وُضع قانون الشراء العام في أعلى قائمة القوانين الإصلاحيّة في لبنان، ومثّل إقراره مطلب الجهات الدوليّة في إطار برنامج التعافي والإصلاح، كونه يهدف إلى تحقيق الشفافيّة والفعاليّة في إنفاق المال العام خلال صفقات الشراء العمومية. أُقرّ القانون في 30 حزيران 2021، بعد أكثر من عام على دراسته في لجنة فرعيّة، ودخل حيّز التنفيذ في 29 تموز 2022، ثم عُدّلت بعض مواده في 18 نيسان 2023 لتنقيته من بعض الشوائب ولجعله أكثر ملاءمة مع واقع الإدارة اللبنانية،ما يسهّل تطبيقه.

يُطرح السؤال بعد مرور أكثر من عامين على بدء نفاذه، هل حقّق قانون الشراء العام أهدافه؟   لا شكّ أنّ قانون الشراء العام جسّد تحوّلًا إصلاحيًّا لم تعهده إدارات الدولة، لجهة دوره في التنظيم والإشراف والرقابة على عمليّات الشراء في 1500 إدارة ومرفق، منها 30 وزارة، المؤسسات العسكرية باستثناء المشتريات الخاضعة لمبدأ السرّية، 100 مؤسسة عامة بما فيها مصالح المياه، 1155 بلدية فضلًا عن اتحادات البلديات، الهيئات المستقلّة وصناديق المهجرين والجنوب ومجلس الإنماء والإعمار، وشركتي الخليوي ألفا وتاتش، والجامعة اللبنانية، ومؤسسة كهرباء لبنان، ومصرف لبنان. لكن هناك العديد من المعوقات لا زالت تعترض تطبيق القانون على أكمل وجه، وتحقيق الغاية منه. أبرزها التأخّر في  إقرار  أنظمة هيئة الشراء العام، وعدم تشكيل لجنة الاعتراضات لغاية اليوم،بظل الخلل المؤسساتي وحكومة تصريف الأعمال، علمًا أنّ مهمة اللجنة حلّ النزاعات التي تنشأ قبل توقيع العقد.   العليّة: سبقنا إدارة المناقصات ولكن..
في تقييمه لمسار القانون، يوصّف رئيس هيئة الشراء العام  الدكتور جان العليّة القانون بالجيد والعصري "الوضع بات أفضل بكثير مما كان عليه قبل الشراء العام، ولكن ما زلنا بعيدين عن المكان الذي يجب أن نصل إليه، فالرقابة الفاعلة ليست فقط نصوصًا قانونية، بل جهاز إداري مكّون من موارد بشرية وقدرات تقنيّة، كي يتمكن من القيام بمهامه". يضيف العلية "سبقنا إدارة المناقصات بأشواط، ولكن لم نتمكن بعد من تحقيق الأهداف المرجوة، بفعل وجود معوقات، وكنّا قد سلّمنا مجموعة من الأنظمة المتعلّقة بالهيئة وفق لما ينصّ عليه القانون إلى المراجع المختصة، ولم تُقرّ لغاية تاريخه، وهذا جزء من التحدّيات".   حجب موازنة الهيئة وتعطيل أنظمتها
يشير العليّة إلى النجاح في توسيع مروحة الجهات الخاضعة للشراء العام، بحيث أضحى كلٌّ من مصرف لبنان وهيئة أوجيرو ومجلس الإنماء والإعمار وشركتي الخلوي تحت أعين هيئة الشراء العام، ولكن ذلك وإن كان يحقّق موجب النشر على المنصة الالكترونية وما يتيحه من حق المواطن بالاطلاع على المعلومات، ليس كافيّا، وتطبيق القانون يتطلب تمكين هيئة الشراء العام، من خلال تأمين جهاز بشري وتجهيزات تقنية وبرامج معلوماتية، كي تقوم بتحليل ومراقبة المعلومات المنشورة على المنصّة، والتدقيق فيها، لتبني على النتائج. أمّا الواقع داخل الهيئة فمغاير لمتطلبات عملها، إذ لا زالت تعمل بفريق عمل إدارة المناقصات السابق، الذي رغم النص القانوني الواضح والصريح للمادة ٨٨  من قانون الشراء العام وقرار مجلس الوزراء رقم ٧ / ٢٠٢٤ لم يلحق رسميًّا بهيئة الشراء العام، لإرادة لا تعبر إلّا عن التعطيل  وذهنية في التعاطي بالشأن العام لا ترتقي الى مفهوم الإدارة الحديثة والحوكمة الرشيدة ، علمًا أنّ هذا الفريق لا يتعدّى السبعة أفراد، والهيئة تواجه اليوم إرادة تعطيلها وشلّها، فهي غير قادرة على التوظيف لعدم إقرار أنظمتها، كما أنّ الموازنة التي اقرّها لها مجلس النواب ثمة إرادة بحجبها عنها، هذا هو التحدي الأكبر أمام عملنا اليوم، إلى جانب المنصّة الإلكترونية، وهو يكمن في وجوب أن تمتلك الهيئة جهازًا إداريًّا لتتمكّن من متابعة الملفات، لاسيّما وأنّ الروتين الإداري جعل أنظمة هيئة الشراء العام مغيّبة في عهدة إدارات تعتكف عن القيام بعملها،منذ ما يقارب العامين".
هذا لا يعني أنّ الهيئة لا تقوم بعملها، يشرح العليّة "رغم العوائق أمامها، عملت الهيئة على كلّ ملف وصل إليها، وأصدرت تقريرًا بشأنه، ونشرته. وهناك عمل كبير تمّ إنجازه على مدى عامين في إدارات لم تكن خاضعة للرقابة قبل الشراء العام، كمصرف لبنان وأوجيرو وشركتي ألفا وتاتش ومرفأ بيروت، وغير ذلك من الإنجازات والصعوبات والمعوقات،ختم العليّة سيتضمّنها أول تقرير لهيئة الشراء العام سيصدر قريبًا".   أبرز انجازات القانون إلزام الجهات الشارية بالنشر
طرق إجراء الشراء أضحت أكثر تنظيمًا وحداثة، بحيث يلزم قانون الشراء العام كلّ الخاضعين لاحكامه بموجب النشر "أيّ تلزيم يحصل، يفترض نشر نتيجته ودفتر شروطه وطريقة تلزيمه على الموقع الالكتروني الخاص بالشراء العام. قبل بدء تطبيق القانون كانت تحصل اتفاقيات رضائّية، وتبقى طيّ الكتمان، وهو ما لم يعد جائزًا مع قانون الشراء العام، بحيث بات النشر ملزمًا، بما فيه نشر الإتفاقيات الرضائيّة، باستثناء الإتفاقيات المنصوص عنها في الفقرة الرابعة من المادة 46 بالنسبة للأشغال واللوازم ذات الطابع السري المرتبطة بمقتضيات الأمن والدفاع بناء على اقتراح الوزير المختص، علمًا أنّنا طلبنا أن يكون للشراء العام دور في تقدير السريّة، ولكن كان الاتجاه أن يكون منوطًا بمجلس الوزراء ". يضيف العلية "الإنجاز الذي حققناه في هيئة الشراء العام، والذي خطا خطوة إضافيّة عن قانون الحق بالوصول إلى المعلومات، يكمن في عدم الحاجة إلى تقديم طلب للحصول على المعلومة، بعدما أضحت الجهات الشارية ملزمة بنشر معلوماتها، وهو أمر إيجابي من شأنه أن يمنح دورًا رقابيًا للمواطن والرأي العام والإعلام الاستقصائي". التلاعب بالسعر قبل الشراء العام
قبل تنفيذ قانون الشراء العام، كان بعض الوزراء  يطرح على مجلس الوزراء إجراء استدراجات عروض وفقًا للائحة تضم أسماء شركتين أو ثلاث، من دون قيمة تقديرية، فتضع الشركات أسعارًا، وترسي المناقصة على السعر الأدنى، ولكنّه قد يكون أعلى بعشرين ضعفًا عن السعر الحقيقي، مستغلّين عدم معرفة الجهات الرسميّة بحقيقة السعر. أمّا اليوم فطلب عروض الأسعار لا يحصل إلا من ضمن لوائح تُعدّ وفقًا لمعايير تضعها هيئة الشراء العام، ويحقّ لها ضمن عملية التدقيق اللاحق أن تطلب الملف وتدقّق فيه".
تشكّل عمليات الشراء العام الجزء الأكبر من إنفاق المال العام في لبنان، كون الدولة هي الشاري الأكبر، وتطبيق قانون الشراء العام من شأنه أن يقفل الباب الأعظم أمام الفساد والهدر، ويحمي المال العام، ويبني دولة القانون، ويعيد ثقة الموطن بدولته، والمجتمع الدولي بلبنان، من هنا لا بدّ من استكمال منظومة الشراء العام عبر تشكيل هيئة الشراء العام وتشكيل هيئة الاعتراضات واستكمال المنصّة، فالانتصار على أخطبوط الفساد يمر من هنا، من هيئة الشراء العام. المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: هیئة الشراء العام العلی ة

إقرأ أيضاً:

هيئة أبوظبي للإسكان تطلق منصة رقمية تفاعلية لتبادل الأراضي والمساكن بين المواطنين عبر تطبيق إسكان أبوظبي

 

 

 

أبوظبي – الوطن:

أطلقت هيئة أبوظبي للإسكان تحديثات لخدمات استبدال الأراضي والمساكن بين المواطنين في إمارة أبوظبي عبر تطبيق إسكان أبوظبي، ضمن عدد من التحديثات على التطبيق تُسهم في مواصلة تسهيل حصول المتعاملين على الخدمات التي تقدمها الهيئة.

وتتضمَّن التحديثات الجديدة، تفعيل خدمة استبدال المساكن الحكومية بين المواطنين في إمارة أبوظبي، إضافة إلى تحديثات كبيرة على خدمات استبدال الأراضي، من خلال إطلاق منصة رقمية تفاعلية على تطبيق «إسكان أبوظبي» تمكِّن المواطنين الراغبين بالاستبدال من عرض منافعهم (مساكن أو أراضٍ) على منصة التطبيق، ما يُتيح لهم اختيار المنافع الملائمة لهم من المعروض في المنصة، حسب احتياجاتهم الاجتماعية، ومنها تحقيق التقارب الأسري بين المواطنين.

وتُتيح التحديثات الجديدة للمواطنين استبدال منافعهم عبر التطبيق من خلال ثلاثة خيارات، هي الاستبدال بالتراضي بين مواطنين متفقين فيما بينهم، والاستبدال من خلال البحث عن منافع ملائمة بالمنصة، أو تقديم طلب الاستبدال من المخزون الحكومي المتوفر.

وقال سعادة حمد حارب المهيري، المدير العام لهيئة أبوظبي للإسكان: «طُوِّرَت خدمات الاستبدال بشكل جوهري لتواكب توقُّعات المواطنين الراغبين في استبدال أراضيهم أو مساكنهم في إمارة أبوظبي، عبر تجربة رقمية بالكامل تضمن لهم عرض منافعهم، واستعراض المنافع الأخرى المعروضة للتبادل من خلال منصة تفاعلية تتضمَّن بيانات تفصيلية عن كلِّ عقار، تشمل المنطقة الجغرافية، والمساحة، وجاهزية البنية التحتية، وغيرها من التفاصيل لاختيار المنفعة الأكثر ملاءمة لاحتياجاتهم العائلية، ثمَّ تقديم طلب الاستبدال عبر التطبيق، ومواصلة الإجراءات في رحلة رقمية توفِّر للمواطنين السهولة والوضوح، وإتمام جميع الإجراءات حتى الحصول على سند الملكية دون الحاجة إلى مغادرة منازلهم».

وأضاف سعادة المهيري: «تعمل الهيئة على توفير الحلول الذكية، وتقديم المبادرات التي تشجِّع المواطنين الحاصلين على أراضٍ سكنية، ولم يبادروا إلى تفعيل قروضهم وبناء مساكنهم على الشروع بالبناء، والاستفادة من قروضهم السكنية خلال الفترة الزمنية المحدَّدة بثلاثة أعوام وفق سياسة المنافع السكنية، حيث طوَّرت الهيئة خدمات الاستبدال لتُتيح حلولاً عمليةً سهلةً تضمن توفير خيارات واسعة من الأراضي المعروضة للاستبدال، إلى جانب تعاون الهيئة مع (تياسير) لتوفير خدمات مجانيَّة للمستفيدين من برنامج القروض السكنية، الراغبين في بناء منازلهم من اختيار التصميم والمقاول ومتابعة البناء حتى تسلُّم المسكن».

ويمكن للمواطنين تقديم طلبات استبدال الأراضي ضمن ضوابط وشروط محددة، هي أن تكون الأراضي المراد استبدالها سكنية وغير مقسَّمة، وأن تكون خالية من أعمال البناء باستثناء السور، إن وُجِد، وألا يكون فيها أيُّ معوّقات للبناء، باستثناء عدم توافر خدمات البنية التحتية، وعدم وجود أيِّ موانع قانونية وتنظيمية، أو حقوق للغير فيها، وأن تقع الأراضي المراد استبدالها في النطاق الجغرافي ذاته، باستثناء الحالات الإنسانية والاجتماعية.

أمّا شروط استبدال المساكن الحكومية، فهي أن تكون المساكن المراد استبدالها منحة صالحة للسكن وغير مقسَّمة، وألا يزيد الفرق بين مساحة الأراضي المبنى عليها المسكنان على 30%، وألا يزيد الفرق بين مساحة البناء على 10%، وألا يتجاوز الفرق بين عمر المسكنين 10 أعوام، وألا توجد موانع قانونية وتنظيمية، أو حقوق للغير فيها، وأن تقع المساكن المراد استبدالها في النطاق الجغرافي ذاته، باستثناء الحالات الإنسانية والاجتماعية.

وفي حال ثبوت حصول أحد أطراف الاستبدال أو كليهما على منفعة مادية أو أيِّ شكل من أشكال العوض، تُلغى موافقة الاستبدال، مع عدم الإخلال بالمسؤولية الجنائية أو المدنية أو الإدارية.


مقالات مشابهة

  • من تاريخ إرساله إلى رئيس الجمهورية| معلومة جديدة بشأن تطبيق قانون الإيجار القديم
  • لدعم التصنيع المحلي ..رئيس هيئة الشراء الموحد يستقبل وفدًا من البنك الأفريقي للتنمية
  • ما ضوابط تطبيق ضريبة القيمة المضافة على السلع والخدمات؟.. هيئة الزكاة توضح
  • هيئة أبوظبي للإسكان تطلق منصة رقمية تفاعلية لتبادل الأراضي والمساكن بين المواطنين عبر تطبيق إسكان أبوظبي
  • هل يبدأ تطبيق قانون الإيجار القديم بعد مرور 30 يوم على إقراره؟.. اعرف التفاصيل
  • بعد شهر من إقراره .. هل يتم تطبيق قانون الإيجار القديم اليوم؟
  • انتهاء مهلة الـ30 يوم غدا..موعد تطبيق قانون الإيجار القديم وزيادة 250 جنيها
  • خالد أبو بكر يكشف عن حالة وحيدة تستوجب تطبيق قانون الإيجار القديم أغسطس المقبل
  • موعد تطبيق تعديلات قانون الإيجار القديم الجديدة
  • محافظ قنا يبحث مع رئيس هيئة الإسعاف مشروع إنشاء مقر متكامل للهيئة بالمحافظة