واشنطن بوست: قريبا نشر نتائج التحقيقات بشأن نقل أسلحة أميركية لإسرائيل
تاريخ النشر: 19th, September 2024 GMT
أفادت صحيفة "واشنطن بوست" بأن جهات رقابية حكومية ذات سلطة قضائية على وزارتي الخارجية والدفاع (البنتاغون) تستعد لنشر نتائج تحقيقات متعددة بشأن تزويد إدارة الرئيس جو بايدن إسرائيل بأسلحة أميركية لمساعدتها في الحملة العسكرية التي تشنها في قطاع غزة.
ونقلت الصحيفة عن تلك الجهات الرقابية أيضا أن هناك "عدة" تحقيقات أخرى ذات صلة، وهي إما قيد الإجراء أو مخطط لها.
وتأتي تقارير المفتش العام المرتقبة -التي لم تُنشر على الملأ بعد- في أعقاب شكاوى من داخل الحكومة الأميركية تفيد بأن تصدير مليارات الدولارات من الأسلحة إلى إسرائيل يعد انتهاكا لقوانين تحظر نقل المساعدات العسكرية الأميركية إلى حكومات ظلت ترتكب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو تعيق حركة نقل المساعدات الإنسانية.
إقرار وتبريروأقرت إدارة بايدن بأن إسرائيل ربما استخدمت أسلحة أميركية في حربها على غزة منتهكة بذلك القانون الدولي، لكنها تقول إن هناك ما يبرر الاستمرار في نقل الأسلحة، وهو الدفاع عن إسرائيل، وفق الصحيفة.
من جانبها، تدعي إسرائيل أن الخسائر الفلسطينية هي ذنب حركة المقاومة الإسلامية (حماس) التي تنشط "بالقرب من المناطق المدنية في القطاع المكتظ بالسكان"، نافية تقييد حركة إيصال المساعدات.
وتمثل تحقيقات المفتش العام -بحسب الصحيفة- واحدة من آخر عمليات التدقيق الداخلي على إدارة مصممة على زيادة إرسال الأسلحة إلى إسرائيل على الرغم من الانتقادات الموجهة إلى التكتيكات العسكرية التي تنتهجها دولة الاحتلال وسقوط أعداد "هائلة" من القتلى في غزة.
آخرون قيدوا المبيعات لإسرائيل
وتتزامن هذه التحقيقات مع إقدام بعض من أقرب حلفاء واشنطن -مثل بريطانيا وكندا واليابان وهولندا وإسبانيا وبلجيكا– على تقييد نقل العتاد العسكري إلى إسرائيل بسبب مخاوف قانونية وسياسية من إمكانية استخدامها في ارتكاب جرائم حرب.
وأشارت الصحيفة إلى أن البيت الأبيض والسفارة الإسرائيلية لم يعلقا على هذا الموضوع.
وقال المتحدث باسم مكتب المفتش العام في وزارة الخارجية مارك هوفمان إن "مكتب الشؤون السياسية والعسكرية التابع لوزارة الخارجية سينشر قريبا نتائج التفتيش" الذي أجراه، باعتباره الجهة المنوط بها "الإشراف على السياسات والبرامج المتعلقة بالمساعدات الأمنية والمبيعات العسكرية لإسرائيل".
الرصيف العائموأوردت "واشنطن بوست" أن هيئة الرقابة التابعة للبنتاغون هي الأخرى بصدد نشر نتائج تحقيق بشأن رصيف بايدن العائم على ساحل غزة، والذي يعد وسيلة "معيقة" لإيصال المساعدات إلى القطاع الفلسطيني، وكلف بناؤه مئات الملايين من الدولارات، قبل أن يصبح غير صالح للعمل "بسبب الأمواج العاتية".
وذكرت أن المفتش العام للوكالة الأميركية للتنمية الدولية نشر مؤخرا تقريره الخاص عن الرصيف، قائلا إن الخبراء حذروا مسبقا من أن الأمواج الهائجة قد تشكل تحديات، وإن المشروع نفسه من شأنه أن ينتقص من الجهود الدبلوماسية لتأمين طرق برية أكثر موثوقية للمساعدات.
وكشفت مكاتب المفتشين العامين لصحيفة واشنطن بوست عن خططها لنشر هذه التقارير، مع الاعتراف أيضا بتلقي خطاب من عشرات الموظفين الفدراليين من أكثر من 30 وكالة اتهموا فيه هيئات الرقابة بالفشل في إخضاع سياسة الأسلحة في واشنطن للمراقبة المناسبة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات ترجمات المفتش العام واشنطن بوست
إقرأ أيضاً:
الغارديان: المقاطعة العالمية لـإسرائيل تتحول من الهامش إلى التيار العام
اكتسبت الدعوات العالمية لمقاطعة دولة الاحتلال الإسرائيلي زخما غير مسبوق، بعدما كانت لسنوات طويلة تعد حركة ضعيفة، لتتحول اليوم إلى ظاهرة يتبناها فنانون ورياضيون وساسة بارزون، احتجاجا على حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة.
وبرزت احدى نتائج هذه الحملات على مطعم "شوك" في واشنطن، الذي كان يقدم وجبات نباتية كوشير مستوحاة من المطبخ الإسرائيلي، حيث اضطر الأسبوع الماضي إلى إغلاق آخر فروعه وتسريح 30 موظفا، بعدما اتّهم من قبل نشطاء بأنه "استولى على المطبخ الفلسطيني" واستورد منتجات إسرائيلية، بينما أكدت الإدارة أن الحرب جعلت الاستمرار في العمل مستحيلا.
وتعكس هذه الحادثة التغير الكبير في المزاج العام تجاه إسرائيل، إذ أدت الحرب في غزة إلى انهيار ما وصفته صحيفة الغارديان بـ"الإجماع القديم" الذي كان يحمي تل أبيب من الضغوط الدولية الجدية، بالإضافة إلى أن الدعوات لمقاطعة الشركات الإسرائيلية أو المتعاملة معها، ومنع مشاركة إسرائيل في الفعاليات الرياضية والثقافية، ووقف التعاون الأكاديمي، باتت تتوسع بسرعة "من الهامش إلى التيار العام".
وأوضحت صحيفة "الغارديان" البريطانية في تقرير، أن معظم المقابلات التي أجرتها نُفذت قبل إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحركة "حماس"، لكن النشطاء أكدوا أنهم سيواصلون الضغط.
وانتقدت حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات (BDS) خطة إنهاء الحرب، ووصفتها بأنها "مؤامرة صممتها الحكومة الفاشية الإسرائيلية لإنقاذ نفسها من العزلة العالمية"، داعية المجتمع المدني إلى تصعيد جهوده.
وعمقت مشاهد الأطفال الجوعى وارتفاع عدد القتلى في غزة إلى أكثر من 67 ألف شخص، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، حالة الاشمئزاز العالمي من السياسات الإسرائيلية، فيما خلص تقرير صادر عن خبراء مستقلين بتكليف من مجلس حقوق الإنسان إلى أن إسرائيل "ترتكب إبادة جماعية".
ونقلت الغارديان عن جيريمي بن-آمي، رئيس جماعة الضغط الليبرالية المؤيدة لإسرائيل "جي ستريت"، قوله: "لا أرى أن هذا عداء للسامية أو لإسرائيل، بل رفض لسياسات الحكومة الإسرائيلية"، مضيفاً أن الحرب في غزة "كانت محفزاً حطم المحرمات وشجع المعارضة ودفع الرأي العام نحو مواقف جديدة".
وأوضح بن-آمي أن هذا التحول هو "الأكبر الذي يشهده خلال حياته" في المواقف داخل المجتمع اليهودي الأمريكي والرأي العام عامة، مشبهاً ما يحدث الآن بالحملة العالمية لمناهضة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا.
وأضافت "الغارديان" أن حركة المقاطعة الفلسطينية BDS، التي انطلقت قبل عشرين عاماً بدعم من منظمات المجتمع المدني في فلسطين للمطالبة بإنهاء الاحتلال وعودة اللاجئين، باتت تشهد زخماً جديداً رغم محاولات الحكومات الغربية الحد منها، إذ سنت عشرات الولايات الأمريكية قوانين لمعاقبة من يدعو إلى مقاطعة إسرائيل.
وفي أيار/مايو الماضي، وقع 380 كاتبا ومنظمة، من بينهم زادي سميث وإيان ماك إيوان، رسالة تؤكد أن الحرب في غزة "إبادة جماعية" وتدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، في حين وقّع أكثر من 4,500 فنان وسينمائي تعهداً بمقاطعة المؤسسات والمهرجانات الإسرائيلية "المتواطئة".
كما أشارت الصحيفة إلى أن منظمي مسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن" سيصوّتون في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل حول مشاركة إسرائيل في نسخة العام المقبل، مشيرة إلى أن هذه المسابقة تمثل "ظاهرة ثقافية ضخمة في إسرائيل"، وقد يثير استبعادها منها صدى واسعاً.
ونقلت "الغارديان" عن داليا شايندلين، الباحثة والمحللة السياسية الإسرائيلية، قولها: "قد تُحدث مقاطعة يوروفيجن صدى كبيراً؛ فالإسرائيليون يعتبرونها مصدر فخر وطني، ولا توجد سابقة لطريقة رد فعلهم إذا تم استبعادهم منها".
وأضافت أن المئات من الفنانين العالميين، من بينهم بيورك وفرقة "ماسيف أتاك"، انضموا إلى دعوات حظر بث موسيقاهم في إسرائيل. وفي مجال الرياضة، قالت الصحيفة إن الاتحادين الدوليين لكرة القدم (فيفا) والاتحاد الأوروبي (يويفا) يواجهان ضغوطاً متزايدة لحظر مشاركة إسرائيل في المنافسات الدولية، بعد أن قاد نجم مانشستر يونايتد السابق إيريك كانتونا حملة تطالب الأندية بعدم اللعب ضد الفرق الإسرائيلية.
وقال الناشط آشيش براشار للصحيفة: "كلما زادت عزلة إسرائيل، أدرك العالم فظاعة أفعالها". وأوضح أن حملة "اللعبة انتهت يا إسرائيل"، التي ظهرت لوحاتها في ميدان تايمز سكوير بنيويورك، تدعو إلى مقاطعة المنتخب والأندية الإسرائيلية ومنع اللاعبين الإسرائيليين من المشاركة في البطولات الدولية.
وأضاف براشار: "التطبيع في وقت الإبادة الجماعية تواطؤ. ما داموا يظهرون في ملاعبنا أو في يوروفيجن، فنحن نُعطي ضوءاً أخضر للاحتلال والفصل العنصري والإبادة".
وأشارت "الغارديان" إلى أن معارضي المقاطعة يعتبرون أن هذه الدعوات "تضر بالأبرياء وتستهدف أصواتاً إسرائيلية ناقدة"، في حين يرى المؤيدون أن "العزلة هدف بحد ذاتها"، معتبرين أن الضغط والعزلة قد يدفعان المجتمع الإسرائيلي لمراجعة سياسات حكومته.
وأوضح براشار: "يقول البعض إن المقاطعة عقاب جماعي، لكن ما يحدث في غزة هو العقاب الجماعي الحقيقي".
وأضافت الصحيفة أن الحملة ضد الفصل العنصري في جنوب أفريقيا تُعد النموذج الأقرب لما يحدث حالياً، مشيرة إلى أن المقاطعة الرياضية والثقافية والاقتصادية لذلك النظام في الستينيات والسبعينيات كانت من الأسباب الرئيسية لانهياره.
وقال المؤرخ جيريمي فارون إن عزل جنوب أفريقيا عن العالم لعب "دوراً رئيسياً في إنهاء نظام الفصل العنصري"، بينما أكد عمر البرغوثي، مؤسس حركة BDS، في تصريحات لـ"الغارديان"، أن "لحظة جنوب أفريقيا تقترب"، موضحاً أن المقاطعة "بدأت تؤثر فعلاً في السياسات"، وأن "نتنياهو يرى الكتابة على الجدار".
وأضاف البرغوثي أن الدعم العالمي للحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل (PACBI) شهد "قفزة نوعية ضخمة"، إذ لم يعد مقتصراً على الفنانين التقدميين، بل امتد إلى نجوم هوليوود والموسيقيين العالميين ومؤثري الموضة والطهاة المشاهير.
وأشارت "الغارديان" إلى أن المقارنة بين إسرائيل وجنوب أفريقيا ليست مطابقة تماماً، فالأخيرة كانت تملك قيادة سياسية موحدة في نيلسون مانديلا وحزب المؤتمر الوطني الأفريقي، بينما تفتقر الحركة الفلسطينية إلى قيادة مماثلة. كما أن إسرائيل أكثر اندماجاً في الاقتصاد العالمي وقطاع التكنولوجيا، ما يجعل عزلها أصعب.
ورغم أهمية المقاطعات الثقافية والرمزية وفرض بعض الدول قيوداً على بيع الأسلحة، أكدت الصحيفة أن تأثير هذه التحركات على الاقتصاد الإسرائيلي لا يزال محدوداً، مشيرة إلى ما نشرته "هآرتس" مؤخراً بأن الإنفاق الأوروبي على السلاح الإسرائيلي بلغ مستوى قياسياً.
ونقلت الصحيفة عن الكاتب بيتر بينارت، مؤلف كتاب "أن تكون يهوديا بعد تدمير غزة"، قوله: "لا شك أن هناك تحولا ثقافيا واضحا في الرأي العام"، مضيفا أن السؤال الآن هو "كيف سيُترجم هذا التحول في المواقف الثقافية إلى نتائج سياسية ملموسة؟".