أكد الدكتور محمد العريان رئيس كلية كوينز في كامبريدج ومستشار لشركة أليانز وغرامرسي، أن النهج الجديد في التحول بالسياسة النقدية إلى التخلي تدريجيًا عن السياسة التشديدية، يسمح لبنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بالاحتفاظ بقدر كبير من الخيارات التكتيكية والاستراتيجية.

وأضاف:« من عجيب المفارقات أن رد فعل السوق الفوري كان دفع فكرة التخفيضات العدوانية لأسعار الفائدة لبنك الاحتياطي الفيدرالي الذي لا يزال يُنظر إليه على أنه بنك مركزي ذو تفويض واحد، ولكن مع الشرط الحاسم المتمثل في أنه يركز الآن على تجنب ارتفاع معدلات البطالة بدلاً من خفض التضخم».

وتابع: «وعلى وجه الخصوص، قاوم خطاب جاكسون هول المكتوب جيدًا رغبة الكثيرين في أن يوجه باول بشأن حجم التخفيضات في أسعار الفائدة في سبتمبر، والأهم من ذلك، وجهة هذه الأسعار».

توازن تكتيكي واستراتيجي

وفي مقال له بصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، قال العريان: «دارت عديد من الأسئلة حول كيفية صياغة رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي جيروم باول لتصريحاته في جاكسون هول يوم الجمعة 23 أغسطس بما في ذلك التوازن بين التكتيكي والاستراتيجي. وفي النهاية، اختار باول التركيز المزدوج في ما سيُنظر إليه على أنه خطابه الثاني المهم، حيث كان الأول هو تصريحاته التي استمرت ثماني دقائق في عام 2022 والتي أكد فيها على "الألم" القادم للاقتصاد».

وحلل رئيس كلية كوينز في كامبريدج تصريحات باول، وقال إن رئيس الفيدرالي الأمريكي صاغ رسميا وجهة النظر المقبولة على نطاق واسع بأن «الوقت قد حان لتعديل السياسة» وأن «الاتجاه واضح»، وثانيا، قدم تقييما تاريخيا لحلقة التضخم 2021-2024، مما يعني الآن أن "ثقته نمت في أن التضخم يسير على مسار مستدام للعودة إلى 2%.

وهذا النهج يسمح لبنك الاحتياطي الفيدرالي بالاحتفاظ بقدر كبير من الخيارات التكتيكية والاستراتيجية. وعلى وجه الخصوص، قاوم خطاب جاكسون هول المكتوب جيدًا رغبة الكثيرين في أن يوجه باول بشأن حجم التخفيضات في أسعار الفائدة في سبتمبر، والأهم من ذلك، وجهة هذه الأسعار.

حان الوقت لتغيير السياسة

كان باول واضحاً بشأن سبب «حان الوقت لتغيير السياسة»، مشيرًا إلى أن «سوق العمل تبرد بشكل كبير، ونتيجة لهذا، فإن ميزان المخاطر يشهد الآن تهديدًا أقل بارتفاع التضخم والمخاطر السلبية على العمالة التي زادت». كما أكد أن «بنك الاحتياطي الفيدرالي "لا يسعى ولا يرحب بمزيد من التهدئة في ظروف سوق العمل" لتبديد أي شكوك متبقية».

الاحتياطي الفيدرالي.. أخطأ

وأضاف العريان: «كلمات قوية لبنك مركزي حذر، على نحو مفهوم، بشأن إعلان إنجاز المهمة في المعركة ضد ارتفاع التضخم الذي جلب صعوبات مستدامة، وخاصة لأولئك الأقل قدرة على تلبية التكاليف الأعلى للضروريات مثل الغذاء والإسكان والنقل».

وفيما يتصل بالتضخم، أقر رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي بأن بنك الاحتياطي الفدرالي ارتكب خطأ في تقييمه الأولي (2021) بأن ارتفاع التضخم سيكون مؤقتاً وقابلاً للعكس بسرعة. ومع ذلك، لم يكن هذا الخطأ الوحيد.فكما يشير، «كانت السفينة الجيدة ترانزيتوري مزدحمة، وكان على متنها أغلب المحللين السائدين ومحافظي البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة». ولكن المثير للاهتمام في ما قاله باول هو ما امتنع عن قوله وكيف تفاعلت الأسواق على الرغم من ذلك.

وتابع العريان في مقاله: «كان كثيرون منا يأملون أن يذهب إلى أبعد من ذلك في سعيه إلى استعادة السرد السياسي والاقتصادي. وكان بوسعه أن يفعل هذا من خلال توفير قدر أعظم من الوضوح حول المكان الذي يرى فيه سعر الفائدة المحايد الجديد، والرحلة إلى ذلك المعدل، وما يعنيه عملياً هدف التضخم البالغ 2% في ضوء موقف السياسة المالية وظروف جانب العرض».

وبدون ذلك، سوف تجد الأسواق ومجتمع المحللين صعوبة في الخروج من نمط "سرد تنس الطاولة" الذي شهد في أقل من 30 يوماً تحول وجهة النظر الإجماعية من الهبوط الناعم إلى الركود الذي دفع البعض إلى الدعوة بصوت عال إلى خفض طارئ بين الاجتماعات، والعودة إلى الهبوط الناعم.

ترسيخ التحول السياسي

وأضاف: «في حين أشك في أن بنك الاحتياطي الفيدرالي يرغب في ترسيخ التحول السياسي بعيداً عن التفويض الفردي (الفوز في المعركة ضد التضخم) إلى التفويض المزدوج (استقرار الأسعار والحد الأقصى للعمالة)، فإن السوق ليست في هذا الاتجاه. والواقع أن رد فعل السوق الفوري كان الدفع إلى أبعد من ذلك في الرأي القائل بأن بنك الاحتياطي الفيدرالي سوف يخفض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس في الأشهر الأربعة المقبلة، مع زيادة احتمال البدء في خفضها بمقدار 50 نقطة أساس في سبتمبر، وأنه سوف يتبع ذلك بخفض آخر بمقدار 100 نقطة أساس في الأشهر الستة المقبلة. ويراهن المتداولون على تفويض بنك الاحتياطي الفيدرالي الفردي الذي يركز على العمالة ويتوق إلى تنفيذ "تخفيضات التأمين" للحد بشكل ملموس من احتمالات الركود».

في بداية اجتماع جاكسون هول، كانت الأسواق تعمل بالفعل بفكرة التحول السياسي الذي من شأنه أن يؤدي إلى تخفيضات كبيرة في أسعار الفائدة على مدى الأشهر الاثني عشر المقبلة. ومن عجيب المفارقات أن خطاب باول شجع الأسواق على العمل بشكل أسرع وبمزيد من الثقة. وفي هذه العملية، تتجاهل الأسواق، على الأقل في الوقت الحالي، ملاحظاته الختامية المهمة التي قال فيها إن "حدود معرفتنا تتطلب التواضع وروح الاستفهام التي تركز على تعلم الدروس من الماضي وتطبيقها بمرونة على تحدياتنا الحالية". وباختصار، فإن هذه الملاحظات تخاطر بمزيد من التقلبات في السوق والسرد في الأشهر المقبلة.

اقرأ أيضاًكيف تأثرت الأسواق العالمية بخطاب رئيس الاحتياطي الفيدرالي؟

جهاز تنمية السويس الجديدة يسترد 9300 متر مربع بـ26 مليون جنيه

نصحت بالشراء.. «آي صاغة»: تلميحات رئيس الفيدرالي تُزيد الذهب بريقا

رغم تحذيرات الشراء.. «المركزي الصيني» لن يحظر الاستثمار في السندات الحكومية

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: أسعار الفائدة سعر الفائدة جيروم باول الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الخبير الاقتصادي العالمي خفض أسعار الفائدة خفض الفائدة محمد العريان الدكتور محمد العريان خفض أسعار الفائدة الأمريكية تصريحات رئيس الفيدرالي بنک الاحتیاطی الفیدرالی أسعار الفائدة جاکسون هول من ذلک

إقرأ أيضاً:

ما الذي حدث عند الساعة 2:43؟.. طيّار إسرائيلي يكشف كواليس اغتيال رئيس أركان حزب الله

قدّم أحد الطيارين الإسرائيليين سرديته عن الضربة التي أدّت إلى مقتل رئيس أركان حزب الله هيثم الطبطبائي في بيروت.

في مقابلة مع موقع "والا" العبري، كشف الرائد "أ" (27 عاماً)، طيار مقاتل ورئيس فريق الضربات الموجهة في سلاح الجو الإسرائيلي، تفاصيل العملية قائلاً إنها استندت إلى تحضيرات استمرت "لفترة طويلة"، تخللتها "دورات كثيرة ومسارًا مطوّلًا من المصادقات"، وطلب توقيع قائد سلاح الجو "عشرات المرات".

ووفق روايته، شكّل الطبطبائي الهدف الرئيسي للعملية، باعتباره، وفق المزاعم الإسرائيلية، الرجل الذي أعاد بناء الجناح العسكري لحزب الله وقاد خطاً متشدداً ضد إسرائيل.

كواليس الضربة الإسرائيلية

يصف الرائد يوم العملية بأنه بدأ "كيوم عادي"، قبل أن تصله مكالمة من ضابط استخباراته جعلته "يركض نحو الأسفل" لتفعيل منظومة التنفيذ. ويشير إلى أن سلسلة الموافقات تحركت "بسرعة غير معتادة"، مضيفًا: "كانت واحدة من أسرع ما رأيت. الجميع يعرف الاسم، والجميع يعرف الهدف".

وعند الساعة 2:43 بعد الظهر، نُفّذت الضربة التي استهدفت طابقين داخل مبنى مؤلف من عشرة طوابق. ويوضح الطيار أن "المعضلة الأساسية" كانت وضع الذخائر بدقة على الطابقين الرابع والخامس "من دون إصابة الطوابق الأخرى"، مشيراً إلى أن عمليات الاغتيال غالباً ما تجمع بين المعلومات الاستخباراتية والخداع والحيل.

عمّال بلدية يزيلون الركام قرب مبنى سكني تضرر في الغارة الإسرائيلية التي قُتل فيها رئيس أركان "حزب الله" هيثم الطبطبائي في حي حارة حريك، في 24 نوفمبر 2025. Hassan Ammar/AP

وبحسب الطيار، سعى المخططون إلى تحقيق "أقصى دقة ممكنة" في الضربة وتقليل الضرر على المدنيين، مع الاعتماد على "الخداع والسرية" في كل خطوة. ويقول إن توقيت التنفيذ حُدّد قبل ساعات من العملية استنادًا إلى "معلومة استخباراتية دقيقة" و"خطأ" ارتكبه الطبطبائي عندما وصل إلى منزل آمن.

في الوقت الذي تشدد فيه الرواية العسكرية على "الدقة" و"التحكم" في تنفيذ الضربة، وعلى الحرص المعلن على عدم الإضرار بالمدنيين، كان المشهد في الضاحية الجنوبية لبيروت يسير باتجاه آخر تماماً. فوزارة الصحة اللبنانية أعلنت "5 قتلى و28 جريحاً" في الغارة، إلى جانب الأضرار الواسعة التي أصابت المبنى والمحيط السكني. ومع حصيلة كهذه، يصبح الحديث عن "ضرر أدنى" أقرب إلى توصيف لا ينسجم مع عمليات تُنفَّذ داخل مناطق مكتظة بالسكان.

Related عامٌ على وقف إطلاق النار في لبنان والخروقات الإسرائيلية مستمرّة.. هل اقترب انهيار الاتفاق؟تقرير يُنذر بـ"مرحلة سوداء" في لبنان: ضربات إسرائيلية قد تقع "في أي وقت وأي مكان"البابا والملفّ اللبناني.. هل تشكّل زيارته حاجزًا أمام التصعيد الإسرائيلي؟ قنبلة لم تنفجر.. وطلب أمريكي

في سياق متصل بالعملية ذاتها، أفادت وسائل إعلام لبنانية بأن الولايات المتحدة طلبت من لبنان إعادة قنبلة GBU-39 التي أطلقها سلاح الجو الإسرائيلي نحو بيروت خلال الضربة نفسها ولم تنفجر. وبحسب التقارير، تخشى واشنطن وقوع القنبلة في يد روسيا أو الصين.

قنبلة GBU-39، المنتَجة من شركة بوينغ، تُعد سلاحًا انزلاقيًا يفتح أجنحته بعد الإطلاق لينزلق لمسافة تصل إلى 110 كيلومترات رغم غياب أي محرك، ما يسمح للطائرة التي أطلقتها بالبقاء خارج نطاق الدفاعات. وهي أيضاً منخفضة الكلفة نسبياً (حوالي 50 ألف دولار)، واستُخدمت للمرة الأولى عام 2006، وتم تطويرها للاستفادة من حواضن الأسلحة الداخلية لطائرة F-35 التي تستطيع حمل ثماني قنابل منها مع المحافظة على صعوبة رصدها.

انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة

مقالات مشابهة

  • رئيس الوزراء يتابع توافر الاحتياطي الإستراتيجي من المنتجات البترولية وموقف سداد مستحقات الشركاء الأجانب
  • مقال في غارديان: لماذا يركز ترامب على إهانة الصحفيات؟
  • متوسط ديون الأسرة الأمريكية يفوق 100 ألف دولار مع ارتفاع التضخم
  • ارتفاع معدل التضخم في فرنسا بنسبة 0.8% خلال نوفمبر
  • التضخم في ألمانيا يقفز خلال نوفمبر لأعلى مستوى في 9 أشهر
  • المواطن يترقب استقرار سعر الصرف وخفض التضخم وأسعار السلع
  • ما الذي حدث عند الساعة 2:43؟.. طيّار إسرائيلي يكشف كواليس اغتيال رئيس أركان حزب الله
  • عاجل | ارتفاع سعر الذهب الآن 10 جنيهات في محلات الصاغة
  • ارتفاع ضحايا حريق هونج كونج الى 128 شخصا و200 مفقود
  • يونامي: هجوم كورمور يرسل رسائل سلبية ضد النظام الفيدرالي العراقي