الحدود اللبنانية ـ الفلسطينية.. أَزِفَت الآزفة!
تاريخ النشر: 18th, September 2024 GMT
ارتقاء 10شهداء وأكثر من 2000 مصاب في لبنان بانفجارات أجهزة اتصال لاسلكية «بيجر» حزب الله يحمّل العدو الإسرائيلي المسؤولية ويتوعد بـ «القصاص العادل» اليمن يُدين العملية الإرهابية الصهيونية ويؤكد قدرة المقاومة على هزيمة كيان الاحتلال
الثورة / عبدالملك الشرعبي ـ محمد السيد
حمّل حزب الله «العدو الإسرائيلي» مسؤولية انفجار أجهزة الاتصالات في أنحاء لبنان، أمس وراح ضحيتها عشرة شهداء وأكثر من 2750 جريحا.
وقال الحزب إن «العدو الغادر والمجرم سينال بالتأكيد قصاصه العادل على هذا العدوان الآثم من حيث يحتسب ولا يحتسب».
وأكد البيان أن «الأجهزة المختصة في حزب الله تجري تحقيقا واسع النطاق أمنيا وعلميا لمعرفة سبب الانفجارات المتزامنة».
ودعا الحزب إلى «الانتباه من الشائعات والمعلومات المضللة بما يخدم الحرب النفسية لمصلحة العدو الصهيوني».
العملية الإرهابية الصهيونية ـ بحسب مراقبين ـ قد تؤدي إلى اندلاع حرب شاملة في المنطقة، فالجريمة الصهيونية تجاوزت الخطوط الحمراء وتجاوزت قواعد الاشتباك التي لازمت العمليات العسكرية المتبادلة بين حزب الله والكيان الإسرائيلي طوال الأشهر الإحدى عشر الماضية .
تضامن يمني
وفي هذا السياق، أكد عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي، أن اللبنانيين اليوم أقوى من أن تؤثر عليهم عملية العدو الإرهابية، وأن أي اعتداء لن يزيد المقاومة الإسلامية إلا عزماً على هزيمة الكيان الصهيوني.
وقال عضو السياسي الأعلى محمد الحوثي في منشور على موقع التواصل الاجتماعي «إكس»: « أن اللبنانيين الذين أحرزوا النصر أمام قنابل وصواريخ وغارات الكيان المؤقت الجبان في 2006 وما بعد، هم أجدر على إحرازه الآن، فهم اليوم أقوى من أن تؤثر عليهم عملية العدو بالبيجر».
وأضاف: «وأي اعتداء مهما بلغ لن يزيد المقاومة الإسلامية إلا عزماً وجهاداً وإصراراً على هزيمة كيان العدو .
إلى ذلك أدان الناطق الرسمي باسم حكومة التغيير والبناء وزير الإعلام هاشم شرف الدين بأشد العبارات العدوان الإسرائيلي البشع على لبنان.
واعتبر هذه الجريمة الوحشية انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي واستهتاراً صارخاً بحياة البشر.
وأوضح أن استخدام أجهزة تلقي الرسائل اللاسلكية المحمولة «البايجر» كوسيلة لقتل وجرح اللبنانيين في عدد من المناطق اللبنانية، عمل جبان وغير إنساني يكشف عن النفسية اليهودية المتعطشة دوماً للدماء المستهترة بالإنسانية.
وعبَّر عن التضامن مع الشعب اللبناني وأسر الضحايا، وأكد أن الشعب اليمني يثق جيداً أن هذا العدوان الجبان سيزيد المقاومة الإسلامية في لبنان عزماً على هزيمة كيان العدو في معركة الدفاع عن لبنان وفلسطين على طريق القدس.
لبنان .. انتهاك للسيادة
وكانت الحكومة اللبنانية حمّلت «إسرائيل» المسؤولية عن الهجوم، وقالت «إن العدوان الإسرائيلي يشكّل انتهاكا خطيرا للسيادة اللبنانية».
وقال وزير الإعلام، زياد مكاري، أنّ الحكومة تدين هذا الاعتداء الإسرائيلي على لبنان.
واعتبرت وزارة الخارجية اللبنانية أنّ العملية تصعيد خطير. وقالت «باشرنا تحضير شكوى إلى مجلس الأمن بهذا الخصوص فور اكتمال المعطيات الخاصة بالاعتداء».
ترقب إسرائيلي
في المقابل عقد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه يوآف غالانت وكبار المسؤولين الأمنيين الصهاينة اجتماعا طارئا بغرفة العمليات تحت الأرض في وزارة الدفاع، على خلفية هذه الحادثة.
وقالت صحيفة هآرتس: إن مسؤولين أمنيين كبارا في إسرائيل يبحثون احتمالات التصعيد بعد انفجار أجهزة اتصالات «بيجر» في لبنان.
وأضافت أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية طلبت من كبار الضباط إلغاء التزاماتهم وحضور نقاش عاجل بمقر وزارة الدفاع في تل أبيب، تحسبا لهجوم من «حزب الله».
وأشارت إلى أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قدّرت أن حزب الله ينوي شن عملية عسكرية ضد تل ابيب، وأنها رصدت مؤخرا إشارات حول استعدادات غير اعتيادية لحزب الله في جنوب لبنان.
وأكدت هيئة البث الإسرائيلية أن الجبهة الداخلية أبلغت رؤساء السلطات المحلية باحتمال التصعيد الأمني دون تعليمات جديدة، كما قالت إن حزب الليكود الحاكم حظر على أعضائه الإدلاء بتصريحات وإجراء مقابلات بشأن الأحداث في لبنان.
دعم أمريكي
وفي إطار الدعم الأمريكي المستمر للجرائم والمجازر الإسرائيلية في غزة والمنطقة، أعلنت وسائل إعلام أمريكية عن زيارة مرتقبة لوزير الدفاع الأمريكي، لويد اوستن، مطلع الأسبوع القادم إلى كيان الاحتلال . الإعلان عن الزيارة في هذا التوقيت يشير إلى استمرار الشراكة الأمريكية الصهيونية في المعركة ضد الشعب الفلسطيني ومحور المقاومة على الرغم من كل المواقف الأمريكية المعلنة وسعيها لإنجاح المفاوضات وتجنب حرب في المنطقة.
ذكرت قناة «إسرائيل 24» أن عددا من المسؤولين الأمريكيين باتوا مقتنعين بضرورة شن حرب إسرائيلية على لبنان لتغيير الوضع الأمني شمالي إسرائيل. ونقلت القناة عن مصادر مطلعة قولهم إن مواجهة واسعة بين إسرائيل ولبنان يمكن أن تكون الحل وتؤدي إلى تغيير الوضع الأمني شمال فلسطين المحتلة، خصوصا في ظل فشل المساعي.
وبحسب القناة «ربما تكون نقطة التحول في الرأي الأمريكي بهذا الصدد، هي زيارة قائد القيادة المركزية الأمريكية الجنرال مايكل كوريلا إلى القيادة الشمالية الإسرائيلية الشهر الماضي، كما تعد الزيارة المرتقبة لوزير الدفاع الأمريكي لتعزز السياق نفسه.
صبر المقاومة ينفد
خلال الأشهر الماضية، مارس حزب الله ضبطا لحجم الردود التي وجهها لكيان العدو، وخصوصا بعد اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروي، في ضاحية بيروت، وكذلك اغتيال القائد العسكري الأولي في الحزب الشهيد فؤاد شكر، لم تؤد ردود حزب الله على الجريمتين إلى تداعيات كبيرة، واعتبرها البعض في إطار قواعد الاشتباك . لكن العملية الأخيرة يبدو أنها كافية لاستنفاد ما تبقى لحزب الله من صبر استراتيجي، بعد استهداف عدد كبير من منتسبيه في هذه الجريمة، وفي هذا التوقيت، حيث يعمل كيان الاحتلال على نقل معركته من غزة إلى جنوب لبنان، وهو لا يخفي خططه وأهدافه في فرض منطقة عازلة جنوب لبنان الذي بات قاب قوسين من معركة قد تمتد إلى الإقليم بكامله.
المصدر: الثورة نت
كلمات دلالية: على هزیمة حزب الله فی لبنان
إقرأ أيضاً:
إعادة صناعة الأسطورة الصهيونية
قد نحتاج إلى وقت طويل لنستطيع الحديث عن التفاصيل الحقيقية لهجوم العدو الصهيوني على إيران. ما نمتلكه من معلومات يعتمد في أغلبه على الرواية الصهيونية الأمريكية التي تروّجها وسائل الإعلام الصهيونية والأمريكية ووسائل التواصل الاجتماعي، التي ترسم صورة مرعبة لنتائج العدوان من أنه دمّر قدرات الدفاع الجوي الإيراني بالكامل، وأنّ العدو تمكّن من نقل أسلحة إلى الداخل الإيراني واستعملها عملاء العدو في العدوان.
في السياق نفسه تخلّى العدو عن الغموض الذي يحيط به عملياته العسكرية والاستخبارية عادة، ونشر معلومات “مفصّلة” عن العمل الاستخباري والتخريبي الذي قام به عملاء الموساد في الداخل الإيراني.
أضاف التحالف الغربي إلى موجة التبجّح الصهيوني، تصريحات تعبّر عن دعمه الكامل للعدوان سواء بوصف ترامب للعدوان بأنه ممتاز، وأنّ على إيران القبول بالصفقة التي تعرضها الولايات المتحدة فيما يتعلّق بالاتفاق النووي ثمّ الحديث عن استسلام إيراني كامل، وبعكس ذلك فإنّ الاستعدادات لضربات أكثر قسوة جاهزة، في الوقت الذي أعلنت فيه وسائل الإعلام الصهيونية مشاركة طائرات من بريطانيا وفرنسا وأمريكا والأردن بالتصدّي للمسيّرات والصواريخ الإيرانية وتدميرها قبل وصولها إلى سماء فلسطين.
الصورة كما يرسمها الإعلام الصهيوني والمتصهين، هزيمة نكراء لإيران وتفوّق كامل للعدو الصهيوني. لكن على الأرض يتصاعد الحديث عن فتح الملاجئ ورفع درجات استعداد في الجبهة الداخلية للكيان، ونقل طائرات العدو المدنية إلى قبرص وإغلاق الأجواء الفلسطينية. المطلوب منّا تصديق الروايتين؛ إيران مهزومة لكنها قادرة على تعطيل الحياة داخل الكيان لمدة أطول من المعتاد كما صرّح الإرهابي بنيامين نتنياهو، وتدمير مراكز العدو العسكرية والعلمية.
كما هو واضح حتى اللحظة، الرواية الاستعمارية غير مقنعة رغم تعزيزها بأفلام ومواد وثائقية يسهل تزويرها، وأنّ هدفها هو إعادة صناعة أسطورة “الجيش الذي لا يقهر” التي تهاوت تحت وطأة ضربات المقاومة منذ عام 2000م وحتى السابع من أكتوبر 2023م، وصور الدمار في المدن الفلسطينية المحتلة. التسرّع في نشر التفاصيل وقبل اتضاح صورة الردّ الإيراني على العدوان إنما يعكس مدى ضرورة استعادة صورة الأسطورة بغضّ النظر عن نتائج المواجهة.
قد يرى البعض أنّ موضوع إعادة صياغة صورة “إسرائيل” كشرطيّ المنطقة أمر ثانوي أمام نتائج المعركة وبشكل خاصّ خسارة محور المقاومة للعديد من القيادات العسكرية والسياسية، وهذا الرأي فيه الكثير من الصواب، إذا كان صادراً عن حرص على المقاومة، وليس حقاً يراد به تسويق باطل التفوّق الصهيوني. الصورة ليست مهمة للعدو فقط، ولكن للعديد من حلفائه في المنطقة الذين خدّروا شعوبهم على مدى 50 عاماً بالحديث عن عجز هذه الأنظمة عن مواجهة التفوّق الصهيوني ـــــ الأمريكي العسكري والاقتصادي. الصورة نفسها استخدمتها الأنظمة الدائرة في الفلك الصهيو ـــــ أمريكي لتبرير ذهابها إلى السلام “المزعوم” مع العدو، ابتداء من جملة الخائن أنور السادات عن امتلاك أمريكا 99% من أوراق اللعبة، وصولاً إلى الاتفاقيات الإبراهيمية.
“إسرائيل” العاجزة عن فرض شروطها على المقاومة في غزّة بعد 16 سنة من الحصار و20 شهراً من الحرب، والولايات المتحدة التي اضطرت للتراجع أمام الصمود اليمني بعد حرب وحصار سنوات، حاولتا إقناعنا أنّ ضربة واحدة كفيلة بهزيمة دولة بحجم إيران. المشكلة أنّ هناك من شعوبنا من يصدّق هذه الرواية، وهناك من يبحث بكلّ الوسائل عن طريقة لجعل هذه الرواية قابلة للتصديق. أكثر هذه المحاولات شيوعاّ وخباثة هي تلك التي تعمد إلى عقد مقارنة بين ما حدث في إيران وما أصاب حزب الله بعد اغتيال قادته وعلى رأسهم سيد شهداء الأمة السيد حسن نصر الله. هذه المقارنة تعتمد على تسويق روايتين استعماريتين، الأولى أنّ دور المقاومة في لبنان بالتصدّي للعدو الصهيوني قد انتهى باستشهاد قيادته، وعليه فإنّ إيران تنتظر المصير نفسه بعد اغتيال أبرز قياداتها العسكرية والعلمية.
ليس المطلوب الدخول في حالة إنكار، فالعدو الذي اختار محور المقاومة التصدّي له، عدو قوي ومتفوّق عسكرياً على جميع خصومه، وهو قادر على توجيه ضربات قوية لخصومه، وهذه الحقيقة يعرفها قادة المحور جيداً، إذ إنهم يواجهون هذا العدو في الميدان ويدركون جيداً قدراته، بما في ذلك احتمال استشهاد قادة المحور، بل وحتى توجيه ضربات قاسية لبنية المحور. هذا ما حدث ويحدث خلال الأشهر الأخيرة، لكنّ العدو نفسه يدرك أنّ الوقت ما زال مبكراً على الاحتفال، لأنه يدرك تماماً أنّ إيران تمتلك من القوة ما يمكّنها من ردّ الصاع صاعين، كما أنّ الصراع ليس ثنائياً بينه وبين إيران، وأنه مهما بلغت قوته لن يستطيع شطب القضية الرئيسة في المنطقة المتمثّلة في وجود الكيان نفسه، وأن تتصدّر إيران اليوم المشروع المضاد لهذا الوجود.
المقاومة لم تبدأ في السابع من أكتوبر 2023م، فالثورة الأولى للشعب الفلسطيني ضدّ وجود الكيان كانت قبل أكثر من 100 عام، ومنذ ذلك التاريخ لم يمرّ يوم من تاريخ الصراع من دون وجود شكل من أشكال المقاومة. الهدف ضرب فكرة الثورة والمقاومة التي تمثّلها إيران، والحديث عن المشروع النووي ليس سوى حجّة فارغة وكاذبة لتبرير العدوان.
إيران لم تهزم، وكلّ المؤشرات تقول إنها لن تهزم أو تخسر دورها كلاعب رئيس في قضايا المنطقة. أمريكا والكيان الصهيوني يبحثان عن حلّ للأزمات التي تعصف بالقوى الاستعمارية نتيجة تصاعد قوة ودور الدول والشعوب الرافضة للهيمنة الاستعمارية.
الردّ العسكري الإيراني مستمرّ، لكنّ الردّ الحقيقي يكون بتعميق التمسّك بفكرة المقاومة، والالتفاف حول القوى التي تتصدّرها، والاستعداد لتقديم التضحيات في سبيلها، ومنطق التاريخ يقول إنّ الشعوب التي امتلكت إرادة المقاومة وقدّمت التضحيات الضرورية تحقّق الانتصار المنشود.
*كاتب سياسي أردني