في مايو/أيار الماضي، وقّع قرابة 200 موظف داخل مختبر "ديب مايند"، وهو قسم الذكاء الاصطناعي التابع لشركة غوغل، على خطاب يطالب الشركة العملاقة بإلغاء عقودها مع المؤسسات العسكرية، وفقًا لنسخة من الخطاب اطلعت عليها مجلة تايم ونشرت عنها تقريرا يوم الخميس 22 أغسطس/آب الجاري.

وانتشر هذا الخطاب وسط تصاعد المخاوف داخل قسم الذكاء الاصطناعي من بيع تقنياته إلى الجيوش المتورطة في الحروب عالميا، الأمر الذي وصفه الموظفون بأنه انتهاك لقواعد الذكاء الاصطناعي الخاصة بشركة غوغل.

هذا الخطاب الأخير هو علامة جديدة على تصاعد حدة الخلاف داخل غوغل، على الأقل بين بعض موظفي قسم الذكاء الاصطناعي، الذين تعهدوا بعدم المشاركة في تطوير التقنيات العسكرية، وبين قسم الأعمال السحابية الذي يملك عقودا لبيع خدمات غوغل السحابية، ومنها تقنيات الذكاء الاصطناعي التي يطورها مختبر "ديب مايند"، للعديد من الحكومات والجيوش ومنها الجيش الإسرائيلي، وخاصة التعاون الذي نشأ من "مشروع نيمبوس".

مشروع نيمبوس

في شهر أبريل/نيسان الماضي، اقتحمت قوات الشرطة مكاتب شركة غوغل، في نيويورك وكاليفورنيا، لاحتجاز مجموعة من الموظفين المتظاهرين احتجاجًا على عقد للخدمات السحابية، بقيمة 1.2 مليار دولار، مع الحكومة الإسرائيلية تحت مُسمَّى "مشروع نيمبوس".

قسم الأعمال السحابية في غوغل متهم بالتعاون مع الجيش الإسرائيلي عبر مشروع نيمبوس (شترستوك)

لقي هذا العقد -المشترك مع شركة أمازون– معارضة حادة من جانب موظفي الشركتين منذ عام 2021، لكن تصاعدت حدة الاحتجاجات منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.

تمثّل الدافع الأساسي وراء هذه الاحتجاجات حينها في مخاوف الموظفين من استخدام الجيش الإسرائيلي لتقنيات غوغل في مراقبة الفلسطينيين وقمعهم، ضمن نظام الفصل العنصري الذي تتبعه دولة الاحتلال منذ سنوات طويلة.

والآن يؤكد موظفو غوغل وأمازون الحاليون والسابقون، المعارضون لمشروع نيمبوس، أنه يضع الشركتين في خانة التواطؤ مع إسرائيل في حربها الدموية على قطاع غزة، وتورط حكومتها في ممارساتها اللاشرعية واللاإنسانية بحق المدنيين الفلسطينيين.

لكن في المقابل، أصرّت غوغل على أن هذا المشروع لا يهدف إلى المشاركة في الأعمال العسكرية، لتنفي تورطها في هذا الأمر وذكرت أنه "لا تربطه علاقة بالأسلحة أو الخدمات الاستخباراتية"، في حين لم تناقش أمازون علنًا نطاق عمل هذا المشروع بالتفصيل.

لكن الأدلة التي ظهرت تخالف هذا الإنكار، وهو ما أشارت إليه تقارير من عدة مواقع صحفية مثل موقع "وايرد" وموقع "ذي إنترسبت" ومجلة "تايم".

سحابة الحرب

وفقًا لتقرير وايرد، أظهرت مراجعة الوثائق العامة وتصريحات المسؤولين الإسرائيليين وموظفي غوغل وأمازون أن الجيش الإسرائيلي احتل موقعًا مركزيًا داخل مشروع نيمبوس منذ بدايته، إذ شكّل الجيش الإسرائيلي تصميم المشروع كما أنه من أبرز مستخدميه. إذ يرى كبار المسؤولين الإسرائيليين أن مشروع نيمبوس يؤسس لبنية تحتية مهمة للجيش الإسرائيلي.

الجيش الإسرائيلي احتل موقعًا مركزيًا داخل مشروع نيمبوس منذ بدايته (الفرنسية)

في فبراير/شباط الماضي وفي مؤتمر مخصص لمشروع نيمبوس، ذكر غابي بورتنوي، رئيس هيئة السايبر الإسرائيلية، أن "العقد أسهم في الرد العسكري الإسرائيلي على حركة حماس" نقلا عن وسائل الإعلام الإسرائيلية. وأضاف بورتنوي: "تحدث أمور استثنائية في أرض المعركة بسبب السحابة العامة لمشروع نيمبوس، وهي أمور لها تأثير على تحقيق النصر. لكن لن أشارك التفاصيل"، وفقًا لمقال في مجلة "بيبول آند كومبيوتر" التي شاركت في تنظيم المؤتمر.

يتناقض تصريح بورتنوي مع تصريحات غوغل لوسائل الإعلام، التي سعت إلى التقليل من أهمية التورط العسكري لمشروع نيمبوس، كما أشار تقرير وايرد. إذ ذكرت آنا كوالتشيك المتحدثة باسم غوغل في بيان لها: "هذا المشروع ليس موجهًا نحو مهام حساسة للغاية أو سرية أو عسكرية تتعلق بالأسلحة أو أجهزة الاستخبارات. عقد نيمبوس مخصص لمهام العمل على سحابتنا التجارية لصالح الوزارات الحكومية الإسرائيلية، التي توافق على الامتثال لشروط الخدمة وسياسة الاستخدام المقبول لدينا".

من المفترض أن تحظر شروط خدمة غوغل على العملاء أي "أنشطة شديدة الخطورة"، التي تُعرّف بكونها تتضمن حالات "من المتوقع أن يؤدي فيها استعمال الخدمات أو تعطلها إلى الوفاة أو الإصابة الجسدية أو الإضرار بالبيئة أو الممتلكات (مثل بناء أو تشغيل المنشآت النووية أو مراقبة الحركة الجوية أو أنظمة دعم الحياة أو الأسلحة)". لكن من المبهم كيف يندرج دعم المشروع لعمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي القتالية في قطاع غزة ضمن هذه الشروط، كما أشار تقرير وايرد.

تعميق الشراكة

يتماشى تصريح غابي بورتنوي مع التقارير الأخيرة التي تظهر الروابط العسكرية لعقد نيمبوس منذ فترة طويلة. ففي شهر أبريل/نيسان الماضي، كشفت وثيقة عن أن شركة غوغل تقدم خدمات الحوسبة السحابية لوزارة الدفاع الإسرائيلية، وقد تفاوضت الشركة العملاقة على تعميق شراكتها خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حسبما أظهرت الوثيقة التي اطلعت عليها مجلة تايم.

تفاوضت غوغل على تعميق شراكتها خلال الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حسبما أظهرت الوثيقة التي اطلعت عليها مجلة تايم (شترستوك)

ووفقا للوثيقة، تملك وزارة الدفاع الإسرائيلية ما تسمى "منطقة هبوط" خاصة بها في خدمة غوغل السحابية، وهي تعني حساب دخول إلى البنية التحتية للحوسبة التي توفرها غوغل، التي تسمح للوزارة بتخزين البيانات ومعالجتها بجانب الوصول إلى خدمات الذكاء الاصطناعي.

كما طلبت الوزارة مساعدة استشارية من غوغل لتوسيع وصولها إلى خدماتها السحابية، بحيث تسمح لـ"وحدات متعددة" بالوصول إلى تقنيات الأتمتة، وفقا لمسودة عقد بتاريخ 27 مارس/آذار. ويظهر العقد أن غوغل تقدم فواتير لوزارة الدفاع الإسرائيلية بأكثر من مليون دولار نظير هذه الخدمة الاستشارية.

كانت قد أشارت سابقا تقارير في الصحافة الإسرائيلية إلى أن هذا العقد لا يسمح للشركتين بتزويد الجهات العسكرية بالتكنولوجيا الخاصة بهما بموجب مشروع نيمبوس. لكن كانت هذه أول مرة يُعلن فيها عن وجود عقد يوضح أن وزارة الدفاع الإسرائيلية هي أحد عملاء خدمات غوغل السحابية.

كذلك يشير تقرير وايرد إلى أن أجهزة الأمن الإسرائيلية تشكّل جزءًا مهمًا من مشروع نيمبوس. ففي منشور على منصة لينكدن العام الماضي، ذكر أومري هولزمان، قائد فريق شؤون الدفاع في أمازون ويب سيرفسيز، أن مؤتمرًا عقدته الشركة "شهد حضورا من كل مؤسسة أمنية في إسرائيل"، دون تحديد تلك المؤسسات.

كما عرضت شركة غوغل مؤخرًا على مسؤولي الشرطة والأمن الإسرائيليين نموذجها للذكاء الاصطناعي "جيميني"، وهو جوهر محاولات شركة العملاقة لمنافسة الروبوت الأشهر "شات جي بي تي". وذكر شاي مور، مدير ورئيس القطاع العام والدفاع في غوغل كلاود إسرائيل، في منشور على لينكدن، في مارس/آذار، أنه شارك مؤخرًا معلومات حول "مشاريع الشركة الرائدة المرتبطة بنيمبوس" مع وكالات أمنية تشمل الشرطة الإسرائيلية والوكالة الرقمية الإسرائيلية وهيئة السايبر الإسرائيلية.

عرضت شركة غوغل مؤخرا على مسؤولي الشرطة والأمن الإسرائيليين نموذجها للذكاء الاصطناعي "جيميني" (غيتي) تطبيقات عسكرية

في أبريل/نيسان عام 2021، وقَّعت حكومة إسرائيل على اتفاق مع شركتي غوغل وأمازون لبناء مراكز بيانات إقليمية لتقديم الخدمات السحابية، وبهذا ستضمن استمرارية الخدمة حتى إن تعرضت الشركتان لضغوط دولية لمقاطعة إسرائيل فيما بعد، وقُدرت تكلفة المشروع بنحو 1.2 مليار دولار.

هذا بالطبع ما ذُكر رسميا في وسائل الإعلام حينها، لكن "مشروع نيمبوس" كان ينطوي على أكثر من مجرد مراكز بيانات إقليمية، ورغم عدم توفر تفاصيل رسمية كثيرة حول المشروع حينها، فإن تقريرا لموقع "ذي إنترسبت"، صدر في شهر يوليو/تموز عام 2022، استشهد بوثائق ومقاطع فيديو تدريبية داخلية من غوغل تشير إلى أن جزءا أساسيا من المشروع سيوفر لإسرائيل مجموعة كاملة من أدوات تعلم الآلة والذكاء الاصطناعي تقدمها منصة غوغل السحابية.

وضحت مجموعة الوثائق التدريبية ومقاطع الفيديو الخاصة بشرح المشروع، والموجَّهة لموظفي الحكومة الإسرائيلية، لأول مرة مزايا منصة غوغل السحابية التي تقدمها الشركة لجيش الاحتلال من خلال المشروع.

توفر غوغل مجموعة كاملة من تقنيات الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة، تلك التقنيات ستمنح جيش الاحتلال قدرات أكبر في التعرّف على الوجوه، والتصنيف الآلي للصور، وتتبع مسار تحرك الأجسام، وحتى القدرة على تحليل المشاعر الذي تدّعي الوثائق أن بإمكانه تقييم المحتوى العاطفي داخل الصور والكلام والكتابة. أشار التقرير حينها إلى أن تلك الإمكانيات ستزيد من قدرات جيش الاحتلال على فرض رقابة صارمة على المواطنين الفلسطينيين، بجانب معالجة كميات هائلة من البيانات.

شركات الأسلحة الإسرائيلية

في مايو/أيار الماضي، كشف تقرير آخر من موقع "ذي إنترسبت" أن مشروع "نيمبوس" يلزم اثنين من أبرز مصنعي الأسلحة الإسرائيليين، وهما شركتا "الصناعات الجوية الإسرائيلية" و"رافائيل"، باستخدام خدمات الحوسبة السحابية من غوغل وأمازون في أعمالهما.

فوفقًا لوثيقة مشتريات صادرة عن الحكومة الإسرائيلية، فإن الشركتين المملوكتين للدولة يلزم عليهما التعامل مع أمازون وغوغل لتلبية احتياجاتهما من الحوسبة السحابية.

شركة أمازون متهمة بالتواطؤ مع تل أبيب في الحرب الإسرائيلية على غزة وفق ما يقول موظفون سابقون وحاليون في الشركة. (غيتي)

لم توضح الوثيقة تفاصيل التعاقد بين غوغل وأمازون مع شركات الأسلحة الإسرائيلية، لكن هاتين الشركتين مسؤولتان عن تصنيع الطائرات المسيرة والصواريخ وغيرها من الأسلحة التي تستخدمها إسرائيل في قصف قطاع غزة، كما أشار تقرير "ذي إنترسبت".

تتضمن وثيقة المناقصة في معظمها تفاصيل قانونية وقواعد ولوائح تحدد كيفية شراء إسرائيل لخدمات الحوسبة السحابية من أمازون وغوغل، وقد نُشرت الوثيقة الإسرائيلية لأول مرة في عام 2021، ولكن يجري تحديثها دوريًا، وكان آخر تحديث لها في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي.

لا تُلزم تلك الوثيقة الحكومية أيًا من الكيانات بشراء الخدمات السحابية، ولكن إذا احتاجت تلك الكيانات إلى مثل هذه الخدمات، فيجب أن تشتريها من شركتي التقنية الأميركية. يشير جزء منفصل من الوثيقة إلى أن أي مكتب حكومي يرغب في شراء خدمات الحوسبة السحابية من شركات أخرى يجب أن يقدم التماسًا إلى لجنتين حكوميتين تشرفان على المشتريات للحصول على إعفاء مباشر.

ورغم أن انتقال الحكومة إلى خدمات غوغل وأمازون السحابية قد شهد تأخرًا طويلًا، فإن شركة رافائيل أعلنت في يونيو/حزيران الماضي أنها بدأت نقل بعض احتياجاتها السحابية "غير السرية" إلى خدمات أمازون ويب سيرفيسز دون أن توضح المزيد من التفاصيل، كما يشير التقرير.

تضع تلك العلاقات مع شركات تصنيع الأسلحة الإسرائيلية مشروع نيمبوس في أقرب موقع إلى إراقة دماء الأبرياء في قطاع غزة. وبهذا تتورط شركات التقنية الكبرى مثل غوغل وأمازون في الاستهداف المباشر للفلسطينيين، رغم أن تلك الشركات تقدم دائما تعهدات بتجنب استخدام تقنياتها في الحروب وانتهاكات حقوق الإنسان.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات خدمات الحوسبة السحابیة الحرب الإسرائیلیة على الدفاع الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلی الذکاء الاصطناعی غوغل السحابیة غوغل وأمازون مشروع نیمبوس على قطاع غزة إلى خدمات شرکة غوغل غوغل ا إلى أن

إقرأ أيضاً:

ماذا وراء خطة نتنياهو بشأن غزة التي “لا ترضي أحدا”؟

#سواليف

نشرت شبكة “CNN”، مساء السبت، تحليلا سلط الضوء على #خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بينامين #نتنياهو بشأن قطاع #غزة والتي “لا ترضي أحدا”.

وذكرت القناة أنه وبعد مرور ما يقرب من عامين على حرب غزة، صوّت مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي على توسع عسكري جديد للسيطرة على مدينة غزة.

وهذه الخطة التي بادر بها ودفع بها نتنياهو نفسه، تكشف بلا شك عن مناوراته السياسية الداخلية أكثر مما تكشف عن أي استراتيجية عسكرية مدروسة جيدا.

مقالات ذات صلة حماية المستهلك تحذر الأردنيين من تسمم الحر 2025/08/10

وأفادت الشبكة بأنه تم اعتماد الخطة رغم الاعتراض الشديد من القيادة العسكرية الإسرائيلية والتحذيرات الخطيرة من أنها قد تفاقم #الأزمة_الإنسانية وتعرض الخمسين رهينة المتبقين في غزة للخطر.

ويأتي هذا التوسع الكبير في الحرب أيضا على خلفية تراجع كبير في الدعم العالمي لإسرائيل، وتراجع في التأييد الشعبي الداخلي لاستمرار الحرب.

ومع ذلك، دفع نتنياهو بخطته قدما لما لها من فائدة واحدة على الأقل غير معلنة: إنها تمنحه وقتا للكفاح من أجل بقائه السياسي.

ومع شركائه الحاليين في الائتلاف اليميني المتطرف، فإن هذا يعني إطالة أمد الحرب، علما أن حلفاء نتنياهو إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش أحبطا مرارا وتكرارا التقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار وأجهضوه مهددين بانهيار حكومته إذا انتهت الحرب.

وفي الواقع، لا ترقى خطة نتنياهو لمحاصرة مدينة غزة إلى مستوى مطالب شركائه في الائتلاف، إذ يدفع بن غفير وسموتريتش باتجاه احتلال كامل للقطاع المحاصر كخطوة أولى لإعادة بناء المستوطنات اليهودية في غزة، وفي نهاية المطاف ضمها، كما أنها أقل مما روج له نتنياهو نفسه قبل الاجتماع.

وفي مقابلة الخميس، صرح نتنياهو لقناة “فوكس نيوز” بأن إسرائيل تنوي السيطرة على غزة بأكملها، كما لو أنه حسم أمره باحتلالها بالكامل.

وبدلا من ذلك، اختار نتنياهو الترويج لخطة تدريجية تركز فقط على مدينة غزة في الوقت الحالي دون السيطرة على مخيمات أخرى قريبة، حيث يعتقد أن العديد من الرهائن الإسرائيليين العشرين المتبقين محتجزون.

كما تعمد نتنياهو تحديد موعد نهائي فضفاض نسبيا لبدء العملية (بعد شهرين) تاركا الباب مواربا أمام دفعة دبلوماسية أخرى لإعادة إطلاق صفقة تبادل الرهائن لوقف إطلاق النار وإلغاء العملية برمتها.

والآن، يبدي شركاؤه اليمينيون غضبهم من القرار، مدعين أن الخطة غير كافية وأن تصعيد الحرب وحده يكفي.

وقال مصدر مقرب من سموتريتش: “قد يبدو الاقتراح الذي قاده نتنياهو ووافق عليه مجلس الوزراء جيدا، لكنه في الواقع مجرد تكرار لما حدث.. هذا القرار دون معنى وليس أخلاقيا ولا صهيونيا”.

ولفتت الشبكة الأمريكية إلى أن خطة نتنياهو الأخيرة لم ترض شركاءه في الائتلاف ولا القيادة العسكرية الإسرائيلية.

وخلال اجتماع مجلس الوزراء الماراثوني الذي استمر 10 ساعات، قدم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، معارضة الجيش القاطعة لخطط الحكومة لإعادة احتلال القطاع.

وحذر كبير جنرالات الجيش الإسرائيلي من أن أي عملية عسكرية جديدة ستعرض كلا من الرهائن المتبقين والجنود الإسرائيليين للخطر، محذرا من أن غزة ستصبح فخا من شأنه أن يفاقم استنزاف قوات الجيش الإسرائيلي المنهكة أصلا جراء ما يقرب من عامين من القتال المتواصل، وأنه يعمق الأزمة الإنسانية الفلسطينية.

وتعكس المخاوف العسكرية مشاعر الرأي العام الإسرائيلي على نطاق واسع: فوفقا لاستطلاعات رأي متكررة، يؤيد غالبية الإسرائيليين اتفاق وقف إطلاق نار من شأنه إعادة الرهائن وإنهاء الحرب، لكن عملية صنع القرار الحالية لنتنياهو منفصلة عن كل من المشورة العسكرية والإرادة الشعبية، بل مدفوعة كما يقول المحللون والمعارضون السياسيون، بضرورة البقاء السياسي الضيقة.

كما تضع خطة الاستيلاء على غزة نتنياهو وإسرائيل في عزلة دولية غير مسبوقة، فعلى الرغم من الحرية المطلقة التي منحها له البيت الأبيض بقيادة الرئيس ترامب في حرب غزة، إلا أن المجاعة وأزمة الجوع المتزايدة قد قللت بالفعل من الشرعية العالمية لحرب إسرائيل، وكانت التداعيات الإضافية لقرار الحكومة الأخير سريعة وواضحة حيث أعلنت ألمانيا ثاني أهم حليف استراتيجي لإسرائيل بعد الولايات المتحدة، أنها ستعلق بعض صادراتها العسكرية إلى إسرائيل مما مهد الطريق أمام دول الاتحاد الأوروبي الأخرى لمزيد من تخفيض مستوى العلاقات.

ووفق “CNN” يمضي نتنياهو قدما بـ”خطة لا ترضي أحدا” فحلفاء إسرائيل في الخارج، وقيادتها العسكرية، وجمهور يريد إنهاء الحرب من جهة، ومن جهة أخرى شركاؤه المتشددون المستاؤون الذين يرون أنها لا تكفي.

والجمهور الذي تخدمه هذه الخطة هو نتنياهو نفسه بالأساس فهي تمنحه مزيدا من الوقت لتجنب الخيار الحتمي بين وقف إطلاق نار حقيقي قد ينقذ الرهائن أو تصعيد عسكري شامل يرضي ائتلافه، إنها أكثر من مجرد خطوة استراتيجية بل مناورة كلاسيكية أخرى من نتنياهو لإطالة أمد الحرب مع إدامة الأذى والمعاناة لسكان غزة والرهائن الإسرائيليين على حد سواء وكل ذلك من أجل بقائه السياسي.

مقالات مشابهة

  • المفتي: ثورة الذكاء الاصطناعي من أكبر التحديات التي عرفها العصر الحدي
  • جنرال إسرائيلي: لماذا لم تُهزم حماس بعد كل الضربات التي تلقتها؟
  • إستقبال الفريق الوطني المشارك في المسابقة الدولية في الروبوت والذكاء الاصطناعي
  • ماذا وراء خطة نتنياهو بشأن غزة التي “لا ترضي أحدا”؟
  • هيئة البث الإسرائيلية: سموتريتش عارض خطة احتلال غزة التي صدق عليها الكابينت
  • ما وراء خطة نتنياهو بشأن احتلال غزة التي لا ترضي أحدًا؟
  • عبر الذكاء الاصطناعي.. الإمارات تعزز حضور لغة الضاد العالمي
  • بالفيديو.. متظاهرون يقتحمون استديو القناة 13 الإسرائيلية
  • 15 عامًا ستغيّر كل شيء.. تحذير صادم من مسؤول عربي سابق في غوغل
  • تحليل لـCNN.. ما وراء خطة نتنياهو بشأن غزة التي لا ترضي أحدًا