محمد نجيم (الرباط)

أخبار ذات صلة «بودكاست» جديد في «اللوفر أبوظبي» أحمد السعدني.. أستاذ جامعي «في الخيال»

«التخييل الذاتي والولع بأكاذيب أدبية أخرى»، كتاب قيّم لمؤلفه الناقد الفرنسي فنسنت كولونا الذي يعتبر من النقاد الأوائل الذين اهتموا بالكتابة عن الذات، وافتتحوا سلسلة من الدراسات عن هذا النوع في الكتابة، حيث ستظهر لاحقاً مجموعة من الأعمال النقدية عن التخييل الذاتي مع فيليب غاسباريني، وإيزابيل غريل، وكوهين دوريت، ولوران جيني، وجاك لوكارم وآخرين.


ولا ريب أن الناقد الفرنسي فنسنت كولونا بنشره لهذا المصنف النقدي الذي يعد حقاً، بحسب مترجمه محمد الجرطي، مرجعاً أساسياً في إشكالية التخييل الذاتي، قد أتاح لغيره من النقاد أن يفتتحوا دروباً جديدة في دراسة الكتابة عن الذات التي خيَّمت على الآداب شرقاً وغرباً. ولعل الباعث الأساس الذي دفع محمد الجرطي إلى ترجمة هذا الكتاب إلى اللغة العربية يتمثل أساساً في خلو المكتبات العربية من مراجع أجنبية في التخييل الذاتي الذي تصَدّر المشهد النقدي منذ ثمانينات القرن المنصرم.
لقد طُرح مصطلح «التخييل الذاتي» عند استخدامه لأول مرة من طرف الكاتب سيرج دوبروفسكي في عمله «ابن»، سنة 1977 إشكالات عدة تتعلق بطبيعة السرد وعلاقة ضمير الأنا المتكلم الواقعي بالتخييل، ذلك أن من سمات التخييل الذاتي أن يكون اسم المؤلف الحقيقي مطابقاً لاسم الشخصية – البطل، وهو ما يجعل سؤال التخييل في العمل الأدبي قائماً باعتباره حكاية من نسج الخيال تحاكي الواقع الذي يستمد منه الكاتب أحداث متنه الأدبي. يوازي العمل التخييلي للكاتب واقعه المعيش، وتتسرب إلى النص الأدبي أشياء واقعية من سيرة الكاتب وحياته، فيجتاز بذلك عتبة الخيال ليُشخّص الواقع وتتشكل اللغة كوعاء ناقل لكينونة الكاتب وماضيه من خلال التذكر والحكي الاستعادي وتأويل الذكريات وتَمَثلها، وبالتالي تبقى المطابقة بين الاسم الحقيقي للمؤلف والشخصية – السارد للأحداث في التخييل الذاتي وسيلة تعكس مرجعية الواقع المعيش.
النوع الروائي
يوضح الناقد فنسنت كولونا في المقدمة الاستهلالية لهذا الكتاب «التخييل الذاتي والولع بأكاذيب أدبية أخرى»، أن التخييل الذاتي ينطوي على مقومات النوع الروائي، لكنه يجنح نحو لغة الإبداع الأدبي التي تختزن في ثناياها دفق التخييل والتذكر والتأويل. وهكذا يجمع هذا الشكل الأدبي جانباً من الصدق يتمثل في المطابقة بين الاسم الحقيقي للمؤلف وقرينه السارد الذي يجسد الذات في مغامرة لغوية قائمة على التخييل، الشيء الذي يكشف عن مأزق فيما يخص تجنيس هذا الشكل في الكتابة. فالتخييل الذاتي تعبير لغوي يكشف عن تصور ذهني للذات.
يرى المترجم محمد الجرطي، أن التخييل الذاتي ينهل من جنس الرواية الطابع التخييلي بكل ما يتيحه من إمكانيات في صوغ الأحداث وتجسيد الشخصيات وبناء الفضاء، كما ينهل من جنس السيرة الذاتية الحق في التعبير عن الذات ومرجعها الواقعي، إذ تتأسس الأنا المبدعة لتصبح مركز الأحداث وقطب التجربة الوجودية للكاتب.
يقول المترجم: «إن فنسنت كولونا يوضح بأننا مدينون للكاتب سيرج دوبروفسكي بخلق هذا المصطلح الذي يتيح لنا تحديد النشاط الأدبي الذي يضفي طابع التخييل على الذات في عالم الأدب. لقد كان الأمر في تصور سيرج دوبروفسكي مجرد مسألة تسمية شكل غير مسبوق في السيرة الذاتية. لكن سرعان ما سيكشف التخييل الذاتي عن ثراء على نطاق أوسع، حيث يعمد إلى تحديد جنس عمل أدبي غريب تماماً عن مشروع السيرة الذاتية. وهكذا فعلى نقيض السيرة الذاتية التي تبقى حكراً على الشخصيات العظيمة، يبقى التخييل الذاتي ملاذاً للحيوات العادية».
ويشير محمد الجرطي إلى إشكالية التخييل الذاتي، فقد أصبح يحظى بحضور قوي في الكتابة السردية العربية وفي النقد العربي المعاصر، حيث صدرت في مجاله ترجمات ودراسات نقدية عدة مع ثلة من الباحثين في المغرب: محمد الداهي، وسعيد جبار، وحسن لشكر، وزهور كرام، ولطيفة لبصير، وفي تونس مع جليلة الطريطر، وسلوى السعداوي. وبطبيعة الحال ثمة دراسات أخرى متفرقة في بلدان عديدة في العالم العربي.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الآدب اللغة العربية الخيال السیرة الذاتیة

إقرأ أيضاً:

جامعة قناة السويس تعزّز دورها المجتمعي بسلسلة ندوات توعوية وتربوية تستهدف طلاب المدارس

نظمت إدارة الاتصالات والمؤتمرات بقطاع خدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة قنا السويس، مجموعة من الفعاليات التوعوية والتربوية المتخصصة بالتعاون مع مديرية التربية والتعليم ومديرية التضامن الاجتماعي، وبمشاركة نخبة من أساتذة الجامعة في إطار رسالتها لدعم المجتمع وتعزيز الوعي لدى الطلاب والنشء.

وانطلقت الفعاليات تحت إشراف الدكتورة فاتن العليمي عميد كلية السياحة والفنادق، وبإشراف تنفيذي من الدكتورة سمر مصلح وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، وذلك بمدرسة مكة المكرمة الخاصة للغات، حيث قدّم الدكتور محمود أحمد سلامة المدرس بكلية السياحة والفنادق بقسم إدارة الفنادق محاضرة استهدفت 38 طالبًا وطالبة حول الثقة بالنفس وتطوير الذات. وتناول خلالها الفرق بين احترام الذات والثقة بالنفس والغرور، والتمييز بين الثقة الإيجابية وبين الغرور الذي يعيق بناء شخصية ناجحة، بالإضافة إلى تعداد الطرق التي تعزز الثقة بالنفس، واستراتيجيات عملية تساعد الطلاب على تطوير قدراتهم في التواصل الفعّال، وإعادة صياغة التعبيرات السلبية إلى إيجابية، إلى جانب تعزيز التفكير الإيجابي واستخدام اللغة المحفزة. وعُقدت الندوة بالتعاون مع إدارة المشاركة المجتمعية بمديرية التربية والتعليم.

كما نُظمت ندوة بمدرسة الشاطئ الإعدادية بنات تحت إشراف الدكتور مدحت صالح عميد كلية التربية، والدكتورة نهلة صابر تاوضروس وكيل الكلية لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، قدّمها الدكتور طارق علي محمود المدرس بقسم الصحة النفسية والإرشاد النفسي بكلية التربية، واستهدفت 40 طالبة حول مشكلات الأطفال والمراهقين وإرشادهم. وتناول خلالها تعريف المشكلات السلوكية في مرحلتي الطفولة والمراهقة، والأسباب الأسرية والاجتماعية المؤدية لهذه المشكلات، وطرق الوقاية منها بما يشمل مشكلات التنمر والعناد والكذب والعنف والسرقة وغيرها. كما استعرض دور المؤسسات التربوية في الوقاية والعلاج، وعُقدت الندوة بالتعاون مع إدارة المشاركة المجتمعية بمديرية التربية والتعليم.

وفي دار الرحمة للبنات، قدّمت الدكتورة عمرو مصطفى المدرس بكلية التربية ندوة بعنوان «كيف أحب نفسي وأهتم بها... رحلة جميلة مع ذاتك»، وتطرقت خلالها إلى معنى حب الذات باعتباره احترامًا للنفس وليس أنانية، والتأكيد على قيمة الإنسان كما ورد في القرآن الكريم، مع تقديم خطوات عملية لحب الذات، وتنمية الحديث الداخلي الإيجابي، والاهتمام بالمظهر البسيط، ووضع الحدود الشخصية، والعفو عن النفس وتجاوز الماضي، والاهتمام بالصحة النفسية والجسدية، إضافة إلى تناول أثر العلاقات الداعمة على بناء الذات. وشهدت الندوة أنشطة تفاعلية ومسابقة للحضور مع تقديم هدايا للفائزات، وتم تنظيمها بالتعاون مع مديرية التضامن الاجتماعي.

كما قدّمت الأستاذة مادلين فيكتور مدير إدارة العلاقات العامة بالهيئة العامة للتأمين الصحي الشامل ندوة موسعة حول الخدمات المقدمة من منظومة التأمين الصحي الشامل، وتناولت فيها طبيعة الخدمات المقدمة للنزيلات، والأوراق المطلوبة للانضمام للمنظومة، وأهمية تطبيق نظام التأمين الصحي الشامل، إضافة إلى شرح مزايا وأهداف هذه المنظومة الوطنية.

وتعكس هذه الفعاليات التزام جامعة قناة السويس بدورها المجتمعي في دعم الطلاب والنشء، ونشر الوعي، وتقديم برامج نوعية تعزز بناء الشخصية المتوازنة والقدرات النفسية والاجتماعية لدى الأجيال الجديدة.

مقالات مشابهة

  • العمانية للكتاب والأدباء تحتفي بالفائزين بجائزتها للإبداع الأدبي والإنجاز الثقافي في دورتها الـ15
  • "صحح مفاهيمك".. ثقافة القاهرة تنظم لقاءات توعوية متنوعة
  • مديرية باجل.. نموذج تنموي واعد لتعزيز الاكتفاء الذاتي في الإنتاج المحلي
  • جامعة قناة السويس تعزّز دورها المجتمعي بسلسلة ندوات توعوية وتربوية تستهدف طلاب المدارس
  • مناورات عسكرية جوية بين قوات الدفاع الذاتي اليابانية والجيش الأمريكي
  • التصديق على منح التراخيص لبناء 764 وحدة استيطانية في الضفة
  • المصادقة على منح التراخيص لبناء 764 وحدة استيطانية في الضفة
  • «سبع قمم» رحلة تقود لاكتشاف الذات
  • تتويج الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في دورتها الـ11
  • التعادل يحسم الشوط الأول بين بايرن ميونخ وسبورتنج لشبونة بدوري أبطال أوروبا