الفريق العطا الجنرال والوصاية الجبرية!!
تاريخ النشر: 12th, September 2024 GMT
الفريق العطا الجنرال والوصاية الجبرية!!
بثينة تروس
الفريق أول ياسر العطا زار متحرك (المنتصر بإذن الله) منطقة المصورات وأبت نفسه إلا أن يبشر الشعب المحروب، المكروب، الجائع، الغريق، اللاجئ، بأن العسكر أوصياء على من سيظل منهم أحياء، حتى بعد الانتخابات.. وعدهم مكبراً ومهللاً انهم أصحاب الحاكمية، مؤكداً التصريحات السابقة للجنرال البرهان بعد اول محاولة انقلابية في الفترة الانتقالية، بأنهم الاوصياء على الشعب (وانه لن تتمكن أي جهة من ابعاد القوات المسلحة عن المشهد).
أولاً هذه التصريحات أعادتنا لمجزرة فض الاعتصام، وعسكر الجيش والدعم السريع ينهالون بكعوب البنادق، والعصي، والسياط، فوق رؤوس الثوار وهم يتصايحون (قول عسكرية) إذلالا للثوار وتهكما من المطالب الثورية بالمدنية والعسكر للثكنات.
والفريق العطا وظّف نفسه عرافاً وكاهناً للحرب، فبعد ان منّ الشعب بأنها حرب لن تتجاوز الست ساعات، رجع وحدثهم ان اصبروا فهي لن تتعدى أسبوع أسبوعين، وتمددت نيران حرب الدمار، وارتفعت أصوات مليشيات الجيش بالتهديد: اين دور الجيش!! وبعد أن توالت هزائمه وفشلت حملات الاستنفار وتبدلت مراحلها من مستنفرين الي مقاومة شعبية ثم حرب كرامة، قدموا فيها ابناء المساكين والفقراء كقربان وكباش فداء، رجع العرّاف ليكلمهم ان اصبروا النصر قادم، ولو استمرت الحرب مائة عام.. فدعاوى وقف الحرب لا تعنيهم طالما أن أهلهم وأولادهم اَمنين، واليوم أكمل خطبته، انه لا غيره (نفس الزول) الجنرال البرهان في مقام الحاكم العسكري الأوحد، وللشعب ان يتصور كم عدد سنين الفترة الانتقالية، التي يرأسها الجنرال، ثم تعقبها انتخابات (مخجوجة) نسبة الفوز فيها 99.9% ولا رئيس غير الجنرال البرهان فليخرس المتنافسون.
المثير للدهشة في تصريحات العراف العطا انه لا يقيم حتى للمؤسسة العسكرية احتراماً في ظل هذه الأوضاع الحرجة لتاريخها، حاضرها ومستقبلها، فهو يترك الحديث عن أخطر ما تواجهه البلاد، و انشغال 11 مليون سوداني نازح ولاجئ داخل البلاد بمصيرهم المجهول.. وذلك بعد صدور قرارات المجتمع الدولي وتقرير لجنة تقصي الحقائق، بأن طرفا الحرب ارتكبا جرائم حرب فظيعة ضد المواطنين، ومتابعتهم المشفقة هل تنجح تلك القرارات في إيقاف نزيف الدم السوداني بوقف الحرب وحماية الوطن من التجزئة! وهل سوف تعين في وصول المساعدات الانسانية المنقذة لحياتهم، وان كان سيتم ذلك دون وصاية، تقود البلاد لسيناريوهات بلدان الجوار في العراق واليمن وسوريا والصومال قبلهم؟
وفي غمرة انشغال الفريق العطا بأحلام العسكر في السلطة، واقحام الجيش في السياسة واستمرار انتمائه للحركة الإسلامية، ورجالات جيشها، واستعادة السيطرة على اقتصاد البلاد والعودة لسابق نصيب المؤسسة من ميزانية الدولة 82%.. ولم يفعل العطا غير تأكيد انصراف الجيش عن عقيدته القتالية الأساسية في حماية الوطن والدفاع عن الشعب، ومهامه المدنية يجب ان تنحصر فقط! في تقديم المساعدات الإنسانية اثناء الكوارث الطبيعية لكن هيهات،، بل تناسى انه يخاطب جنود كانت ميزانية الدولة لتعليم أبناءهم لا تتجاوز 2% مقابل حصة الجنرالات واهليهم، واليوم يخوضون حربا بلا بنية تحتية عسكرية، ينقصهم عتاد عسكري ومشاة مدربين مؤهلين للانتصار، وقد شهدهم الشعب في الإعلام وهم حفاة الاقدام، يقاتلون ببطون خاوية، يقتاتون من صيد القطط الضالة، وغيرها من خشاش الارض الذي لا يسد الجوع.. فهو لم يخاطبهم ويعدهم بحق التعليم الجيد لأبنائهم أو سبل العيش الكريم لهم ولأسرهم ولم يحدثهم عن دور الجيش في استتباب الامن حتى يتم استعادة عافية البلد لكي تتمكن الحكومات المقبلة من تحسين اقتصادها، وإصلاح ما خربته الحرب من بنية تحتية، فيشهد العالم موعود السودان في انه سلة غذاء العالم، بل كان منشغلا عن حقيقة حال الجنود، الذين خاطبهم بقوله انهم لا يحتاجونه لرفع معنوياتهم! بل هو اتي ليستمد منهم المعنويات! هؤلاء الجنود الذين استأثر القادة ذوو الرتب الكبيرة بكل مخصصات واموال الجيش وكان نصيبهم كما الشعب الفتات، وقد هتف ثوار ديسمبر يذكرونه هو ورهطه (الجيش جيش السودان.. الجيش ما جيش البرهان) واليوم العطا يعيد الكرة ليذكرهم بأن الجيش وجميع البلاد ملك للجنرال البرهان وشلته الفاسدة..
tina.terwis@gmail.com
الوسومالانتخابات الجيش الحرب الدعم السريع السودان العسكر الفريق ياسر العطا المصورات بثينة تروس عبد الفتاح البرهان فض الاعتصامالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: الانتخابات الجيش الحرب الدعم السريع السودان العسكر الفريق ياسر العطا المصورات عبد الفتاح البرهان فض الاعتصام الفریق العطا
إقرأ أيضاً:
ملتقى فكري حول رؤية للخروج من الحرب ومعالم العقد الاجتماعي الجديد (كمبالا، 15-17 يونيو 2025).. تعقيبات على الأجندة
ملتقى فكري حول رؤية للخروج من الحرب
ومعالم العقد الاجتماعي الجديد
(كمبالا، 15-17 يونيو 2025)
تعقيبات على الأجندة
الواثق كمير
الشكر والتقدير للصديقين شمس الدين ضو البيت (مشروع الفكر الديمقراطي) والمحبوب عبد السلام (حركة تضامن من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية) على دعوتهم لي للمشاركة والمساهمة في هذا اللقاء الفكري حول رؤية للخروج من الحرب ومعالم العقد الاجتماعي الجديد.
وأنا أُطالع عنوان المنتدى حول “رؤية للخروج من الحرب ومعالم العقد الاجتماعي الجديد”، خطر ببالي للتو أن أن أُشرككم معي في البحث عن إجابات على أسئلة رئيسة أرى أنه بدونها فمن الصعب، إن لم يكن من المستحيل، التوافق على رؤية لوقف الحرب ولتأسيس سودان ما بعد إنهائها.
ولكن، حالما أكملت الاطلاع أكثر من مرة على أجندة وأهداف المنتدى، وجدت نفسي مُستغرقاً في ملاحظات مهمة قد تجد استجابة من أصحاب الدعوة ومُنظمي المنتدى والمشاركين فيه، وقد تُثري لاحقاً مجهوداتهم المبذولة لتُحقق نتائج أفضل. (وليس بالضرورة أن تُزحِم أجندة النقاشات خارج سياق محاور المنتدى الحالي). سأكتفي في هذه المداخلة بطرح هذه الملاحظات، على أن أُلحقها بالأسئلة التي تبحث عن إجابات عن وقف وإنهاء الحرب في مقال آخر.
I. أول ملاحظة ليّ هو اكتفاء الدعوة للحوار بالتركيز على الهدف”الكُلي”، أو الغاية، وهو “استعادة دور المثقف”، بدون تعريف أهدافٍ “مُحددة” specific objectives تقود نتائجها المتوقعة إلى تحقيق الهدف النهائي، مما يُسهل عملية تقييم ما تحدثه الحوارات السابقة والمستقبلية من “تأثير” impact ومُحددات قياسه.
II. حقيقة، استوقفتني عبارة أن هذا الحوار يهدِفُ إلى “استعادة دور المثقف والحكيم والعالم وسلطته الروحية والمجتمعية واستئناف عمله النبيل الذى أرسى أوتادا لشعوب السودان وأقوامه نحو وطن يساهم فيه الجميع”. فإذا تجاوزنا الجدال حول تعريف من هو المثقف، فما هو أصلاً كان دور هذا المثقف في إرساء أوتاد البلاد، وما هي معايير تقيمه وقياسه. حقيقة، نحتاج إلى دراسة وبحث مُعمق لمساهمات المثقفين السودانيين فى تشكيل الخطاب السياسي وتعزيز الوعي وطرح رؤى وأفكار جديدة، وفي إحداث التغيير الاجتماعي في السودان، منذ مؤتمر الخريجين في سياق الصراع ضد الحكم الأجنبي، ومن خلال سيرورة تطور الحركة المطلبية”المهنيه”، التي عمادها المثقفين، بسبب الخلط المفهومي بين “النقابة”و”الحزب السياسي”.
فالصراع السياسي-الاجتماعي في السُّودان بعدالاستقلال، تميز بالتنافُر والصراع بين القوى السياسيَّة “التقليديَّة” والقوى “الحديثة” من ناحية (رغماً عن أن المفهومين مُثيرين للجدل، وهذا ليس بمكانه)، وبين الحركة النقابيَّة والدولة، من ناحية أخري. للمُفارقة، مع أن الحركة النقابية، للمُفارقة، ظلت تاريخياً في طليعة المناصرين والمدافعين عن الديمقراطيَّة، إلاّ ما وفرته لانقلاب مايو 1969 من دعم ومساندة، تجلت في الحشد الجماهيري غير المسبوق الذي نظمته التنظيمات النقابية في 2 يونيو 1969. وبحكم نشاطي النقابي ومتابعتي أزعم بأنّ الصراع بين النقابات وأنظمة الحكم المتعاقبة، بشكل كبير، فى تقويض النظام البرلماني بما شهدته، مثلاً، فترة الحكومة المُنتخبة 1985-1989 من إضرابات ومظاهرات هيأت البيئة المواتية التي استغلتها الجبهة الإسلامية تمهيداً للإنقلاب. فهذه من أهم تناقضات الحركة النقابية السودانية، التي تستدعي الحوار الجاد والنقاش المُثمر. ولذلك، في ظني أنّه قد يكون من المهم أن يبتدر المثقفون “الناشطون” مراجعةً نقديةً شاملةً لتقييم مساهماتهم ودورهم، مهما كان قدرها، فيما آلت إليه البلاد، طالما ظلوا هم أنفسهم يطالبون الأحزاب والقوى السياسية ب”النقد الذاتي”.
III. اعتقد أنّه على خلفية المجهودات المبذولة من قبل “مشروع الفكر الديمقراطي”، فمن الجدير إعادة النظر في المناهج والمقاربات وأساليب تناول الموضوعات، وربما الأهم الإشراك الحقيقي للقوى “المجتمعية، و”الشبابية”. فحقيقة، هناك حاجة مُلحة لتنظيم حوارات قاعدية مجتمعية، وحوارات تغلُب فيها المجموعات الشبابية. فالقواعد الاجتماعية، في تمظهراتها المتعددة، تكاد تكون مُستبعدة تماماً من المشاركة في الحوارات التي تُنظمها المجموعات الفكرية المختلفة. فهذه الحوارات تظل شبه مُحتكرة لصفوة المثقفين، والقوى السياسية والحزبية، والمجموعات المجتمعية الموسومة ب “القوى المدنية”، مما يحِد من مساحة التأثير.وهنا، لا يفوتني أن أذكر أنّ التمثيل “المجتمعي”، في سياق الصراع السياسي، منقوص ويقتصر إلى حدٍ كبير على هذه القوى بكونها مُعبِرة عن المجتمع المدني، بينما الصحيح أنّها قوى “مدينية” (حضرية urban) في إطار مجتمع مدني عريض يضم الريف والحضر ويعُم كل أرجاء البلاد. فمفهوم “القوى المدنية” تم صكه خلال ثورة ديسمبر ليعبر عن التشكيلات المجتمعية غير المُنظمة حزبياً (وليس سياسياً)، في مقابل مصطلح “القوى الحديثة” الذي استخدمته قوى انتفاضة مارس-أبريل 1985.وبينما يُمثل الشباب الغالبية العظمى من سكان البلاد (61%)، وهم من شكل القيادة الحقيقية لثورة ديسمبر وكانوا أصحاب الدعوة الحقيقية للتغيير، يتم تغييبالجيل الفاعل من الشباب عن المساهمة الحقيقية في منتديات مراكز البحث والتفكير، وحرمانهم من المشاركة في الشأن العام وفي رسم أجندة المستقبل لهم وللبلاد. وقد علِمتُ، مثلاً، من منظمى المنتدى أنَ المدعوين من الشباب للمشاركة في هذا الملتقى لا يتجاوز عددهم السته فقط (15% من جملة المدعويين). ومع ذلك، فما أسعدني هو انتباه المُنظمين لموضوع استبعاد الشباب وضرورة وجودهم في المحافل الفكرية والسياسية، بل وأنهم بصدد الإعداد وتنظيم لقاءٍ ثانٍ تنعكس فيه نسبة تمثيل الشباب بصورة ملموسة.
IV. الأجندة الأربع المطروحة للحوار ولو أنها تبين موضوعات مرتبطة مع بعضها البعض في النظر إلى الصراع السياسي والاجتماعي في البلاد في أبعاده ودلالاته، إلا أنّها تبدو مُنفصلة ومستقلة من حيث المقاربة الموضوعية والمعالجة الفكرية. فمحاور الحوار تركز الحوار على مسائل الأيدلوجيات الشمولية والتهميش المناطقي والسكانى وعسكرة الحياة العامة والسؤال هو: هل هذه العناصرالتي تُمثل الأسباب الجذرية لحروب السودان أم هي أعراض وتمظهرات العِلة أو منتجات جانبية؟أم أنّ أكبرّ جذور المشكلات هو غياب المشروع الوطني أو العقد الاجتماعي الذي يبحث عنه هذا اللقاء التفاكري؟
V. إنّ الحرب قد أفرزت تحديات تصل لتهديد وجود الدولة السودانية ممايستدعي نقلة نوعية في التفكير paradigm shift، والانعتاق من المناهج القديمة ولمقاربات ومنهجيات غير تقليدية، ووضع أجندة جديدة لسيرورة الحوار يشارك الشباب ومجموعات القواعد المجتمعية (المدنية) في رسمها.وعلى سبيل المثال، وبحسب علمي، فقد تم تداول كل جوانب موضوع الإيديولجيات الشمولية وحقوق المواطنة المتساوية، خلال “الملتقى السوداني حول علاقة الدين والدولة”، نيروبي 23- 25 فبراير2017.كنت أتوقع الإشارة إلى هذا الملتقى الهام وما توصل عليه من خلاصات صدرت في بيانه الختامي، والنتائج المتوقعة من إعادة الحوار حوله.
VI. بما أنّ هذه الحرب الجارية ربما حملت ميلاداً لصفحةٍ جديدةٍ فى تاريخ السُّودان، وانقسم حول تفسيرها وفهم طبيعتها السودانيون سياسياً واجتماعياً، وهددت وحدّة البلاد وهتكت نسيجها الاجتماعي، ودمرت بنيتها التحتية، فهناك حاجة مُلحة لدراسة بحثية مُعمقة تجيب على السؤال الرئيس: لماذا فشلت كل محاولات التغيير وأهُدرت فرص ثلاث انتقالات ثورية، إضافةً إلى انتقال سسياسي سِلمي على إثر اتفاقية السلام الشامل، حتى اندلعت حرب أبريل 2023؟ فمقارنة بتجارب أفريقية مُتعددة نجد عدداً من الدول في شرق وغرب وجنوب القاهرة قد طوت نزاعاتها وأوقفت حروباتها عن طريق التطور الدستوري evolution وتحولت إلى ديمقراطيات مُستدامة، وليس عبر الثورات والانتفاضات الشعبية.فلعل أن تكون دروس وعِبر هذه الحرب هي الباعث والحافز للقوى السياسية والمدنية والمجتمعية لتفادي نهجها السابق والقطيعة مع منهجها القديم في التعاطي مع أزمات البلاد خلال الفترات الاتتقالية التي تعقب الثورات الشعبية تحت عنوان: الصراع على سلطة وإدارة الانتقال.
خاتمةبالرغم من توفر الكتابات والتحليلات المتناثرة حول تجارب البلاد الانتقالية، إلاّ أنّنا نحتاج لمرجعة واعادة قراءة هذه التجارب ولكن وفق منهجية لا تقوم فقط على الدعوة لكتابة الأوراق ضمن محاور متعددة في كل منتديات المراكز الفكرية، ومن ثم ينفض السامر ليعود مرة أخرى. أقترح أن يقوم المشاركون في هذا المَحفَل بالعهد إلى مجموعة دراسية بحثية (ليس بالضرورة من المشاركين أنفسهم) تستخدم الوسائل المنهجية والعلمية، وتضم متخصصين في علم السياسة والاجتماع والاقتصاد، لها القدرة في البحث والنظر خارج الانحيازات السياسية والفكرية، للقيام بهذه المهمة الدراسية بالإجابة على السؤال: لماذا، تتعثر كل انتقالاتنا في تحقيق التغيير والتحول الديمقراطي الذي كان ينشده السودانيون وقواه الشابة الحية؟ذلك، بجانب طرح خلاصات ونتائج الدراسة في اجتماعات متنوعة ومتعددة بمشاركة مُقدرة للشباب والقوى المجتمعية والأهلية.
[email protected]
القاهرة، 12 يونيو 2025
الوسومالسودان القاهرة المحبوب عبد السلام الواثق كمير حركة تضامن من أجل الديمقراطية والعدالة الاجتماعية رؤية للخروج من الحرب ومعالم العقد الاجتماعي الجديد شمس الدين ضو البيت كمبالا مشروع الفكر الديمقراطي