تستكشف دراسة من معهد ماساتشوستش للتكنولوجيا، مادة مذهلة، قد تحمل في طياتها سر البقاء على قيد الحياة، يعود تاريخها إلى 200 مليون عام، وهي كولاجين الديناصورات المادة التي تتحدى الزمن.

وصمدت أحافير الديناصورات التي لا تعد ولا تحصى أمام اختبار الزمن، محاصرة في طبقات الرواسب العميقة ليتم اكتشافها بعد ملايين السنين.




ويمكن أن تتراوح البقايا من مجزأة إلى محفوظة جيداً، وتشمل العظام والأنسجة الرخوة وحتى الجزيئات البيولوجية مثل الكولاجين، ورغم أن هذا أمر قد يستغربه كثيرون لكنه حقيقة، بحسب بحث علمي.

والكولاجين، وهو بروتين موجود في العظام والجلد والعضلات، لطالما أثار دهشة العلماء بسبب قدرته على البقاء محفوظاً في أحافير الديناصورات التي يعود عمرها إلى ملايين السنين، مما يثير تساؤلات حول كيفية بقاء هذا البروتين سليماً على الرغم من مرور كل تلك الفترات الطويلة.

هذا العمر الطويل للكولاجين مفاجئ جداً، خاصةً عندما نأخذ في الاعتبار أن الروابط الببتيدية، التي تربط البروتينات معاً، لها عمر نصف قصير نسبياً يبلغ حوالي 500 عام.

وهنا يتساءل العلماء كيف يمكن للكولاجين أن يستمر لملايين السنين؟

وتقدم دراسة حديثة من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا تفسيراً مثيراً للاهتمام على المستوى الجزيئي، حيث اكتشف الباحثون تفاعلاً فريداً على المستوى الذري يحمي الكولاجين من التأثيرات الضارة لجزيئات الماء، مما يساعد في الحفاظ عليه لفترات طويلة. 

وفي اكتشاف مذهل، تمكن علماء الحفريات في وقت سابق من العثور على كولاجين سليم داخل حفريات الديناصورات، بما في ذلك حفرية لتيرانوصور ريكس عمرها 80 مليون عام، وأحفورة سوروبودومورف يعود تاريخها إلى نحو 200 مليون عام.

وهذا الاكتشاف دفع العلماء إلى اقتراح أن ظروف الجفاف قد تكون أحد العوامل التي أسهمت في الحفاظ على الكولاجين لفترات طويلة في هذه الحفريات القديمة، ما يضيف بعداً جديداً لفهمنا لكيفية بقاء المواد العضوية على مدار ملايين السنين.

طول عمر وروابط

ووجدت الدراسة آليات جزيئية معقدة تسمح للبروتينات بالبقاء على قيد الحياة لملايين السنين
والكولاجين المدروس هو بروتين معقد يتكون من خيوط طويلة تتصل لتشكل حلزوناً ثلاثياً قوياً، وهذا الهيكل ضروري لإعطاء الاستقرار والمرونة للأنسجة الحيوانية، ويكمن مفتاح طول عمر الكولاجين في الطريقة التي تتفاعل بها روابطه الببتيدية مع بعضها البعض، ووجد الباحثون تفاعلاً فريداً على المستوى الذري يدافع عن الكولاجين ضد جزيئات الماء.
ويتضمن هذا التفاعل مشاركة الإلكترونات بين الروابط الببتيدية المجاورة، مما يمنع جزيئات الماء من كسر الروابط وتحفيز التحلل المائي، وهذا تفاعل كيميائي يتفاعل فيه الجزيء مع الماء، مما يؤدي إلى إنشاء مركبات جديدة.

حلزونية فريدة

وتتدهور البروتينات عندما تتعرض الروابط الببتيدية التي تربط الأحماض الأمينية المكونة للهجوم من قبل جزيئات الماء، مما يؤدي إلى انقسام الروابط الببتيدية.
وأوضح رون رينز، أستاذ الكيمياء في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: "ينشأ هذا التفاعل الوقائي من الرابطة الببتيدية السابقة في تسلسل الأحماض الأمينية، وفي الأساس، كل رابطة ببتيدية محمية بواسطة جارتها". 

وكانت مجموعة أبحاث راينز تدرس الأساس الكيميائي لاستقرار الكولاجين لأكثر من 25 عاماً، فابتكروا أشكالاً مختلفة من الكولاجين لاختبار نظريتهم. وشملت هذه الأشكال:

الشكل "trans": الذي يشكل عادةً حلزوناً ثلاثياً.

الشكل "cis": حيث تدور زوايا الرابطة الببتيدية.

ولم يتأثر الشكل المتحول للكولاجين الأول بالتحلل المائي الناجم عن الماء، بينما سمح الشكل cis للماء بالدخول وكسر الروابط.

ومن المرجح أن يكون هيكل الحلزون الثلاثي الفريد للكولاجين هو السبب الرئيسي لطول عمره المذهل، وفق العلماء.

وهذا يعني أن المبادئ الأساسية لاستقرار الكولاجين يمكن تطبيقها على تصميم مواد متينة أخرى، كالتفاعل المشابه لحمض اللاكتيك، والذي يستخدم في مجموعة كبيرة ومتنوعة من المنتجات الاستهلاكية مثل أدوات المائدة القابلة للتحلل البيولوجي، وتطبيقات أخرى عديدة.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: الهجوم الإيراني على إسرائيل رفح أحداث السودان غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية

إقرأ أيضاً:

صنعاء القديمة.. ذاكرة الحجر والهوية في وجه الزمن والتحدي

يمانيون / تقرير/ طارق الحمامي

عند أول خطوة تخطوها عبر “باب اليمن”، لا تدخل مدينة فحسب، بل تنغمس في زمن يتنفس عبق الحضارات، في صنعاء القديمة، لا الجدران صامتة، ولا الأزقة هامدة. كل حجر، كل زخرفة جصّية، كل نقشة على باب خشبي قديم، تحكي حكاية مدينة لم تكن يومًا مجرد عمران، بل كانت  ولا تزال رمزًا للهوية، حافظة للذاكرة، ومنارة ثقافية تمتد من سبأ ومعين إلى صدى المقاومة المعاصرة.

يمثّل هذا التقرير رحلة تحليلية استعراضية في قلب صنعاء القديمة، نرصد فيها تفاصيل المكان في أبعاده الجغرافية والمعمارية، نستعرض ألق الهوية الإيمانية التي تكلّلت فوق قباب مساجدها، ونتلمّس نبضها الثقافي المتجدّد من حلقات العلم إلى أسواق الحرف التقليدية. كما نسلّط الضوء على مكانة المدينة الفكرية في المشروع القرآني، ومواقفها من قضايا الأمة، لنختم بكيف يعيش أهلها اليوم رغم التحديات . 

 

 صنعاء… حيث بدأ الحِجر يروي التاريخ

نشأت صنعاء القديمة في قلب السهول الجبلية على ارتفاع أكثر من 2,200 متر عن سطح البحر. يعود ذكرها في نقوش المسند إلى القرون السابقة للإسلام، وارتبطت منذ نشأتها الأولى بممالك سبأ وحمير. ويُروى أن سام بن نوح هو من وضع أولى لبناتها، وفق الرواية المحلية. ازدهرت المدينة في العهد الإسلامي المبكر، وتحوّلت إلى مركز ديني وثقافي، حيث شُيّد فيها أول مسجد خارج الحجاز: “الجامع الكبير”.

هذا الامتداد الزمني يجعل من صنعاء واحدة من أقدم العواصم المستمرة في العالم، مدينة تشهد لجغرافيا المقاومة، وروح الحضارات المتعاقبة.

صنعاء.. رمز للهوية الإيمانية اليمنية

منذ فجر الإسلام، اكتسبت صنعاء مكانة خاصة في قلب الرسالة الإيمانية. فقد وصفها النبي محمد صلوات الله عليه وآله بأنها أرض الحكمة والإيمان، قائلاً: “الإيمان يمانٍ والحكمة يمانية”. ومن هذه الأرض، خرج العلماء والمجاهدون الذين حملوا مشعل الهداية إلى الآفاق بقيادة أعلام الهدى ابتداءً بالإمام علي عليه السلام .

لقد كانت صنعاء القديمة مركزًا علميًا وفكريًا وروحيًا، احتضن حلقات العلم في مساجدها، ومدارسها الشرعية، ومجالسها الثقافية. كما ظلت عبر العصور نموذجًا حيًا للإيمان العملي المتجذر في سلوك الإنسان اليمني، في أمانته، وكرمه، ورفضه للظلم، وتمسكه بقيم الحق والعدل.

تجسّد صنعاء في تكوينها المعماري والاجتماعي نموذج المدينة المؤمنة: تتداخل فيها بيوت العبادة مع الأسواق، والمجالس مع المدارس، والروح مع المادة، في توازن فريد جعل من المدينة بوتقة للهوية الإيمانية الجامعة.

المعمار الصنعاني: الحجر والطين يرسُمان فن الهوية

لم يكن المعمار في صنعاء القديمة مجرد بناء، بل كان انعكاسًا لروح الإنسان الصنعاني: بسيط، صامد، جميل. تمتاز البيوت بارتفاعها الذي قد يصل إلى تسعة طوابق، تُبنى أسفلها بالحجر الصلب وتعلوها الطوابق بالطين المدكوك والطوب اللبن. كل طابق يحكي قصة، وكل نافذة ملونة بزجاج القمريات ترسم لوحة.

هذه البنية لم تأتِ عشوائية، بل استجابت للمناخ، والاحتياج، والذوق، وحوّلت المدينة إلى تحفة طينية حجريّة لا نظير لها في العالم.

الرمزية الإيمانية: مدينة تسكنها الروح

لم تفصل صنعاء يوماً بين الحجارة والإيمان. إذ تنتشر المساجد في كل حارة وزقاق، أهمها الجامع الكبير، أحد أقدم المساجد الإسلامية. تُعدّ هذه المساجد مراكز للتعليم والتأمل، وتدل هندستها على عمق الروح اليمنية التي جمعت بين البساطة والتقوى والجمال.

رمزية صنعاء الإيمانية لا تتجلى فقط في معمارها، بل في تمسّك سكانها بالمفاهيم الدينية كمصدر للهوية والكرامة، خاصة في أزمنة  الجهاد ضد الاحتلال.

الثقافة المتجذرة: مجالس، شعر، وإنشاد

في الدور العليا للمنازل، حيث تُقام “المفرّجات”، يجتمع الرجال على القات، لكن ليس فقط للفراغ أو التسلية، بل ليتبادلوا الشعر، والموشحات، والحكمة. المجالس هنا مدارس، والقصيدة أداة تفكير. وحكايات من الموروث الشعبي الشفهي المعبر عن الارتباط بقيم الفخر والاعتزاز بالهوية .

ثقافة المجالس أنجبت مثقفين وحكماء ، وكان لها الفضل في بقاء صنعاء مرجعية ثقافية حتى اليوم.

الحرف: تراث حي في أزقة الزمن

تنتشر الحرف التقليدية في كل زاوية من المدينة: صناعة الجنابي (الخناجر اليمنية)، تطريز الثياب، الفخار، وصياغة القمريات. ورش صغيرة متوارثة من الأجداد، لا تزال تقاوم الحداثة الجارفة. لكل حرفة شيخ، ولكل سوق طابع. هذه المهن لا تقدم منتجات فقط، بل تحافظ على هوية حيّة ومتجددة.

المعالم الأثرية: حيث تسكن الأسطورة

الجامع الكبير: أقدم من الأزهر، وأكبر من بعض الكاتدرائيات الأوروبية.

قصر غمدان: معلم أسطوري كان يعلو فوق المدينة، وكان يُقال إن له سقفًا من زجاج، ومنه أُلقي الشعراء إلى حتفهم!

باب اليمن: ليس مجرد بوابة، بل رمز سياسي وثقافي وتجاري، من خلاله دخل التجار والفقهاء والثوار.

المتاحف: الذاكرة المُجسّدة

لا تزال المتاحف مثل “بيت الثقافة”، و”المتحف الوطني”، و”متحف الموروث الشعبي” تعمل على عرض تاريخ اليمن بصريًا وروحيًا. من النقوش المسندية إلى الملبوسات الشعبية، يُحفظ التاريخ في زجاج العرض، كما يُحفظ في القلوب.

الأسواق: عصب الحياة الصنعانية

من “سوق الملح” إلى “سوق الجنابي”، تُمثّل الأسواق قلب المدينة النابض. ليست فقط أماكن تجارة، بل مراكز لقاء اجتماعي وثقافي. البائع يحفظ اسم الزبون وأحواله، والزبون يعرف نسب البائع. إنها شبكات اجتماعية أكثر منها تجارية.

العادات والتقاليد: طقوس لها جذور

الزواج في صنعاء مهرجان يبدأ من السوق وينتهي في سطح المنزل.

الأعياد تُحيى بالزينة والولائم وتبادل الحلوى المحلية.

جلسات القات طقس يومي يُمارس بأدب وحدود.

المناسبات تُدار ضمن تقاليد قبلية ودينية لا تزال صامدة رغم تغير الزمن.

أشهر المناسبات والمواسم

– عيد الفطر والأضحى تتحول المدينة إلى لوحة زاهية، وتُقام الولائم، وتُجهّز المساجد والمنازل بزينة تراثية.

– المولد النبوي، من أهم المناسبات في صنعاء، تُضاء الشوارع وتُلقى المدائح وتوزع المأكولات.

– المهرجانات الثقافية، مثل مهرجان القمريات، ومعارض الحرف اليدوية، والأسابيع الثقافية التي تنظمها مؤسسات المجتمع المحلي للحفاظ على التراث.

صنعاء والمشروع القرآني: هوية في مواجهة التغريب

بفعل التحولات السياسية، أصبحت صنعاء مركزًا للمشروع القرآني الذي يدعو للعودة إلى مفاهيم العدل، السيادة، والكرامة. وهذا المشروع لا يُروّج فقط بالشعارات، بل بالمساجد، والمؤسسات التعليمية، والمجالس الثقافية التي تعيد صياغة الوعي الجمعي.

مناصرة القضايا الكبرى: صوت صنعاء يصل إلى القدس

في كل وقفة تضامن مع فلسطين، كانت صنعاء حاضرة. في المسيرات، والخطب، واللافتات، وحتى في جدران المدينة القديمة، حيث كُتبت شعارات المقاومة، نُسِج موقف صنعاء من قضايا الأمة، لا بالتحالفات السياسية بل من عمق الانتماء الإسلامي والعروبي.

الحياة اليوم: تحديات البقاء وسط عبق الماضي

رغم التحديات الكبيرة، يواصل أبناء صنعاء القديمة الحفاظ على نمط حياة جماعي تقليدي. البيوت لا تزال مأهولة، والحرف متوارثة، والمناسبات تُقام بروح الأصالة. الأسواق نابضة بالحياة، والمقاهي والمجالس لا تزال شاهدة على التقاليد الاجتماعية والثقافية المتجذرة ، هم صامدون، ولا يرحلون عنها لأن الرحيل يعني التخلي عن الذاكرة.

بين الماضي والحاضر: صنعاء لا تموت

في قلب كل يمني، شيء من صنعاء القديمة. فهي ليست مجرد مدينة، بل تراث إنساني عظيم، شاهدة على تطور الإنسان من العمارة إلى الأدب، ومن الحرف إلى الطقوس، ومن الأسواق إلى المتاحف. هي روح اليمن ومهد هويته. الحفاظ عليها مسؤولية مشتركة لكل من يقدّر قيمة التاريخ والحضارة.

مقالات مشابهة

  • جائزة الأمير طلال الدولية تخصص مليون دولار لدعم مشاريع “الحياة تحت الماء” في دورتها لعام 2024
  • جائزة الأمير طلال الدولية تخصص مليون دولار لدعم مشاريع "الحياة تحت الماء"
  • محسن صبري لـ "الفجر الفني": لم أكن متوقع نجاح مسلسل "عهد أنيس" بهذا الشكل وهذا سر آخر مشهد (خاص)
  • 5 % زيادة على المرتب رسميًا.. الحكومة تعلن مفاجأة لملايين الموظفين
  • إنتر ميلان يتحدى ريفر بليت على صدارة المجموعة بكأس العالم للأندية
  • للمرة الثانية.. قائد فيلق القدس يتحدى شائعات اغتياله بظهور جديد
  • هل يمضي الزمن في خط مستقيم أم دائرة مغلقة؟
  • فوائد الكركديه لجمالك.. سر طبيعي يعزز الكولاجين وينعم الشعر
  • صنعاء القديمة.. ذاكرة الحجر والهوية في وجه الزمن والتحدي
  • اكتشافات أثرية مدهشة في الصين وبيرو تكشف أسرار حضارات قديمة عمرها آلاف السنين