هل تتسبب العقوبات الأمريكية على روسيا في ظهور بديل عن نظام سويفت؟
تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT
أوصت ورقة علمية أعدها مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات في العاصمة اللبنانية بيروت بتظافر جهود الدول المتضررة من العقوبات الأمريكية على روسيا من خلال العمل على اعتماد نظام موحد فيما بينها كبديل عن نظام سويفت، والدمج بين عدد من نظم الدول المختلفة.
ودعت الورقة، التي تناقش أثر استخدام الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا لنظام سويفت في العقوبات الدولية في اتجاه التخلي التدريجي عن نظام سويفت والتحول إلى أنظمة أخرى، إلى تعزيز التكتلات الاقتصادية الموازية أو المناوئة للتكتلات الغربية مثل تكتل البريكس أو الدول التركية أو غيرها.
كما أوصت الورقة، التي أعدها الأستاذ الدكتور محمد إبراهيم مقداد، البروفيسور في الاقتصاد، والذي يشغل منصب نقيب الاقتصاديين الفلسطينيين، والأستاذ محمد عبد الهادي نصار، باحث دكتوراه في الاقتصاد في جامعة بورصة أولوداغ بتركيا، بالتخلي التدريجي عن استخدام الدولار كوسيلة للمدفوعات الدولية، وحثت الدول المتخوفة من تهديدات الغرب أو المهددة بالعقوبات فعلاً على التجرؤ على اتخاذ قرارات إصدار العملة الموحدة والعمل في نظام بديل عن سويفت.
وقد ظهر نظام سويفت سنة 1973، ويستخدم رموزاً معيارية لتمييز المصارف والبنوك، ويتيح للمؤسسات المالية إرسال واستلام المدفوعات والتحويلات المالية بطريقة آمنة وفعالة، ويستخدم سويفت أيضاً لتبادل المعلومات الأخرى المتعلقة بالتحويلات المالية.
وعرف نظام سويفت العديد من التطورات التقنية على مدار السنوات، وصولاً لتعميم استخدام المنظومة الجديدة سويفت نت SWIFTNet مع حلول سنة 2004، مما اعتُبر تطوراً نوعياً سمح بالتواصل الآني بين الحواسيب، وإنشاء خدمات جديدة موجهة إلى زبائن جدد مثل صناديق التحوط، وصناديق التقاعد، وسماسرة أسواق المال، بالإضافة إلى المؤسسات غير المالية.
وأشارت الورقة إلى أن من أهداف نظام سويفت ألا يكون النظام المالي العالمي تحت سيطرة أو احتكار كيان معين، ويشترط كجزء أساسي من قواعده عدم الانحياز إلى أي من الدول الأعضاء، إلا أن الهيمنة الأمريكية والأوروبية عليه ساعدت في تمكينها من فرض العقوبات الدولية على الكثير من الدول التي تخالف سياساتها، حيث قامت الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية في شهر شباط / فبراير 2021، وفي أعقاب الغزو الذي شنته روسيا على أوكرانيا، باتخاذ مجموعة من الإجراءات العقابية تجاه روسيا ومنها طرد مجموعة مختارة من البنوك الروسية من سويفت، بما في ذلك سبير بنك، أكبر بنك في روسيا، بهدف عزل الكرملين عن الاقتصاد العالمي، واستنزاف الموارد المالية التي تساعد روسيا في الغزو العسكري لأوكرانيا.
وخلصت الورقة إلى أنه في ظلّ سيطرة نظام سويفت، ما يزال الدولار يحتل المرتبة الأولى على صعيد أوامر الدفع العالمية وفق بيانات شهر نيسان/ أبريل 2023، وذلك بنسبة 59.74% من مجموع الأوامر المالية التي تمت عبر سويفت حول العالم، وبالتالي فإن سيطرة الدولار وهيمنته عالمياً تجعل الأمر صعباً أمام التحول نحو نظم بديلة على صعيد أوامر الدفع العالمية، وأشارت الورقة إلى عدم وجود احتمال واقعي بأن بكين وموسكو ستُنشئان نظاماً مشتركاً حيويّاً يمكّن روسيا والصين من الاستغناء عن نظام سويفت.
ونبَّهت الورقة إلى أنه وبالرغم من أن مئات المصارف الروسية قد تبنّت نظام سبفس، إلا أن عدداً قليلاً فقط من المصارف الدولية قامت بذلك، والعديد منها لا يستخدم هذا النظام بشكل فعال. وتشمل تفسيرات هذه الندرة في التبني مخاوف بشأن عدم كفاءة النظام، وساعات العمل المحدودة، وانخفاض أعداد المشاركين، ناهيك عن التأثير السياسي والاقتصادي الذي قد تمارسه موسكو على المصارف الأجنبية التي تنضم إلى مستخدمي النظام البديل.
ولاحظ الباحثان أن الدور الذي تلعبه النظم البديلة عن سويفت وخصوصاً نظام المدفوعات الروسية والصينية ما زال محدوداً ولكنه يتنامى مع الزمن، وستزداد قوة التحالف في حالة انضمام دول البريكس الأخرى؛ ما سيعجّل إضعاف الدولار الأمريكي، ويزيد من احتمالية التخلي عن الاعتماد على عملة دولة واحدة فقط، والتوجه نحو تبني سلة من العملات القوية وتعزيز قيمة عملاتها المحلية.
ورجح الباحثان أن يكون لنظام سبفس الروسي وسيبس الصيني مجتمعين أثر كبير في تفعيل نظام دولي جديد يعد أساساً للتحول عن نظام سويفت العالمي المحكوم أوروبياً وأمريكياً. فنظام سبفس الروسي يشتمل في مجموعته على 423 مصرفاً في 23 دولة، ونظام سيبس الصيني يشتمل في مجموعته على 1452 مصرفاً أو مؤسسة مالية في 185 دولة، مما يجعلهما مجتمعين مؤهلين لإصدار نظام جديد للمدفوعات المالية، وخصوصاً إذا تمّ تشجيع مجموعة البريكس لاعتماد عملة البريكس الموحدة لجميع هذه الدول.
ورأى الباحثان أن قوة التحالف الروسي ـ الصيني في مواجهة العقوبات الغربية، سيزيد قوة ونفوذ الصين في مواجهة الولايات المتحدة الأمريكية، وسيسهم في تغيير موازين القوى العالمية؛ حيث ستتحول الدول وشركاتها ومنتجو الصناعات الأخرى إلى تسويات معاملاتها الخارجية من خلال العملات المحلية عبر نظم المدفوعات البديلة عن سويفت، كما يسهم في ظهور تحالفات جديدة ستؤثر على خريطة الاقتصاد العالمي، وتؤثر بالتبعية على اقتصاد العديد من الدول الاقتصادية الكبرى؛ حيث يتبنى الاتجاه الروسي ـ الصيني، الاتحاد الاقتصادي الأوراسي وكذلك دول منظمة شنجهاي للتعاون للتنسيق فيما بينها لبدء التخلي المنظم والتدريجي عن استخدام الدولار كعملة تبادل رسمية، والاعتماد على العملات الوطنية في معاملاتها وتكوين احتياطاتها المالية، واستخدام النظم البديلة عن سويفت، مما سيسهم مع الزمن إلى تراجع أمريكا عن استخدام سويفت كسلاح عقوبات ضدّ الدول.
وفرضت العقوبات على روسيا لأول مرة عام 2014 ردا على تصرفات موسكو المزعزعة لاستقرار الوضع في أوكرانيا، وجرى توسيعها بشكل كبير بعد فبراير/ شباط 2022 على خلفية العدوان العسكري الروسي ضد أوكرانيا".
وتشمل حزم العقوبات مجموعة واسعة من التدابير، بما في ذلك القيود المفروضة على التجارة والتمويل والتكنولوجيا والسلع ذات الاستخدام المزدوج والصناعة والنقل والسلع الكمالية.
كما تشمل أيضا قيود السفر، وحظر واردات الذهب من أصل روسي، وحظر استيراد أو نقل النفط الخام المنقول بحرا وبعض المنتجات البترولية من روسيا إلى الاتحاد الأوروبي، باستثناء البنوك الروسية الرئيسية من نظام مدفوعات SWIFT، وتعليق البث وأنشطة وتراخيص العديد من وسائل الإعلام المدعومة من الرئاسة الروسية "الكرملين".
ومنذ 24 شباط / فبراير 2022، تشن روسيا هجوما عسكريا على جارتها أوكرانيا، ما دفع عواصم في مقدمتها واشنطن إلى فرض عقوبات اقتصادية شديدة على موسكو.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات روسيا الغزو روسيا اوكرانيا تداعيات غزو سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الورقة إلى إلى أن
إقرأ أيضاً:
قائمة حظر السفر الأمريكية تتوسع.. 36 دولة مهددة بقيود جديدة بينها مصر وسوريا
تتجه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى توسيع قائمة حظر السفر إلى الولايات المتحدة، لتشمل 36 دولة جديدة، بينها دول حليفة واستراتيجية مثل مصر وسوريا وجيبوتي ونيجيريا، وذلك ضمن سياسة أشمل تهدف إلى تشديد قيود الهجرة والتأشيرات بشكل غير مسبوق.
ووفقًا لمذكرة داخلية صادرة عن وزارة الخارجية الأمريكية، وموقعة من الوزير ماركو روبيو، تم توجيه تعليمات إلى البعثات الدبلوماسية الأمريكية بالتواصل مع حكومات هذه الدول لتقديم خطط عمل أمنية وهجرية مفصلة خلال مهلة مدتها 60 يوماً، وإلا ستُفرض قيود جديدة على دخول مواطنيها إلى الولايات المتحدة. وحددت الوزارة الساعة الثامنة من صباح أحد أيام الأربعاء المقبل موعداً نهائياً لتسلّم هذه الخطط، دون تحديد تاريخ نهائي لدخول الحظر حيّز التنفيذ.
قائمة الدول المستهدفة
تضم القائمة 36 دولة قيد المراجعة، تشمل: 25 دولة إفريقية: من بينها مصر، السودان، السنغال، جنوب السودان، إثيوبيا، نيجيريا، الكاميرون، الغابون، غانا، موريتانيا، بوركينا فاسو، مالي، ليبيريا، زيمبابوي، زامبيا، أنغولا، كوت ديفوار، الرأس الأخضر، مالاوي، غينيا، ساو تومي وبرينسيب. دول في آسيا الوسطى: مثل قيرغيزستان وبوتان. منطقة الكاريبي: أنتيغوا وبربودا، دومينيكا، سانت لوسيا، سانت كيتس ونيفيس. جزر في المحيط الهادئ: تونغا، توفالو، فانواتو. دول عربية وآسيوية بارزة: سوريا، جيبوتي، مصر.أبعاد القرار
هذه الخطوة تأتي في إطار تنفيذ وعود ترامب الانتخابية المتعلقة بإعادة العمل بسياسة “أمريكا أولاً”، وتشديد الضوابط الأمنية على الحدود والتأشيرات، وخاصة بعد حادثة إطلاق نار في ولاية كولورادو ارتُكبت على يد مهاجر غير شرعي، استُخدمت كمبرر لتوسيع القيود.
وتهدف إدارة ترامب، وفق ما ورد في المذكرة، إلى “إجبار الدول على التعاون في مجالات تبادل المعلومات، والتحقق من هوية المسافرين، والتعاون في ترحيل المهاجرين غير النظاميين”، مشيرة إلى أن “الدول التي لا تمتثل للمعايير الأمريكية قد تواجه حظراً شاملاً على دخول مواطنيها”.
ردود فعل وانتقادات
القرار أثار موجة انتقادات واسعة من أوساط الحزب الديمقراطي ومنظمات المجتمع المدني داخل الولايات المتحدة، حيث وصفه معارضون بأنه يحمل طابعًا عنصريًا وتمييزيًا، ويُعيد إلى الأذهان سياسات الحظر المثيرة للجدل التي اتخذها ترامب في ولايته الأولى.
وكان ترامب قد فرض، مع بداية ولايته الأولى عام 2017، حظراً على دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة، وهي إيران، العراق، سوريا، ليبيا، اليمن، السودان، والصومال، ما تسبب حينها في فوضى في المطارات الأمريكية واحتجاجات داخلية ودعاوى قانونية، إلى أن أقرت المحكمة العليا النسخة الثالثة من الحظر في يونيو 2018.
ورغم أن إدارة الرئيس جو بايدن ألغت هذا الحظر بعد توليه السلطة، فإن ترامب تعهد خلال حملته الانتخابية 2024 بإعادة العمل به وتوسيعه، وقد بدأ فعلاً في يونيو 2025 حين وقّع أمراً تنفيذياً جديداً يحظر دخول مواطني 12 دولة، من بينها أفغانستان، إيران، ليبيا، اليمن، السودان، الصومال، إريتريا، هايتي، الكونغو، غينيا الاستوائية، تشاد وميانمار، إضافة إلى قيود جزئية على سبع دول أخرى.
تداعيات محتملة
توسيع قائمة الحظر ليشمل دولاً حليفة مثل مصر وجيبوتي قد ينعكس سلباً على العلاقات الدبلوماسية والعسكرية، خاصة في ظل الدور المحوري الذي تلعبه هذه الدول في المنطقة، سواء في مكافحة الإرهاب أو في تسهيلات الدعم اللوجستي للولايات المتحدة.
كما يتوقع أن يؤثر الحظر على عشرات آلاف الطلبات السنوية للحصول على التأشيرات من هذه الدول، سواء لأغراض الدراسة أو العمل أو لمّ الشمل العائلي، ما قد يُفاقم من حدة الانتقادات الحقوقية والإنسانية داخل وخارج الولايات المتحدة.
وبهذا يمضي ترامب بخطى متسارعة نحو إعادة تشكيل سياسة الهجرة الأمريكية بمنظور أمني صارم، وسط تحذيرات من تداعيات دبلوماسية وإنسانية وقانونية محتملة، بينما تبقى الأنظار متجهة إلى كيفية تعامل الدول المستهدفة مع المهلة الأمريكية، وما إذا كانت ستلجأ للامتثال أم ستواجه حظرًا شاملًا على سفر مواطنيها إلى الولايات المتحدة.