الحرب سجال.. والقتل والتدمير لن يزيلا أثر الطوفان
تاريخ النشر: 29th, September 2024 GMT
اغتيال إسرائيل لأمين حزب الله السيد حسن نصر الله، ومعه وقبله عدد من قيادات الحزب، وقبله أيضا عدد من قادة حماس على رأسهم رئيس الحركة إسماعيل هنية ونائبه صالح العاروري، هو جولة في معركة طويلة وممتدة، يكسب العدو فيها جولات، وتكسب المقاومة أيضا جولات، وحتى إذا كانت جولات العدو هي الأكثر نظرا لما يتمتع به من تفوق تسليحي ينهال عليه من كل صوب وحدب، ونظرا لأنه جزء من تحالف دولي واسع، فإن المقاومة -قليلة الإمكانيات والتحالفات- يحسب لها أنها لا تزال صامدة، متماسكة، ومتمسكة بحق شعبها في الحرية والاستقلال.
الاغتيالات لا تحسم معارك، وكثيرا ما نفذت المقاومة الفلسطينية عبر مسيرتها الطويلة اغتيالات لقادة صهاينة داخل الكيان وخارجه، النصر الحقيقي للعدو حين يحقق أهدافه المعلنة، وهي القضاء بشكل تام على المقاومة فلا يُسمع لها صوت، ولا حركة، وإخراس كل صوت يتحدث عن قضية فلسطينية، وعن دولة فلسطينية.
وفي المعركة الأخيرة بالذات، حدد العدو لنفسه في غزة هدفين أساسيين؛ وهما تحرير أسراه أحياء عبر المعارك، والإجهاز التام على حماس وكل فصائل المقاومة، فلا هو حقق الهدف الأول ولا الثاني حتى الآن، ولذلك فإنه هرب إلى الأمام بنقل المعركة إلى حدوده الشمالية مع لبنان، مستحدثا لنفسه هدفا جديدا وهو إعادة مستوطني الجليل الأعلى الذين هربوا من مستوطناتهم إلى الداخل الإسرائيلي عقب طوفان الأقصى، نحن إذن أمام اختبار إرادات بين نتنياهو الذي تعهد بإعادة المستوطنين، وتحقيق الآمان الكامل لهم، وبين تعهد حزب الله بعدم السماح بذلك، وهذا يعني أننا أمام المزيد من المواجهات على الجبهة اللبنانية خلال الأيام المقبلة رغم الجهود الدولية المتسارعة لوقف الحربويخشون العودة حتى الآن. وحين يتمكن الكيان من توفير الآمان الكامل لهم بما يقنعهم بالعودة الطوعية فإنه يكون قد حقق نصرا جزئيا، لكننا نتذكر هنا أن آخر وعود نصر الله في آخر ظهور له كانت عدم السماح لهؤلاء المستوطنين بالعودة، وهو الوعد الذي يمثل اختبارا جديدا لخليفته في قيادة الحزب..
نحن إذن أمام اختبار إرادات بين نتنياهو الذي تعهد بإعادة المستوطنين، وتحقيق الآمان الكامل لهم، وبين تعهد حزب الله بعدم السماح بذلك، وهذا يعني أننا أمام المزيد من المواجهات على الجبهة اللبنانية خلال الأيام المقبلة رغم الجهود الدولية المتسارعة لوقف الحرب، وعقد هدنة على تلك الجبهة تستثني غزة.
منذ نكبة 1948 التي انتهت بقيام الكيان الصهيوني، شهدت الساحة الفلسطينية العديد من المحطات النضالية التي أبقت على القضية حية، وحالت دون دفنها. نشير هنا إلى سلسلة العمليات الفدائية في الداخل والخارج في السبعينات والثمانينات، والانتفاضة الفلسطينية الأولى عام 1987، وما تلاها من إقامة حكم ذاتي منقوص، والثانية عام 2000، وما تلاها من انسحاب إسرائيلي أحادي من غزة عام 2005، ثم مواجهة اجتياحات جيش الاحتلال لغزة أعوام 2008، و2012، و2014، وصولا إلى معركة سيف القدس 2021 والتي شهدت ظهور أسلحة جديدة للمقاومة وصواريخ وصلت إلى تل أبيب، ثم المعركة الحالية؛ طوفان الأقصى.
وعلى مستوى الحروب النظامية المرتبطة بالقضية الأصلية فإننا نتذكر حرب السادس من أكتوبر 1973، والتي كانت هجوما مصريا سوريا مفاجئا ضد العدو في جبهتي سيناء والجولان، وقد تمكن الجيش المصري من عبور قناة السويس وتحرير مساحة معتبرة من أرض سيناء، كما تمكنت القوات السورية من تحرير بعض الأراضي في منطقة القنيطرة. وقد حاول العدو تحويل النصر إلى هزيمة من خلال ثغرة الدفرسوار، إلا أن ما تحقق بالفعل من عبور مصري للقناة، وتحرير بعض الأراضي ظل عنوانا للحقيقة.
وحين احتل جيش الاحتلال الإسرائيلي جنوب لبنان في العام1978، ثم عزز ووسع احتلاله في العام 1982، فإن المقاومة اللبنانية تمكنت في العام 2000 من هزيمته وإجباره على الانسحاب، ثم خاضت المقاومة مواجهة أخرى في العام 2006 ضد الاحتلال الإسرائيلي للجنوب اللبناني مجددا، وأجبرته على الانسحاب، وهكذا هي جولات يوم لك ويوم عليك.
صدمة لا يزال المجتمع الإسرائيلي يعاني منها، ولم، ولن يفلح اجتياح غزة، وتدمير معظم مبانيها، وقتل حوالي 50 ألف من أبنائها، في محو عار تلك الليلة، أو إعادة الطمأنينة لسكان مستوطنات غلاف غزة، كما لم ولن تفلح الغارات الإسرائيلية المكثفة، ولا قتل زعيم حزب الله وكبار قادته، وتدمير الضاحية الجنوبية في بيروت في إعادة الطمأنينة لسكان مستوطنات الجليل الأعلى
"طوفان الأقصى" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023 كانت مفاجئة مثل نظيرتها المصرية قبل خمسين عاما، وكانت صادمة للعدو بدرجة أكبر، لأنها حطمت نظريات أمنية وعسكرية تغنى بها العدو كثيرا. ومبعث الصدمة أن من حطم السور الواقي، وتمكن من اقتحام المستوطنات، ومقر القيادة العسكرية، وأسر ذاك العدد الكبير من العسكريين والمدنيين، هم مجموعة من الشباب ذوي السلاح الخفيف.
هي صدمة لا يزال المجتمع الإسرائيلي يعاني منها، ولم، ولن يفلح اجتياح غزة، وتدمير معظم مبانيها، وقتل حوالي 50 ألف من أبنائها، في محو عار تلك الليلة، أو إعادة الطمأنينة لسكان مستوطنات غلاف غزة، كما لم ولن تفلح الغارات الإسرائيلية المكثفة، ولا قتل زعيم حزب الله وكبار قادته، وتدمير الضاحية الجنوبية في بيروت في إعادة الطمأنينة لسكان مستوطنات الجليل الأعلى. وحتى لو تمكن العدو من فرض اتفاقية استسلام على لبنان الرسمي، وفرض مناطق آمنة أسوة باتفاقية السلام المصرية التي قسمت سيناء إلى مناطق (أ- ب- ج)، فإن المقاومة لن تعترف بها، وستواصل تهديدها لتلك المستوطنات.
تتمتع المقاومة الإسلامية سواء كانت سنية أو شيعية بروح إيمانية عالية، تجعلها قادرة على امتصاص الصدمات، والثبات والصمود في مواجهة أعتى الجيوش بأقل الإمكانيات، وهي تفضل الموت (الشهادة) على الاستسلام، وهي قادرة على إحلال قادة جدد محل الراحلين من قادتها، والأمر نفسه على مستوى الجنود، وهذا ما يجعل مهمة العدو في هزيمتها صعبة إن لم تكن مستحيلة.
x.com/kotbelaraby
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه حزب الله المقاومة غزة الاحتلال غزة حزب الله الاحتلال المقاومة طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حزب الله
إقرأ أيضاً:
حماس : طوفان الأقصى محطة شامخة في مسيرة الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال
الثورة نت/وكالات أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ، أن طوفان الأقصى كان محطة شامخة في مسيرة الشعب الفلسطيني نحو الحرية والاستقلال، وسيبقى معلماً راسخاً لبداية حقيقية لدحر الاحتلال وزواله. وقالت الحركة في بيان ، اليوم الأحد ، بمناسبة ذكرى انطلاقتها الـ 38 ، إن ” الذكرى الثامنة والثلاثون لانطلاقة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تأتي مع مرور أكثر من عامين على عدوان همجي وحرب إبادة وتجويع وتدمير، لم يشهد لها التاريخ مثيلاً، ضدّ أكثر من مليوني إنسان محاصر في قطاع غزَّة، ومن جرائم ممنهجة ضدّ أهلنا في الضفة الغربية والقدس المحتلة ومخططات تستهدف ضمّ الأرض وتوسيع الاستيطان وتهويد المسجد الأقصى، وبعد عامين واجه خلالهما شعبُنا العظيم ملتحماً مع مقاومته الباسلة هذا العدوان الغاشم بإرادة صلبة وصمود أسطوري وملحمة بطولية قلّ نظيرها في التاريخ الحديث”. وأضافت “إنَّنا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وفي الذكرى الـ 38 لانطلاقتنا المباركة، لنترحّم على أرواح القادة المؤسّسين، وفي مقدّمتهم الإمام الشهيد أحمد ياسين، وعلى أرواح قادة الطوفان الشهداء الكبار؛ هنية والسنوار والعاروري والضيف، وإخوانهم الشهداء في قيادة الحركة، الذين كانوا في قلب هذه المعركة البطولية، ملتحمين مع أبناء شعبهم، كما نترحّم على قوافل شهداء شعبنا في قطاع غزَّة والضفة والقدس والأراضي المحتلة عام 48، وفي مخيمات اللجوء والشتات، وكل شهداء أمتنا الذين امتزجت دماؤهم مع دماء شعبنا”. وتابعت “ونقف بكل فخر واعتزاز أمام صمود وبسالة وتضحيات وثبات شعبنا العظيم في كل الساحات، وفي مقدّمتهم أهلنا في غزّة العزَّة والإباء والشموخ، الذين جاهدوا وصابروا ورابطوا دفاعاً عن الأرض والمقدسات نيابة عن الأمَّة قاطبة، وفي ضفة الإباء، والقدس، وأراضينا المحتلة عام 48، وفي مخيمات اللجوء والشتات”. وأكدت (حماس) على أن “طوفان الأقصى كان محطة شامخة في مسيرة شعبنا نحو الحرية والاستقلال، وسيبقى معلماً راسخاً لبداية حقيقية لدحر الاحتلال وزواله عن أرضنا”. كما أكدت أن “العدو لم يفلح عبر عامين كاملين من عدوانه على شعبنا في قطاع غزة إلاّ في الاستهداف الإجرامي للمدنيين العزل، وللحياة المدنية الإنسانية، وفشل بكل آلة حربه الهمجية وجيشه الفاشي والدعم الأمريكي في تحقيق أهدافه العدوانية”. وأكدت الحركة على التزامها بكل بنود اتفاق وقف إطلاق النار، بينما يواصل العدو خرق الاتفاق يومياً، واختلاق الذرائع الواهية للتهرّب من استحقاقاته. وجددت مطالبة الوسطاء والإدارة الأمريكية بالضغط على العدو، وإلزام حكومته الفاشية بتنفيذَ بنود الاتفاق، وإدانة خروقاتها المتواصلة والممنهجة له، كما طالبت الإدارة الأمريكية بالوفاء بتعهداتها المعلنة والتزامها بمسار اتفاق وقف إطلاق النار، والضغط على العدو وإجباره على احترام وقف إطلاق النار ووقف خروقه والاعتداء على أبناء شعبنا، وفتح المعابر، خصوصاً معبر رفح في الاتجاهين، وتكثيف إدخال المساعدات. وأعلنت رفضها القاطع “لكلّ أشكال الوصاية والانتداب على قطاع غزَّة وعلى أيّ شبر من أراضينا المحتلة، وتحذيرنا من التساوق مع محاولات التهجير وإعادة هندسة القطاع وفقاً لمخططات العدو، ونؤكّد أنَّ شعبنا وحده هو من يقرّر من يحكمه، وهو قادر على إدارة شؤونه بنفسه، ويمتلك الحقّ المشروع في الدفاع عن نفسه وتحرير أرضه وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس”. ودعت “أمتنا العربية والإسلامية، قادة وحكومات، شعوباً ومنظمات، إلى التحرّك العاجل وبذل كل الجهود والمقدّرات للضغط على العدو لوقف عدوانه وفتح المعابر وإدخال المساعدات، والتنفيذ الفوري لخطط الإغاثة والإيواء والإعمار، وتوفير متطلبات الحياة الإنسانية الطبيعية لأكثر من مليوني فلسطيني”. وأشارت الى أن “جرائم العدو الصهيوني خلال عامَي الإبادة والتجويع في قطاع غزَّة والضفة والقدس المحتلة ، هي جرائم ممنهجة وموصوفة ولن تسقط بالتقادم، وعلى محكمة العدل الدولية ومحكمة الجنايات الدولية مواصلة ملاحقة العدو وقادته المجرمين ومحاكمتهم ومنعهم من إفلاتهم من العقاب”. وأوضحت أنها “كانت منذ انطلاقتها وستبقى ثابتة على مبادئها، وفيّة لدماء وتضحيات شعبها وأسراه، محافظة على قيمها وهُويتها، محتضنة ومدافعة عن تطلعات شعبنا في كل ساحات الوطن وفي مخيمات اللجوء والشتات، وذلك حتى التحرير والعودة”. وأكدت حماس على “بقاء مدينة القدس المحتلة والمسجد الأقصى الأسير عنوان الصراع مع الكيان الصهيوني، ولا شرعية ولا سيادة للاحتلال عليهما، ولن تفلح مخططات التهويد والاستيطان في طمس معالمهما، وستظل القدس عاصمة أبدية لفلسطين، وسيظل المسجد الأقصى المبارك إسلامياً خالصاً”. وشددت على أن “جرائم حكومة العدو الفاشية بحق الأسرى والمعتقلين من أبناء شعبنا في سجونها، تشكّل نهجاً سادياً وسياسة انتقامية ممنهجة حوّلت السجون إلى ساحات قتل مباشر لتصفيتهم”، مؤكدة على “أنَّ قضية تحرير أسرانا ستبقى على رأس أولوياتنا الوطنية، ونستهجن حالة الصمت الدولي تجاه قضيتهم العادلة، وندعو المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية للضغط على العدو لوقف جرائمه بحقّهم”. واعتبرت أن “حقوقنا الوطنية الثابتة، وفي مقدمتها حقّ شعبنا في المقاومة بأشكالها كافة، هي حقوق مشروعة وفق القوانين الدولية والأعراف الإنسانية، لا يمكن التنازل عنها أو التفريط فيها”. ورأت الحركة أن ” تحقيق الوحدة الوطنية والتداعي لبناء توافق وطني لإعادة ترتيب البيت الفلسطيني وفق استراتيجية نضالية ومقاوِمة موحّدة؛ هو السبيل الوحيد لمواجهة مخططات العدو وداعميه، الرَّامية إلى تصفية قضيتنا الوطنية وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس”. وقالت إن “حرب الإبادة والتجويع التي ارتكبها العدو ضدّ شعبنا على مدار عامين وما صاحبها من جرائم مروّعة وانتهاكات جسيمة لسيادة دول عربية وإسلامية ، كشفت أنَّنا أمام كيان مارق بات يشكّل خطراً حقيقياً على أمن واستقرار أمتنا وعلى الأمن والسلم الدوليين، ما يتطلّب تحرّكاً دولياً لكبح جماحه ووقف إرهابه وعزله وإنهاء احتلاله”. وثمّنت حماس “جهود وتضحيات كلّ قوى المقاومة وأحرار أمتنا والعالم؛ الذين ساندوا شعبنا ومقاومتنا”. داعية إلى ” توحيد جهود الأمَّة ومقدّراتها في المجالات كافة لدعم شعبنا ومقاومته بكل الوسائل، وتوجيه البوصلة نحو تحرير فلسطين وإنهاء الاحتلال”. وفي ختام بيانها ، أشادت حركة حماس “بالحراك الجماهيري العالمي المتضامن مع شعبنا”، وثمّنت ” كل المواقف الرّسمية والشعبية الداعمة لقضيتنا العادلة”، ودعت إلى “تصعيد الحراك العالمي ضدّ العدو وممارساته الإجرامية بحق شعبنا وأرضنا، وتعزيز كل أشكال التضامن مع قضيتنا العادلة وحقوقنا المشروعة في الحريَّة والاستقلال”.