يرى محللون سياسيون أن الضفة الغربية باتت على صفيح ساخن بسبب تصعيد الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين وتزايد الظاهرة المليشياوية بين المستوطنين المتطرفين، فيما رأى أحدهم أن انتفاضة ثالثة أصبحت وشيكة بسبب هذا التصعيد.

وكان المنسق الأممي الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، حذر من أن الضفة الغربية قد تتحول إلى "برميل بارود" نتيجة التصعيد العسكري الإسرائيلي، محذرا من أن ذلك سيؤدي إلى عنف مميت ويؤجج التوترات.

ووافقه الدكتور مصطفى البرغوثي، الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية، حيث يرى أن الأوضاع في الضفة الغربية على وشك الانفجار وأنها تمر بحالة تنذر باندلاع انتفاضة ثالثة، لافتا بأنه ليس لدى الفلسطينيين خيار سوى النضال دفاعًا عن حقوقهم، خاصة مع توسع الاستيطان الذي تجاوز بناء 32 ألف وحدة جديدة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وخلال حديثه لبرنامج "غزة.. ماذا بعد؟" أضاف البرغوثي أن المستوطنين المتطرفين يمارسون إرهابًا بدعم من الجيش الإسرائيلي، حيث استشهد 633 فلسطينيًا واعتُقل أكثر من 10 آلاف فلسطيني منذ السابع من أكتوبر، مؤكدا أن إسرائيل تمارس تطهيرًا عرقيًا في الضفة الغربية والقدس.

ويرى البرغوثي أن إسرائيل دمرت أي أفق سياسي، مما دفع الفلسطينيين إلى المقاومة بأشكال مختلفة، بعد أن أُغلقت أمامهم كل السبل السياسية، مضيفا أن ما يزعج إسرائيل هو الصمود البطولي للفلسطينيين وإصرارهم على التمسك بأرضهم، على الرغم من الضغوط الإسرائيلية.

وأوضح أن الفاشية الصاعدة في إسرائيل تسبب عزلة سياسية، وأن اتفاق أوسلو لم يعد قائمًا، حيث فقدت السلطة الفلسطينية سيطرتها الأمنية على مناطق "أ". كما فقدت سيطرتها المدنية على المنطقة "ب".

3 مشكلات لإسرائيل

وأوضح البرغوثي أن "الإرهاب اليهودي" يسبب 3 مشكلات كبرى لإسرائيل، أولاها صعود الفاشية والثانية تشجيع حركة المقاطعة وفرض العقوبات على إسرائيل، والثالثة تلاشي وهم الدولة الديمقراطية صاحبة الجيش الأخلاقي، وهو ما يؤدي في النهاية لفشل المشروع الصهيوني.

بدوره، قال الدكتور مهند مصطفى، الخبير بالشأن الإسرائيلي، إن تأثير تحذيرات جهاز الشاباك على الحكومة الحالية أصبحت محدودة مقارنة بالسابق، مرجعا ذلك إلى أن من يتصدر الحكومة الآن هم المستوطنون أنفسهم، والذين دخلوا الحكومة لتحقيق مشروع الاستيطان في الضفة الغربية وضمها لإسرائيل.

وأضاف مصطفى أن جوهر المشروع السياسي للحكومة الحالية يتمثل في الاستيطان، والدليل على ذلك هو أن هذه المليشيات أصبحت منظمة ومسلحة، تهاجم الفلسطينيين وتسيطر على أراضيهم. وأكد أن حتى جهاز الشاباك، رغم مسؤوليته عن الأمن، لا يقوم بواجباته في ملاحقة الإرهابيين اليهود.

وأشار مصطفى إلى أن المليشيات تحظى بدعم سياسي وقضائي، حيث تُظهر الإحصاءات أن 3% فقط من لوائح الاتهام الموجهة ضد المستوطنين تصل إلى مستوى الإدانة، مما يعكس دعمًا قضائيًا لهذه المليشيات.

وأضاف أن هذه الظاهرة تهدد أمن إسرائيل من الداخل وتهدد تركيبة المجتمع والدولة، حيث إنها تناقض ما أقام عليه بن غوريون دولة إسرائيل بعد أن حل المليشيات، والتي بدأت تعود الآن مرة أخرى وتتحول إلى كيانات منفلتة لا يمكن التحكم بها.

اتساع دائرة المقاطعة

ولفت مصطفى إلى أن تصاعد التيارات المناهضة لإسرائيل في الغرب واتساع دائرة المقاطعة الاقتصادية يقلقان إسرائيل، التي تبذل الكثير من الموارد لمواجهتها.

فيما يرى الدكتور بنجامين فريدمان، أستاذ الأمن الدولي بجامعة جورج واشنطن، أن سلبية الإدارة الأميركية تجاه الحكومة الإسرائيلية متكررة، مشيرًا إلى أن إدارة جو بايدن فرضت عقوبات على بعض المستوطنين لكنها لم تُرِد فرض أي عقوبات على الحكومة نفسها.

وأضاف فريدمان أنه من غير المرجح أن تُحْدِث الحكومة الأميركية الحالية أي تأثير كبير على سياسات إسرائيل في الضفة، مشيرًا إلى أنه قد يتعين انتظار حكومة إسرائيلية جديدة لتحقيق أي تقدم.

وأشار فريدمان إلى أن هناك قلقًا داخل الحكومة الأميركية بشأن دعم الحكومة الإسرائيلية للمليشيات، لكن لا توجد رغبة في اتخاذ خطوات جادة لتغيير الوضع.

وحول إمكانية فرض المقاطعة والعقوبات على إسرائيل، قال فريدمان إنه يعتقد أن الجرائم التي تُرتكب في الضفة وغزة قد تؤدي في النهاية إلى وقف الدعم الأميركي، لكن ذلك قد يستغرق وقتًا طويلا وربما لا يحدث في هذا العام ولا العام المقبل.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات الضفة الغربیة فی الضفة الضفة ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

محللون: ترامب يقايض نتنياهو بالعفو لإنهاء الحرب وإنقاذ مستقبله السياسي

بينما تزداد الضغوط الدولية لإنهاء الحرب على قطاع غزة، تبرز ملامح صفقة غير تقليدية تتداخل فيها الحسابات السياسية مع الملفات القضائية، حيث يطرح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خيار العفو عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كأداة ضغط لينهي الحرب، في معادلة يصفها محللون بـ"المقايضة الكبرى".

وضمن هذا السياق، يرى أستاذ العلوم السياسية في الجامعة العبرية بالقدس مئير مصري، أن الحديث عن عفو محتمل ليس سابقة في السياسة الإسرائيلية، مستبعدا أن يكون له تأثير جوهري على مسار القضاء.

لكنه في الوقت نفسه لم يُخف – خلال مشاركته في برنامج مسار الأحداث، امتعاضه من تدخل ترامب، واصفا تغريداته بأنها لا تتجاوز استعراضا شعبويا يفتقر إلى الجدية، رغم ما تمنحه من زخم إعلامي للمسألة.

وداخل إسرائيل، لا يبدو المشهد القانوني أقل تعقيدا، فمحاكمة نتنياهو -المطلوب كذلك للمحكمة الجنائية الدولية– التي أُجلت لأسباب وُصفت بأنها أمنية، لا تزال قائمة، رغم ما نُقل عن وساطات سرية لإنهائها، كما أن القضاء رفض تأجيل شهادته إلى أجل غير مسمى، وأكدت النيابة العامة أن وقف المحاكمة لا يتم إلا بطلب رسمي لم يُقدَّم بعد.

قناعة سياسية

في تحليل أوسع، يرى الدكتور مهند مصطفى، الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، أن تحرك ترامب لا يُفسَّر بدافع شخصي تجاه نتنياهو، بل يستند إلى قناعة سياسية مفادها، أن إنهاء الحرب في غزة يمر بتسوية قضائية ترفع عن نتنياهو أعباء المحاكمة.

ويشير في حديثه إلى برنامج "مسار الأحداث" إلى أن هذه القناعة دفعت ترامب إلى استخدام نفوذه بهدف الضغط على المؤسسة الإسرائيلية، حتى لو تطلّب الأمر التلويح بورقة المساعدات العسكرية كأداة ضغط في هذا المسار.

ورغم غرابة الطرح، يرى مصطفى، أن هناك تيارات داخل الحكومة الإسرائيلية تتعامل معه بواقعية، بل وربما بترحيب، في ظل تصاعد الخسائر وتعثر الحملة العسكرية.

إعلان

ومن أبرز هؤلاء، بحسب تقديره، يظهر نتنياهو نفسه بوصفه الأكثر حرصًا على الخروج من الحرب بسيناريو سياسي آمن يعيد ترتيب الأوراق الداخلية قبل خوض أي استحقاق انتخابي قادم.

وينتظر أن تحسم زيارة مرتقبة لنتنياهو إلى واشنطن ملامح "المرحلة التالية"، سواء على صعيد الحرب أم ملف المحاكمة. فواشنطن، وفق المتحدثة باسم البيت الأبيض، تُكثف اتصالاتها مع تل أبيب، في وقت يستعد فيه نتنياهو للقاء ترامب ومسؤولين أميركيين على أمل إيجاد صيغة تحفظ ماء وجه الجميع.

ضغوط داخلية

وبينما تتصاعد وتيرة المباحثات، لا تغيب الضغوط الداخلية، حيث باتت أصوات بارزة من داخل المعارضة الإسرائيلية –مثل يائير لبيد وأفيغدور ليبرمان– تُجاهر بأن الحرب فقدت معناها، وأن لا إستراتيجية واضحة في غزة، بل ربما أصبحت عبئا على إسرائيل أكثر مما هي رصيد.

ورغم تأكيد مئير مصري على أن وقف القتال لا يُعد تنازلا، بل فرصة لـ"إعادة بسط السيطرة على غزة عقودا"، فإن تعليقاته تعكس عمق الانقسام داخل المجتمع الإسرائيلي، فرؤية الجيش والأجهزة الأمنية لما يجري في القطاع لا تتطابق بالضرورة مع طروحات التيار الديني القومي المتشدد.

بدوره، يوضح المسؤول الأميركي السابق توماس واريك، أن إدارة بلاده ترى في إنهاء الحرب فرصة لإعادة تشكيل المشهد السياسي في إسرائيل وفلسطين معا، لكنه يشير إلى أن العائق الحقيقي يتمثل في غياب توافق حول "اليوم التالي لغزة"، خاصة أن حركة حماس ترفض أي صيغة تُقصيها من المشهد كليا.

ومع أن تصريحات واريك تحمل نبرة تفاؤل حذرة، فإنه لا يخفي أن ترامب يحاول الاستثمار في ورقة نتنياهو لتحسين فرصه الانتخابية، تماما كما يفعل الأخير في الداخل الإسرائيلي، فكل منهما يحتاج الآخر، لكن كلٌ على طريقته.

وفي ظل هذا التداخل بين المصالح، يرى مهند مصطفى، أن صفقة وقف الحرب قد تمر على مرحلتين: الأولى عبر مقترح مبعوث ترامب للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، الذي يفتح نافذة لبدء مباحثات.

أما المرحلة الثانية، فتتمثل حسب مصطفى في وقف كامل لإطلاق النار بحلول نهاية عام 2025، يعقبه الذهاب إلى انتخابات مبكرة في إسرائيل مطلع عام 2026، محمّلة بـ"إنجازات إستراتيجية" يعرضها نتنياهو على ناخبيه.

مقالات مشابهة

  • استشهاد فلسطينيين برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية
  • بسبب سيطرة المليشيات.. غضب شعبي في مصراتة الليبية
  • محللون: ترامب يقايض نتنياهو بالعفو لإنهاء الحرب وإنقاذ مستقبله السياسي
  • «مصطفى بكري»: الحكومة تكافئ الشعب في 30 يونيو وتدفعه إلى الشارع بسبب قانون الإيجار القديم
  • الخارجية الفلسطينية تحذّر من مصادرة الاحتلال الإسرائيلي أراضي في الضفة الغربية
  • حماس: تعثّر المفاوضات بسبب إصرار إسرائيل على مواصلة الحرب
  • محللون: معركة وجود بالضفة وإسرائيل تريد ضمها وتهجير سكانها
  • إسرائيل: تفكيك أكبر شبكة تابعة لحماس في الضفة الغربية
  • أوروبا على صفيح ساخن.. تحذيرات من موجة حر تاريخية | ماذا يحدث؟
  • بعيو: الدمار الحقيقي للدينار هو حديد المليشيات في المنطقة الغربية وليست نفقات التنمية