تناول تقرير لوكالة "بلومبرغ" الأزمة المتفاقمة في ليبيا بعد إطاحة حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس (غرب) بمسؤول البنك المركزي الصديق الكبير الوصي على ثروة النفط الهائلة في الدولة العضو في منظمة أوبك، ما أشعل مواجهة جديدة، حيث أمرت الحكومة المنافسة في الشرق بوقف إنتاج النفط الخام، ما أدى إلى اضطراب بأسواق الطاقة العالمية.



سنين الإهمال والانقسام
وذكرت الوكالة، أن مؤسسات الدولة الليبية ضعفت خلال حكم القذافي الذي دام 42 عاما، وترك الإطاحة به فراغا ملأته ميليشيات عديدة، وكثير منها قائم على الانتماءات القبلية، كما نشأ انقسام بين غرب البلاد الأكثر ثراء والشرق، موطن معظم إنتاج البلاد من النفط.

وعقب الانتخابات التي جرت عام 2014، انقسمت ليبيا إلى نصفين، وحصلت معارك مسلحة بين قوات تابعة للحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة ومقرها العاصمة طرابلس في غرب البلاد، مع قوات تتبع للقائد العسكري، خليفة حفتر، وتحالف من القوات والمقاتلين غير النظاميين المعروفين باسم الجيش الوطني الليبي في الشرق.

كما حاولت قوات تتبع للمشير خليفة حفتر في نيسا/ أبريل عام 2019 اقتحام العاصمة طرابلس، وحدثت اشتباكات عنيفة استمرت لأشهر طويلة.

وأدى وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه بوساطة دولية في تشرين الأول/ أكتوبر 2020 إلى تشكيل حكومة انتقالية جديدة برئاسة رئيس الوزراء، عبد الحميد الدبيبة، الذي كان من المفترض أن يقود البلاد إلى تصويت ديمقراطي في العام التالي.

وتابعت الوكالة في تقريرها، أنه بعد فترة وجيزة، حصلت موجة من النزاعات القانونية حول المرشحين المثيرين للجدل، بما في ذلك أحد أبناء القذافي، حيث فشلت الانتخابات الموعودة، وظل الدبيبة رئيسا للوزراء في طرابلس.

وأعاد الدبيبة تأسيس وزارة النفط في عام 2021 لتحقيق قدر أكبر من الرقابة على شركة النفط الوطنية، وتمت الإطاحة برئيس الشركة، الذي تسلمها لفترة طويلة.

وبحسب الوكالة، فقد كانت إدارة قطاع النفط الليبي محاطة بعدم اليقين منذ ذلك الحين، حيث تعرض مسؤولون لتعليق مفاجئ وتحقيقات في سلوكهم.



الأزمة الأخيرة
وتحتوي ليبيا على أكبر احتياطيات نفطية مؤكدة في أفريقيا، وقد ضخت 1.2 مليون برميل يوميا خلال العام الماضي، مما يجعل البنك المركزي الذي يدير الإيرادات، مؤسسة مهمة للإدارات المتنافسة في ليبيا.

اندلع نزاع طويل الأمد بين محافظ المصرف، الصديق الكبير، والدبيبة في العلن في منتصف آب/أغسطس عندما أمرت السلطات في طرابلس بتغيير كامل للإدارة ثم سيطرت على البنك.

ووصف الكبير، الذي قاد البنك منذ عام 2012 وكان يواجه انتقادات بشأن إدارته للأموال، هذه الخطوة بأنها غير شرعية.

وقد عزز الكبير العلاقات مع شرق ليبيا، وحذر رئيس البرلمان في الشرق، عقيلة صالح، من أن "عائدات النفط لن تتدفق إلى أيدي غير جديرة بالثقة". في 26 أغسطس، أعلنت الإدارة الشرقية أنها علقت إنتاج وتصدير كل النفط الليبي ردا على إقالة الكبير، التي وصفها حفتر بأنها غير شرعية.

وقالت "بلومبرغ" إن المواجهة جاءت بعد فترة من التوترات المتزايدة. ففي وقت سابق من الشهر الجاري، عندما علق أكبر حقل نفطي في البلاد، الشرارة، الإنتاج، فيما وصفت طرابلس ذلك بأنه عمل من أعمال "الابتزاز السياسي".

وتابعت، "كثيرا ما تستخدم عمليات إيقاف إنتاج النفط في ليبيا لأجل مطالب سياسية. ووفقا لشركة فيريسك مابلكروفت الاستشارية للمخاطر، تم إغلاق حقل الشرارة 28 مرة على الأقل منذ عام 2011".

كما أدى حشد الجماعات المسلحة إلى زيادة التوتر، فقد نقل نجل حفتر، صدام، قوات نحو الجنوب الشرقي، وهي منطقة خاضعة رسميا لسيطرة طرابلس بحسب الوكالة.

في حين وحد الدبيبة القوات في طرابلس وأجهزة الأمن في قوة شرطة واحدة مكلفة بتأمين العاصمة.

وقال المبعوث الأممي إلى ليبيا يوم 20 أغسطس إن الوضع السياسي والعسكري والأمني "تدهور بسرعة كبيرة" خلال الشهرين الماضيين.



وأعلنت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عزمها عقد اجتماع "طارئ" لحل أزمة البنك المركزي، التي تسببت بتوتر سياسي أدى إلى وقف سلطات شرق البلاد إنتاج النفط وتصديره.

وأكدت البعثة في بيان، ليل الاثنين الثلاثاء، عزمها عقد "اجتماع طارئ" بحضور الأطراف المعنية بالأزمة "للتوصل إلى توافق يستند إلى الاتفاقات السياسية والقوانين السارية، وعلى مبدأ استقلالية المصرف المركزي وضمان استمرارية الخدمة العامة".

وكانت سلطات الشرق أعلنت، الاثنين، وقف إنتاج النفط وتصديره حتى إشعار آخر، احتجاجا على قيام الحكومة المعترف بها دوليا في طرابلس (غرب) بالسيطرة على مقر المصرف المعني بإدارة عائدات النفط، وإعفاء محافظه.

وأعلنت الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب ومقرها بنغازي (شرق)، "حالة القوة القاهرة على جميع الحقول والموانئ النفطية، وإيقاف إنتاج وتصدير النفط حتى إشعار آخر".

وجاء ذلك ردا على سيطرة "لجنة تسليم واستلام الصلاحيات"، المعينة من قبل المجلس الرئاسي في طرابلس على مقر المصرف، وتمكين مجلس إدارة جديد بدلاً من المحافظ المقال الصديق الكبير.

وأعربت البعثة الأممية في بيانها عن "عميق أسفها لما آلت إليه الأوضاع في ليبيا جراء القرارات أحادية الجانب"، محذرة من أن التمسك بها "سيعرض ليبيا لخطر الانهيار المالي والاقتصادي".

ودعت الأطراف السياسية إلى "تعليق العمل بكل القرارات الأحادية" المتعلقة بالمصرف، و"الرفع الفوري للقوة القاهرة عن حقول النفط"، وضمان "سلامة موظفي المصرف المركزي، وحمايتهم من التهديد والاعتقال التعسفي".

من جانبها، أيدت الولايات المتحدة المبادرة، وحثت السفارة الأمريكية لدى طرابلس في بيان كل الأطراف على "اغتنام هذه الفرصة" بعدما أدت التوترات لـ"تقويض الثقة في الاستقرار الاقتصادي والمالي في ليبيا".

كما اعتبرت أن "ترهيب موظفي البنك المركزي" مثير للقلق، داعية إلى محاسبة المسؤولين "بشكل صارم".



ويشرف البنك المركزي الليبي على إدارة إيرادات النفط وميزانية الدولة ليتم بعد ذلك إعادة توزيعها بين المناطق المختلفة بما فيها الشرق. وبفضل فترة الهدوء مؤخرا، ارتفع الإنتاج إلى حوالى 1.2 مليون برميل يوميا.

ويتولى الصديق الكبير منصب محافظ المصرف المركزي منذ 2012، ويواجه انتقادات متكررة بشأن إدارته إيرادات النفط الليبي وموازنة الدولة، من شخصيات بعضها مقرب من الدبيبة.

ويحظى محافظ البنك المركزي بثقة مجلس النواب الذي جددها قبل أيام، معتبرا أن المجلس الرئاسي في طرابلس لا يملك صلاحية تعيين المحافظ أو إقالته.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الأزمة ليبيا طرابلس الصديق الكبير النفط حفتر ليبيا النفط طرابلس حفتر الأزمة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة البنک المرکزی الصدیق الکبیر النفط اللیبی إنتاج النفط فی طرابلس فی لیبیا

إقرأ أيضاً:

موعد اجتماع البنك المركزي المصري 2025 المقبل.. هل تنخفض أسعار الفائدة؟

يترقب ملايين المواطنين والمستثمرين في مصر موعد اجتماع لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، المقرر انعقاده يوم الخميس 22 مايو 2025، وسط حالة من الترقب والقلق بسبب التأثير الكبير الذي تتركه قرارات أسعار الفائدة على القروض، المدخرات، وسوق السلع والخدمات.

موعد اجتماع البنك المركزي وسط تحديات التضخم

- يأتي اجتماع البنك المركزي المصري في ظل ارتفاع معدل التضخم الأساسي السنوي إلى 10.4% في أبريل 2025، مقارنةً بـ9.4% في مارس، فيما بلغ التضخم الشهري 1.2% مقابل 0.9% الشهر السابق، وتُعَد هذه المؤشرات الاقتصادية عاملاً رئيسيًّا مؤثرًا على قرار اللجنة، التي يجب أن توازن بين دعم النمو الاقتصادي والحفاظ على استقرار الأسعار.

ما التوقعات المتباينة حول قرار الفائدة؟

- خفض جديد للفائدة: يعتقد بعض المحللين أن الظروف الاقتصادية تدعم خطوة خفض إضافي لأسعار الفائدة، خصوصًا مع تراجع معدل التضخم العام في أبريل، مما يعكس نجاح سياسات البنك المركزي السابقة في ضبط الأسعار وتحفيز الاقتصاد.

- تثبيت الفائدة أو خفض محدود: في المقابل، يتوقع خبراء آخرون تثبيت أسعار الفائدة أو إجراء خفض محدود، مشيرين إلى أهمية تقييم تأثيرات التخفيض السابق الذي حدث في أبريل 2025 قبل اتخاذ خطوات جديدة، لا سيما في ظل التقلبات الاقتصادية العالمية والمحلية.

البنك المركزي المصري ما العوامل المؤثرة في قرار السياسة النقدية؟

- معدل التضخم: ارتفاع التضخم إلى 10.4% يشكل ضغطًا على البنك لاتخاذ إجراءات صارمة قد تتضمن رفع الفائدة للحدِّ من الزيادة في الأسعار.

- الوضع الاقتصادي العالمي: التوترات الجيوسياسية والضغوط الاقتصادية تلعب دورًا في تحديد توجه البنك المركزي للحفاظ على التوازن بين دعم النمو والحفاظ على استقرار السوق.

- سعر صرف الجنيه: تذبذب سعر الصرف يُلقي بظلاله على قرارات البنك المركزي، مع ضرورة الحفاظ على استقرار العملة المحلية.

تأثير قرارات الفائدة على الاقتصاد المصري

تؤثر قرارات البنك المركزي بشكل مباشر على: تكلفة الاقتراض، معدل التضخم، وسعر صرف الجنيه المصري، حيث يهدف البنك إلى خفض التضخم إلى 12% بحلول نهاية 2025، مع دعم القطاعات الإنتاجية الحيوية مثل «الصناعة والسياحة»، في ظل تحديات مرتبطة بتراجع إيرادات قناة السويس بسبب الاضطرابات الإقليمية.

خلفية الاجتماع السابق وتأثيره

- شهد اجتماع لجنة السياسة النقدية في 17 أبريل 2025 خفضًا مفاجئًا للفائدة بمقدار 225 نقطة أساس «2.25%»، وهو أول خفض منذ 2020، ليصل سعر الفائدة إلى 25% للإيداع و26% للإقراض.

- جاء القرار بعد تراجع التضخم السنوي إلى 12.8% في فبراير، ما اعتبره البنك مؤشرًا على نجاح سياساته الانكماشية السابقة، وبدأ دورة التيسير النقدي لتحفيز الاقتصاد.

- يبقى اجتماع 22 مايو المقبل نقطة فاصلة في مسار السياسة النقدية في مصر خلال 2025، إذ سيعكس القرار قراءة دقيقة للبيانات الاقتصادية ومدى التوازن بين ضرورة خفض التضخم وتحفيز النمو الاقتصادي في آن واحد.

اقرأ أيضًاسعر الدولار اليوم الخميس في مصر.. في البنك المركزي بكام؟

موعد اجتماع البنك المركزي القادم 2025.. هل يخفض سعر الفائدة؟

ما هو آخر تحديث لـ سعر الذهب الجمعة 16 مايو 2025؟

مقالات مشابهة

  • عاجل.. البنك المركزي هل يخفض الفائدة من جديد؟
  • محافظ البنك المركزي يستقبل وفد صندوق النقد الدولي
  • مؤسسة النفط: إنتاج أكثر من 1.38 مليون برميل نفط خلال 24 ساعة
  • مؤسسة النفط: إنتاج وتصدير النفط والغاز يسير بشكل طبيعي
  • موعد اجتماع البنك المركزي المصري 2025 المقبل.. هل تنخفض أسعار الفائدة؟
  • مؤسسة النفط تعلن معدلات الإنتاج خلال 24 ساعة: أكثر من 1.37 مليون برميل نفط خام
  • «المرداس»: الدبيبة قرأ المشهد بشكل خاطئ.. وأدخل القوى في صراع مع بعضها
  • “رئيس شركة الخليج” يبحث مع مراقبي الحقول إنتاج النفط والصيانة ومصاريف التشغيل
  • صادرات النفط.. شريان الاقتصاد اليمني المتوقف
  • البنك المركزي: تخصيص رقم للشكاوى والاستفسارات بشأن دولار المسافر الخاص بالحج