حذر بيتر هوكينز ممثل منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في اليمن، من تفاقم أزمة سوء التغذية بين الأطفال، خاصة مع استمرار النزاع والانهيار الاقتصادي، مشيرا إلى أن معدلات سوء التغذية الحاد تجاوزت 30% في بعض المناطق، في حين يعاني 48% من الأطفال من التقزم، مما يعيق نموهم البدني والمعرفي. وحذر مما وصفها "بأزمة المستقبل" التي قال إنها تهدد اليمن.

 

أوضح هوكينز- في حوار مع موقع أخبار الأمم المتحدة - أن اليونيسف تعمل على توفير المساعدات الإنسانية العاجلة، مثل الغذاء والمياه النظيفة، للأطفال والأسر المتضررة، خاصة في المناطق التي شهدت فيضانات مدمرة مؤخرا، مشيرا إلى جهود اليونيسف في مكافحة الأمراض وتوفير اللقاحات، بالإضافة إلى دعم التعليم وإعادة تأهيل المدارس المتضررة.

 

وشدد على أن الحل الجذري يكمن في تحقيق السلام والاستقرار في اليمن، وتمكين الأطفال من الوصول إلى التعليم والخدمات الأساسية الأخرى. ودعا المجتمع الدولي إلى تكثيف الاستثمار في الاستجابة الإنسانية والعمل على إنهاء النزاع.

 

وأشار إلى أن هناك أزمة مستقبلية في اليمن تتجسد الآن، ونحن بحاجة إلى بذل المزيد لضمان أن يتمكن الأطفال من التعلم، وأن يصبحوا متعلمين، وأن يكونوا قادرين على المساهمة بشكل إيجابي في مستقبل هذا البلد.

 

وقال "نعم، إنها كارثة، 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، لكنها تخفي أيضا حقيقة أن هؤلاء الأطفال في المدرسة هم في مدارس تعاني من نقص الموارد والقدرات ومستويات سيئة من النسبة بين التلاميذ والمعلمين، وخاصة المعلمات".

 

نص الحوار:

 

يعاني الأطفال في اليمن من ارتفاع حاد في معدلات سوء التغذية، خاصة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة. ما العوامل التي تتسبب في ذلك؟

 

أعتقد أن هناك ثلاثة عوامل تؤدي إلى سوء التغذية والذي هو شائع في جميع أنحاء اليمن. العامل الأول هو الصراع وعواقبه. العامل الثاني هو الانهيار الاقتصادي الذي ظل يحدث على مدى السنوات الثماني الماضية. لكن العامل الثالث والمهم للغاية في اعتقادي هو الانقسام الاجتماعي.

 

ظل الناس يتنقلون وتعطلت سبل عيشهم التقليدية. وما رأيناه، على سبيل المثال، في المسح الأخير الذي أجريناه في جنوب غرب البلاد، في جنوب الحديدة، هناك انهيار كامل تقريبا في نظام المياه في منطقتين.

 

لقد جفت الآبار أو أصبحت مالحة، وانكسرت الأنابيب ولم يتم إصلاحها. هناك ندرة حادة في المياه في هذه المرحلة. إلى جانب حقيقة أنه إذا ذهبت إلى هناك الآن، فلن ترى سوى الماء. هناك فيضانات في كل مكان.

 

المياه تنحدر من الجبال إلى السهول على الساحل الغربي وتفيض في كل مكان. هذا، إلى جانب حقيقة أن لدينا سوء تغذية حادا. يعاني 48 في المائة من الأطفال من التقزم. وهذا يعني أنهم يعانون من نقص المغذيات الدقيقة بما يحول دون نموهم بدنيا ومعرفيا. لذلك فإنهم يعانون من ضعف كبير. تمكنا على مدى السنوات التسع الماضية من إبقاء السكان على قيد الحياة.

 

وما رأيناه تدريجيا هو أن الوضع ازداد سوءا عاما بعد آخر، على مدى العامين أو الثلاثة أعوام الماضية وقد بدأ يبلغ ذروته. نرى مستويات سوء التغذية الحاد عند أكثر من 30 في المائة من السكان، وهو من أسوأ ما رأيت. وقد فاقم موسم العجاف من حدة ذلك.

 

نحن الآن في موسم العجاف الذي يستمر بين تموز/يوليو حتى تشرين الثاني/نوفمبر، ونتوقع أن يزداد سوء التغذية بشكل كبير. لقد قمنا بتخزين المساعدات الإنسانية مسبقا، وعملنا على أنظمة المياه، ونأمل أن نتمكن خلال هذه الفترة الزمنية من منع وقوع أي كارثة أخرى. ولكن العام المقبل، سيتعين علينا أن نكرر ذلك مرة أخرى، وسيتعين علينا تجنب وقوع كارثة أخرى.

 

بالحديث عن الفيضانات، تأثر آلاف الأشخاص بهذه الفيضانات الأخيرة في اليمن. ماذا تفعل اليونيسف لمساعدة الأطفال المتضررين وأسرهم؟

 

هناك ثلاثة أشياء. الأول هو المساعدة الفورية، والتي يتم من خلالها تقديم المساعدة الإغاثية على الفور، في غضون الـ 72 ساعة الأولى، حيث يتم توفير الغذاء ومجموعات النظافة ومستلزمات الكرامة. تلقت 3,500 أسرة هذه المجموعات الأمر الذي مكنها من ممارسة حياتها.

 

اليمن بلد مليء بالجبال، وتنحدر المياه عبر الوديان. يعيش الناس عادة في اليمن في المناطق الجبلية، ولكن بسبب القيود ومشاكل الانقسام الاجتماعي وحركة الناس، بدأوا يعيشون في المنخفضات على طول الساحل. ولذلك عندما تحدث الفيضانات، تغمر منازلهم وتدمر سبل عيشهم وتؤثر عليهم بشكل كبير. لذا، نحاول أن نوفر لهم المياه، والنقود والمأوى والمواد الأخرى التي تسمح للناس باستئناف حياتهم. ولكن ما يجب أن يحدث هو أنهم بحاجة إلى الانتقال إلى الجبال بعيدا عن السهول.

 

أمراض الطفولة، إلى جانب تفشي الكوليرا والحصبة، لا تزال تؤثر على الأطفال اليمنيين. حدثنا عن الجهود التي تقوم بها اليونيسف لمعالجة هذه القضايا؟

 

يعد تطعيم الأطفال جزءا أساسيا من استجابتنا. تمكنا من القيام بحملتي تطعيم، عبر 12 محافظة، خلال هذا العام، مما سمح لنا بالوصول، على سبيل المثال، إلى مستوى عالٍ من التغطية بالتطعيم ضد الحصبة، فوق 80 في المائة، أي الحصول على المناعة الجماعية. هناك صعوبة في القيام بهذه الحملات. نتطلع إلى توسيع نظام الرعاية الصحية الأولية، في جميع أنحاء البلاد.

 

نعمل الآن في 3,200 عيادة رعاية صحية أولية في جميع أنحاء البلاد، حيث يعتبر التطعيم أحد أهم الجوانب. التواصل من تلك المراكز إلى المجتمعات أمر صعب للغاية دائما. التضاريس قاسية، وعملية الوصول إلى المجتمعات التقليدية التي لا تعي كثيرا أهمية التطعيم أصبحت أكثر تقييدا.

 

أكثر من 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، ويعاني 1.3 مليون طفل نازح من اكتظاظ الفصول الدراسية ونقص المعلمين. حدثنا عن جهود اليونيسف لدعم الأطفال اليمنيين في هذا السياق؟

 

نعم، إنها كارثة، 4.5 مليون طفل خارج المدرسة، لكنها تخفي أيضا حقيقة أن هؤلاء الأطفال في المدرسة هم في مدارس تعاني من نقص الموارد والقدرات ومستويات سيئة من النسبة بين التلاميذ والمعلمين، وخاصة المعلمات.

 

تحاول اليونيسف إعادة تأهيل 1,116 مدرسة في جميع أنحاء البلاد. يجب أن ننتهي من ذلك بحلول نهاية هذا العام. لقد كنا ندفع للمعلمين المتطوعين والمعلمات في جميع أنحاء البلاد. أعتقد أن العدد هو في حدود 3,800 معلم.

 

لكن كل هذا لا يكفي، فهناك مشاكل الوصول إلى المدرسة، ونوعية التعلم الذي سيتلقاه الأطفال هناك، ولهذا السبب لدينا هذا الرقم الفلكي البالغ 4.5 مليون طفل خارج المدرسة. سيكون لهذا الأمر عواقب وخيمة على الأجيال القادمة. إن تكلفة عدم وجود جيل متعلم قادم، وخاصة في مجال القراءة والكتابة والحساب، ستؤثر بشكل كبير على التنمية المستقبلية للبلاد.

 

لكنني أعتقد أن التأثير الأكبر هو على هؤلاء الأطفال أنفسهم. لقد تم المساس بحقهم في التعليم. اليونيسف واليونسكو والمنظمات الأخرى، جنبا إلى جنب مع وزارات التعليم في جميع أنحاء البلاد، تحاول بذل قصارى جهدها. لكنه لا يكفي.

 

هناك أزمة مستقبلية في اليمن تتجسد الآن، ونحن بحاجة إلى بذل المزيد لضمان أن يتمكن الأطفال من التعلم، وأن يصبحوا متعلمين، وأن يكونوا قادرين على المساهمة بشكل إيجابي في مستقبل هذا البلد.

 

وما الذي تسمعه من هؤلاء الأطفال الذين تقابلهم في اليمن؟ هل لديك أي قصص أو شهادات منهم ترغب في مشاركتها معنا؟

 

على غرار الكثير من الأطفال في مناطق أخرى من العالم، يتمتع أطفال اليمن بقدرة هائلة على الإبداع وهم مدفوعون ذاتيا. منذ وقت ليس ببعيد، كنت عائدا إلى صعدة من مدينة رازح التي تقع في أقصى الشمال على الحدود السعودية. توقفت عند مدرسة تدمرت جدرانها بسبب القصف، لكنها كانت مليئة بالأطفال الذين يأتون من المناطق المحيطة.

 تحدثت إلى هؤلاء الأطفال وكانوا متحمسين للتعلم. لقد أحبوا القدوم إلى هذه المدرسة التي لا أستطيع حتى أن أسميها مدرسة، حيث كانت المياه منتشرة في كل مكان على الأرض. جاء إلي أحد الصبية الصغار وأخبرني أنه أكمل امتحانه هذا الصباح. سألته، أين؟ فقال لي: نظفت الأرض في الزاوية هنا وجلست وأجريت امتحاني هذا الصباح. هذا هو الطفل اليمني. لم يحن دورنا بعد للوصول إلى هؤلاء الأطفال، لكنهم يغتنمون الفرص بأنفسهم للتقدم والتعلم ومواكبة امتحاناتهم ومؤهلاتهم.

 

ندرك أن هناك العديد من التحديات التي تواجه اليونيسف وشركاءها في استجابتهم للوضع في اليمن. هل لك أن تحدثنا أكثر عن هذ الجانب؟

 

أكبر تحد هو أن هذا البلد ظل في حالة حرب على مدى السنوات العشر الماضية. لقد كانت حربا مع بعضهم البعض، شمالا وجنوبا، ومع جهات فاعلة خارجية. هذا يجلب مستوى من الشك والصعوبات التي تعقد القدرة على تجاوز الانقسام الاجتماعي بين الحكومة في عدن ثم السلطات هنا في صنعاء، حيث أقيم أنا في الوقت الحالي. يضيف كل هذا تعقيدات إلى قدرتنا على العمل.

 ولكن في نهاية المطاف، فإن مهمتنا - اليونيسف والأمم المتحدة - هي ضمان الوفاء بالواجب الإنساني، أي أن يحصل الأطفال على الرعاية الصحية، وألا تتأثر الحالة التغذوية للأطفال، وأن يكون الأطفال قادرين على الحصول على الغذاء، وأن تتمكن النساء والفتيات والفتيان من الوصول إلى فرص تعلم القراءة والكتابة والحساب حتى يتمكنوا من اغتنام الفرص لأنفسهم في الحياة.

 

مهمتنا هي ضمان الوفاء بالواجب الإنساني كي يحصل الأطفال على الرعاية الصحية وألا تتأثر حالتهم التغذوية. هذا ما يدفعنا إلى المضي قدما. نحن نتفاوض ونعمل جنبا إلى جنب مع السلطات هنا في صنعاء والحكومة المعترف بها دوليا في عدن لضمان أننا قادرون على القيام بهذا العمل. الأمر ليس سهلا، لكنني أعتقد يقينا أن ما نحاول القيام به له قيمة وأن النساء والفتيات والفتيان في اليمن في وضع أفضل اليوم مما كانوا عليه قبل بضع سنوات.

 

إذا تم منحنا المستوى المناسب من الوصول والمستوى المناسب من الموارد، فسنكون قادرين على ضمان أن النساء والفتيات والفتيان يمكنهم التقدم إلى الأمام في غضون السنوات القادمة.

 

أخيرا، لا يزال الأطفال يدفعون أثمانا باهظة من جراء النزاعات، على الرغم من وجود القوانين التي وضعت لحمايتهم. ما الإجراءات المطلوبة من المجتمع الدولي وأصحاب المصلحة لمعالجة هذه القضية بفعالية؟

 

تتعرض النساء والفتيات والفتيان لتأثير غير متناسب للنزاع. أولا لابد أن تصل اتفاقية السلام اليمنية إلى نتيجة مفادها أن المجتمع الدولي يدعم كلا من صنعاء وعدن في مفاوضاتهما من أجل تحقيق السلام المستدام لهذا البلد.وثانيا هو الاستثمار المستمر، ليس فقط في الاستجابة الإنسانية، بهدف تحقيق إمكانات الناس في هذا البلد.

 

ثم ثالثا، محاولة تقليل احتمالية نشوب المزيد من الصراعات وضمان مساءلة السلطات والحكومة المعترف بها دوليا عن أفعالها ومسؤوليتها فيما يتعلق بدعم الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية من خلال ضمان سلامة وأمن موظفيها ليكونوا قادرين على الاستمرار في تقديم المساعدة التي تمس الحاجة إليها في هذا البلد.

 

*موقع أخبار الأمم المتحدة


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن يونيسف الأطفال التعليم حقوق ملیون طفل خارج المدرسة فی جمیع أنحاء البلاد هؤلاء الأطفال الأمم المتحدة سوء التغذیة الأطفال من الأطفال فی الوصول إلى قادرین على من الأطفال هذا البلد حقیقة أن فی الیمن ضمان أن على مدى

إقرأ أيضاً:

الهلال الأحمر القطري: المجاعة تهدد ملايين الأطفال في اليمن والسودان

تتعدد الأزمات الإنسانية حول العالم، لكن بعضها يظل حاضرا في الوجدان الإنساني لما يحمله من مآسٍ إنسانية ومعاناة لا تنقطع. في مقدمة هذه الأزمات تبرز ملفات اليمن، والسودان، والصومال، والروهينغا، التي تحولت مع مرور السنوات إلى نماذج صارخة لتحديات العمل الإنساني في مناطق النزاع والكوارث.

في ظل هذا الواقع، يجد العاملون في المجال الإنساني أنفسهم أمام معضلات متشابكة تتعلق بالأمن، والتمويل، وصعوبة الوصول إلى الفئات الأكثر احتياجا. ومع كل أزمة جديدة، تتجدد الأسئلة حول دور المنظمات الإنسانية، ومدى قدرتها على إحداث فارق ملموس في حياة المتضررين، في وقت تتزايد فيه التحديات اللوجستية والسياسية التي تحدّ من فاعلية التدخلات الإنسانية.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الصليب الأحمر: آلاف العائلات الأفغانية بلا مأوى مع اقتراب الشتاءlist 2 of 2الأمم المتحدة تدين هجوما روسيا على "قافلة إنسانية" بأوكرانياend of list

في هذا الحوار الخاص مع محمد بدر السادة، مساعد الأمين العام للإغاثة والتنمية الدولية في جمعية الهلال الأحمر القطري، نحاول تسليط الضوء على أسباب استمرار هذه الأزمات الإنسانية، كما نتعرف على أبرز المبادرات والمشروعات التي أطلقتها الجمعية للتخفيف من آثارها، ورؤيتها المستقبلية لتعزيز العمل الإنساني في أكثر المناطق تضررا حول العالم.

الآن تمر 10 سنوات على الأزمة اليمنية. كيف تصف لنا الوضع الإنساني والمشاكل التي تواجه عمليات الإغاثة هناك؟

بعد عقد كامل من الصراع المستمر في اليمن نرى أن الوضع الإنساني كارثي، ويصنف من قبل الأمم المتحدة كواحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميا، بوجود أكثر من 21.6 مليون شخص -أي نحو ثلثي السكان- بحاجة إلى أحد أشكال المساعدة الإنسانية والحماية، كما يعتمد ملايين اليمنيين على المساعدات للبقاء على قيد الحياة.

فعلى مستوى الأمن الغذائي يوجد أكثر من 17 مليون مواطن يعانون انعدام الأمن الغذائي، منهم نحو 2.4 مليون طفل دون سن الخامسة مصابون بسوء التغذية الحاد، من بينهم مئات الآلاف مهددون بخطر الوفاة إذا لم يتلقوا العلاج العاجل.

كذلك النظام الصحي هش ومثقل بالأعباء ونحو نصف المرافق الصحية فقط تعمل بشكل كامل أو جزئي، بينما تعاني المستشفيات والمراكز الصحية الأخرى من نقص حاد في الأدوية والمعدات والكوادر الطبية، هذا الوضع أدى إلى انتشار الأمراض الوبائية مثل الكوليرا وحمى الضنك والملاريا وغيرها من الأمراض.

إعلان

كذلك يعد النزوح الداخلي أحد أبرز التحديات فهناك أكثر من 4.5 ملايين نازح داخل البلاد، أغلبهم يعيشون في ظروف مزرية، دون مأوى آمن أو مياه نظيفة أو خدمات أساسية.

ولو نظرنا إلى حالة البنية التحتية فسنجدها مدمرة بدرجة كبيرة، مما أثر على خدمات الكهرباء والمياه والتعليم والصرف الصحي، وحرم الملايين الحصول على الكهرباء المنتظمة أو المياه النظيفة.

الهلال الأحمر القطري يوزع قوارب صيد لدعم الأسر الضعيفة باليمن
(الجزيرة) هذه التحديات التي لمستموها على أرض الواقع لماذا لا يكون هناك خطة دولية للاستجابة لها؟

تعاني خطة الاستجابة الإنسانية سنويا من فجوة تمويلية كبيرة، ففي العام 2024 على سبيل المثال، لم يُغط سوى أقل من 40% من إجمالي الاحتياج الفعلي، ما أدى إلى تقليص البرامج الإنسانية في قطاعات حيوية كالغذاء والصحة والمياه.

كذلك تعاني منظمات الإغاثة من عراقيل تتعلق بإجراءات تصاريح العمل، وصعوبة الوصول إلى بعض المناطق النائية أو المتأثرة بالنزاع المسلح، خاصة تلك الواقعة على خطوط التماس أو في مناطق ذات وضع أمني هش.

وبالتالي فإن استمرار النزاع، وانتشار الجماعات المسلحة، وتعدد مناطق النفوذ، كلها عوامل تمثل تهديدا لسلامة العاملين في المجال الإنساني وتحد من قدرتهم على الوصول الآمن إلى المحتاجين.

يضاف لذلك ارتفاع الأسعار، وتدهور قيمة الريال اليمني، ونقص فرص العمل، كلها عوامل عمقت الاحتياج الإنساني وقلصت قدرة السكان على الصمود دون دعم خارجي.

لذلك اليمن اليوم يواجه أزمة إنسانية مزمنة ومعقدة تتطلب استجابة شاملة، ودعما دوليا مستمرا، وحلا سياسيا عادلا لإنهاء معاناة الملايين. ورغم التحديات، فإن الجهات الإنسانية تواصل عملها على الأرض، وغالبا في ظروف صعبة، لضمان استمرار تقديم الخدمات المنقذة للحياة.

متى بدأ الهلال الأحمر القطري عمله في اليمن؟ وما المشروعات التي ينفذها وحجمها ومجالاتها وعدد المستفيدين منها؟

بدأ الهلال الأحمر القطري عمله في اليمن بشكل رسمي في أوائل عام 2017، بعد حصوله على التراخيص القانونية من وزارة التخطيط والتعاون الدولي في عدن، والمجلس الأعلى لتنسيق الشؤون الإنسانية في صنعاء، إضافة إلى اتفاقية شراكة مع الهلال الأحمر اليمني تحت مظلة الحركة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر.

وحتى يوليو/تموز 2025، نفذ الهلال الأحمر القطري 126 مشروعا إنسانيا وتنمويا، بقيمة إجمالية تجاوزت 70.7 مليون دولار، استفاد منها أكثر من 7.5 ملايين شخص في مختلف أنحاء اليمن.

وشملت تدخلات الهلال القطاعات الحيوية:

الصحة: 36.8 مليون دولار – 5.5 ملايين مستفيد.

الإيواء: 13.6 مليون دولار – أكثر من 309 آلاف مستفيد.

الأمن الغذائي وسبل العيش: 7.8 ملايين دولار – نحو 599 ألف مستفيد.

الاستجابة الطارئة ومتعددة القطاعات: 6.8 ملايين دولار – 638 ألف مستفيد.

المياه والإصحاح البيئي: 5.1 ملايين دولار – 359 ألف مستفيد.

اللوجستيات والحماية: 428 ألف دولار – 130 ألف مستفيد.

لكن هل عملكم ينحصر في العاصمة والمدن الرئيسية؟

المكتب التمثيلي للهلال الأحمر القطري يعمل ميدانيا في غالبية المحافظات اليمنية، من خلال مكتب رئيسي في صنعاء، و6 مكاتب فرعية موزعة ما بين تعز ومأرب وعدن والحديدة والضالع.

ورغم التحديات الكبيرة، وأبرزها نقص التمويل الحاد وتعدد القيود الإدارية، يواصل الهلال الأحمر القطري عمله ضمن استجابة إنسانية محايدة وشاملة، بالتنسيق مع الشركاء المحليين والدوليين، وبدعم من مانحين دوليين مثل صندوق قطر للتنمية، ومكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (الأوتشا)، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وصندوق الأمم المتحدة للسكان.

الهلال الأحمر القطري يوصل مساعدات طبية إلى السودان (الجزيرة) لو انتقلنا إلى ملف السودان، لكم وجود طويل هناك، كيف تقيِّمون الوضع الإنساني الحالي؟ وما أهم الاحتياجات الإنسانية وأبرز المشروعات التي تنفذونها؟ إعلان

الوضع الإنساني في السودان اليوم يعد من بين الأسوأ على مستوى العالم، ويتدهور باستمرار دون أي إشارات واضحة إلى تحسن قريب، هذا ما أكدته تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية العالمية ومشاهداتنا، ومن أبرز مؤشرات هذا التدهور الإنساني:

ـ ازدياد عدد المحتاجين للمساعدات الإنسانية العاجلة ويقدر بما يزيد عن ثلثي سكان السودان.

ـ انتشار المجاعة وسوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي وتعرض أكثر من نصف مليون طفل دون سن الخامسة لخطر الموت بسبب الجوع والمرض.

ـ وصول أعداد النازحين والمهجرين لنحو13 مليون شخص منذ بدء الحرب في أبريل/نيسان 2023.

ـ انقطاع الإمدادات الغذائية والدوائية عن مدن محاصرة مثل الفاشر وبابنوسة.

ـ ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية بأكثر من 4 أضعاف مقارنة ببقية المناطق.

إذن الوضع كارثي ما أبرز الاحتياجات الإنسانية في السودان؟ وكيف تدخل الهلال الأحمر القطري هناك؟

اتبعنا في جمعية الهلال الأحمر خطط إغاثية مكثفة وعاجلة شملت أغلب المجالات الإنسانية، ففي مجال الصحة قمنا بتوزيع المستلزمات الطبية لبنوك الدم في مختلف الولايات وافتتاح صيدلية مجانية في مستشفى ود مدني التعليمي وتوفير 43 سرير عناية مكثفة، و120 سرير وحدات طوارئ، و7 سيارات إسعاف. إضافة إلى تنفيذ قوافل للجراحة العامة وجراحة المسالك البولية وجراحة العيون في ولايات القضارف والخرطوم والبحر الأحمر.

وجرى فحص وعلاج أكثر من 8 آلاف مريض وإجراء ما يزيد عن ألف عملية جراحية لإزالة المياه البيضاء.

كما تم دعم وتوفير فرص عمل للأسر المنتجة وصغار الفلاحين وتأهيل محطة نيلية حفر آبار مياه، إضافة إلى السلال الغذائية لمئات العائلات، وهذه المساعدات كانت تتم عبر طائرات الجسر الجوي للمساعدات القطرية.

ما نوع التدخل الإنساني والمشروعات التي يقوم بها الهلال الأحمر القطري في الصومال؟ وهل هناك شراكات دولية مع منظمات إنسانية أخرى؟

بالنسبة للصومال ينفذ الهلال الأحمر القطري حاليا تدخلات طارئة وأخرى تنموية تهدف إلى تعزيز القدرة على الصمود في 3 قطاعات رئيسية:

– قطاع الأمن الغذائي وسبل العيش: بتوزيع المساعدات الغذائية، ودعم الأنشطة المدرة للدخل وتوفير المدخلات الزراعية للأسر الأكثر احتياجا.

– قطاع الصحة: نقوم بدعم خدمات الرعاية الصحية الأولية والتغذية، وتعزيز قدرات المستشفيات بتوفير المعدات الطبية، وتنظيم الحملات الجراحية، ودعم الأشخاص ذوي الإعاقة.

– قطاع المياه والإصحاح: نقوم بحفر الآبار، وتنفيذ مشروعات حصاد مياه الأمطار، وتوزيع المياه في حالات الطوارئ، إلى جانب أنشطة الإصحاح البيئي.

بالإضافة إلى ذلك، تشمل التدخلات قطاعات أخرى مثل التعليم، والحماية، والصرف الصحي، ودعم قدرات الشركاء والمجتمعات المحلية، وتتم جميع هذه التدخلات وفقا للمبادئ الإنسانية، مع تركيز خاص على النازحين داخليا والمجتمعات المضيفة الأكثر ضعفا.

ملايين الأسر في الصومال تعيش على المساعدات الإنسانية (رويترز) هل تقومون بهذه الأنشطة بشكل منفرد أم بالتعاون مع شركاء محليين ودوليين؟

يتعاون الهلال الأحمر القطري مع مجموعة من الشركاء الإستراتيجيين في الصومال، من بينهم جمعية الهلال الأحمر الصومالي، ووكالة إدارة الكوارث التابعة للحكومة الفدرالية الصومالية ووكالات الأمم المتحدة، واتحاد المنظمات غير الحكومية الصومالية وقطاعات تنسيق العمل الإنساني في الصومال.

مخيم داداب أكبر مخيم في العالم للاجئين، يعيش فيه أكثر من 430 ألف لاجئ صومالي، وهو يعد أبرز علامات الأزمة الإنسانية في القرن الأفريقي، هل لكم مشروعات إنسانية هناك؟

لا يختلف الوضع الإنساني في داداب عن بقية المناطق الساخنة في العالم فقد خفض برنامج الأغذية العالمي (WFP) حصص الغذاء للاجئين هناك بشكل حاد إلى ما لا يزيد عن 40% من الحد الأدنى الموصى به من السعرات الحرارية اليومية، وتم تعليق الدعم النقدي المباشر مما أجبر الناس على الاكتفاء بوجبة أو وجبتين يوميا.

كما تدهورت الصحة النفسية للاجئين، وخاصة بين الشباب، الذين يواجهون ارتفاعا في معدلات تعاطي المواد المخدرة والاكتئاب ومحاولات الانتحار، نتيجة الضغوط المتراكمة وعدم اليقين بشأن خطط إغلاق المخيمات.

وهناك محاولة عبر قانون اللاجئين الجديد في كينيا لدمج اللاجئين، لكن ما زالت هناك حالة من عدم اليقين بشأن خطط إغلاق المخيم وحاجة لخريطة طريق واضحة والتزامات تمويلية لضمان الوصول إلى الخدمات الأساسية للاجئيه.

إعلان مخيمات اللاجئين الروهينغا في بنغلاديش تؤوي نحو مليون لاجئ، أكثرهم من الأطفال والنساء. ماذا عن الوضع الإنساني هناك؟

بالفعل تشهد مخيمات اللاجئين الروهينغا في منطقة كوكس بازار ببنغلاديش تراجعا متسارعا في الظروف الإنسانية، وسط انخفاض الدعم الدولي وتقلص عمليات الاستجابة لنحو مليون لاجئ منذ موجات النزوح الكبرى عام 2017، وهي تعتمد بالكامل على المساعدات الإنسانية، خاصة في مجالات الغذاء والصحة والتعليم والمياه.

ومع استمرار تراجع التمويل، لا سيما بعد تقليص الدعم الأميركي، اضطرت المنظمات العاملة إلى تقليص خدماتها بشكل واسع، مما تسبب في زيادة واضحة في معدلات سوء التغذية، خاصة بين الأطفال دون سن الخامسة.

كما تراجعت قدرات العيادات والمراكز الطبية داخل المخيمات بسبب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية وتراجع عدد الكوادر، وهذا الانخفاض في مستوى الخدمة زاد من صعوبة السيطرة على الأمراض الموسمية والمعدية مثل الإسهال الحاد، والتهابات الجهاز التنفسي، والأمراض الجلدية، خاصة مع بداية موسم الأمطار.

كذلك تم تقليص البرامج التعليمية غير الرسمية التي كانت تغطي جزئيا احتياجات الأطفال اللاجئين، نتيجة لنقص التمويل والتحديات التنظيمية. وهناك حاليا مئات الآلاف من الأطفال خارج أي منظومة تعليمية رسمية.

أما البنية التحتية في المخيمات فتواجه بدورها تحديات متكررة، كالانهيارات الأرضية خلال موسم الأمطار، والحرائق التي تندلع في المناطق المزدحمة، ويأتي ضعف نظام الصرف الصحي وقلة المياه النظيفة ليزيدا من تفاقم الوضع الصحي والبيئي.

وفي ظل غياب أي مؤشرات لحلول سياسية دائمة أو آفاق لإعادة التوطين أو العودة الآمنة، يبقى اللاجئون معتمدين على الاستجابة الإنسانية التي باتت مهددة بالتوقف.

وما طبيعة تدخل الهلال الأحمر القطري في هذه الأزمة؟

الهلال الأحمر القطري عبر بعثته التمثيلية في بنغلاديش تمكن من تنفيذ تدخلات إنسانية نوعية بالتعاون مع الهلال الأحمر البنغلاديشي منذ بدء الأزمة عام 2017، بهدف التخفيف من معاناة اللاجئين الروهينغا وتحسين ظروفهم المعيشية.

وقد أسهمت المراكز الصحية المدعومة من الهلال الأحمر القطري في توفير خدمات الرعاية الطبية الأساسية لآلاف المرضى، خصوصا الأطفال والنساء، وساعدت القوافل الطبية في الوصول إلى فئات لم تكن تحظى بأي تغطية صحية منتظمة.

كما ساهمت مشاريع المياه والصرف الصحي في تحسين النظافة العامة، والحد من انتشار الأمراض، وتوفير الحد الأدنى من الكرامة في ظل بيئة شديدة الاكتظاظ السكاني. وفي مجال الإيواء، تمكنت آلاف العائلات من الاستقرار في مآوٍ أكثر أمانا بفضل أعمال البناء والصيانة وتوزيع مواد البناء، خاصة بعد الكوارث الطبيعية.

كذلك ساعدت السلال الغذائية والمساعدات الطارئة في سد فجوات حقيقية لدى الأسر التي تعاني من تراجع الحصص التموينية، خاصة في أوقات الكوارث مثل الفيضانات الموسمية. وقد انعكست هذه التدخلات بشكل مباشر على تحسين مستوى المعيشة، وتعزيز الشعور بالأمان والكرامة الإنسانية داخل المخيمات.

مقالات مشابهة

  • الهلال الأحمر القطري: المجاعة تهدد ملايين الأطفال في اليمن والسودان
  • اليمن: المستقبل يبدأ بإسقاط الانقلاب الحوثي
  • 40 بالمئة منهم أطفال ونساء.. قصص مؤلمة عن ضحايا ألغام حرب اليمن
  • حسن مصطفى يحذر من أزمة دفاعية في منتخب مصر قبل أمم إفريقيا
  • محافظ قنا يفتتح مدرسة على خليل بالعركى بعد إحلالها وتجديدها
  • تشغيل مدرسة للتعليم الأساسي بقرية العركي شمال قنا
  • نائب إطاري:السوداني مهتم بولايته الثانية والعراقيون يعانون من العطش والنزوح
  • "اليونيسف": قتل الأطفال وإصابتهم في السودان انتهاك جسيم لحقوقهم
  • اليونيسف: الإبلاغ عن مقتل 17 طفلا بينهم رضيع في هجوم على مركز للنازحين في الفاشر
  • غزل أبو ريان.. طفلة غزية تناشد العالم لتأمين العيش والعودة إلى المدرسة