كرس الاحتلال الإسرائيلي سياساته الاستيطانية في غور فلسطين، بهدف تهجير الفلسطينيين من أراضيهم والاستيلاء على المنطقة بالكامل للاستئثار بثرواتها والحفاظ على عمق إستراتيجي أمني باعتبارها خط الدفاع الشرقي له في الحدود مع الأردن .

أساس السياسة الإسرائيلية في الأغوار، كما في باقي فلسطين، يتركز حول الأرض، فالمنطق الصهيوني "أرض أكثر وعرب أقل"، ويشكل هذا المدخل فهما لكل أشكال السياسات والممارسات الاستيطانية الإسرائيلية في الأغوار.



فالمنطقة تعرف بأنها  "سلة الغذاء" حيث أنها تشكل 50٪ من إجمالي المساحات الزراعية في الضفة الغربية، وتنتج 60٪ من إجمالي الخضروات في فلسطين.

والأغوار الفلسطينية هي منطقة في فلسطين على امتداد نهر الأردن، منها الشريط الشرقي للضفة الغربية طوله 120 كم من منطقة عين جدي قرب البحر الميت في الجنوب، وحتى منطقة عين البيضاء جنوبي مدينة بيسان وحتى السفوح الشرقية للضفة الغربية غربا، وتمتد حتى شرق صفد شمالا. يسكن منطقة الأغوار ما يقارب 65 ألف فلسطيني و11 ألف مستوطن.

وتبلغ مساحته نحو 2400 كيلومتر مربع، أي ما يعادل نحو 30% من المساحة الكلية للضفة الغربية، وهو سهل خصيب منخفض يعتبر جزءا من حفرة الانهدام الأفروآسيوية.

ويشتمل الغور على 27 تجمعا فلسطينيا ثابتا، إضافة إلى عشرات التجمعات الرعوية والبدوية، وتقسم المنطقة إلى 3 أقسام: منطقة الأغوار الشمالية وتتبع محافظة طوباس، ومنطقة الأغوار الوسطى وتتبع محافظة نابلس، ومنطقة الأغوار الجنوبية وتتبع محافظة أريحا.

يتراوح مناخ غور الأردن بين الصحراوي في جنوبي أريحا، وشبه الصحراوي في الوسط حتى طبريا، ويتمتع بدرجات حرارة معتدلة شتاء تصل إلى 20 درجة مئوية، وترتفع الحرارة صيفا على سواحل البحر الميت لتبلغ 49 درجة مئوية.

تكمن أهمية منطقة الأغوار في كونها منخفضة عن سطح البحر مما يعطيها توزيعا مختلفا لدرجات الحرارة في الصيف والشتاء ويجعلها ثرية بالأراضي الصالحة للزراعة التمور والعنب والتوابل وتوليد الطاقة. كما تكمن أهميتها العظمى في كونها منطقة طبيعية دافئة وخصبة يمكن استغلالها للزراعة طوال العام.


                                    تواجه الزراعة الفلسطينية عمليات تدمير ممنهجة.

وفيما يتعلق بأهميتها المائية  تتربع المنطقة فوق أهم حوض مائي في فلسطين إذ تحتوي منطقة الأغوار الجنوبية على 91 بئرا، والأغوار الوسطى على 68 بئرا، أما الأغوار الشمالية فتحتوي على 10 آبار.

وحفرت 60% من هذه الآبار في العهد الأردني، وسيطر الاحتلال على معظمها.  كما تعد  المنطقة مرفقا سياحيا لكونها تحوي البحر الميت الّذي يجذب الكثير من السياح، الّذي أيضا يزود إمكانيات أخرى كاستخراج الأملاح والمعادن. ، إضافة لإنشاء ما يسمى بالصناعات العلاجية عند البحر الميت.

أما أهمية منطقة الأغوار العسكرية فتنبع من كونها على حدود الضفة الغربية والأردن حيث تعطي السيادة على المنطقة إمكانية تحكم وإشراف ومراقبة أفضل على الحدود، والسيطرة على منقطة الأغوار تضمن عزل الفلسطينيين عن العرب الآخرين ومنع إمكانية تكوين كيان عربي واحد.

وتقع معظم الأغوار حاليا تحت سيطرة الاستيطانية الإسرائيلية، ويفلح المستوطنون الإسرائيليون 27 ألف دونم من الأرض ويزرعون منتجات تصدر غالبا إلى الخارج، ما يزود المستوطنات الإسرائيلية بمصدر رئيسي للدخل، كما تسيطر المستوطنات على نصف الأراضي في المنطقة التي يقطنها الفلسطينيين الذين يعتمدون عليها كموقع طبيعي لمجتمعات الرعي والزراعة من أجل كسب عيشهم وقوتهم اليومي.

وتتعرض التجمعات السكانية في الأغوار لمحاولات تهجير منذ احتلال الأغوار عام 1967 حيث أقيمت على أراضي الأغوار 31 مستوطنة حتى عام 2015، مقامة على 12 ألف دونم من أراضي الأغوار وتتبع لها 60 ألف دونم كملحقات. غالبيتها استعملت للزراعة، وسكنها ما مجموعه 8,300 مستوطن.


                                             جنود الاحتلال في منطقة الأغوار.

وقسم اتفاق أوسلو مناطق الأغوار إلى مناطق تخضع تحت سلطات مختلفة بمساحات مختلفة، وتأتي هذه التقسيمات تباعا لتقسيمات الأراضي في كل فلسطين بعد اتفاقيّة أوسلو:

منطقة أ ـ تتبع السلطة الفلسطينيّة و مساحتها 85 كم بنسبة 7.4٪ من مساحة الأغوار الكلية.
منطقة ب ـ مشتركة بين السلطة الفلسطينية والاحتلال ومساحتها 50 كم بنسبة 4.3٪ من مساحة الأغوار الكلية.
منطقة ج ـ تحت سلطة الاحتلال مساحتها 1155 كم وتشكل نسبة 88.3٪ من مساحة الأغوار الكليّة، وتخضع للسيادة الإسرائيلية الكاملة حيث يمنع البناء الفلسطيني فيها، أو الاستفادة منها بأي شكل من الأشكال إلا بتصريح صادر عن السلطات الإسرائيلية المختصة، والتي ترفض عادة إعطاء الفلسطينيين هذه التصاريح.

في واحدة من أكبر مصادرات الأراضي الرسمية الإسرائيلية في الضفة الغربية منذ سنوات قررت مديرية الاستيطان في وزارة الدفاع الإسرائيلية التي يترأسها وزير المالية الإسرائيلي  المتطرف بتسلئيل سموتريتش مصادرة ثمانية كيلو مترات مربعة من أراضي الأغوار التي تتعرض لأوسع هجمة استيطانية منذ سنوات.

ورغم التجميد العلني لخطة الرئيس الأميركي السابق، دونالد ترامب، التي أعلنها في عام 2020، والمعروفة بـ"صفقة القرن"، والتي تتضمن ضم الأغوار باستثناء مدينة أريحا والقرى والمخيمات المحيطة بها، بمعنى عدم إعلان ضم الأغوار بصورة رسمية، إلا إن السياسة الصهيونية تعمل على أرض الواقع على تطبيق الخطة حيث ارتفعت درجة الممارسات الصهيونية التي تهدف إلى إحداث تغييرات ديموغرافية في منطقة الأغوار، عبر تهجير السكان والسيطرة الكاملة على المنطقة.

المصادر

ـ "غور الأردن.. سلة غذاء الضفة الغربية"، الجزيرة نت، 26/3/2024
ـ "التعداد الزراعي: محافظة أريحا والأغوار"، الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني.
ـ "إسرائيل تضم 8 آلاف دونم من أراضي غور الأردن"، قناة الحرة، 22/3/2024.
ـ "كيف يجري "تنظيف" الأغوار من سكانها الفلسطينيين تحت دخان الحرب؟"، نشرة عرب 48، 23/3/2024.
ـ أحمد الحنيطي،  ورقة سياسات بعنوان "الأغوار: الواقع ومآلات المستقبل"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 2024.
ـ "الأغوار الفلسطينية: الواقع وسجالات الضم"، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، 19/6/2020.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير فلسطين الزراعة فلسطين زراعة تاريخ الاغوار تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضفة الغربیة منطقة الأغوار البحر المیت من أراضی

إقرأ أيضاً:

شنيكات: الأمن المصري يمتد لغزة وسوريا وإثيوبيا.. وتصفية القضية الفلسطينية خطر على المنطقة

قال الدكتور خالد شنيكات، أستاذ العلوم السياسية، إن إسرائيل تواجه ضغوطًا دولية متزايدة وتحاول عبر إعلامها العبري ومسؤوليها التنصل من مسؤولية ما يحدث في قطاع غزة من دمار وقتل، عبر توجيه الاتهامات إلى دول عربية، سواء بشكل فردي مثل مصر والأردن، أو بشكل جماعي للدول العربية، وكأنها شريكة في المأساة الإنسانية المتفاقمة.

 الأوضاع في غزة 

وأضاف شنيكات، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية أمل الحناوي ببرنامج «عن قرب مع أمل الحناوي»، المذاع على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن الأمن القومي المصري لا ينحصر داخل حدود الدولة فقط، بل يمتد إلى غزة وسوريا ويصل إلى إثيوبيا وربما أبعد من ذلك، وهو ما يفسر حرص مصر والأردن على استقرار الأوضاع في غزة ورفض سيناريوهات التهجير التي تهدد الأمن الإقليمي برمّته.

بروك تايلور تدعي: أمريكا تبذل جهودًا مكثفة للتهدئة.. وحماس تتحمل مسؤولية شلال الدم بـ غزةألمانيا: إسرائيل مُلزمة بضمان توفير شامل للمساعدات في غزة

وأشار إلى أن الاتهامات المتكررة التي يوجهها الإعلام العبري للدول العربية، بزعم مشاركتها إسرائيل في تصفية القضية الفلسطينية، لا أساس لها من الصحة، مؤكدًا أن الموقف العربي كان وما زال واضحًا قبل وبعد 7 أكتوبر، ويتركز على أن الحل الوحيد الذي يحقق الأمن والاستقرار هو إقامة دولة فلسطينية، لأن القضية الفلسطينية ليست وليدة اللحظة بل تمتد لعقود من النضال والمعاناة.

طباعة شارك إسرائيل غزة قطاع غزة مصر والأردن التهجير

مقالات مشابهة

  • نشأت الديهي يكشف خرائط ومخططات تاريخية لتقسيم المنطقة خدمةً للمصالح الإسرائيلية
  • شنيكات: الأمن المصري يمتد لغزة وسوريا وإثيوبيا.. وتصفية القضية الفلسطينية خطر على المنطقة
  • هجوم مسلح يودي بحياة 5 من الشرطة في إقليم البنجاب الباكستاني
  • البيت الأبيض: ترامب إنسان ذو قلب كبير يحاول إنهاء أزمة غزة
  • زراعة العنب في القصيم.. إنتاج نوعي يعزّز تنوّع المحاصيل ويدعم الاقتصاد المحلي
  • تايمز: الضفة الغربية في قلب معركة الاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • زلزال عنيف.. روسيا تسجل أحد أقوى الزلازل في تاريخها الحديث
  • أزمة مياه في الضفة الغربية: سكان سوسيا يتهمون مستوطنين بتخريب مصادر الإمداد
  • مصر ترحب بإعلان ستارمر اعتزام بلاده الاعتراف بالدولة الفلسطينية
  • أمير منطقة الرياض: جائزة الرياض للتميز تمثل منطلقًا مهمًا