“الغارديان”: شركة الإسمنت الفرنسية العملاقة “لافارج” دفعت الملايين إلى”داعش”
تاريخ النشر: 17th, September 2024 GMT
الجديد برس:
أكدت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن شركة “لافارج” الفرنسية، الأكبر في العالم في مجال إنتاج الإسمنت، متورطة في دفع ملايين الدولارات إلى تنظيم “داعش”، حتى تتمكن من مواصلة العمل في فرعها في سوريا، الذي افتتحته قبل الحرب في سوريا مباشرةً.
وكشفت الصحيفة أن ما سمته “الصفقة القاتمة” يتجاوز دفع أموال الحماية، ويصل إلى معاملة الشركة للتنظيم كحليف استراتيجي، بحيث كانت “لافارج” تشتري المواد الخام من بائعين معتمدين من جانب “داعش”، وتزود التنظيم بالإسمنت، وتدفع إليه المال لتضييق الخناق على المنافسين، وتحديداً واردات الإسمنت القادمة عبر الحدود من تركيا.
وشددت الصحيفة على أن إدارة الفرع السوري في “لافارج” كانت على علم تام بما تفعله، وحاولت جاهدة إخفاءه، لافتةً إلى أن الرئيس التنفيذي للشركة في سوريا، برونو بيشو، أرسل رسالة عبر البريد الإلكتروني إلى وسيط، يشدد فيها على عدم إظهار اسم الشركة في تصاريح المرور التي يصدرها تنظيم داعش للشاحنات، والاكتفاء بعبارة “مصنع الإسمنت”.
ورأت الصحيفة أن كون المصنع الواقع في الجلابية، شمالي سوريا، واحداً من 1600 مصنع تابع للشركة في 61 دولة حول العالم، لا يجعل ما يحدث فيه بعيداً عن ملاحظة المقر الرئيس، مؤكدةً تواطؤ المسؤولين التنفيذيين في مكاتب “لافارج” في باريس في العلاقة بـ”داعش”، كما تُظهر عشرات رسائل البريد الإلكتروني والوثائق الداخلية.
وكانت وزارة العدل الأمريكية، بناءً على مثل هذه الأدلة، وجهت اتهامات جنائية ضد “لافارج”، التي اندمجت مع شركة هولسيم السويسرية العملاقة في عام 2015، وفرضت عليها غرامة مقدارها 778 مليون دولار. ووصف أحد المدعين العامين تصرفات “لافارج” بأنها “جريمة مذهلة”.
وعلى أثر هذه الدعوى، رفعت مجموعة، تضم أكثر من 800 أيزيدي، دعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد الشركة بسبب مساعدتها التنظيم، الذي قتل واختطف واغتصب الآلاف من أفراد هذه الأقلية الدينية، شمالي العراق، كما رفع آخرون، عانوا إرهاب “داعش”، دعاوى قضائية منفصلة، بينهم صحافيون وجنود وعمال إغاثة أمريكيون.
ونقلت الصحيفة، عن أحد المحامين، أن هذه الدعوى، ودعوى أخرى تواجهها الشركة في فرنسا، تبقيان قضيتان مدنيتان. ولو خسرتهما “لافارج”، فإن العواقب ستكون مألوفة للغاية، إذ تدفع الشركة مبلغاً معقولاً كتعويضات، وتتلقى من المحكمة توبيخاً صارماً، وتعود إلى العمل كالمعتاد.
وتشكل الشركات متعددة الجنسيات أهدافاً مراوغة في مجال جرائم الحرب، بحسب الصحيفة، التي أوضحت أن سلوك الشركات غالباً ما يتم في الخفاء. لذا، فإن الحصول على الأدلة أمر صعب، مستعيدةً مقولة للمحامي إدوارد ثورلو، في القرن الثامن عشر، مفادها أن “الشركات ليس لديها أجساد لتعاقبها، ولا أرواح لتدينها”. لذا، فلا معادل مؤسسي حتى الآن لوضع مجرم حرب خلف القضبان مدى الحياة.
وأشارت الصحيفة إلى أن “لافارج”، الواثقة بقدرتها على إخفاء آثارها، كانت تقوم بتمرير الأموال عبر 54 حساباً مصرفياً، من أجل جعل المعاملات صعبة التتبع، وفقاً لما أظهرته الدعوى القضائية الجارية في الولايات المتحدة. وبالنسبة إلى وسطائها، كانت “لافارج” تبرم عقوداً غامضة لخدمات مثل “الاستشارات البيئية”، حتى تتمكن من إرسال الأموال المخصصة لتنظيم “داعش” إليهم.
وقال أحد المديرين التنفيذيين في الشركة للصحيفة إن الحكومة الفرنسية عرفت بالتأكيد أن لافارج تدفع إلى الإرهابيين المال من أجل السماح لها بالبقاء في البلاد، قائلاً إن “فرنسا لم تكن تريد أن تخرج لافارج من سوريا في ذلك الوقت”.
وأشارت إلى أن مدير أمن لافارج في باريس، جان كلود فيار، وهو جندي سابق في القوات الخاصة الفرنسية، التقى أجهزة الاستخبارات الفرنسية 33 مرة على الأقل، بين عامي 2012 و2014، وفقًا لصحيفة “ليبيراسيون” الفرنسية.
وقال رئيس عمليات الشركة إن وزارة الخارجية الفرنسية شجعت الشركة على البقاء في سوريا، من أجل المحافظة على العلَم الفرنسي مرفوعاً، بينما قال وزير الخارجية الأسبق، لوران فابيوس، في أثناء التحقيق معه، إنه “لا يتذكر الأمر بوضوح”.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: فی سوریا
إقرأ أيضاً:
"الغارديان": إسرائيل تجوّع غزة بدعم غربي
غزة - ترجمة صفا
قالت صحيفة بريطانية إن تجويع "إسرائيل" المتعمد لغزة هو، بعد كل شيء، جريمة تم الاعتراف بها وتصميمها وتنفيذها على مرأى من الجميع ولم يكن ليحدث لولا الدعم الغربي.
وذكرت الصحيفة على لسان كاتب في عمودها اليومي أوين جونز أن قادة "إسرائيل" يقولون صراحةً، مرارًا وتكرارًا إنهم يتعمدون تجويع سكان غزة.
واقتبس الكاتب عن كبير مسؤولي الشؤون الإنسانية السابق في الأمم المتحدة لي مارتن غريفيث: "لم أرَ في حياتي مجاعة من صنع الإنسان كما يحصل في غزة".
يذكر أنه في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلن وزير الجيش الإسرائيلي آنذاك، يوآف غالانت، "حصارًا كاملًا على غزة: لا كهرباء، لا طعام، لا ماء، لا وقود"، مبررًا ذلك بالقول: "نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقًا لذلك".
في اليوم التالي، أعلن الجنرال الإسرائيلي المسؤول عن الشؤون الإنسانية في غزة والضفة الغربية - غسان عليان - أن "مواطني غزة" هم "وحوش بشرية" سيعانون "حصارًا كاملًا على غزة، لا كهرباء، لا ماء، فقط دمار، وسيعيشون الجحيم".
ويقول الكاتب: في الأسبوع التالي، وعد رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قائلاً : "لن نسمح بدخول مساعدات إنسانية على شكل أغذية وأدوية من أراضينا إلى قطاع غزة". لم تُنشر هذه التصريحات إطلاقًا في العديد من وسائل الإعلام الغربية، وإن نُقلت، فقد كانت عابرة ودون أي تفسير لنواياها غير القانونية موضوعيًا. وكأن هذه التصريحات تُقال في عالم موازٍ، فلو حظيت بتغطية إعلامية دقيقة وواضحة، لاضطرت وسائل إعلامنا إلى تغطية هجوم إسرائيل على أنه عمل إجرامي، وليس حربًا دفاعية عن النفس".
وبحسب الكاتب البريطاني؛ فقد كان حلفاء "إسرائيل" الغربيون على دراية تامة بما كانت تخطط له. في مارس 2024، كتب وزير الخارجية في لندن آنذاك، اللورد كاميرون، رسالةً حدد فيها العديد من الحيل التي استخدمتها إسرائيل لمنع دخول المساعدات إلى غزة، ومع ذلك لم تتخذ بريطانيا أي إجراء. في أبريل 2024، خلصت وزارتان حكوميتان أمريكيتان إلى أن إسرائيل كانت تتعمد عرقلة المساعدات، الأمر الذي يتطلب قانونيًا من الإدارة التوقف عن توريد الأسلحة. وقد ألغى فريق جو بايدن هذا القرار. وفي وقت لاحق من ذلك العام ، أرسلت نفس الإدارة رسالةً عامة تُفصّل عرقلة إسرائيل للمساعدات، لكن تل أبيب حسبت بشكل صحيح أن هذا كان موقفًا سياسيًا خلال الانتخابات الرئاسية، وتجاهلت إلى حد كبير المطالب ولم تتكبد أي عواقب لفعل ذلك .
ويقول في مقاله المطول صباح الأربعاء: ارتكبت إسرائيل أكبر مذبحة بحق عمال الإغاثة في التاريخ، إذ قتلت أكثر من 400 منهم بحلول الربيع. وشنت حربًا لا هوادة فيها على وكالة الأونروا، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ومنعتها من دخول الأراضي المحتلة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وقتل جيشها ضباط شرطة مكلفين بمرافقة المساعدات ومنع النهب. ولا يقتصر الأمر على منع دخول المساعدات فحسب، بل أدى الهجوم الإسرائيلي إلى تدمير جميع الأراضي الزراعية تقريبًا ، بالإضافة إلى إتلاف 80% من الأراضي الزراعية. ونفقت جميع الماشية تقريبًا ومعظم النباتات ودُمر ميناء غزة ومراكب الصيد".
ويضيف الكاتب جونز: كانت مذبحة الفلسطينيين الجائعين الباحثين عن المساعدة موضوعًا ملفتا؛ ففي فبراير 2024، قتل أكثر من مائة مدني ينتظرون الدقيق على يد الجيش الإسرائيلي، ومع ذلك - كما كان الحال طوال الإبادة الجماعية - تعاملت وسائل الإعلام مع إنكارها وانحرافاتها وأكاذيبها على أنها مزاعم، وخلص تحقيق مفصل أجرته شبكة CNN بعد أسابيع إلى أن الجيش الإسرائيلي هو المسؤول - ولكن بحلول ذلك الوقت كان الاهتمام قد تحول إلى مكان آخر. في مارس من هذا العام، فرضت إسرائيل حصارًا كاملاً، واستبدلت نظام المساعدات الفعال للأمم المتحدة بمؤسسة غزة الإنسانية، التي تعد "مواقع توزيعها" حقول قتل بائسة. وكما يشير مركز التخطيط الدولي المدعوم من الأمم المتحدة ، فإن المساعدات ليست قليلة جدًا فحسب، بل إنها غالبًا ما تكون غير صالحة للاستعمال لأن إسرائيل تركت الفلسطينيين بدون غاز الطهي والمياه النظيفة لإعدادها. وقد قتل أكثر من ألف مدني وهم يحاولون الوصول إلى هذه المساعدات. وكما أشارت وكالات الإغاثة ، فإن مرفق الغذاء العالمي مصمم لجذب السكان الجائعين إلى الجنوب، حتى يمكن حبسهم في ما وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت بأنه "معسكر اعتقال"، قبل ترحيلهم.
ويقول الكاتب: على الرغم من ذنب إسرائيل الواضح والشفاف والسافر، فإن أكاذيبها تلقى استحسانًا من السياسيين ووسائل الإعلام الغربية.
وجاء في مقال الصحيفة أنه حتى لو أُغرقت غزة فجأةً بالمساعدات، سيموت الكثير من الفلسطينيين لأن أجسادهم قد نهشها الجوع بلا رجعة.
ويقول جونز: لقد روّج رئيس وزرائنا (البريطاني) لإسقاط المساعدات جوًا. هذه عمليات خاطفة، مُستهدفة بدقة، وقد قتلت فلسطينيين عندما سقطوا على رؤوسهم.
ويشير إلى إن كل ما يحققونه في الواقع هو غطاء لإسرائيل، والتظاهر بأنها تفعل شيئًا، متجاهلين تجويعها الجماعي المتعمد.
ويتساءل قائلا: ماذا فعلنا؟ فلو كان لدى النخب الغربية ذرة من حياء، لكان هذا السؤال يقض مضاجعهم. والجواب واضح وصريح؛ لقد سهّلتم المجاعة الجماعية لشعب بأكمله وكنتم تعلمون بما يحدث، بفضل سيل من الأدلة على مدار ٢١ شهرًا، ولأن الجاني تفاخر مرارًا وتكرارًا أمام العالم بجريمته؛ فإنه للأسف، لن يُحاسب مُدبّرو هذه الجريمة البشعة وسيُترك ذلك للتاريخ وللمحاكم.