الجديد برس:

قال موقع “أنهيرد” البريطاني إن قوات صنعاء أصبحت تحكم البحر الأحمر بعد أن تمكنت من هزيمة البحرية الأمريكية وإجبارها على الابتعاد، وإن الشعور المتزايد بالحرج من هذا الواقع هو سبب الصمت إزاء هذه الهزيمة، التي أكد أنها لا تعود إلى افتقار الولايات المتحدة للإرادة، بل لعجزها عن فعل أي شيء لوقف هجمات قوات صنعاء المساندة لغزة.

وتحت عنوان “لماذا أصبح الحوثيون يحكمون البحر الأحمر؟”، نشر الموقع، يوم الإثنين، تقريراً ترجمه “يمن إيكو”، جاء فيه: “إذا كنت تتابع الأخبار مؤخراً، فربما يكون من المعقول أن تعتقد أن الحصار الذي فرضته جماعة أنصار الله في اليمن المعروفة باسم “الحوثيين- على البحر الأحمر قد هُزِم، ففي الأشهر الأخيرة، لم نسمع سوى القليل من خبراء السياسة الخارجية يتحدثون عنه، فهل يعني هذا أن الأمر قد تم حله؟ ليس تماماً”.

وأضاف: “اليوم، أصبح الحصار أقوى من أي وقت مضى، وقد يئس الجيش الأمريكي من محاولة رفعه، فقبل أسبوعين فقط، وفي مواجهة الردع الذي تدعمه حاملات الطائرات الأمريكية، تمكن الحوثيون من الصعود إلى متن ناقلة نفط تحمل العلم اليوناني، وزرعوا بعض المتفجرات، وهتفوا: (الموت لأمريكا! الموت لإسرائيل!) بينما كانت السفينة تحترق”.

وقال التقرير: “ربما كان من المفترض أن يكون هذا خبراً ضخماً: فقد أغلقت مجموعة من المسلحين أحد أهم طرق التجارة في العالم، وأبحرت البحرية الأمريكية بعيداً في استسلام، ومع ذلك، فإننا لا نريد أن نتحدث عن هذا الأمر، والسبب وراء هذا يبدو واضحاً إلى حد كبير: فالأمر أكثر من مجرد مشاركة للشعور المتزايد بالحرج”.

وتابع: “لم نعد نعرف كيف نتحدث عما يجري، فمن المفترض أن البحرية الأمريكية هي البحرية الأقوى في العالم، وكما أصر كل فيلم حربي على مدى العقدين الماضيين على تذكيرنا، فإن كل ما يتطلبه الأمر هو حاملة طائرات واحدة لإجبار دولة نامية على الركوع، وربما لا تكون أمريكا عظيمة في بناء الأمم، ولكنها تعرف كيف تقصف كل شيء حتى تتوقف كل المقاومة، ولكن في اليمن، تصطدم هذه الروايات بالواقع”.

واعتبر التقرير أنه “خلافاً للوضع في أفغانستان أو العراق” فإن المحاولات الأمريكية لفك الحصار اليمني في البحر الأحمر “ليست في واقع الأمر نوعاً من الحرب الاختيارية التي يمكن ببساطة الابتعاد عنها عند الشعور بالملل، فإذا استمر الحصار، فسوف يتلقى العالم بأسره أدلة درامية على العجز العسكري والسياسي المتزايد للغرب، وهو ما سوف يخلف عواقب حقيقية على الدبلوماسية الغربية في مناطق مثل المحيط الهادئ”.

وأوضح أن “هذا هو ما حدث بالضبط، وهذه المرة من الواضح أن الولايات المتحدة لا تعرف ماذا تفعل، ففي ديسمبر من العام الماضي، أطلقت البحرية الأمريكية والقيادة المركزية الأمريكية لأول مرة عملية حارس الرخاء، التي كان من المفترض أن تحمي حركة الشحن ضد ضربات الصواريخ الحوثية، ثم في يناير عندما بدأت هذه المهمة تتعثر، أطلقت عملية (بوسيدون آرتشر) المصممة لقصف الحوثيين وإخضاعهم وردعهم عن شن المزيد من الهجمات على التجارة، وكانت النتيجة مخيبة للآمال إلى حد كبير، فبعد أشهر، بلغ عدد الضحايا اليمنيين “22 قتيلاً على الأقل، في حين خسرت الولايات المتحدة عدة طائرات بدون طيار باهظة الثمن من طراز (إم كيو-9 ريبر) بسبب صواريخ الحوثي المضادة للطائرات”.

واعتبر التقرير أنه “على عكس قول الكثيرين إن الولايات المتحدة تلعب بالقفازات وتفتقر للإرادة، فإن هذا ليس هو الحال حقاً، إذ حاولت الولايات المتحدة، بأفضل ما في وسعها، تحديد واستهداف أسلحة الحوثيين ومواقع الإطلاق داخل اليمن بدقة، ولكن هناك مشكلة واحدة فقط: إنها لا تستطيع ذلك”.

وأضاف أنه “في عصر حرب الطائرات بدون طيار ومنصات الإطلاق المتنقلة والبنية التحتية المتقدمة للأنفاق، تفتقر الولايات المتحدة ببساطة إلى القدرة على تحديد وتفجير غالبية الطائرات بدون طيار أو الصواريخ قبل إطلاقها”، مشيراً إلى أن “هذه المشكلة ليست جديدة تماماً أيضاً، فقد كان صيد صواريخ (سكود) مشكلة كافية خلال حرب الخليج الأولى، وكانت منصات إطلاق سكود أشياء ضخمة وثقيلة، أما اليوم، مع تكنولوجيا الطائرات بدون طيار والصواريخ الجديدة، فإن العثور على منصة إطلاق طائرة بدون طيار داخل سلسلة جبلية يشبه البحث عن إبرة في كومة قش”.

وأوضح أن “هناك مشكلة أكثر وضوحاً أيضاً وهي أن الطائرات بدون طيار رخيصة الثمن، والصواريخ الاعتراضية الأمريكية والقنابل الموجهة بدقة باهظة الثمن، وبالإضافة إلى هذا، فإن الطريقة التي يتم بها تسليم هذه القنابل- الطائرات النفاثة المأهولة- تضيف طبقة أخرى من التكاليف، لأن الطائرات المقاتلة قد تكلف أكثر من 100 مليون دولار في تكاليف الطيران، وأكثر من ذلك بكثير عندما نضع في الحسبان تدريب الطيارين (10 ملايين دولار على الأقل للكفاءة الأساسية)، والصيانة والبنية الأساسية”.

وقال التقرير إنه “إذا كانت البحرية الأمريكية عاجزة حتى عن رفع الحصار الذي فرضه اليمن، إحدى أفقر دول العالم، فإن فكرة رفع الحصار حول تايوان مجرد خيال، وإذا كانت الولايات المتحدة عاجزة عن منافسة إنتاج الأسلحة الإيراني، فإن فكرة التفوق على الصين بأي شكل من الأشكال لابد وأن تنتهي على الفور”، حسب تعبيره.

وخلص التقرير إلى أن “هذا هو السبب أيضاً وراء الصمت الذي ستقابل به هزيمة البحر الأحمر، فأكثر من أي صراع آخر محتدم اليوم، تسلط هذه الهزيمة الضوء على الأزمة داخل المنظمة العسكرية الغربية، فضلاً عن حقيقة مفادها أنه لا توجد وسيلة حقيقية لإصلاحها”.

وأضاف: “الاعتراف بعجزنا يعني الاعتراف بأن عصر الهيمنة الغربية قد انتهى بالفعل، وفي مواجهة القليل من البدائل، سنستمر في السماح للحوثيين بتفجير سفننا، ثم نتظاهر بأن كل هذا لا يهم حقاً”.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: الطائرات بدون طیار البحریة الأمریکیة الولایات المتحدة البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع

تخيل بلدا يقف على جرف هارٍ تدفعه حرب ضارية إلى الهاوية، وجيشا يقاتل على جبهات متشعبة، واقتصادا ينهار طبقة بعد أخرى، بينما تتنازع قوى عالمية على أرضه وموانئه وذهبه وموقعه الاستثنائي.

وفي قلب هذا المشهد يقف رئيس مجلس السيادة الانتقالي وقائد الجيش، الفريق أول عبدالفتاح البرهان، محاولا أن يمسك بالعصا من وسطها: يلوح للغرب بإمكانية الشراكة، ويشد في الوقت نفسه خيوط الارتباط بالشرق الصاعد.

ليس ذلك تقلبا سياسيا ولا انتقالا عشوائيا بين المحاور، بل مناورة وجودية فرضتها الجغرافيا القاسية، وحرب أنهكت الدولة والمجتمع، وتوازنات دولية تجعل من السودان ساحة اختبار كبرى في صراع النفوذ على البحر الأحمر والقرن الأفريقي.

وفي هذا السياق تحديدا، برزت آخر رسائل البرهان إلى الغرب عبر مقاله الذي اختار له بعناية صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية بتاريخ 25 نوفمبر/تشرين الثاني 2025؛ رسالة لم تكن مقال رأيٍ عابرا، بل مذكرة سياسية مشفرة، صيغت بقدر محسوب من الإيحاء لتصل مباشرة إلى دوائر صناعة القرار.

الانحياز إلى الشرق يعني سلاحا متاحا، لكن يفضي إلى عزلة مالية خانقة والانحياز إلى الغرب يعني دعما اقتصاديا محتملا، لكن يفضي إلى فقدان الإسناد العسكري، وخطر الانفجار الداخلي، ولهذا يصبح الاصطفاف الكامل قاتلا

الرسالة السياسية والصفقة غير المعلنة

في مقاله المثير، حمل البرهان قوات مليشيا السريع مسؤولية الحرب، رافضا توصيف الصراع بأنه "صراع جنرالين"، ومؤكدا أنها حرب تمرد على الدولة.

لكنه لم يكتفِ بهذا التوصيف؛ بل بنى المقال كله على فكرة واحدة: إذا ساعدتموني على تفكيك مليشيا الدعم السريع وإنهاء التمرد، فسأكون جاهزا للمضي في مسار التطبيع، وتقديم صيغة حكم مدني ترضيكم.

لوح البرهان بالانتقال الديمقراطي، وذكر الغرب بأن الصراع يهدد مصالحه في البحر الأحمر، وفتح باب الشراكة الاقتصادية، مشيرا إلى دور للشركات الأميركية في إعادة الإعمار. بدا المقال أقرب إلى عرض تفاوضي مكتمل الأركان: دعم عسكري وسياسي مقابل شرعية واستقرار وتعاون أمني.

هذه الرسالة ليست معزولة؛ فهي تأتي في وقت تتنامى فيه تحركات البرهان على الساحة الدولية: خطابات في الأمم المتحدة، إشارات إيجابية في الملفات الإنسانية، وانفتاح محسوب على المؤسسات الغربية.

إعلان

لكن هذه الإشارات لا تعني انقلابا إستراتيجيا نحو الغرب، بل هي جزء من لعبة أكبر توازن فيها القيادة السودانية بين مكاسب اللحظة، ومخاطر الاصطفاف الحاد.

بين القيمة الجيوسياسية وكلفة الاصطفاف

يحتل السودان موقعا استثنائيا. فهو بوابة البحر الأحمر، وممر التجارة العالمية، وخزان ضخم للمعادن والأراضي الزراعية. ولهذا تتصارع عليه القوى الكبرى اليوم، كما لم تفعل من قبل.

الصين ترى في السودان امتدادا لطريقها التجاري نحو أفريقيا. استثماراتها الضخمة في الموانئ والبنية التحتية والزراعة، تجعلها تبحث عن طريقة لتفادي انهيار كامل قد يبتلع مصالحها. وبكين، رغم هدوئها المألوف، تدرك أن الفوضى في السودان تعني خسارة سنوات من العمل الاقتصادي والإستراتيجي، ولذلك تتحرك بدقة: دعم محدود للجيش، وضغط خلفي لتثبيت الاستقرار دون الاصطدام بالغرب مباشرة.

أما روسيا فقد استعادت أدواتها غير النظامية عبر "أفريكا كوربس"، البديل الجديد لفاغنر، بهدف ترسيخ وجود إستراتيجي دائم على البحر الأحمر. بالنسبة لموسكو، السودان ليس مجرد شريك إستراتيجي، بل هو مفتاح لدخول القرن الأفريقي بعمق، وتحقيق توازن مع الضغوط الغربية في أوكرانيا، وأوروبا.

الغرب من جهته يراقب بقلق تمدد الشرق. لكنّ لديه شرطا واحدا لم يتغير: لا دعم اقتصاديا حقيقيا دون التقدم في ملف التطبيع، وهندسة المسرح السياسي الداخلي، واستبعاد تيار بعينه.

هكذا يجد السودان نفسه أمام معادلة مستحيلة:

الانحياز إلى الشرق يعني سلاحا متاحا، لكن يفضي إلى عزلة مالية خانقة. الانحياز إلى الغرب يعني دعما اقتصاديا محتملا، لكن يفضي إلى فقدان الإسناد العسكري، وخطر الانفجار الداخلي.

ولهذا يصبح الاصطفاف الكامل قاتلا، والمناورة بين الشرق والغرب أشبه بخيط نجاة رفيع، لكن لا بد من السير عليه.

عدم الانحياز الذكي ورهان الداخل

ضمن هذه الحسابات الدولية المعقدة، يبرز مسار ثالث يفرض نفسه بقوة:

عدم الانحياز الفعال، وهو ليس حيادا سلبيا كما في الستينيات، بل إستراتيجية قائمة على مزيج من الانفتاح الانتقائي، والمداورة الدبلوماسية.

هذا المسار يعني:

تعاونا اقتصاديا عميقا مع الصين، دون الارتهان لها. شراكة أمنية مع روسيا، دون التحول إلى بوابة لها على البحر الأحمر. انفتاحا على الغرب، دون الوقوع في فخ الشروط الثقيلة التي قد تشعل الداخل. بناء دور إقليمي يعتمد على الجغرافيا لا على الأيديولوجيا.

بهذه المقاربة، يتحول السودان من ساحة صراع إلى لاعب يجيد توظيف الصراع لصالحه.

بيد أن كل هذا لن ينجح إذا لم يتم حسم المعركة الأهم: معركة الداخل. فالرهان الحقيقي ليس على واشنطن ولا بكين ولا  موسكو، بل على قدرة القيادة السودانية على:

توحيد الجبهة الداخلية، إعادة بناء المؤسسات، وقف النزيف الاقتصادي، وفرض إرادتها على القوى الإقليمية المتدخلة.

فمن دون جبهة داخلية متماسكة، تصبح المناورة الخارجية مجرد لعبة خطرة قد تسقط عند أول هزة. ومن دون قرار وطني صارم، لن تستطيع الخرطوم تحويل ثقلها الجيوسياسي إلى قوة حقيقية.

الخلاصة: المناورة ليست خيارا.. بل قدرا سياسيا

ما يقوم به البرهان اليوم ليس استسلاما للغرب ولا انحيازا للشرق، بل مناورة إجبارية تهدف إلى جمع السلاح من منطقة، والشرعية من أخرى، والمساعدات من ثالثة، دون دفع الأثمان كاملة لأي طرف.

إعلان

هي محاولة لاستثمار موقع السودان الفريد في معركة الهيمنة على البحر الأحمر، وتحويل الأزمة إلى ورقة تفاوض كبرى. غير أن هذه اللعبة الخطرة لن تجدي نفعا إذا لم يُستعَد الداخل أولا.

ففي النهاية، لا تحدد الدول الكبرى مصائر الأمم بقدر ما تحددها إرادة أبنائها.

وقدرة السودان على الخروج من النفق لا تتوقف على لعبة التوازن الدولية فحسب، بل على قوة البيت الداخلي، وتمكن القيادة من فرض رؤيتها على من يحاولون تشكيل مستقبل السودان من الخارج.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • موقع بريطاني: الإمارات عانت من أسوأ كارثة عسكرية لها في اليمن
  • الحوثيون يواصلون محاكماتهم الصورية ضد موظفين دوليين بتهم مزعومة
  • قائد البحرية الإيرانية: البحر أحد نقاط قوتنا
  • آبي أحمد وأفورقي: صراع الممرات البحرية يعيد شبح الحرب
  • صور| إطلاق نار في حرم جامعة براون الأمريكية.. وترامب: نصلي من أجل الضحايا
  • الصحة العالمية: وفاة 1092 مريضا في غزة بسبب تأخر الإجلاء الطبي
  • الشتاء يفتك بغزة: ارتفاع حصيلة شهداء البرد والمنازل تنهار وسط الحصار
  • البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع
  • ترامب يعلن حربًا على قوانين الذكاء الاصطناعي في الولايات الأمريكية
  • مادورو يتهم الولايات المتحدة بـالقرصنة.. وترامب يعلن قرب بدء مكافحة تهريب المخدرات برًا