يتجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو نحو مزيد من الدفع باتجاه حرب واسعة، وهو يعرف أن إسرائيل ليست جاهزة لها، لكنه يراهن على جر الولايات المتحدة إليها، في وقت لم تعد فيه إدارة جو بايدن قادرة على ردعه، ولا على التخلي عنه، كما يقول خبراء.

ففي الوقت الذي تحاول فيه الولايات المتحدة الحيلولة دون اندلاع حرب واسعة في المنطقة، وتحذر من تداعيات أي هجوم كبير على لبنان، تناولت وسائل إعلام إسرائيلية أحاديث، مفادها أن نتنياهو يعتزم استبدال وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي يعارض خطط الحرب في لبنان وقطاع غزة بجدعون ساعر، الذي استقال سابقا من مجلس الحرب اعتراضا على عدم تصعيدها بشكل أكبر.

ووفقا للخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى، فإن استبدال غالانت بساعر يعني ذهاب إسرائيل نحو مزيد من التطرف، رغم أن توسيع الحرب سيزيد في الوقت نفسه حالة الغموض التي تكتنف مستقبل الحرب على كل هذه الجبهات التي يفتحها نتنياهو.

وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"، قال مصطفى إن الهجمات التي تتعرض لها إسرائيل تعزز مخاوف الإسرائيليين بغض النظر عن الأضرار التي تخلفها.

إسرائيل تتجه نحو مزيد من التطرف

بالتالي، فإن ضم ساعر للحكومة كوزير دفاع -وهو ما نفاه مكتب نتنياهو لاحقا- يعني أن الحديث عن خفض التصعيد ووقف الحرب في قطاع غزة واستعادة الأسرى سيكون من الماضي، لأن ساعر استقال من مجلس الحرب اعتراضا على الدخول في مفاوضات مع المقاومة.

وفي الوقت الذي يتجه فيه نتنياهو لتعديل حكومته المتطرفة بضم أشخاص أكثر تطرفا، بعث رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار رسالة إلى زعيم جماعة أنصار الله (الحوثيين) عبد الملك الحوثي، ثمن فيها الضربة التي وجهتها الجماعة لقلب إسرائيل يوم الاثنين.

وقال السنوار في رسالته إن على المقاومة أن تُفشل أهداف إسرائيل السياسية في المنطقة، كما نجحت في إفشال أهدافها العسكرية، وهي رسالة تعني أن زعيم حماس يريد إفشال المخطط الصهيوني ككل، كما يقول المحلل السياسي الفلسطيني أحمد الحيلة.

ويرى الحيلة أن الرسالة "حملت جرعة تفاؤل لأنها أشارت إلى نقاط مهمة، كأنها تؤسس لمرحلة جديدة من المواجهة تقوم على مواجهة المشروع الصهيوني ككل في المنطقة وليس إسرائيل فقط".

في المقابل، فإن وضع جدعون ساعر على رأس الجيش الإسرائيلي "ربما يغير الموقف بالنسبة للأهداف التي يمكن ضربها في اليمن أو لبنان، وهو ما يعني أن المنطقة ربما تكون أقرب للحرب منها لمجرد التصعيد"، برأي الحيلة الذي أشار إلى أن هذا الجنوح نحو الحرب ربما يزيد الاحتجاجات داخل إسرائيل.

ورغم أن نتنياهو يحاول تجاوز مسألة الأسرى ويبحث عن التوسع في الحرب من أجل استعادة الردع، فإن تداعيات هذا الأمر قد تكون عكسية على إسرائيل، من وجهة نظر الحيلة.

واشنطن وضعت كل شيء بيد نتنياهو

وفيما يتعلق بالموقف الأميركي من كل هذه التطورات التي تتعارض تماما مع أهدافها المعلنة في المنطقة، قال الباحث في الشؤون السياسية والدولية ستيفن هايز إن واشنطن لطالما قالت إنها لا تريد توسيع الحرب، لكن كلامها لم يغير شيئا، مضيفا "أعتقد أنها لن تتمكن من فعل شيء، وربما تنجر إلى الحرب في نهاية الأمر دفاعا عن إسرائيل".

وقال هايز إن واشنطن تدرك خطر اشتعال حرب واسعة في المنطقة، مشيرا إلى أنها حرب "يريدها نتنياهو والسنوار"، حسب تعبيره.

ومن وجهة نظر هايز، فإن واشنطن "تحاول وقف هذا الخطر، لكن من غير المعروف إن كانت ستتمكن من وقفها خلال الأسبوعين الماضيين أم لا".

ويرى هايز أن نتنياهو يحاول الإضرار ببايدن ومنع نائبته كامالا هاريس من الوصول إلى البيت الأبيض، وفي الوقت نفسه يريد توغلا محدودا في لبنان، لكنه قال إن الإبقاء على محدودية هذا التوغل ليس مضمونا.

وأعرب المتحدث عن اعتقاده بأنه من الصعوبة أن تحتوي واشنطن هذه الحرب، ومن المستحيل في الوقت نفسه ألا تدافع عن إسرائيل في هذا التوقيت الانتخابي، مضيفا "بالتالي لا يمكن لإدارة بايدن فعل شيء أكثر من التصريحات للضغط على نتنياهو".

واتفق مصطفى مع الحديث السابق بقوله إن استبدال غالانت بساعر يعتبر رسالة قوية للولايات المتحدة التي يوصف غالانت بأنه رجلها في الحكومة الإسرائيلية.

كما أن خروج غالانت من المشهد يمثل أيضا رسالة مفادها "أن نتنياهو باقٍ ولن يرحل، وأن وزير الدفاع الجديد سيكون أكثر يمينية من نتنياهو، مما يعني أن الأخير يضرب بكل ما تقوله وما تريده أميركا عرض الحائط".

لكن اللافت -برأي الحيلة- أن المبعوث الأميركي إلى لبنان عاموس كوهشتاين يتحدث عن خطر التصعيد في لبنان كصديق يقدم النصيحة، وهي لغة لا تردع نتنياهو بل تدفعه للمضي قدما في مخططاته.

وخلص الحيلة إلى أن نتنياهو "قد يجر الولايات المتحدة إلى جولة تصعيدية ربما تصل لحرب، وربما تظل في إطار أقل من الحرب، لكنه إطار لا تريده أميركا في كل الحالات".

وعن الموقف الإيراني من أي حرب مع لبنان، قال الحيلة إن إيران لن تحارب إلا من أجل نفسها، لكنها "ربما تدخل الحرب في حال كان الهدف هو محو حزب الله تماما، من خلال دعمه لاستنزاف إسرائيل وصولا إلى الانتصار عليها".

لكن هذا التدخل غير المباشر ربما يدفع نتنياهو لضرب إيران مباشرة بذريعة قطع الإمدادات عن حزب الله، وبالتالي يكون قد وصل بالجميع إلى الحرب التي لا يريدها أحد غيره، حسب الحيلة.

ويتفق هايز مع فكرة عدم انخراط إيران في الحرب، لكنه قال إن "واشنطن تسلم كل الأوراق لنتنياهو"، مؤكدا أنها "لن تغير موقفها أبدا في فترة الانتخابات حتى لا يستغل دونالد ترامب هذا الأمر انتخابيا ونتنياهو يعرف ذلك".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات نحو مزید من فی المنطقة أن نتنیاهو الحرب فی فی الوقت

إقرأ أيضاً:

استطلاع رأي: العالم يقول «لا ثقة» في إسرائيل.. ولا احترام لـ نتنياهو

في استطلاع رأي عالمي جديد أعده مركز بيو للأبحاث وشمل 24 دولة حول العالم، أظهرت النتائج أن معظم المشاركين لديهم نظرة سلبية تجاه إسرائيل ورئيس وزرائها بنيامين نتنياهو، مع تراجع ملحوظ في صورة إسرائيل على الساحة الدولية، وخاصة في الدول الغربية والديمقراطيات الصناعية الكبرى.

بحسب التقرير، في 20 من أصل 24 دولة، عبر حوالي نصف المشاركين أو أكثر عن رأي سلبي تجاه إسرائيل. وسجلت أعلى نسب المعارضة في دول مثل أستراليا، واليونان، وإندونيسيا، واليابان، وهولندا، وإسبانيا، والسويد، وتركيا، حيث وصلت نسبة غير المؤيدين إلى ثلاثة أرباع السكان أو أكثر.

في المقابل، ظهرت مواقف أكثر توازنًا في دول مثل الهند، حيث توزعت الآراء بين 34% مؤيدين و29% معارضين. أما في نيجيريا وكينيا، فقد عبر نصف المشاركين تقريبًا أو أكثر عن آراء إيجابية تجاه إسرائيل.

وكشف التقرير عن تغيرات لافتة في مواقف بعض الدول مقارنة بسنوات سابقة، فعلى سبيل المثال، في الولايات المتحدة، ارتفعت نسبة الرافضين لإسرائيل بـ11 نقطة مئوية بين مارس 2022 ومارس 2025. كما شهدت دول مثل بريطانيا قفزة كبيرة في المواقف السلبية، حيث ارتفعت نسبة الرافضين من 44% في عام 2013 إلى 61% اليوم.

وأشار التقرير إلى أن الفئة العمرية الأصغر سنًا (18-34 عامًا) تميل إلى إبداء مواقف أكثر سلبية تجاه إسرائيل مقارنة بكبار السن، لا سيما في الدول ذات الدخل المرتفع مثل كندا، فرنسا، كوريا الجنوبية، أستراليا، والولايات المتحدة. وقد سجلت الولايات المتحدة أكبر فجوة عمرية في النظرة إلى إسرائيل.

على المستوى الأيديولوجي، يلاحظ التقرير أن الأشخاص الذين يصنفون أنفسهم ضمن التيار اليساري في معظم الدول يميلون بشكل واضح إلى رفض إسرائيل مقارنة بمن هم على اليمين. 

وفي ما يخص صورة نتنياهو، فقد أظهرت البيانات أن مستويات الثقة بقيادته منخفضة بشكل حاد في غالبية الدول التي شملها الاستطلاع. باستثناء نيجيريا وكينيا، لم تتجاوز نسبة الذين يثقون بنتنياهو في أي دولة نسبة الثلث. 

أما في دول مثل فرنسا، ألمانيا، اليونان، إندونيسيا، اليابان، السويد، وأستراليا، فقد عبر ثلاثة أرباع السكان أو أكثر عن انعدام الثقة الكامل بنتنياهو.

كما هو الحال مع النظرة إلى إسرائيل، فإن الفئة الشبابية في عدة دول تميل إلى عدم الثقة بنتنياهو، مثل ما رصد في المجر، حيث أبدى 40% من البالغين فوق سن الخمسين ثقتهم به، مقابل 20% فقط من الشباب.

على الرغم من محاولة حكومةالاحتلال الإسرائيلية تصدير صورة "الدولة القوية"، إلا أن الإسرائيليين أنفسهم لا يرون بلادهم تحظى بالاحترام العالمي. 

فقد قال 58% من الإسرائيليين إن دولتهم "ليست محترمة كثيرًا أو على الإطلاق" في العالم، مقابل 39% فقط قالوا إنها محترمة.

واللافت أن نسبة من يرون أن إسرائيل "غير محترمة إطلاقًا" ارتفعت من 15% في العام الماضي إلى 24% هذا العام.

طباعة شارك إسرائيل نتنياهو بيو

مقالات مشابهة

  • محللون: تصدع بين حكومة الاحتلال وجيشه بسبب مستنقع غزة
  • إسرائيل وواشنطن تقرران إنهاء مهمة قوة يونيفيل جنوب لبنان
  • هجوم جديد من أولمرت: حكومة إسرائيل عصابة إجرام برئاسة نتنياهو
  • أولمرت: حكومة إسرائيل عصابة إجرام برئاسة نتنياهو
  • استطلاع رأي: العالم يقول «لا ثقة» في إسرائيل.. ولا احترام لـ نتنياهو
  • ماذا يريد نتنياهو في لبنان؟ محللون يكشفون
  • محللون عسكريون: المقاومة بغزة تقاتل بطريقة مختلفة ضد جيش يتخبط ويستنزف
  • عاجل | أبو عبيدة: ليس أمام جمهور العدو إلا إجبار قادتهم على وقف الحرب أو التجهز لاستقبال مزيد من أبنائهم في توابيت
  • محللون: نتنياهو يريد هدنة مشلولة بلبنان وهذه خيارات حزب الله
  • مسؤول إسرائيلي: نتنياهو يجر الجيش إلى فخ في غزة ويحوّل إسرائيل لعبء إقليمي