مآسي المهاجرين في تونس تكشف عن فشل اتفاقيات الهجرة مع أوروبا
تاريخ النشر: 30th, September 2024 GMT
نشرت مجلة "جون أفريك" الفرنسية تقريرًا تحدثت فيه عن وضع المهاجرين غير الشرعيين في تونس من حالات الغرق في البحر إلى تقارير عن العنف وحالات الترحيل، وهو ما يتنافى مع التوقّعات بتحسّن الأوضاع بعد اتفاق الهجرة الأخير بين تونس وأوروبا.
وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه تم توقيع اتفاق بين تونس والاتحاد الأوروبي لتحسين أوضاع المهاجرين لكن حوادث الغرق والعنف مستمرة مما يعكس فشل الاتفاق في تحقيق أهدافه.
وفي الواقع، يُترك المهاجرون من أفريقيا جنوب الصحراء بلا مساعدة في تونس بينما تتراكم بقايا السفن في ميناء الشابة بصفاقس، مما يشير إلى عدم حدوث تغيير فعلي. وهذا يعني أن الاتفاق مجرّد وعود فارغة دون تنفيذها فعلي.
وقد أدت المفاوضات التي قادتها رئيسة الحكومة الإيطالية جورجا ميلوني لصالح الدول السبع والعشرين إلى اتفاق غير موفّق لتونس، التي أصبحت فعليًا - وبأقل تكلفة - الحارس الحدودي لأوروبا. فقد تلقت تونس 150 مليون يورو كدعم ميزاني، و105 ملايين يورو لمكافحة الهجرة غير النظامية وهو مبلغ يشمل المعدات المقدمة في إطار هذا البرنامج مثل سفن الدوريات.
وذكرت المجلة أن نتائج هذه التجربة - التي كانت في الماضي تكلّف منظمات مثل منظمة الهجرة الدولية بإعادة المهاجرين الذين يرغبون في العودة إلى بلدانهم الأصلية - قد نالت استحسان وزير الداخلية الإيطالي ماتيو بيانتيدوسي، الذي قال إن "تونس منعت مغادرة أكثر من 61 ألف مهاجر" معتبرًا ذلك "مشاركة من دول المنشأ والعبور لمواجهة الهجرة غير النظامية".
وأضاف الوزير الإيطالي أنه "ما بين كانون الثاني/ يناير وآب/أغسطس 2023، وصل 114883 مهاجرًا عبر البحر الأبيض المتوسط إلى إيطاليا، بينما لم يتجاوز العدد 42102 خلال نفس الفترة من سنة 2024"، بتسجيل انخفاض بنسبة 63 بالمئة في عدد الوافدين إلى سواحل شبه الجزيرة، وهو ما يمثل نجاحًا لإيطاليا.
لكن خلف السيطرة الظاهرة على تدفقات الهجرة تكمن معاناة المهاجرين التي كشفت عنها تحقيقات صحيفة الغارديان البريطانية.
أشارت هذه التحقيقات إلى الانتهاكات المرتكبة ضد المهاجرين، من اعتداءات جنسية وعدم احترام حقوق إنسان من قبل المهربين أو ممثلي السلطات التونسية بما في ذلك الحرس الوطني.
وقد سمح هذا التحقيق للمعارضين التونسيين بالتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية في 24 أيلول/سبتمبر لطلب تحقيقات أعمق، مع توجيه انتقادات للاتحاد الأوروبي الذي كان يعتقد أنه قد وضع مسألة الهجرة على الهامش مع اتفاقه حول الهجرة واللجوء الذي تم اعتماده في أيار/ مايو 2024 والذي يتعين عليه الآن تبرير أساليب الدول التي يوقّع معها الاتفاقيات.
إيطاليا تروّج لدورها كوسيط
بعد نشر تحقيق الغارديان، أكد الاتحاد الأوروبي أن التمويلات التي يقدّمها تُوزع لاحقًا عبر منظمات مثل منظمة الهجرة الدولية التي تتولى تخصيصها ووضع "نظام لمراقبة الأطراف الثالثة" قبل نهاية 2024. وقد صرّح ماتيو بيانتيدوسي: "إذا تم تعييني مفوضًا للمتوسط، فسيكون ذلك اعترافًا بدورنا في المنطقة، بدعم أيضًا من "خطة ماتيي". وإذا لم يحدث ذلك، فأنا متأكد أننا سنكون في الصدارة".
وإذا تم اعتماد هذا النظام الرقابي، فإنه سيزيد من تعقيد معالجة مسألة الهجرة وقد يجعلها أكثر غموضًا. وحسب مختص في هذا المجال: "أصبح من المستحيل الحصول على بيانات حول المهاجرين من تونس؛ فلا المنظمة الدولية للهجرة ولا المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين ولا السلطات التونسية تقدم معلومات عن المهاجرين غير النظاميين من أفريقيا جنوب الصحراء". وتتعرض هذه الفئة لاتهامات من الحكومة التونسية بأنها تتلقى أموالًا تهدف إلى زعزعة استقرار البلاد.
وأشارت المجلة إلى أن عدد المهاجرين المتزايد العالقين في تونس في انتظار مغادرتهم نحو الضفة الشمالية للبحر الأبيض المتوسط يطرح مشكلة معيشية. فوفقًا للإحصائيات، بلغ عددهم في شباط/ فبراير سنة 2023 نحو 600 ألف مهاجر. وقد ربط الرئيس قيس سعيّد هذه الظاهرة بمشروع يهدف إلى تغيير التركيبة السكانية التونسية، مما أثار حملة عنصرية ضد المهاجرين. وحسب مدير اتصالات سابق في إحدى الجمعيات التي تعنى بمساعدة المهاجرين، فإن عدد المهاجرين اليوم أكثر بكثير لكن لا توجد أدوات لتحديد هويتهم، خاصة منذ أن بدأوا العبور عبر الطرق البرية بشكل غير قانوني. وأضاف "لقد اهتممنا بالمهاجرين من حيث الرعاية الطبية والسكن والطعام، لكن الأمر يبدو مريبًا للسلطات وتم اعتقال العديد من المنخرطين في هذا النشاط الجمعياتي".
إبقاء المشكلة مخفيّة
وذكرت المجلة أن الوضع الحالي يؤدي إلى تصاعد العنف في تونس. ,في منطقة العامرة، بالقرب من صفاقس، يُقيم المهاجرون الذين تم طردهم منذ سنة في خيام تحت أشجار الزيتون.
في المقابل، يعاني السكان المحليّون من الاعتداءات والتهديدات المتبادلة. وذكر محامٍ من المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن الدولة اعتقدت أنها تحل المشكلة بنقل المهاجرين لكنها في الواقع لم تقم سوى بإخفائها وتأجيل اتخاذ القرارات، مؤكدًا أن القوانين اللازمة لتنظيم هذا الظاهرة واحترام حقوق الإنسان مفقودة.
وفي أيار/ مايو 2024، كشف المنتدى أنه تم ترحيل آلاف المهاجرين وتركهم في الصحراء في الجزائر وتونس والمغرب وموريتانيا مع توثيق انتهاكات عديدة.
وتعاني هذه المجتمعات من الفقر والحرمان، حيث لا تطمح للاستقرار في تونس بل تسعى للوصول إلى الدول الأوروبية. وفي 23 أيلول/سبتمبر، فقد 13 مهاجرًا حياتهم خلال محاولة عبور مأساوية قرب سواحل ولاية المهديّة لـ "يصبح البحر الأبيض المتوسط مقبرةً"، على حد تعبير أحد الصيادين التونسيين.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية المهاجرين تونس فشل الانتهاكات الاتفاقيات تونس فشل انتهاكات اتفاقيات المهاجرين سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة فی تونس
إقرأ أيضاً:
تقرير حقوقي: انتهاكات جسيمة في مراكز احتجاز المهاجرين بولاية فلوريدا الأميركية
كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" في تقرير حديث عن أزمة حقوقية خطيرة داخل مراكز احتجاز المهاجرين بولاية فلوريدا بالولايات المتحدة الأميركية.
وأشارت المنظمة إلى أن آلاف المحتجزين هناك يعيشون أوضاعا مأساوية ويواجهون انتهاكات جسيمة لحقوقهم، وذلك في ظل غياب الرقابة والشفافية.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2غوتيريش يدعو لعالم "لا يباع فيه أحد أو يشترى"list 2 of 2اليونيسيف تحذر من تفشي الكوليرا بين أطفال دول أفريقيةend of listوقالت نيكول ويدرشايم، نائبة مدير مكتب واشنطن في المنظمة، إن فريقها زار عدة مراكز احتجاز في الولاية -أبرزها مركز "كروم" ومركز "براورد" ومركز الاحتجاز الفدرالي- ولاحظ خلال الشهور الماضية اكتظاظا شديدا، بحيث أصبح يشغل الزنازين المخصصة لـ66 شخصا أكثر من 150 محتجزا أحيانا. وأضافت أن المحتجزين باتوا ينامون على الأرض أو في ممرات ضيقة ولساعات طويلة دون أدنى شروط الصحة والسلامة.
ورصد التقرير شكاوى واسعة من تراجع الخدمات الأساسية، إذ تم تقليص الوجبات إلى النصف، وأُلغيت وجبات الإفطار الساخنة، وفرض على المحتجزين تناول الطعام في أسرّتهم بدلا من قاعة الطعام. كما حُرم المحتجزون من الرياضة إلا مرة واحدة أسبوعيا في بعض الأحيان، واقتصرت إمكانية طلب الرعاية الصحية على 5 أشخاص فقط يوميا، مع تعليق الخدمة أحيانا بالكامل.
وسلطت هيومن رايتس ووتش الضوء على حالات وفاة مؤلمة لمهاجرين، بينهم شخص أوكراني وآخر من هايتي، قالت أسرهم وزملاؤهم إن إدارة المركز رفضت مرارا نقلهم للعلاج رغم تدهور حالتهم الصحية، كما تم حرمان بعض المصابين بأمراض مزمنة من الحصول على أدويتهم الحيوية.
وأعرب التقرير عن قلقه من أن هذه الانتهاكات قد تتسع مع افتتاح مركز احتجاز جديد يُطلق عليه "أليغاتور ألكاتراز" في منطقة إيفرغلادز بفلوريدا، والذي يتوقع أن يستوعب نحو 3 آلاف مهاجر في ظل غياب رقابة إعلامية حتى الآن.
وحمّل التقرير السلطات الفدرالية وسلطات ولاية فلوريدا المسؤولية عن تصاعد الانتهاكات، خاصة بعد التوسع في تطبيق سياسات تتيح للشرطة المحلية صلاحيات موسعة في اعتقال المهاجرين وتوقيفهم.
إعلانوحذرت المنظمة من أن هذه السياسات تؤدي إلى تزايد الخوف ونزع الثقة بين المهاجرين وأجهزة الأمن، مما يدفع الكثيرين -حتى ضحايا الجريمة- للعزوف عن اللجوء للشرطة خشية الاعتقال والترحيل. ونقل التقرير عن إحدى السيدات قولها إنها تفضل عدم إبلاغ الشرطة بأي جريمة تتعرض لها خوفا من الاعتقال.
ودعت هيومن رايتس ووتش إلى ضرورة إنهاء سياسة الاحتجاز باعتبارها إجراء روتينيا في التعامل مع المهاجرين، وإلى اقتصارها على الحالات الاستثنائية فقط، مع مراجعة شاملة لاتفاقيات التعاون بين السلطات المحلية والفدرالية، وضمان معاملة إنسانية تحفظ كرامة وحقوق جميع المحتجزين.