موقع النيلين:
2025-05-11@07:55:41 GMT

السودان: استنساخ للمشروع الصهيوني في فلسطين!

تاريخ النشر: 11th, August 2023 GMT

السودان: استنساخ للمشروع الصهيوني في فلسطين!


خلال الأيام الأولى للصراع في السودان، كان لافتًا ما عمدت إليه قوات الدعم السريع من عمليات تخريبية أقل ما يقال عنها بأنها تستهدف دولة 1956 في السودان. إذ قامت بالسيطرة على مقر وزارة الداخلية وتدمير السجل المدني، كما عمدت إلى إحراق دار الوثائق القومية التي تعتبر الذاكرة التاريخية للسودان، وتدمير سجلات الأراضي والعقارات، كما أرشيف السلطة القضائية وسجلاتها ومتحفها.

بالإضافة إلى تدمير ثمان متاحف قومية تحتوي على آثار السودان، وعندما سئل المخربون عن سبب التدمير قالوا بكل بساطة لأنها لا تعبّر عنهم. ولدى التأمل بتاريخ الاستيطان والتوطين في السودان والذي جرى خلال الفترة الانتقالية وازداد منذ عام 2019، يربط الباحث السوداني في الشؤون الإقليمية الدكتور محمد حسب الرسول بين هذه الأحداث وبين المشروع الصهيوني في فلسطين، في مقابلة مع موقع الخنادق.

الاستيطان والتطهير العرقي في السودان

بالإضافة إلى الحاضنة السياسية، يعتبر الخطاب السياسي من ركائز الحرب، وقد ركّز على عناوين رئيسة منها إعادة السودان إلى المجتمع الدولي وتبني النيوليبرالية بأبعادها الثقافية والاجتماعية والاقتصادية والقيمية. بالإضافة إلى قبول وصفات وشروط البنك الدولي والتطبيع مع الكيان المؤقت، وقد مثلت تلك العناوين مضامين خطاب تحالف الحرية والتغيير “المجلس المركزي” الذي يُعتبر الحاضنة السياسية لمشروع الحرب في السودان بطبيعتها الاستعمارية الاستيطانية. يرى الدكتور حسب الرسول أن هذا المشروع لا يمكن أن يكتمل من دون توفر العامل الديموغرافي المفضي إلى صناعة سودان جديد يفاصل تاريخه السياسي والثقافي والاجتماعي والتاريخي والحضاري، “لهذا تمت عمليات تهجير مدروسة من عربان الشتات الذين تعثر عليهم الاندماج في مجتمعات دول الساحل والصحراء الأفريقية بعد هجرتهم إليها منذ القرن الخامس عشر الميلادي، فتم تهجيرهم من تشاد والنيجر ومالي وأفريقيا الوسطى وليبيا، ومن بقية دول الساحل الأفريقي إلى السودان، وقد وفرت دولة خليجية المال اللازم لعمليات التهجير والاستيطان داخل السودان”. يقول حسب الرسول. ويشير إلى أنّه في السنوات الأربع الماضية، تمّ توطين بضعة ملايين من المهاجرين من أعراب الشتات في السودان أو “أرض الميعاد الجديدة”، في دارفور وفي وسط وشمال السودان، وعلى امتداد نهر النيل. وذكر أن مليوناً ومئة ألف من هؤلاء المهجرين استخرجت لهم قوات الدعم السريع أرقامًاً وطنية وجوازات سودانية من مركزين أسستهما لهذا الغرض، أحدهما في جنوب ليبيا، والآخر في دولة مالي.

استنساخ المشروع الصهيوني في فلسطين

يرى الباحث والكاتب محمد حسب الرسول بأن محاولة السيطرة على السودان تمرّ الآن بالمراحل نفسها التي استخدمتها الحركة الصهيونية في فلسطين. وما قامت به عصابات “هاغانا” التي تأسست في فلسطين عام 1921 في تأسيس “دولة” الكيان يشابه ما تقوم به منظومة الدعم السريع، بل إن الأخيرة تضطلع بالدور ذاته الذي قامت به الأولى، إذ قامت بدور عسكري مشابه للدور العسكري لـ”الهاغانا”، وكررت الدور نفسه الذي قامت به “الهاغانا” في عمليات تهجير الفلسطينيين، وفي عمليات التطهير العرقي، وفي عمليات الاستيطان، وفي إنشاء المستوطنات. ولئن ارتبطت “الهاغانا” بمنظمة “الهستدروت” (النقابات الصهيونية) و”الماباي”، فإن الدعم السريع يرتبط بنظراء لهذه المنظومات على المستوى المحلي إذ تشكل له ظهيراً سياسياً، ومثلما أصبحت “الهاغانا” نواة لـ”جيش” الكيان المؤقت، فإن الظهير السياسي للدعم السريع أعلن عن ضرورة تشكيل جيش (وطني) جديد تكون قوات الدعم السريع نواةً له، فكم هي أوجه الشبة بين حالة فلسطين قبل 1948 وحالة السودان الآن؟!

السودان من المنظور الاستراتيجي للكيان المؤقت

يحظى السودان بأهمية كبيرة في منظومة التفكير والعقائد الصهيونية، ويعد الكتاب المقدس أهم مصدر لهذا الاهتمام، فقد ورد اسم السودان فيه 55 مرة تحت اسم كوش، ويحظى السودان كذلك باهتمام خاص من بعض الجماعات الدينية الصهيونية التي ترى أن أجزاء واسعة من السودان هي جزء من جغرافيا حياة نبي الله موسى، وبشكل خاص مولده وإلقاؤه في اليم والتقاطه جنوب مصر ولقاؤه بالرجل الصالح في مقرن النيلين الأزرق والأبيض، والصخرة العظيمة التي تدل على موقع هذا اللقاء، والتي يزورها اليهود كل عام، فضلاً عن اهتمام هذه الجماعات بمنطقة شرق السودان، التي تعتقد أن نبي الله موسى قد كلم الله في بعض جبالها (علمًاً بأن الجماعات اليهودية لا تجتمع على هذا الرأي، كما أن غالب المسلمين لا يوافقونه).

وقد شاعـت أنباء عن عمليات قطع طالت جبلاً في هذه الولاية منذ حقبة حكم الرئيس جعفر نميري، واستمرت حتى بداية الألفية الجديدة، وتم تصدير حجارته إلى دولة أوروبية. ومن تلك الحجارة تم قطع وتجهيز مكونات هيكل سليمان البديل، وتم ترحيل هذه القطع إلى داخل فلسطين لأن الأحكام التي استنبطها الحاخامات تقتضي بناء الهيكل من حجارة مباركة وفق الأحكام التوراتية. يرى الدكتور حسب الرسول أنّ الصهيونية جعلت حدود دولة الكيان من النيل إلى الفرات ورمزت لهما بخطين أزرقين في أعلى وأسفل العلم بينهما نجمة داؤود، في تكامل بين الديني والاستراتيجي. ووضع في هذا السياق ما ذكره وزير أمن الاحتلال عام 2008 آفي دختر عندما تحدث عن إضعاف دول ما بين النهرين لتعظيم قوة إسرائيل، وقال إن السودان، بموارده ومساحته الشاسعة، من الممكن أن يصبح دولة إقليمية قوية منافسة لدول مثل مصر والعراق والسعودية، وإنه يشكل عمقاً استراتيجياً لمصر، وهو ما تجسّد بعد حرب 1967، عندما تحول إلى قواعد تدريب وإيواء لسلاح الجو المصري والقوات الليبية، كما أنه أرسل قوات مساندة لمصر في حرب الاستنزاف عام 1968. وبناء عليه، لا بدّ من إضعاف السودان كضررورة من ضرورات الأمن القومي الإسرائيلي.

أوجه الشبه بين ما يجري في السودان وما جرى في فلسطين قبل عام 1948

أبرز أوجه الشبه بين تجربة استيطان عربان الشتات ويهود الشتات تتمثل في التشابه إن لم يكن التطابق في خطط الاستيطان كما يراها الدكتور محمد حسب الرسول. وتتشابه في واقع المهجرين من عربان الشتات ويهود الشتات في عدم انسجامهم في المجتمعات التي عاشوا فيها قبل تهجيرهم إلى السودان وفلسطين، كما أن التشابه يشمل أهداف الاستيطان وآلياته التي حولته من خطة إلى واقع معاش. وذلك على الشكل التالي:

– هجرت قوات الدعم السريع التي ينتمي غالب أفرادها إلى دول الساحل والصحراء الأفريقية، هجرت الملايين من عربان الشتات الذين تحدروا منهم إلى السودان بعد ان تعذر عليهم العيش في تلك الدول، وتعذر عليهم الانسجام مع مجتمعاتها أو الاندماج فيها برغم إقامتهم الطويلة فيها، الأمر الذي صنع لهم حالة ووضعاً أشبه ما يكون بحالة اليهود الذين ضاقت بهم المجتمعات الغربية وصنع ذلك ما عرف بالمسألة اليهودية. رأت نخب عربان الشتات أن حل أزمة وجودها في دول الساحل والصحراء الأفريقية يكمن في إقامة وطن بديل أطلقت علية اسم دول قريش، وقد وجدت تشجيعًاً من الغرب في ذلك وتأييدًاً ودعمًاً، وهنا يتبدى وجه شبه بين ما قامت به قوات الدعم السريع وما قامت به منظمات أرغون والهاغانا في فلسطين قبل عام 1948.

– وسعت قوات الدعم السريع من جغرافيا الاستيطان، فقامت بشراء البيوت والأراضي الزراعية في مناطق ذات أبعاد تاريخية وحضارية، وبشكل خاص على امتداد نهر النيل وبين النيلين وعلى امتدادهما، وجعلتها مسرحًا للتوطين والاستيطان، وهو الذي قامت بها المنظمة الصهيونية في فلسطين عامة وفي المدن الفلسطينية، وبخاصة جماعة شوفوبانيم، ومنظمة لاهافا.

– محو الذاكرة الوطنية ومحاولة صناعة سردية تاريخية جديدة يدعي فيها المستوطنون الجدد امتلاكهم لأرض السودان، والادعاء بعدم أحقية السكان الاصليين بحقوقهم التاريخية وكافة حقوق المواطنة، وفي ذلك صدى للسرديه الصهيونية التي إدعت وتدعي أحقيتها التاريخية لفلسطين والذي ترجمته عبر تهجير الفلسطينيين واقتلاع بيوتهم ومحاولات السطو على تراثهم وإرثهم الحضاري، وترجم كذلك في منعهم من حقوقهم كافة بما في ذلك حقوقهم المدنية، وهو يشبه ما قامت به جمعية عطيرا اليوشنا في فلسطين.

أسئلة ملحة
يتساءل الباحث والكاتب في الشؤون الإقليمية الدكتور محمد حسب الرسول عن التشابه في تجربتي الاستيطان فهل هي محض صدفة؟ وكيف لقائد الدعم السريع ونائبه وأسرته وهم من غير المتعلمين، ولم تتوافر لديهم القدرة على التعرف على طرق التخطيط وأنماطه، كيف لهم أن يضعوا خطة لتأسيس دولة يجتمع فيها ذويهم من دول غرب أفريقيا على هذا النحو الدقيق من التخطيط والتنفيذ؟، وهل لمشروع الاستيطان في السودان صلة بالمشروع الذي تم تنفيذه في فلسطين؟.

الكاتب: زينب عقيل – alkhanadeq.com

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع دول الساحل فی السودان فی فلسطین

إقرأ أيضاً:

السودان.. ميليشيا الدعم السريع تستهدف بورتسودان بطائرات مسيرة

 أفادت مصادر رسمية بأن، الدفاعات الجوية السودانية تصدت فجر اليوم لمسيرات أطلقتها ميليشيات الدعم السريع على بورتسودان.

وفي وقت سابق، اعتمد مجلس الأمن الدولي، الخميس، قرارًا بتمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة في جنوب السودان حتى 30 أبريل 2026، داعيًا إلى وقف شامل وفوري للقتال الذي تجدد خلال الأسابيع الأخيرة، وأثار مخاوف دولية من انزلاق البلاد مجددًا نحو حرب أهلية.

القرار الذي حظي بموافقة 12 دولة، امتنع عن التصويت عليه كل من روسيا، والصين، وباكستان، وسط انتقادات للمجتمع الدولي بعد تقارير عن استخدام "عشوائي" للأسلحة الفتاكة ضد المدنيين.

ودعا القرار كافة الأطراف المسلحة في جنوب السودان إلى الانخراط في حوار سياسي شامل يهدف إلى إنهاء الصراع، مع التشديد على ضرورة وضع حد لأعمال العنف ضد المدنيين.


وتزامن ذلك مع تقارير مقلقة نشرتها منظمة "هيومن رايتس ووتش"، اتهمت فيها الجيش باستخدام طائرات لإسقاط قنابل حارقة على مناطق في شمال شرق البلاد، ما أسفر عن مقتل العشرات من المدنيين. هذا التصعيد أعاد إلى الواجهة ذكريات الحرب الأهلية السابقة التي مزقت البلاد عقب الاستقلال.

بحسب نص القرار، سيظل قوام بعثة الأمم المتحدة عند 17 ألف جندي و2101 شرطي، مع فتح المجال أمام إجراء "تعديلات" على العدد والمهام بحسب تطورات الوضع الأمني الميداني. 

وشدد المجلس على أهمية إزالة العقبات التي تعترض عمل البعثة وتهيئة مناخ سياسي وأمني مناسب يمهد الطريق نحو انتخابات حرة ونزيهة، كان من المفترض إجراؤها هذا العام، لكن تأجلت إلى 2026.

الاتجاهين بالتناوب.. غلق جزئي بكوبري 26 يوليو أعلى شارع السودانجامعة الدول العربية: أمن السودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومي العربيسفير مصر بـ روسيا: الرئيسان سيبحثان الأوضاع في السودان وليبيا وسوريا لتعزيز استقرار المنطقةغارات جوية جديدة على شرق وجنوب السودان طباعة شارك السودان ميليشيات الدعم السريع بورتسودان مجلس الأمن الدولي الأمم المتحدة

مقالات مشابهة

  • السودان.. عشرات القتلى والجرحى باستهداف دعم السريع سجنًا ومستشفى في مدينة الأبيض
  • دولة خليجية تزود الدعم السريع بأسلحة لا تملكها جيوش المنطقة.. تفاصيل
  • السودان.. مقتل 8 مدنيين بينهم أطفال بنيران الدعم السريع
  • الدعم السريع يقصف بورتسودان لليوم السادس.. وجيش السودان يتصدى
  • السودان.. ميليشيا الدعم السريع تستهدف بورتسودان بطائرات مسيرة
  • السودان كان قاب قوسين أو أدني من التخلص من مليشيا الدعم السريع
  • أمنستي: الإمارات قدمت أسلحة صينية متطورة لقوات الدعم السريع
  • هجوم مسيّرات الدعم السريع على موانئ ومطارات شرق السودان.. سيناريوهات مختلفة لمستقبل الحرب
  • قوات الدعم السريع تكثّف استخدام المسيّرات ضد مناطق سيطرة الجيش في السودان
  • بعد فشل كل المسارات التي اتبعها السودان، يكون قطع العلاقات هو بداية للحل