إدارة الأردن لملف الضفة الغربية
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
إدارة #الأردن لملف #الضفة_الغربية _ #ماهر_أبوطير
#سواليف
لا يمكن لإدارة الأردن لملف الضفة الغربية أن تبقى كما هي، واذا كانت كل المعادلات معقدة جدا، فإن الإدارة الحالية للملف لا تكفي، لأن المؤشرات تتراكم فوق بعضها بعضا.
أولا، لا يمكن الركون الى اي ضمانات من الولايات المتحدة، من حيث منع اسرائيل من استهداف الأردن استراتيجيا، والأردن جزء في الاساس من المشروع الاسرائيلي الاكبر، وتتمنى اسرائيل لو تتخلص من الأردنيين والفلسطينيين معا، وترميهم في البحر الميت، لاعتبارات توراتية تقول ان الأردن جزء من اسرائيل الكبرى، وفي الاستخلاص هنا، فإن الأردن لا يمكن ان يركن الى المظلة الاميركية، فهو إما محطة لتهجير الفلسطينيين من الضفة الغربية او انه ايضا، مستهدف من حيث مساحته وارضه، او تقسيمه، او محاولة احتلاله كليا او جزئيا.
ثانيا، لا يمكن ايضا ان نواصل بكل سذاجة انتظار صفقة الاسرى مع اسرائيل، لأن ملف غزة، اعقد بكثير من قصة تنظيم فلسطيني استهدف اسرائيل، او قصة اسرى، وما فعلته اسرائيل في القطاع ليس عملا ثأريا وانتقاميا وحسب، بل تدمير لكل القطاع، ولبنيته التحتية واقتصاده وحياة اهله، وهدم لمنازل الناس، وقتل لعشرات الآلاف، وجرح مئات الآلاف، وهذا كله ليس له علاقة بتنظيم، بل بتخطيط اعقد يرتبط بمخطط لإخلاء القطاع، والسطو على ارضه، او جزء منها، وترحيل الفلسطينيين، الى اي موقع، او حشرهم في منطقة محددة من القطاع الضيق، في سياقات اعادة انتاج الديموغرافيا الفلسطينية، وهو مخطط له مستهدفاته في الضفة.
ثالثا، لا يمكن ايضا ان نواصل هنا ذات الادارة التي إما تعبر عن غضبها الدبلوماسي والاعلامي، وإما تهون من المشروع الاسرائيلي، ومستهدفاته النهائية، وهذا يعني ان مواصلة الادارة ذاتها امر لا يكفي، فنحن امام وضع خطير، يستلزم ادارة مختلفة، من جانب مراكز القرار، والحكومة والبرلمان، والمؤسسات السيادية الحساسة، وصولا الى توقع كل شيء، بما يفرض اجراءات اقلها اعادة خدمة العلم، ولو لوقت قصير، وهو اقتراح طرحه مرارا وزير الداخلية الاسبق سمير الحباشنة، والنائب الاسبق د. ممدوح العبادي، وغيرهما، بما يعني ان انتظار اللحظات الاخيرة حتى نتصرف امر مقلق، وقد شهدنا اصلا توزيع منشورات في الضفة من المستوطنين تطالب اهل جنين بالتوجه الى اربد، واهل رام الله الى عمان، والكلام عن حزمة الخيارات الداخلية بحاجة الى تفصيل اكثر من هذه المعالجة المكثفة والسريعة.
رابعا لا يمكن ايضا مواصلة الركون الى معاهدة وادي عربة، باعتبارها ضمانة، فإسرائيل داست على كل المعاهدات، وانهت اتفاقية اوسلو، وتقتحم المسجد الأقصى يوميا، ووزراء نتنياهو يريدون بناء كنيس في حرم الأقصى، ويدخلونه بحماية رسمية، وذات مشروع الدولة الفلسطينية انتهى كليا، وليس جزئيا، بتصويت من الكنيست الاسرائيلي، وما تعرضت له اوسلو، قد تتعرض له اتفاقية وادي عربة، خصوصا، ان اسرائيل تدرك ان مئات الكيلومترات المفتوحة بين الأردن وفلسطين، خطر استراتيجي عليها، في اي توقيت، وهذا يعني ان الركون الى وادي عربة، يجب ان ينتهي، وواشنطن ذاتها لن تدافع عن وادي عربة، فقد تخلت سابقا عن دول وشعوب.
خامسا، لا يمكن مواصلة الحوار الداخلي في الأردن، بذات الطريقة، اي التهويل من اقامة “الوطن البديل” في الأردن، لأن اسرائيل ذاتها كما اشرت تريد ارض الأردن ايضا، ولا تريد اصلا دولة للفلسطينيين لا في فلسطين، ولا تقبل بدولة فلسطينية اصلا في الأردن، تجاورها وتهدد خاصرتها وهذا يعني ان المخطط اخطر، وقد يبدأ بالتهجير الى الأردن، وصولا الى محاولة دخول الأردن واحتلاله، او اقتطاع مناطق منه والعبث بالتركيبة الداخلية، لاعتبارات تتعلق بتوارتية المشروع الاسرائيلي، ومساحاته الجغرافية المفترضة، وهذا يعني ان ادارة الحوار يجب ان تخضع لفكرة المهدد الاسرائيلي الاستراتيجي لاهل الأردن وفلسطين بذات الدرجة، بدلا من ادارته على طريقة غرائزية تقول ان الفلسطينيين مجرد عبء مرهق، وسوف يستولون على الأردن نهاية المطاف، فهذا حرف للنقاشات عن اساسها، وتضليل للجمهور، يقوم على الاستثمار في الغرائزية.
الخلاصة تقول هنا ان اسرائيل بكل حساباتها حين تتورط بحرب تستمر اكثر من سنة، لا تمثل حالة حرب مع تنظيم في غزة، فهي دخلت حرب اعادة رسم الجغرافيا والديموغرافيا معا.
إن البصيرة نجاة في هذه الظروف.
الغد
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الأردن الضفة الغربية سواليف الضفة الغربیة وادی عربة لا یمکن
إقرأ أيضاً:
لوموند: إسرائيل تفرض نظاما غير مسبوق من الإرهاب في الضفة الغربية
مستوى العنف الممارس على الفلسطينيين في الضفة الغربية لم يسبق له مثيل، إطلاق نار قاتل من قبل الجيش، وضرب مبرح على يد المستوطنين، ومداهمات واعتقالات تعسفية، وتعذيب داخل السجون، إنه وضع من الإرهاب.
بهذه المقدمة افتتحت صحيفة لوموند تحليلا بقلم مراسلها في القدس لوك برونير يقدم فيه صورة شاملة عن التحول العميق الذي شهدته الضفة الغربية خلال العامين الأخيرين، حيث تفرض إسرائيل عبر الجيش والمستوطنين والأجهزة الأمنية نمطا جديدا من السيطرة يقوم على العنف الممنهج، والردع بالترهيب، والعقاب الجماعي.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2نيويورك تايمز: مخيمات تنظيم الدولة في صحراء سوريا قنابل موقوتةlist 2 of 2موقع إيطالي: هل تنافس غواصة "ميلدن" التركية نظيراتها الأوروبية؟end of listبدأ المراسل مقاله بمشهد من كفر عقب، وهو حي يقع بين القدس ورام الله قتل فيه جنود حرس الحدود شابين فلسطينيين بدم بارد، وزعموا أنهم واجهوا أعمال شغب، ورشقا بالحجارة وإطلاق ألعاب نارية.
ويعرض المقال عبر شهادات السكان حالة الرعب التي يعيشونها يوميا، حيث الخوف من الجيش والشرطة وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) صار جزءا من الحياة اليومية، وكذلك الخوف من السفر بين المدن، ومن المداهمات الليلية، ومن الاعتقال دون تهمة.
يقول موظف في أحد المطاعم -طالبا عدم ذكر هويته- إن "الجنود يأتون ويغلقون الطريق ثم يطلقون الغاز، وأحيانا الرصاص دون سبب، إنهم يرهبوننا".
ويضيف آخر أنه يحلم باللجوء إلى إسبانيا، ويقول ثالث "يريدوننا أن نرحل"، ويقول رابع "الدم الفلسطيني يسيل ولكنه لا يساوي شيئا، لا أحد يوقفهم".
وتتردد هذه الأقوال -حسب المراسل- في رام الله وبيت لحم ونابلس وطوباس وفي كل الضفة تقريبا، حيث غيّر الاحتلال العسكري طبيعته جذريا منذ وصول حكومة اليمين واليمين المتطرف بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو نهاية 2022 حسب مصادر فلسطينية وإسرائيلية عديدة، وتضاعف ذلك بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
إعلانويؤكد الكاتب أن مستوى القمع لم يبلغ هذا الحد منذ بدء الاحتلال عام 1967، إذ تشير الأرقام إلى مقتل 1043 فلسطينيا خلال عامين وإصابة أكثر من 10 آلاف، في حين تُظهر إحصاءات الأمم المتحدة ارتفاعا حادا في عدد الضحايا المدنيين، بمن فيهم النساء والقاصرون وذوو الإعاقة، كما تقول الصحيفة.
وتقدر 12 منظمة حقوقية إسرائيلية أن السبب الرئيسي لتصاعد العنف العسكري غير المسبوق هو تخفيف قواعد إطلاق النار واعتماد تكتيكات قتالية مأخوذة من الحرب في غزة، مما يعني إطلاق النار بكثافة أكبر وفي ظروف أقل وضوحا.
وأشار المراسل إلى استخدام المروحيات الهجومية، وتدمير مخيمات اللاجئين في جنين وطولكرم بشكل شبه كامل، إضافة إلى تدريبات عسكرية تستند إلى سيناريوهات ضربات جوية داخل الضفة، في خطوة غير مسبوقة تكشف أن القيادة العسكرية باتت تتعامل مع الضفة كمنطقة قتال مفتوحة.
وتُظهر المعطيات أن التحقيقات في عمليات القتل نادرة والأحكام شبه معدومة، إذ لم تصدر سوى عقوبة رمزية خلال أ4 سنوات، في حين أن الأغلبية العظمى من الشكاوى لا تصل إلى المحاكم، مما يجعل الجنود يعملون دون خشية من المحاسبة.
وحتى عندما توثق الكاميرا عمليات إعدام لمدنيين بوضوح كما حدث في جنين -كما يقول المراسل- يخرج وزراء مثل وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير للدفاع العلني عن الجنود.
وخلال عامين -كما تقول منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان- استشهد نحو 100 معتقل فلسطين في السجون الإسرائيلية، بينهم 26 من الضفة الغربية.
ويتحدث المقال عن شهادات متكررة بشأن تعذيب جسدي وجنسي وإهمال طبي متعمد تدعمها تصريحات بن غفير نفسه الذي تحدّث صراحة عن ضرورة تجويع الأسرى، مما يعكس سياسة ممنهجة لإسقاط الأسير نفسيا وجسديا.
وكذلك، اعتُقل في العامين الأخيرين أكثر من 21 ألف فلسطيني في الضفة -أغلبهم دون تهمة- ضمن نظام "الاعتقال الإداري"، كما نفذ الجيش عمليات تمشيط واسعة شملت مئات المنازل يرافقها الضرب غالبا والإهانات والقيود، إضافة إلى احتجاز جماعي طويل في العراء أو الملاعب، كما يقول المراسل.
وإلى جانب ذلك توسعت سياسة العقاب الجماعي، من إغلاق للطرق والمدن بشكل كامل، وتدمير البنى التحتية الأساسية، واحتجاز جثث الشهداء لأشهر، واستخدام الحواجز بشكل يخنق الحياة اليومية، وهو ما يصفه أحد رؤساء البلديات قائلا "نعيش في سجن كبير"، حسب ما أورد المراسل.
وكشفت منظمات إسرائيلية عن ظاهرة "منهجية" من نهب الأموال والذهب والممتلكات خلال المداهمات، وهي ممارسات موجودة منذ عقود لكنها ازدادت وتحولت إلى أمر اعتيادي دون محاسبة، حسب المراسل.
ويلعب المستوطنون دورا محوريا في منظومة القمع هذه، وقد ارتفعت الاعتداءات على الفلسطينيين، بما فيها أكثر من ألف إصابة مع توسع عمليات الاستيلاء على الأراضي حتى بلغت 1600 اعتداء منذ بداية العام، وهو أعلى رقم على الإطلاق، حسب المقال.
وذكر المراسل أنه منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وزعت السلطات الإسرائيلية 220 ألف رخصة سلاح جديدة، ذهب عدد كبير منها للمستوطنين الذين أصبحوا أشبه بمليشيات خاصة، وقد قفز عدد البؤر الاستيطانية غير القانونية إلى مستويات قياسية بلغ 32 بؤرة عام 2023، وفي عام 2024 بلغ 61 بؤرة، و68 خلال أشهر قليلة في عام 2025.
منظمات إسرائيلية كشفت عن ظاهرة "منهجية" من نهب الأموال والذهب والممتلكات خلال المداهمات، وهي ممارسات موجودة منذ عقود لكنها ازدادت وتحولت إلى أمر اعتيادي دون محاسبة
وفي هذا السياق، تبدو الضفة الغربية -حسب المقال- منطقة مخنوقة اقتصاديا ومجتزأة جغرافيا ومهددة في هويتها الوطنية.
إعلانويرى ناشطون فلسطينيون أن إسرائيل لم تعد تسعى فقط إلى "قمع المقاومة"، بل إلى إلغاء الوجود الوطني الفلسطيني نفسه في الضفة الغربية.
ومع ارتفاع عدد القتلى والمعتقلين والجرحى بشكل هائل ومع يأس الناس من أي حماية يسود شعور بالخوف والغضب، ويتوقع كثيرون انفجارا مقبلا، خاصة أن السلطة الفلسطينية تفقد ما تبقى من شرعيتها، وينظر إليها على أنها شريك في إبقاء الوضع القائم عبر التنسيق الأمني مع إسرائيل، ويقول أحد تجار كفر عقب "نعيش تحت احتلالين، إسرائيل والسلطة الفلسطينية"، حسب تعبيره.