لجريدة عمان:
2025-06-26@16:19:42 GMT

في عصر لا يعرف البطولة.. هؤلاء هم أعظم الأشرار

تاريخ النشر: 1st, September 2024 GMT

ترجمة: أحمد شافعي

يصعب أن تتزعزع فكرة القرن التاسع عشر القائلة بأن عظماء الرجال -من أصحاب المواهب والشجاعة والشخصيات الاستثنائيةـ هم الذين يوجهون دفة التاريخ ويغيرونه بالقوة المحضة الكامنة في عبقرياتهم وذواتهم. فقد بقيت تلك الفكرة على الرغم من صعود فكرة المساواة والنظرية الاجتماعية الماركسية وظهور مدرسة (إي بي طومسن) في ستينيات القرن العشرين الداعية إلى التسوية وكتابة «التاريخ من أسفل إلى أعلى».

كان الفيلسوف الإسكتلندي توماس كارلايل يرى الشخصيات من أمثال أرسطو ويوليوس قيصر ونابليون ومارتن لوثر والنبي محمد [صلى الله عليه وسلم] أبطالا بارزين في عصورهم استطاعوا أن يغيروا العالم من حولهم تغييرا أساسيا ودائما. وكان يرى أن جموع البشر لا يملكون إلا أن يكتفوا بالمشاهدة والعجب والإعجاب والاتباع المذعن لصناع التاريخ العالمي أولئك، صناعه من أعلى إلى أسفل، ومزعزعيه.

وتلك فكرة سقيمة، لكنها مغرية، وطويلة الأمد. ولا يزال بيننا بشر، وأغلبهم رجال، يؤمنون إيمانا حقيقيا بأنهم مخلوقون من طينة أولئك الأبطال، ومن ثم فإن لهم مهمة خاصة، ودعوة، وواجبا مقدسا بالقيادة وتخليص الشعوب والأمم. وهم يحسبون أنهم الأعلم، والأبصر. وهؤلاء تنعدم فيهم الرحمة وتتوافر الغطرسة بما يكفي لأن يفرضوا رؤاهم على الجميع.

لولا أن «عظماء» الرجال في الحقبة الحديثة ليسوا أبطالا على الإطلاق، حسبما يفهم العالم الآن معنى البطولة، إنما هم أضداد الأبطال، أو لمزيد من الدقة، هم الأشرار. وشأن قلة كارلايل المختارة، فإن في أيديهم سلطة كبيرة. لكن خلافا لهم، يستخدمها أولئك المحدثون بلا حكمة، وبأنانية، وبتدمير، مغازلين أحط غرائز البشر، وأهوائهم، ومخاوفهم. وكان أعظم أشرار القرن العشرين سفاحين: هم أدولف هتلر وجوزيف ستالين وماو تسيدونج.

اليوم ثلاثة من أضداد الأبطال المعاصرين يملكون التأثير العالمي المغير للتاريخ، ورؤاهم ورسائلهم وذواتهم المتضخمة وازدراؤهم للحقيقة، وسقمهم، ووحشيتهم الباردة، ليتقدم إذن فلاديمير بوتن وبنيامين نتانياهو ودونالد ترامب، سحرة عالمنا التعيس المتحارب وأشراره.

ما القاسم المشترك بين هذا الثلاثي؟ بوتين، رئيس روسيا، يغزو بلاد الآخرين. وأدى ما حصل في أوكرانيا إلى مقتل ما لا يقل عن أحد عشر ألف شخص غير مقاتل. وأحدث الأهوال المصنَّعة في موسكو تتمثل في القنابل الانزلاقية، المحشوة بخمسمائة وتسعين كيلوجراما من المتفجرات تأتي في صمت، ومن العدم، لتدمر مباني سكنية بأكملها في انفجار واحد. (بالمقارنة، تحتوي قذيفة المدفعية على حوالي 5.9 كجم من المتفجرات). كما أمر بوتين بشن المزيد من الهجمات الجوية المدمرة الأسبوع الماضي.

ثم هناك نتانياهو، رئيس وزراء إسرائيل، الذي يعوق اتفاق وقف إطلاق النار بإصراره على إبقاء قوات الاحتلال في غزة. وفي الأسبوع الماضي، شن «غزوا جديدا» مميتا في الضفة الغربية. وهو يتوق إلى غزو لبنان أيضا. لقد مات أكثر من أربعين ألف فلسطيني، معظمهم من المدنيين، في غزة منذ طوفان حماس في السابع من أكتوبر. وشأن بوتين، ثمة اتهامات لنتانياهو بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.

أما ترامب، المرشح الرئاسي الأمريكي، فهو نوع مختلف، إذ حاول قتل الديمقراطية الأمريكية. وهو يفضل الهرب على الغزو، كما حدث في أفغانستان والعراق والصومال وفنزويلا وكوريا الشمالية. لن يقف ترامب مع أوروبا أو الناتو أو أوكرانيا أو اليابان أو تايوان. لكنه قاتل على الرغم من ذلك، وانظروا إلى اغتياله للجنرال الإيراني قاسم سليماني في عام 2020. وقد تجدَّد توجيه الاتهام لترامب الأسبوع الماضي في محاولة الانقلاب في 6 يناير 2021.

الثلاثة يستغلون وسائل إعلام متحيزة، ويزدهرون على ممارسات الفساد ويستخدمون خطاب التنمر لتحقيق أهدافهم. وشأن الديماجوجيين الصاخبين في الماضي، يستطيع ترامب حشد الغوغاء بمهارة. أما نتانياهو فحسبه الصياح والتهديد. وبوتين يميل إلى الابتسام والهدير ثم البكاء والاختباء عندما تسوء الأمور، كما هو الحال في منطقة كورسك الآن.

إن أضداد الأبطال في يومنا هذا، وما هم إلا محاكاة هزلية سقيمة لـ«الرجال العظماء»، يقوضون القيم العالمية بدلا من أن يعززوها. والثلاثة جميعا يشجعون ظهور المنافسين القوميين المتطرفين، فيفرزون نسخا صغيرة سامة من أنفسهم في جميع أنحاء العالم. وفي النهاية ينجو بوتين بالتلويح بالصواريخ النووية في وجه جو بايدن. ويتسلح نتانياهو بمعاداة السامية. وكاد ترامب ألا ينجو من القتل، لولا أن أنقذته العناية الإلهية.

كيف يمكن إيقاف أمثال هؤلاء الرجال؟ استرضاء الطغاة هو الموقف المعهود من ترامب، لكن استرضاءه هو أشبه بمحاولة لإثارته. وتقديم التنازلات لنتانياهو، كما يفعل الأمريكيون باستمرار، أمر لا يقل حماقة؛ لأنه يأخذ ما يقدَّم إليه ثم يستمر في ما كان يفعله ولا يبالي. أما بوتين العدمي فلا يكاد يعنيه شيء. ولن تنتهي حربه حتى ينتهي هو نفسه.

وهنا تكمن المشكلة، فأضداد الأبطال الثلاثة يتبنون رؤى وطنية كبرى. بوتين يضجرنا بالحديث عن إحياء الإمبراطورية السوفييتية. ويسعى نتانياهو إلى توسيع دولة إسرائيل لتسيطر على كامل فلسطين التاريخية ويسعى إلى تحقيق نصر حاسم في صراع الدولة اليهودية مع إيران والمسلمين. ويريد ترامب أن يعيد عظمة أمريكا، على حساب الجميع.

تلك الأوهام الخطيرة المتعلقة بالمهام والتفويض ونبل القضية، والمرتكزة حول الذات، غير قابلة للتفاوض. ولا مجال للتسوية مع المهووسين. لقد صعد بوتين إلى السلطة على جثث ضحايا الشيوعية في العصر السوفييتي وحتى الآن. ونتانياهو نتاج شرير لمحنة الدم والدموع التي دامت طيلة حياة أمته الناشئة. وصعود ترامب يضرب بجذوره أيضا في العنف، منذ شارلوتسفيل في عام 2017 إلى مبنى الكابيتول في عام 2021. ولن يسكت هؤلاء الرجال إلا بالنفي أو السجن أو الموت. ولن تكون نهاياتهم سعيدة.

ويثير صعود أضداد الأبطال في العصر الحديث سؤالا بديهيا. من هم الأبطال الحقيقيون اليوم، سواء المعترف بهم أم غير المعترف بهم، من الرجال والنساء العظماء حقا الذين يلهمون ويقودون؟

يظهر عن استحقاق كل من الراحل نيلسون مانديلا وأليكسي نافالني المغتال. وكذلك الناشطتان من أجل حقوق المرأة في إيران والفائزتان بنوبل للسلام نرجس محمدي وشيرين عبادي. وأنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، الذي ينهض من الفراش كل يوم ليسعى جاهدا من أجل السلام. الملك تشارلز؟ جريتا ثونبرج؟ تايلور سويفت؟ مدرس الرياضيات في مدرستك؟

سيطرح الجميع مرشحيهم المفضلين، في المجال السياسي وخارجه. غير أن الجميع بالتأكيد يجب أن يتفقوا على أن العالم ينبغي أن يجد طرقا للبقاء والنجاة من عصر أضداد الأبطال. وبمرور الوقت، مثلما حدث مع أشرار التاريخ العظماء، سوف يرحل هؤلاء الثلاثة أيضا.

سايمون تيسدال معلق الشؤون الخارجية في صحيفة أوبزيرفر.

عن الجارديان البريطانية.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

تعميم أوصاف جثة سيّدة تعرّضت لحادث صدم.. هل من يعرف عنها شيئًا؟

صدر عن المديريّة العامّة لقوى الأمـن الدّاخلـي ـ شعبة العلاقات العامّـة البـلاغ التّالـي:

 حوالى السّاعة 14،00 من تاريخ 25-06-2025 تعرّضت سيّدة لحادث صدم في محلّة نفق المدينة الرياضيّة- المسلك الشرقي وفارقت الحياة، وهي في العقد الرّابع من العمر تقريبًا، بيضاء البشرة، شعر رأسها أسود اللون، طولها يُقارب الـ 165 سنتم، ترتدي عباءة قماشيّة سوداء اللون، وسروالًا ملوّنًا. علمًا أنها موجودة حاليًّا في برّاد مستشفى الحريري الحكومي، وليس بحوزتها أيّ مستند يُعرّف عنها، ولا علامات فارقة على جسدها.

لذلك وبناءً على إشارة القضاء المختصّ، تطلب هذه المديريّة العامّة من ذويها أو مِمّن يعرف عنها شيئًا، الاتّصال بمفرزة سير الضّاحية في وحدة الدرك الإقليمي على رقم الهاتف 451062 – 01 لاتّخاذ الإجراءات القانونيّة اللّازمة، تمهيدًا لاستلام الجثّة. مواضيع ذات صلة تعرّض لحادث صدم على أوتوستراد الأسد.. هل من يعرف عنه شيئًا؟ Lebanon 24 تعرّض لحادث صدم على أوتوستراد الأسد.. هل من يعرف عنه شيئًا؟ 26/06/2025 17:29:37 26/06/2025 17:29:37 Lebanon 24 Lebanon 24 أحمد مفقود... هل من يعرف عنه شيئًا؟ Lebanon 24 أحمد مفقود... هل من يعرف عنه شيئًا؟ 26/06/2025 17:29:37 26/06/2025 17:29:37 Lebanon 24 Lebanon 24 رنا خرجت ولم تعد.. هل من يعرف عنها شيئاً؟ Lebanon 24 رنا خرجت ولم تعد.. هل من يعرف عنها شيئاً؟ 26/06/2025 17:29:37 26/06/2025 17:29:37 Lebanon 24 Lebanon 24 سالي غادرت منزلها الزوجي ولم تعُد.. هل من يعرف عنها شيئًا؟ Lebanon 24 سالي غادرت منزلها الزوجي ولم تعُد.. هل من يعرف عنها شيئًا؟ 26/06/2025 17:29:37 26/06/2025 17:29:37 Lebanon 24 Lebanon 24 قد يعجبك أيضاً جنبلاط: كلّ السلاح يجب أن يكون بيد الدولة Lebanon 24 جنبلاط: كلّ السلاح يجب أن يكون بيد الدولة 10:09 | 2025-06-26 26/06/2025 10:09:27 Lebanon 24 Lebanon 24 هدنة طويلة أم تسوية شاملة؟ Lebanon 24 هدنة طويلة أم تسوية شاملة؟ 10:01 | 2025-06-26 26/06/2025 10:01:00 Lebanon 24 Lebanon 24 طرابلس مهددة بتراكم النفايات ابتداءً من الغد Lebanon 24 طرابلس مهددة بتراكم النفايات ابتداءً من الغد 10:00 | 2025-06-26 26/06/2025 10:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 بالفيديو.. إطلاق رصاص كثيف في محيط طريق الجديدة Lebanon 24 بالفيديو.. إطلاق رصاص كثيف في محيط طريق الجديدة 09:57 | 2025-06-26 26/06/2025 09:57:08 Lebanon 24 Lebanon 24 العثور على مسيّرة قديمة في أعالي جبال عكار Lebanon 24 العثور على مسيّرة قديمة في أعالي جبال عكار 09:50 | 2025-06-26 26/06/2025 09:50:58 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة تعويض بـ500 دولار في لبنان.. "مصيبة مالية"! Lebanon 24 تعويض بـ500 دولار في لبنان.. "مصيبة مالية"! 14:30 | 2025-06-25 25/06/2025 02:30:28 Lebanon 24 Lebanon 24 هذا ما حصل عند مدخل المطار.. صورة لـ"نصرالله وخامنئي"! Lebanon 24 هذا ما حصل عند مدخل المطار.. صورة لـ"نصرالله وخامنئي"! 11:47 | 2025-06-25 25/06/2025 11:47:32 Lebanon 24 Lebanon 24 بإطلالة "فاضحة" وفي وضح النهار.. مايا دياب تُثير الجدل في آخر ظهور لها في بيروت (صور) Lebanon 24 بإطلالة "فاضحة" وفي وضح النهار.. مايا دياب تُثير الجدل في آخر ظهور لها في بيروت (صور) 03:53 | 2025-06-26 26/06/2025 03:53:12 Lebanon 24 Lebanon 24 تفاصيل مثيرة عن الطيارين الذين قصفوا إيران.. هكذا عاشوا 37 ساعة في الجو! Lebanon 24 تفاصيل مثيرة عن الطيارين الذين قصفوا إيران.. هكذا عاشوا 37 ساعة في الجو! 13:00 | 2025-06-25 25/06/2025 01:00:00 Lebanon 24 Lebanon 24 معتصم النهار يتحدث عن فنانة مصرية شهيرة.. والأخيرة ترد! (صورة) Lebanon 24 معتصم النهار يتحدث عن فنانة مصرية شهيرة.. والأخيرة ترد! (صورة) 12:35 | 2025-06-25 25/06/2025 12:35:42 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 10:09 | 2025-06-26 جنبلاط: كلّ السلاح يجب أن يكون بيد الدولة 10:01 | 2025-06-26 هدنة طويلة أم تسوية شاملة؟ 10:00 | 2025-06-26 طرابلس مهددة بتراكم النفايات ابتداءً من الغد 09:57 | 2025-06-26 بالفيديو.. إطلاق رصاص كثيف في محيط طريق الجديدة 09:50 | 2025-06-26 العثور على مسيّرة قديمة في أعالي جبال عكار 09:42 | 2025-06-26 بسبب حادث سير.. بلدة قب الياس تخسر ابنتها جويل فيديو بالفيديو.. ماذا يحدث لجسمك بعد انفجار قنبلة نووية؟ Lebanon 24 بالفيديو.. ماذا يحدث لجسمك بعد انفجار قنبلة نووية؟ 04:10 | 2025-06-26 26/06/2025 17:29:37 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد صور حملها العارية.. هكذا ردت الفنانة العربية على الهجوم عليها (فيديو) Lebanon 24 بعد صور حملها العارية.. هكذا ردت الفنانة العربية على الهجوم عليها (فيديو) 23:44 | 2025-06-25 26/06/2025 17:29:37 Lebanon 24 Lebanon 24 بدت مُرهقة.. شاهدوا أول ظهور للفنانة الشهيرة بعد تعرّضها لوعكة صحية أدخلتها المستشفى (فيديو) Lebanon 24 بدت مُرهقة.. شاهدوا أول ظهور للفنانة الشهيرة بعد تعرّضها لوعكة صحية أدخلتها المستشفى (فيديو) 23:24 | 2025-06-22 26/06/2025 17:29:37 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • مكتوم بن محمد: عام هجري جديد نستذكر فيه أعظم رحلة في التاريخ
  • تعميم أوصاف جثة سيّدة تعرّضت لحادث صدم.. هل من يعرف عنها شيئًا؟
  • ماذا يعرف الإنترنت عنّا؟
  • ترامب يدعو بوتين لإنهاء الحرب ويتحدث عن تزويد أوكرانيا بمنظومات باتريوت
  • ترامب: أتوقع إجراء محادثات مع بوتين قريبًا لمناقشة قضية أوكرانيا
  • محافظ المنيا يكرم الأبطال الرياضيين الحاصلين على بطولات عالمية وعربية وإفريقية
  • محافظ المنيا يكرم الأبطال الرياضيين الحاصلين على بطولات عالمية وعربية وأفريقية
  • شوبير: الأهلي سيئ الحظ .. لكن كسب احترام الجميع
  • شوبير: الأهلي كسب احترام الجميع في كأس العالم للأندية
  • 5 ناشئين من الزهور يشاركون مع منتخب مصر في بطولة العالم للخماسي الحديث