عربي21:
2025-06-26@07:22:54 GMT

السياسيون السنّة: من الدور إلى الأداة!

تاريخ النشر: 27th, September 2024 GMT

كتبت كثيرا عن أزمة التمثيل السني في العراق بداية من عام 2003 وعن التحولات التي رافقت هذا التمثيل بين عامي 2003 و2014 السنة التي أنهت، عمليا، محاولات إيجاد تمثيل حقيقي يعبر عن مصالح الجمهور السني في العراق بسبب الآليات التي اعتمدها آنذاك الفاعل السياسي الشيعي من أجل صناعة تمثيل سني مدجن، وفقا لمعادلة «التدجين مقابل الفساد» التي اعتمدها رئيس مجلس الوزراء الأسبق نوري المالكي في ولايته الثانية (2010 ـ 2012)!

ففي انتخابات مجالس المحافظات عام 2013، استطاع السياسيون الذين صنعهم المالكي، من تحقيق نتائج غير متوقعة في المحافظات ذات الغالبية السنية، فقد نجح «سنة المالكي» وهو التوصيف الذي أطلقناه عليهم يومها، من تحقيق هذه النتائج في سياق احتجاجات واسعة في هذه المحافظات ضد سياساته التمييزية والطائفية!

ولم يكن هذا النجاح مرتبطا بالتزوير المنهجي واسع النطاق الذي اشتركت مفوضية الانتخابات نفسها في تنظيمه، بل ارتبط أيضا بعوامل أخرى، بينها طبيعة السلوك التصويتي الزبائني للجمهور السني (سياسة شراء الأصوات عبر استخدام المال السياسي، والتوظيف، واستغلال العلاقة مع السلطة لتقديم الخدمات).



هذا النجاح أغرى المالكي باستخدام الاستراتيجية نفسها في انتخابات مجلس النواب عام 2014، من خلال تحالفات أوسع هذه المرة، وهي تحالفات عقدها قبيل الانتخابات مع ثلاث قوى سنية أساسية يومها هي: الحزب الإسلامي وحركة الحل وجبهة الحوار الوطني، لضمان الولاية الثالثة التي كانت تواجه رفضا من القوى السياسية الشيعية، وكان قريبا من تحقيق ذلك لولا قرار المرجع الأعلى السيد علي السيستاني الذي وأد هذا الحلم!
الفاعل السياسي الشيعي يتوهم أنه قد حسم موضوع الحكم في العراق نهائيا لصالحه
وبعد خروج المالكي من السلطة، استمر الفاعلون السياسيون الشيعة بعده في تبني السياسية نفسها، وقد بدا ذلك واضحا في انتخابات مجلس النواب عامي 2018 و2021، خاصة وأن علاقات القوة التي نشأت بعد هزيمة داعش، والموقف الأمريكي السلبي من استفتاء استقلال إقليم كردستان، جعلت الفاعل السياسي الشيعي يتوهم أنه قد حسم موضوع الحكم في العراق نهائيا لصالحه، وأن في إمكانه أن يعيد ترتيب أوراقه وفق علاقات القوة المستجدة، بعيدا عن المبادئ التي تشكَل بموجبها النظام السياسي بعد عام 2003 مع الوجود الأمريكي!

لكن هذه الاستراتيجية تعرضت أكثر من مرة إلى تحديات كان أبرزها موقف رئيس مجلس النواب سليم الجبوري في آذار 2016، حين «تجرأ» الرجل على كتابة مقال في صحيفة النيويورك تايمز بعنوان: «ابقوا الميليشيات بعيدا عن الموصل» وصف فيها الحشد الشعبي بأنها «ميليشيات طائفية قامت بأعمال قتل انتقامية وتطهير عرقي»! مما اضطر الفاعل السياسي الشيعي يومها إلى استخدام سياسة العصا، بالتعاون مع بعض نواب مدجنين من السنة، للإطاحة به من موقعه كرئيس لمجلس النواب في 14 نيسان 2016، قبل أن يذعن ويستسلم للشروط، وتسمح له المحكمة الاتحادية بعد ذلك بالعودة ثانية إلى موقعه بقرار مسيس مفضوح، وليوافق هو شخصيا على تمرير قانون يشرعن فيها هذه الميليشيات «ألطائفية» كما وصفها!

تكرر الأمر مع رئيس مجلس النواب اللاحق محمد الحلبوسي، الذي كان صنيعة القوى الشيعية المتنفذة، ومدعوما من قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس بشكل خاص، وحين وصل إلى رئاسة مجلس النواب في العام 2018، توهم الحلبوسي أن في إمكانه التمرد على صانعيه، مستغلا الانقسام الشيعي ـ الشيعي بين الصدريين من جهة، والإطار التنسيقي من جهة ثانية، والخروج عن المظلة التي وفرها له حلفاء ايران في العراق، حيث تحالف مع الثلاثي الصدريين والحزب الديمقراطي الكردستاني، وكان مصير هذا التمرد الإطاحة به من رئاسة مجلس النواب، ومن مجلس النواب نفسه، بقرار مسيس ثان من المحكمة الاتحادية!

ويبدو أن سياسة العصا تأتي بثمارها دائما في العراق، خاصة وأن ريوع المناصب، والاستثمار غير المحدود في المال العام، والشبكات الزبائنية التي يتم بناؤها عبر أدوات السلطة، تتبخر في حالة الخروج من المنصب/ السلطة. ولتفادي هذا «التمرد» فقد لجأ الفاعل السياسي الشيعي إلى سياسة جديدة يعتمدها تتعدى عملية تدجين السياسي السني، إلى عرابين أوصياء من الفاعلين السياسيين الشيعة لكل سياسي سني انتهازي يطمح إلى فرصة ليصبح زعيما سنيا، ويحظى بالريوع والاستثمارات والإمكانيات لصنع جمهور زبائني. مع ضمان عدم إمكانية حصول أي «زعيم مصنع» سني على عدد كبير من المقاعد البرلمانية قد توهمه في إمكانية التمرد على صانعيه مستقبلا!

وهذه الاستراتيجية وحدها هي التي تفسر الهجمة التي بدأها الحلبوسي ضد إقليم كردستان، والتي تبعتها هجمات أخرى من تابعين له، او من جيوش إلكترونية محسوبة عليه، أو من تابعين آخرين غير محسوبين عليه!

فقد غرد الحلبوسي وبلا مقدمات، بأنه يرفض «تسليح قوات محلية واجبها الدستوري يقتصر على حفظ أمن داخلي ضمن حدود مسؤوليتها بمدفعية ثقيلة متطورة» وأن هذا السلاح يجب أن يكون «حكرا بيد الجيش العراقي فقط».

وكان يمكن قبول هذه التغريدة لو أن الرجل قد اعترض على تسليح قوات الشرطة الاتحادية، المرتبطة عضويا بمنظمة بدر، بالمدفعية الثقيلة مع أن واجبها الدستوري يقتصر على حفظ الأمن الداخلي! وكان يمكن قبول هذه التغريدة لو أن الرجل قد اعترض على تسليح المليشيات الولائية/ العقائدية التي لا تأتمر بأوامر الدولة العراقية بل تشكل دولة موازية تماما، بمختلف أنواع الأسلحة بما فيها الدروع والمدفعية والطائرات المسيرة!

لكنه لم يتحدث عن كل ذلك رغم أنه كان لا يزال حينها يشغل موقع رئيس مجلس النواب، وبالتالي لا يمكن فهم هذه التغريدة إلا في سياق الاستراتيجية الجديدة التي اعتمدها الفاعل السياسي الشيعي؛ فمن الواضح أن الحلبوسي قبل بدور الأداة بيد عرابه الجديد قيس الخزعلي زعيم ميليشيا عصائب أهل الحق، في صراعه المفتوح ضد الحزب الديمقراطي الكردستاني، وأن هذه التغريدة هي بمثابة «صك براءة» عن تمرده السابق، وإعلان لصك طاعة جديد، تمهيدا لمنحه مكانا في انتخابات مجلس النواب العام القادم!

لا يمكن لعلاقات القوة المتوهمة وحدها أن تحدد مستقبل العراق، كما لا يمكن لهذه الأوهام أن تلغي الوقائع على الأرض، لقد فشل السنة الذين حكموا العراق على مدى 82 عاما في انتاج نظام حكم يؤمن بالتعددية ويحتكم للقانون والمؤسسات، وسقطوا وأسقطوا الدولة معهم بسبب الأوهام نفسها في العام 2003، لكن الموهومين الجدد لم يتعلموا الدرس!

القدس العربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه العراق الحلبوسي العراق البيشمركة الحلبوسي الاطار التنسيقي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة هذه التغریدة فی انتخابات مجلس النواب رئیس مجلس فی العراق

إقرأ أيضاً:

 لماذا حظرت أمريكا واتساب وما البدائل التي قدمتها؟ (ترجمة خاصة)

حُظر تطبيق واتساب على الأجهزة المحمولة لأعضاء مجلس النواب، على الرغم من أن منصات مراسلة أخرى، بما في ذلك تطبيق سيجنال - التطبيق الذي يُثير جدلاً عسكرياً كبيراً - لا تزال متاحةً، بحسب التقارير.

 

ووفقاً لمذكرة أُرسلت إلى جميع أعضاء مجلس النواب يوم الاثنين، وحصلت عليها رويترز، اعتُبر واتساب "عالي الخطورة" نظراً "لمخاطر أمنية محتملة مرتبطة باستخدامه"، من بين أمور أخرى.

 

يأتي هذا بعد ضجةٍ في مارس/آذار الماضي، بعد إضافة الصحفي جيفري غولدبرغ، رئيس تحرير مجلة "ذا أتلانتيك"، عن طريق الخطأ إلى محادثة جماعية على سيجنال، ضمت أعضاءً رفيعي المستوى في الإدارة. عُرفت هذه الحادثة لاحقاً باسم "سيجنال جيت".

 

فُتح تحقيقٌ بعد أن أفاد غولدبرغ بتبادل معلوماتٍ بالغة الحساسية حول العمليات العسكرية الأمريكية في اليمن داخل المجموعة، التي ضمت أعضاءً في مجلس الوزراء، بمن فيهم نائب الرئيس جيه دي فانس، ووزير الدفاع بيت هيغسيث، ومستشار الأمن القومي السابق مايكل والتز.

 

ولكن بدلاً من تحديد Signal، قالت مذكرة يوم الاثنين إن "مكتب الأمن السيبراني اعتبر WhatsApp خطرًا كبيرًا على المستخدمين بسبب الافتقار إلى الشفافية في كيفية حماية بيانات المستخدم، وغياب تشفير البيانات المخزنة، والمخاطر الأمنية المحتملة المرتبطة باستخدامه".

 

صرح متحدث باسم شركة ميتا بأن الشركة ترفض هذه الخطوة "بأشد العبارات"، مشيرًا إلى أن المنصة توفر مستوى أمان أعلى من التطبيقات المعتمدة الأخرى.

 

ومع ذلك، في يناير/كانون الثاني، صرّح مسؤول في واتساب بأن شركة باراغون سوليوشنز الإسرائيلية المتخصصة في برامج التجسس استهدفت عشرات المستخدمين، بمن فيهم صحفيون وأعضاء من المجتمع المدني.

 

وبدلًا من واتساب، أوصت رويترز أعضاء مجلس النواب باستخدام تطبيقات مراسلة أخرى، بما في ذلك منصة تيمز من مايكروسوفت، وتطبيق ويكر من أمازون، وتطبيقي آي ميساج وفيس تايم من آبل.

 

على الرغم من الاختراق الأمني ​​الصادم في مارس/آذار، أُوصي أيضًا باستخدام سيجنال كبديل.

 

شهد الحادث تحمّل والتز مسؤوليته - وإن لم يكن ذلك قبل أن يُلقي ترامب باللوم على موظف غامض "من مستوى أدنى". كما ألمح الرئيس إلى أن غولدبرغ ربما يكون هو من أضاف اسمه، قائلاً إن التكنولوجيا تسمح لشخص ما "بالوصول إلى هذه الأمور"، ولكن دون الخوض في التفاصيل.

 

كما أدت فضيحة سيجنال إلى رفع دعوى قضائية فيدرالية ضد خمسة من أعضاء مجلس الوزراء المشاركين في الدردشة الجماعية؛ فانس وهيغسيث، بالإضافة إلى وزير الخارجية ماركو روبيو، ومديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد، ومدير وكالة المخابرات المركزية جون راتكليف.

 

وطلبت الدعوى القضائية، التي رفعتها منظمة "أميركان أوفيرسايت" غير الربحية، من القاضي أن يأمر عضو مجلس الوزراء بالحفاظ على رسائل سيجنال، مدعية أن استخدام سيجنال ينتهك القانون الفيدرالي.

 

*يمكن الرجوع للمادة الأصل: هنا

 

*ترجمة خاصة بالموقع بوست

 


مقالات مشابهة

  •  لماذا حظرت أمريكا واتساب وما البدائل التي قدمتها؟ (ترجمة خاصة)
  • رئيس مجلس الشورى يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد
  • العيدروس يهنئ قائد الثورة ورئيس المجلس السياسي بالعام الهجري الجديد
  • تحديد موعد انطلاق منافسات الدور الثاني لبطولة أندية العراق بكرة السرعة
  • المكتب السياسي يدعو لتصويب مسار اجتماعات العليمي
  • عربية النواب: وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل عودة للمسار السياسي
  • العراق يرحب بالمبادرة التي أفضت لوقف إطلاق النار بين إيران و”اسرائيل”
  • ميليشيا كتائب حزب الله:سيبقى العراق تحت الحكم الشيعي الصفوي مادام خامنئي في الحياة
  • مباحثات يمنية بريطانية بشأن مستجدات الأوضاع السياسية والعسكرية
  • تطبيق الأداة الذكية لإدارة المخلفات الصلبة بدمياط