نستكمل حديثنا اليوم عزيزى القارئ مع رغبة مصر الدائمة فى البقاء على استقرار السودان ومنع تفتيته وتجزأته إلى أقاليم فرعية، أو حتى إضعافه، كما ترغب فى ذلك الولايات المتحدة وإسرائيل، ومن هنا يمكن فهم الرؤية المصرية للتعامل مع كل أزمات السودان سواء تلك المتعلقة بأزمة الجنوب أو الغرب، أو حتى الشرق، هذه الرؤية المصرية التى تقوم على أساس إبقاء السودان موحدا، مع إعادة توزيع السلطة والثروة بشكل متساو، ومن هنا فقد تكون الأحداث الأخيرة نقطة انطلاق قوية لمصر لجمع الفرقاء السودانيين، بشتى طوائفهم الفكرية وانتماءاتهم الإقليمية، على مائدة حوار وطنى واحد لإيجاد تسوية شاملة للأزمة، حتى لا يتحول السودان إلى لبنان أو حتى عراق آخر لا تستعر بنيرانه قوى الداخل فحسب، وإنما دول الجوار أيضا.


مع اتساع رقعة الحرب فى السودان، تزداد الجهود الإقليمية والمبادرات لإنهاء الصراع الدامى بين القوات المسلحة السودانية بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو «حميدتي»، ووصلت الجهود المتسارعة عزيزى القارئ إلى أكثر من ٩ مبادرات، أبرزها الوساطة «السعودية- الأمريكية» فى منبر جدة ودول جوار السودان، لكن كل هذه المبادرات تشهد جمودًا كبيرًا فى عملية الوساطة، مما دفع الآلية الإفريقية رفيعة المستوى بشأن السودان، إلى الدعوة إلى حوار «سوداني- سوداني» فى منتصف يوليو الماضى، هذه الدعوة تزامنت مع إعلان مصر استضافة مؤتمر يجمع كافة القوى السياسية السودانية فى نهاية يونيو الماضى بحضور الشركاء الإقليميين والدوليين المعنيين، بهدف التوصل إلى توافق بشـأن سبل بناء السلام الشامل والدائم فى السودان، والحوار يجب أن يكون شاملًا يشمل جميع الأطراف والقوى السياسية والمدنية والمجتمعية الفاعلة، والمتضررين من الحرب ممن نهبت ممتلكاتهم وشردوا وقتلوا وتعرضوا للانتهاكات، فمصر لديها أفضلية فى حل النزاع السودانى لجهة معرفتها بالملف بكل تعقيداته، خاصة أن القضية السودانية تمثل قضية أمن قومى باعتبار أن القاهرة المتضرر الرئيسى من الصراع فى الخرطوم.
تعدد المبادرات المطروحة لحل أزمة الحرب المندلعة فى السودان بين الجيش وقوات الدعم السريع، لن يفيد أو يسهم فى إنهاء الصراع، كل ما تقوم به هذه الجهات من جهود لحل الأزمة خاضع لأجندتها أولًا، وأجندة الدول التى تقف من خلفها، فالمبادرات المطروحة خلال الفترة الماضية عبارة عن كونها «بازارات سياسية»، «تقوم على مصالح ضيقة لا تراعى مصالح الشعب السوداني»، فيجب على الدول أن تجمّع الفرقاء السياسيين والعسكريين على مائدة مستديرة تنهى أسباب الخلاف دون إملاءات للتوصل إلى صيغة تراض وطنى بعيدًا عن أى أجندات.
محاولات القاهرة الرسمية وجهودها الدبلوماسية والإنسانية لحل معضلة الأزمة فى السودان، تطرح الأسئلة حول أسباب «تعثر» التحرك المصرى فى إحداث نتائج على الأرض حتى اللحظة، أمام التبعات غير المسبوقة على المستوى الإنسانى والاجتماعى والأمنى الذى خلفته الحرب وتجاوز بتأثيره حدود الجغرافيا السودانية، مما يضع السودان وما يمثله من امتداد جيواستراتيجى وعمق حيوى للأمن القومى المصرى «على المحك»، أعاد مؤتمر القاهرة للقوى السياسية والمدنية السودانية الذى عقد نهاية شهر يونيو الماضى وهدف إلى تقديم رؤى لإنهاء الحرب المستمرة فى السودان بين الجيش وقوات «الدعم السريع»، الدور المصرى إلى الواجهة فى الأزمة المستعرة منذ أكثر من ١٨ شهرًا ومدى قدرته على لعب «وساطة فاعلة وقوية» لحل الأوضاع، نحو الوصول إلى حل «سياسى شامل» وإمكانية وضع خريطة طريق تمهد لاستعادة الأمن والاستقرار بالجارة الجنوبية، إلا أن ما شهده المؤتمر من عدم حضور ممثلين لطرفى الصراع واختتام فعالياته قبل الموعد المقرر مسبقًا فضلًا عن رفض قوى مشاركة التوقيع على البيان الختامي، فتح النقاش مجددًا فى شأن «حدود الدور المصري» وخيارات القاهرة «المعقدة» فى الأزمة، التى تجاوزت بتداعياتها الإنسانية والأمنية الجغرافيا السودانية واستدعى الموقف بعض من الأسئلة الحائرة فى شأن قدرة مصر على استعادة تأثيرها «الغائب» فى السودان «الجريح» بعد أعوام من «الارتباك وتراجع للدور»، نتيجة ما بدا أنه «انحياز للمكون العسكرى خصوصًا قائد الجيش عبدالفتاح البرهان والجماعات الداعمة له على حساب الأطراف المدنية منذ إطاحة نظام الرئيس السودانى السابق عمر البشير عام ٢٠١٩»، بحسب ما يقول بعض المراقبون من هنا وهناك، وللحديث بقية

 


[email protected]
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الإخوان الإرهابية السودان مصر الولايات المتحدة إسرائيل الرؤية المصرية توزيع السلطة الثروة حوار وطني دول الجوار فى السودان

إقرأ أيضاً:

“الخارجية السودانية” تكشف محاولات دولة الإمارات لعرقلة صدور إدانات دولية ضد الدعم السريع

متابعات ـ تاق برس

استنكرت وزارة الخارجية السودانية ما وصفتها بـ (المساعي العدائية المحمومة)، لنظام أبوظبي في الدفاع عن قوات الدعم السريع في المحافل الدولية، ووقوفها ضد السودان ودولته الوطنية ومقدراته الاقتصادية والثقافية والتاريخية، عبر مساندة هذه القوات.

وقالت الوزارة فى بيان لها اليوم أنها رصدت في هذا الصدد التحركات البائسة لوفد نظام أبوظبي في اجتماعات حركة عدم الإنحياز الأخيرة على مستوى الخبراء، بنيويورك الأسبوع الماضي، من أجل استبعاد النص الخاص بالتضامن مع السودان في مسودة البيان، وعدم وصف قوات الدعم السريع بأنها كيان متمرد على الشرعية الوطنية.

 

ولفتت الخارجية، أنها أيضا رصدت محاولة الوفد المذكور إدخال فقرة تشير إلى مفردة “الحكومة الموازية” التي تسعى بلاده إلى إقامتها في تحد فاضح للشرعية الدولية، ممثلة في مجلس الأمن بالأمم المتحدة، والإتحاد الإفريقي، وجامعة الدول العربية وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية، التي أجمعت على رفض وإدانة إعلان ذلك الكيان الزائف الذي ولد ميتا، ولفظه الشعب السوداني منذ أول يوم.

 

واعتبر بيان الخارجية السودانية هذه التحركات المفضوحة علاقة عضوية بين نظام أبوظبي وقوات الدعم السريع وتبرزه كنظام مارق على الأعراف والقوانين الدولية، وتقاليد وأخلاقيات الدبلوماسية الجماعية، وتقدم دليلا إضافيا على إصرار ذلك النظام على تدخلاته الشريرة في الشؤون الداخلية للسودان.

 

واضافت :” تعضد هذه المساعي ما كشفته الصحافة الدولية حول احتضان نظام أبوظبي لقيادة الدعم السريع وإشرافها بشكل كامل على كل أنشطتها، كالتحقيق الاستقصائي لصحيفة نيويورك تايمز الأخير في هذا الخصوص”.

 

وتابعت :” لقد بات الدور التخريبي لنظام أبوظبي في اللقاءات متعددة الأطراف، فيما يلي السودان، ماثلا للعيان. إذ تكررت مثل تلك المساعي في اجتماعات عديدة مثل اجتماعات منظمة التعاون الإسلامي بإسطنبول في يونيو الماضي، واجتماعات مجلس جامعة الدول العربية”.

 

وأشارت الخارجية في بيانها إلى أن الهدف الرئيس لمشاركة نظام أبوظبي في هذه اللقاءات يظل هو منع صدور إدانات ضد هذه القوات والهروب من مسؤوليته المباشرة عما ترتكبه من جرائم إبادة جماعية وارهاب وانتهاكات فظيعة لحقوق الإنسان، والدعوة لانتهاك سيادة السودان.

 

ودعت الوزارة المجتمع الدولي بدوله ومنظماته كافة لعدم السماح لنظام أبوظبي باستخدام المحافل الدولية لتشجيع الإفلات من العقاب وحماية الإرهاب، والإبادة الجماعية اللذين تجسدهما قوات الدعم السريع وراعيتها الإقليمية.

وذكرت بأن قوات الدعم السريع، وبرعاية ودعم كامل من نظام أبوظبي لا تزال تصر على استمرار عدوانها على الشعب السوداني، ودولته الوطنية وكل مقومات حياته، وأنها تمثل تهديدا للأمن والسلم الإقليميين.

 

الخارجية السودانيةالدعم السريعدولة الإمارات

مقالات مشابهة

  • جنوب السودان على حافة المجاعة… برنامج الأغذية العالمي يبدأ بإسقاط مساعدات طارئة جواً
  • عودة أندية النخبة السودانية للعب على أرضها
  • “عروس”.. عضو مجلس السيادة د. نوارة أبو محمد تشيد بمتانة العلاقات السودانية الكويتية
  • “اليونسكو”.. خطوات جادة لإنقاذ الآثار السودانية
  • العلاقات السودانية الكويتية.. لا تعطني سمكة بل علمني كيف أصطاد
  • أغلقت معبرا تجاريا.. جنوب السودان تنشر مئات المقاتلين على الحدود السودانية
  • “الخارجية السودانية” تكشف محاولات دولة الإمارات لعرقلة صدور إدانات دولية ضد الدعم السريع
  • الخارجية تستنكر مساعي نظام أبوظبي راعي المليشيا الإرهابية ضد السودان
  • حرب لتصفية الثورة ونهب ثروات البلاد
  • وزير الخارجية الإماراتي: ندعم جهود التوصل لوقف الحرب على غزة وتجنب اتساع رقعة الصراع بالمنطقة