غزة - مدلين خلة خاص صفا

"اليوم بدي أروح أعبي مي حلوة ومالحة، بعدها أروح على السوق أجيب أغراض البيت، وأساعد ماما".

مذكرات طفل لم يتجاوز ١١ عامًا، لتضع وصمة عار على جبين من يزعمون الإنسانية؛ فيما جيل كامل من مئات الآلاف من أقران مهدي حسونة كان ولا زال جلب الماء لذويه على رأس مهامه اليومية للشهر الحادي عشر على التوالي.

مهدي، "شمعة الدار الأولى" كما أطلق عليه والده، فقد كان من أبسط أمنياته أن يبقى حيًا وسط شلال من المجازر بلغت أكثر من 3500 مجزرة حتى كتابة قصة الطفل.

في أواخر أيام أغسطس الماضي، دوّى صوت انفجارات متتالية، توقف معها قلب غزة وككل مرة تعلو أصوات عربات الإسعاف ولكن يبدو الأمر مختلفا فتلك الانفجارات سلبت أكثر من 200 حلم وحياة غالبيتهم من الأطفال وأمهاتهم.

فحجم الدمار أبقى والد العائلة والذي لم يكن متواجدًا بالمنزل وقتها يقف دون حراك، حتى بدأت الطواقم المختصة بانتشال المصابين فكان أطفاله بينهم نار هدأت للحظة ثم ما فتئت الا أن ثارت ثورتها عندما لم يخرج "شمعة الدار الاولى، ووالدته" من تحت الركام.

"انتُشل محمد وأمير وغنى وضحى وعلي، مصابين من تحت الركام، وبقينا طويلا ننتظر انتشال صغيرنا وزوجتي، إلا أن روحهما فاضت، فأمه لشدة تعلقها فيه أخذته وتركت خمسة وراءها".

يتابع الوالد المكلوم حديثه ل"صفا"، "كان مهدي ذكيا نجيبا متميزا عن أقرانه، يحب كرة القدم ويحلم أن يصبح بطلا في الكونج فو، وسار على تحقيق حلمه فحصل على الحزام الأسود".

"غياب مهدي ترك فراغًا هائلاً وألمًا عميقًا"، فما بين لحظة وطرفة عين تحولت الضحكات التي علت طوابق عمارة التاج 3 في وسط غزة إلى حزن يخيم على 200 عائلة تقريبًا فقدت أحبتها في تلك الغارة.

يتابع حسونة حديثه:"في شهور العدوان، لم نكن نخطط للنزوح خارج المدينة، فكان مهدي يدوّن مذكراته الصغيرة، فكتب عن الحرب ويوم ميلاده".

وبحسب والده، فقد حرص مهدي على تدوين كل صغيرة وكبيرة بدفتره المغبرّ. "كان على قدر عالي من المسؤولية، كان رجل البيت الصغير".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: غزة طوفان الأقصى

إقرأ أيضاً:

غزة المنكوبة.. عشرات الآلاف من المفقودين تحت الركام وصمت دولي يفاقم المأساة

يمانيون |

بعد ساعات قليلة من سريان اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، بدأت تتكشف ملامح كارثة إنسانية تفوق الوصف، إذ ما تزال عشرات الآلاف من الجثامين والمفقودين تحت أنقاض المنازل والمباني المدمّرة التي سوّاها العدوان الصهيوني بالأرض خلال عام من القصف الوحشي.

وأكّد المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسراً أنّ حجم الفاجعة غير مسبوق في التاريخ الحديث، موجّهاً نداء استغاثة عاجلاً إلى المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لإرسال فرق فنية ومعدات إنقاذ متخصصة للمساعدة في انتشال الجثامين ورفع الركام.

أرقام مفزعة تتجاوز حدود الخيال

التقديرات الأممية والحقوقية تكشف عن مأساة أكبر مما هو معلن رسميًا.

فبحسب الأمم المتحدة والمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، يتراوح عدد المفقودين بين 8,000 و11,000 شخص، معظمهم من النساء والأطفال.

أما المرصد الأوروبي لحقوق الإنسان، فأشار إلى أن أكثر من 13,000 شخص ما زالوا تحت الأنقاض أو دُفنوا في مقابر جماعية مجهولة الهوية.

وفي تقرير أكثر فداحة، أكدت منظمة أنقذوا الأطفال أن ما بين 17,000 و21,000 طفل هم في عداد المفقودين، وهو رقم يعكس حجم الإبادة التي تعرّضت لها الطفولة في غزة.

كما أشار مركز الإحصاء الفلسطيني إلى وجود ما بين 6,000 و8,000 مفقود خارج التصنيف الرسمي، ما يجعل العدد الفعلي للمفقودين يفوق التقديرات الموثقة بكثير.

تعدد أسباب الفقدان.. وغياب الإمكانيات

وتنوّعت أسباب الفقدان بين الدفن تحت الركام نتيجة الغارات المباشرة، أو التهجير القسري من المناطق المستهدفة، أو استخدام المدنيين كدروع بشرية من قبل العدو الصهيوني، إضافة إلى الاعتقالات السرية التي لا يُعرف مصير أصحابها.

ويواجه عمال الإنقاذ وأهالي الضحايا استحالة شبه تامة في عمليات البحث والانتشال، بسبب حجم الدمار الهائل وانعدام المعدات الثقيلة، ما اضطر كثيراً من الأهالي إلى الحفر بأيديهم، ليستشهد بعضهم أثناء محاولاتهم اليائسة لإنقاذ أحبّتهم من تحت الأنقاض.

وفي ظل العجز الكامل للبلديات والمؤسسات المحلية أمام ملايين الأطنان من الركام، وجّه المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسراً نداءً إنسانياً عاجلاً إلى الأمم المتحدة والدول الحرة للتدخل الفوري.

وشدد المركز على أن استمرار التقاعس الدولي يُعد “جريمة مضاعفة” تضاف إلى سجل العدوان، إذ يترك آلاف العائلات معلقة بين الأمل واليأس لمعرفة مصير أبنائها، في وقت يُغلق فيه العدو المعابر ويمنع دخول فرق الإغاثة والمعدات اللازمة.

وجع لا ينتهي

المشاهد القادمة من غزة تختصر حجم المأساة : آباء وأمهات يجوبون بين أنقاض أحيائهم المدمرة، يرفعون الحجارة بدموعهم، ويبحثون عن بقايا حياة في صمت القبور.

إنها لحظة تتجاوز الحزن إلى العار الإنساني، كما وصفها ناشطون حقوقيون، حيث يقف العالم متفرجاً أمام جريمة إبادة كاملة تمارس بحق شعب بأكمله.

ويجمع مراقبون على أن ما يجري في غزة اليوم ليس فقط مأساة إنسانية بل وصمة عار تاريخية، تكشف أن العدوان الصهيوني لم يترك حجراً ولا قلباً إلا ودمّره، فيما يبقى العالم عاجزًا عن انتشال ضميره من تحت الركام.

مقالات مشابهة

  • غزة.. حرب الإبادة تُخلّف 60 مليون طن من الركام و80 % من السكان فقدوا منازلهم
  • لاعب إماراتي يشعل تفاعلاً.. هذا ما فعله مع والدته بعد الفوز على سلطنة عُمان
  • الصغير: «العلاج أولى»… ولا تعارض مع الإعمار والتنمية
  • غزة المنكوبة.. عشرات الآلاف من المفقودين تحت الركام وصمت دولي يفاقم المأساة
  • موت الصغير .. الإفتاء تزف بشرى عظيمة للوالدين جزاء لاحتسابهما
  • من الخيام إلى الركام.. ولكنهم يعودون
  • غزة تنفض الركام.. أكثر من 5 آلاف مهمة حكومية خلال 24 ساعة لإعادة الحياة للقطاع
  • سعد الصغير يكشف سرا عن عمر كمال.. ما هو ؟
  • سعد الصغير يكشف سرا عن عمر كمال.. ما هو؟
  • غزة: عودة إلى الركام.. 300 ألف منزل مدمر و53 مليار دولار للإعمار