الموازنة.
وبحسب تقديره، فإن استمرار هذه النجاحات سيُسهم في تحقيق استقرار اقتصادي أوسع خلال السنوات المقبلة.