ماذا اشترطت إسرائيل وكيف تمكن الأردن من استعادة جثمان الجازي؟
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
كشف وزير أردني سابق للجزيرة أن الملك عبد الله الثاني أجرى اتصالات مع جهات أميركية للضغط على إسرائيل لتسليم جثمان الشهيد الأردني ماهر الجازي، فيما نقل مراسل الجزيرة بعمّان عن مصادر رسمية بأن الأردن مارس ضغوطا لدى أكثر من قناة حتى تمكن من استعادة الجثمان.
وشيّعت أعداد كبيرة من الأردنيين -ظهر الثلاثاء- جثمان الشهيد الجازي، منفذ عملية معبر جسر الملك حسين التي قتل فيها 3 عسكريين إسرائيليين، وأدت جموع كبيرة صلاة الجنازة عليه وحمل على الأكتاف ملفوفا بالعَلم الأردني ليوارى الثرى في مسقط رأسه بمدينة الحسينية في محافظة مَعان.
وفي حديث للجزيرة، قال وزير الداخلية الأردني الأسبق سمير حباشنة، إن الدولة الأردنية بذلت جهدا كبيرا لاستعادة جثمان الجازي بعد 8 أيام من احتجاز الاحتلال له، معتبرا ذلك انعكاسا وامتثالا لرغبة الشعب الأردني الذي قدم ابنه كشهيد جديد من شهداء التضحية الأردنية تجاه شقيقه الفلسطيني.
ضغط أميركيوفي هذا السياق، كشف الوزير السابق أن الملك عبد الله الثاني تواصل مع الجهات الأميركية المعنية، لممارسة ضغط على حكومة الاحتلال من أجل تسليم الجثمان، لافتا إلى أن ذلك تم بجهد شخصي من ملك الأردن.
وشهدت مدينة الحسينية في محافظة معان جنوب الأردن تشييعا حاشدا لجثمان الشهيد ماهر، حيث انطلق موكب التشييع من مسجد الحسينية الكبير باتجاه مقبرة المدينة، بمشاركة الآلاف من المشيعين الذين قدموا من مختلف المدن والمناطق الأردنية، بما في ذلك البادية والقرى والأرياف.
ونقل مراسل الجزيرة تامر الصمادي عن مسؤولين أردنيين أن الحكومة بذلت جهودا حثيثة لاستعادة جثمان الشهيد، مشيرا إلى أن مصادر رسمية أكدت أن إسرائيل راوغت وماطلت كثيرا في هذا الأمر، وخاصة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
شروط إسرائيلية مرفوضة
وأضاف أن الجانب الإسرائيلي وضع شروطا عدة، منها عدم تنفيذ مظاهرة شعبية للجثمان وأن يتم دفنه بشكل مخفي وفي السر، إلا أن السلطات الأردنية رفضت هذه الشروط، فيما جاءت مراسم التشييع لتعكس هذا الرفض.
وأكد الصمادي أن هذا التشييع يعكس عمق العلاقات الأردنية الفلسطينية ورفض الشارع الأردني لعمليات الإبادة المستمرة في قطاع غزة، كما يظهر لُحمة الشعب الأردني من كافة أصوله ومنابته وتوحدهم خلف القضية الفلسطينية.
وحسب الصمادي، فإنه وبعد وصول الجثمان إلى الأردن خلال الساعات الماضية، قطع آلاف الأردنيين مسافات طويلة للوصول إلى مكان التشييع في الحسينية، التي تبعد أكثر من ساعتين بالسيارة.
غضب متراكموأوضح المراسل أن عملية الجازي تأتي في سياق حالة الغضب المتراكم في الأردن منذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة قبل 11 شهرا.
وذكر أن عائلة الجازي قالت إن ابنها كان يشعر بغصة كبيرة نتيجة صور القتل والدمار والتهجير التي تصل من قطاع غزة، مما دفعه للتحرك بمفرده للتعبير عن قهره وغضبه ورفضه للحرب الإسرائيلية.
وأكد الصمادي أن الأردن، شعبيا ورسميا، يرفض فكرة "الوطن البديل" التي يروج لها اليمين المتطرف الإسرائيلي، والتي تدعو لترحيل الفلسطينيين من الضفة الغربية إلى الأردن.
وأشار المراسل إلى أن الغضب في الأردن مركب، فهو ليس غضبا شعبيا فقط، بل رسميا أيضا، فقد حمّلت وزارة الخارجية الأردنية بشكل مباشر مسؤولية ما جرى للجانب الإسرائيلي، مؤكدة ضرورة معالجة الأسباب التي أدت إلى مثل هذه العملية.
ملف لم يغلق
ولفت المراسل إلى أن ملف القضية لم يُغلق بعد، حيث ما زال شابان أردنيان معتقلين لدى إسرائيل على خلفية العملية التي نفذها الجازي، مؤكدا أن الجهود الأردنية مستمرة للإفراج عنهما، وأن الأردن يرى في هذا الاعتقال محاولة إسرائيلية متواصلة لتأزيم الوضع.
وكانت الحويطات -عائلة الشهيد الجازي- تسلمت جثمانه من السلطات الأردنية صباح اليوم بعد احتجازه في إسرائيل 8 أيام.
وكان الشيخ حابس الحويطات ابن عم الشهيد قال -في وقت سابق- للجزيرة نت إن العشيرة تريد تشييعًا يليق بالشهيد وما قدّمه.
ونقلت صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية أن قرار إعادة الجثمان إلى المملكة جاء بعد ضغوط كبيرة من الأردنيين، ومن أجل "الحفاظ على جودة العلاقات الأمنية" بين الجانبين.
وشهدت العاصمة عمّان ومدن أخرى -خلال الأيام الماضية- مظاهرات حاشدة للمطالبة باستعادة جثمان الجازي، بعد أن احتجزته سلطات الاحتلال عقب استشهاده.
وكان الجازي، وهو عسكري أردني متقاعد يعمل سائق شاحنة، قد أطلق النار على أمن المعابر الإسرائيلي لدى مروره بشاحنته على المعبر الذي يحمل من الجانب الإسرائيلي اسم اللنبي، فقتل 3 منهم قبل أن يُستشهد برصاص الأمن الإسرائيلي في الثامن من سبتمبر/أيلول الجاري.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات جثمان الشهید إلى أن
إقرأ أيضاً:
غزة ومصر: ماذا تريد إسرائيل من مصر؟
منعطف تاريخي ولحظة فاصلة في إعادة الصراع
في ظل المشهد الإقليمي المشتعل، تعيش المنطقة لحظة مفصلية تحمل بين طياتها أبعادًا أمنية وجيوسياسية غاية في التعقيد.الحشود الغزّاوية المتزايدة على الحدود مع مصر جنوب قطاع غزة لم تعد مجرد ظاهرة مؤقتة أو تداعيات حرب مستمرة، بل أصبحت علامة إنذار أمام تحولات محتملة، تقف فيها مصر على مفترق طرق حاسم.
الحشود على بوابة رفح.. .إلى أين؟ما يجري جنوب قطاع غزة لا يمكن قراءته خارج سياق الضغط الإسرائيلي المستمر منذ السابع من أكتوبر، والذي لم يكتفِ باستهداف بنية المقاومة، بل تمدد ليطال المجتمع المدني والبنية التحتية، وصولًا إلى خنق القطاع من جميع الجهات. والآن، تتجه الأنظار نحو معبر رفح، حيث تتصاعد التوترات مع اقتراب آلاف الفلسطينيين من الحدود المصرية، في مشهد يثير أسئلة صريحة:
هل نحن أمام نكبة جديدة بنكهة "الترانسفير"؟ وهل ستُفرض على مصر معادلة الأمر الواقع، بحيث تتحمل وحدها عبء الأزمة الإنسانية في غزة؟
مصر بين شراك الجغرافيا وضغوط الجيوبوليتيكالم تكن مصر بعيدة يومًا عن القضية الفلسطينية، لا جغرافيًا ولا تاريخيًا. ولكن هذه المرة، يبدو أن إسرائيل تحاول تحميل القاهرة تبعات سياستها التوسعية والعنيفة تجاه القطاع. الرغبة الإسرائيلية في دفع غزة نحو سيناء ليست جديدة، بل هي مشروع استراتيجي قديم متجدد، يعود إلى وثائق أُعلنت قبل عقود، وها هو يُعاد إنتاجه تحت عباءة "الأمن القومي" و"القضاء على الإرهاب".
الموقف المصري الرسمي واضح في رفضه لهذا السيناريو، إذ يعتبر أي تهجير للفلسطينيين إلى الأراضي المصرية بمثابة إعلان حرب ناعمة ضد السيادة المصرية. ومع ذلك، فإن الضغوط تتعاظم، سواء من قبل تل أبيب أو من بعض القوى الدولية التي ترى في الحل الإنساني "الانتقالي" بوابة لتصفية القضية.
هل سيدخل شعب غزة إلى مصر؟السؤال المؤرق الآن: هل نشهد قريبًا دخولًا قسريًا لغزّاويين إلى الأراضي المصرية.. .؟ وهل تتحول الحدود إلى جبهة جديدة، ليس فقط بين إسرائيل وغزة، بل بين مصر والمشروع الإسرائيلي.. .. ؟
الواقع أن أي محاولة اقتحام جماعي للحدود - سواء بدفع مباشر من الجيش الإسرائيلي أو نتيجة تفاقم الكارثة الإنسانية - قد تضع مصر أمام خيارين كلاهما مرّ:
1. التصدي بالقوة ومنع دخول اللاجئين، ما قد يُظهر القاهرة بمظهر غير الإنساني ويؤجج الرأي العام العربي.
2. الرضوخ للأمر الواقع واستقبال موجات لجوء جماعية، وهو ما سيعني فعليًا مشاركة مصر، ولو بشكل غير مباشر، في مشروع تفريغ غزة، ويهدد أمن سيناء وبنيتها الديموغرافية.
إسرائيل.. .مناورات بالنارما تريده إسرائيل واضح: تحويل غزة إلى عبء إقليمي لا تتحمله وحدها، ودفع سكانها نحو الهروب أو التهجير القسري. في هذا السياق، يشكل الضغط على مصر ورقة ضغط مزدوجة، تُستخدم كورقة تفاوض في أي تسوية مقبلة، وتُمارس كاستراتيجية طويلة المدى لتصفية القضية الفلسطينية.
لكن الأخطر من ذلك هو الرهان الإسرائيلي على خلخلة موقف مصر التقليدي، سواء من خلال أدوات سياسية أو ابتزاز اقتصادي أو حتى اللعب على أوتار أمنية عبر سيناء. فإسرائيل لا تريد فقط إضعاف غزة، بل تسعى لتوريط القاهرة في معادلة تجعلها شريكًا في الأزمة لا وسيطًا أو حائط صد.
لحظة فاصلة.. .بين الموقف والمصيرما يجري اليوم ليس مجرد أزمة حدودية، بل لحظة تاريخية فارقة تعيد تشكيل طبيعة الصراع في الإقليم. فإما أن تحافظ مصر على دورها التاريخي كمدافع عن جوهر القضية الفلسطينية، وإما أن تُزج قسرًا في لعبة دولية تهدف إلى إعادة رسم خريطة غزة وسيناء على السواء.
ليس أمام مصر سوى إعادة تفعيل أدواتها الاستراتيجية، من خلال:
- تعزيز وجودها الأمني على الحدود ورفض أي اختراق ميداني.
- التحرك دبلوماسيًا في المحافل الدولية للتحذير من عواقب التهجير القسري.
- التواصل مع الفصائل الفلسطينية والقيادة الموحدة للوقوف على رؤية وطنية لمواجهة مخطط التصفية.
ختامًا: لا وطن بديل.. .ولا سيناء ملعبًا خلفيًاما يحدث اليوم ليس مجرد أزمة إنسانية على الحدود، بل محاولة لإعادة تعريف الجغرافيا السياسية في المنطقة، على حساب حق شعبٍ في أرضه، وسيادة دولة على حدودها. إن مصر، التي لطالما شكّلت صمّام أمان للقضية الفلسطينية، تُستدرج اليوم إلى فخ استراتيجي لا يهدد فقط غزة، بل يطعن في صميم الأمن القومي المصري.
السكوت ليس خيارًا، والحياد لم يعد ممكنًا. فإما أن تُكتب هذه اللحظة كصمود تاريخي جديد، تُفشل فيه مصر مخطط التهجير القسري، أو تُسجّل كمنعطف انكسار، يُمهّد لتصفية ما تبقّى من عدالة في هذه القضية.
التاريخ يراقب.
والشعوب لن تنسى.
اقرأ أيضاًترامب: قريبون جدًا من التوصل إلى اتفاق بشأن وقف إطلاق النار في غزة
عاجل.. ترامب: سنعلن تفاصيل اتفاق غزة اليوم أو غدًا
«حشد» تصدر ورقة حقائق بعنوان «الإبادة تقصّر من العمر البيولوجي لنساء غزة»