حقائق خطيرة .. ما الذي يعنيه نتنياهو بتغيير الواقع الاستراتيجي في المنطقة؟
تاريخ النشر: 1st, October 2024 GMT
#سواليف
ما الذي يعنيه #نتنياهو بتغيير #الواقع_الاستراتيجي في المنطقة؟
كتب أ. د. أحمد القطامين *
المنطقة العربية التي يسميها الغرب #الشرق_الأوسط تدخل في مسار جديد سيحدد مصيرها لعقود طويلة قادمة. #نتنياهو قال بوضوح يوم امس ان كيانه شرع في #تغيير #الواقع_الاستراتيجي في المنطقة وهذا يعني من وجهة نظره ان الكيان سيهيمن علنا وبلا رتوش على شرق اوسط جديد تم اعادت صياغته ليصبح جزء أساسيا من امبراطورية تلمودية تقودها وتتحكم بمفاصلها الأساسية امبراطورية اسرائيل المدججة بالسلاح والمدعومة بامكانيات وقدرات وموارد غربية غير محدودة.
ان السؤال المهم هنا يتمحور حول السؤال التالي: لماذ يبدو نتنياهو واثقا من نفسه إلى هذا الحد في هذا التوقيت بالتحديد؟ والجواب انه يعتقد ان حزب الله في لبنان قد انتهى ولم يبقى من عوامل القوة في المنطقة سوى ايران التي ستتلقى المرحلة القادمة من الحرب بعد ازالة حزب الله القوة الإقليمية التي شكلت على مر الحقب الثلاثة الماضية شوكة تؤذي بشدة حنجرة الكيان وتخلق مصدات استراتيجية أمام تحويل المنطقة إلى مستعمرات صهيونية.
طبعا نتنياهو يبني موقفه الحالي على فرضية ان حزب الله تلاشى مع استشهاد قائده الكارزمي ونسبة كبيرة من قادته التاريخيين في الضربة المفجعة في الضاحية الجنوبية يوم الجمعة الماضية، متناسيا ان حزب الله ليس دولة تسقط مع احتلال عاصمتها او تدمير اركان الحكم فيها.. فحزب الله حركة مقاومة تتمتع بهيكل تنظيمي مرن جدا وهي الميزة التي تتميز بها حركات المقاومة والتي تمنحها قوة النهوض المباشر بعد تلقي الضربة حتى لو كانت ضربة موجعة جدا.
اما ايران فهي في موقف لا تحسد عليه، فالهجوم عليها اصبح امراً حتميا ولم يبق أمامها إلا واحدة من حالتين، اما ان تتهيأ لتلقي الضربة او ان تبادر إلى توجيه ضربة بالغة القوة والإبعاد للكيان، وفي الحالتين سوف يسعى الكيان إلى إلحاق دمار هائل في المدن الإيرانية ومواقع المفاعلات النووية وغيرها من المواقع ذات الصفة الاستراتيجية يقابلها بالطبع تدمير غير مسبوق لمواقع استراتيجية حيوية في الكيان.
لقد عملت #طوفان_الأقصى على خلخلة أسس قوة الردع الاسرائيلية مما استدعى كل هذه السلوكيات العدوانية للكيان في محاولة لاستعادة قوة الردع تلك، لكنها لم تنجح كما يجب لغاية الان مما استدعي زيادة جرعة العدوانية والقتل والتدمير فمن وجهة نظر الكيان ان استعادة حالة الردع والمحافظة عليها لعقود طويلة قادمة تتطلب خلق حالة استراتيجية جديدة في المنطقة لا يوجد من ضمن متغيراتها كحزب الله وايران.
ان فهم ذلك مهم جدا وضروري لمواجهة كل هذا الذي يجري الان في المنطقة بالرغم من قتامة المشهد وخطورة ما تقوم به اسرائيل من قتل وتدمير وفرض اجواء من الخوف والرعب وانعدام الحيلة تماما كتلك الاجواء التي سادت عندما اقتحم هولاكو وجيشة المغولي المتوحش المنطقة العربية ابتداء من بغداد وسيطرته السريعة على بلاد الشام وتوجهه الى مصر، ومع ذلك لم يتطلب الامر سوى عامين اثنين لوقف زحف هولاكو والحاق هزيمة كبرى بجيشه المتوحش وتخليص الامة من شروره..
عادة ما يعيد االتاريخ نفسه بانماط واشكال متجانسة..
* أكاديمي وكاتب أردني
•qatamin6@hotmail.com
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: سواليف نتنياهو الواقع الاستراتيجي الشرق الأوسط نتنياهو تغيير الواقع الاستراتيجي طوفان الأقصى فی المنطقة حزب الله
إقرأ أيضاً:
لِمَ نخاصم التفكير الاستراتيجي؟
التفكير أساس المخلوق الآدمي:الآدمي مكرم ومخلوق كنموذج مفكر عاقل، نجاحه في مسيرة الحياة هو نجاح منظومته العقلية وليس أي شيء آخر، فليس هو ناجح إن أشبع غريزته كحب السيادة والتملك والنوع ما لم يك بطريق صائبة، وليس هو ناجح إن وفر أسباب الرفاهية، بل النجاح هو في رضا الله من خلال تحقيق فاعلية المنظومة الإصلاحية أو في مسار الحياة، فحسن التفكير وسلامته هو معيار للمنظومة العقلية ودليل عليها ولها.
التفكير الاستراتيجي والتاريخ:
في الحديث عن التفكير الاستراتيجي لا نتحدث عن استراتيجية الحروب، فالحرب لها معاملها في الإدارة للمعارك والتحضير لها، ويمكن أن تنجح فتنتصر أو تخسر فلا استخلاص منها بشكل مباشر وإنما يرتبط مع عدة معاملات لتقيَّم، إننا نتحدث عن أمر أعم من استراتيجية الجيوش، نتحدث عن تفكير محكم شامل، وفي التاريخ والحاضر أمثلة نستلّ منها ما يفيد كعبرة ونموذج.
هنالك حسم في تقديم أولوية التفكير، وتأخير الأساليب العنيفة، وهذا يعني ضبط رد الفعل والتوجه لتقوية الأدوات
في التفكير الاستراتيجي هنالك حسم في تقديم أولوية التفكير، وتأخير الأساليب العنيفة، وهذا يعني ضبط رد الفعل والتوجه لتقوية الأدوات، ليس إلغاء خيار العنف أو الحرب نهائيا بل وضعه في التخطيط وليس رد الفعل، في الوسائل إلى الغايات وليس في الشعارات.
أمثلة على أثر التفكير الاستراتيجي في السياسة:
سأذكر هنا عدة أمثال من التاريخ وليس الغاية تقييمها وإنما اخذ العبرة منها:
1- ما بعد معركة الزلاقة لم يخطط بشكل جيد للحفاظ على وحدة الأندلس، فتعاظمت مع الضعف التباينات والتمزق إلى أن فُقدت الأندلس بمساعدة الطامعين والطامحين.
2- ضعف الإدارة وإعداد القادة العباسيين جعلهم يرضون بحكم شكلي للأطراف وترك تلك البلاد تواجه لوحدها هزة عنيفة مثل المغول، بدل أن تصرف الأموال لتمكينهم من الإدارة المباشرة بحيث يتحسسوا الخطر المغولي ويضعوا له الخطط للقضاء عليه.
3- دخول العراق للكويت، ومقابلة إيران، هذا ليس تفكيرا استراتيجيا من الحكومات الثلاث، فالخسائر كبيرة وهم ليسوا وحدهم في العالم أو يملكون القرار النهائي، لهذا كانت الحروب تدار لتستنزف المنطقة، وليست واقعة ضمن التفكر الاستراتيجي وإنما تم الاكتفاء باستراتيجيات الحروب.
4- أسلوب الكويت نفسها في قبول التوسع دون إرادة دولة جارة أكبر لم تستقر لأحد، في تصور أن التوسع سيكون تحصيل حاصل واستثمار المنطقة وحرمانها من منفذها البحري، هذا ليس تفكيرا استراتيجيا، وكان بالإمكان اتباع أساليب أخرى وتحصيل نتائج متوازنة للبلدين، لأننا سنخلق مشكلة تعبر إلى الأجيال فهنالك وثائق وهنالك محاكم وكان لا بد اعتماد الوثائق.
5- ما يجري الآن في غزة من إبادة جماعية وجرائم حرب سيكون له بعده من أحداث تاريخية، تنفيذ رغبات عقلية عدمية لا تحترم الإنسانية ولا تعتبر أن الإنسان في فلسطين بشر وأن هناك من يقاتل دفاعا عن أرضه وحريته، ليُقترح تهجيره وتسكين المهاجر، هذا ليس تفكيرا استراتيجيا.
6- خلق الكيان الصهيوني محيطا تتضاعف فيه الكراهية اعتمادا على الظرفية من الحماية من الدول الكبرى، ويسبب مشاكل للمنطقة لكي يثبت أنه قادر على حماية مصالح الغرب ويكون قاعدة متقدمة له، هذا تكتيك ظرفي وليس تفكيرا استراتيجيا.
أمثلة على التفكير الاستراتيجي المفقود في الدولة:
التفكير الاستراتيجي يلغي رد الفعل أو السلوك غير المدروس دون استقراء الواقع ثم التخطيط المحكم لحل بتتابع الخطوات، فردّ الفعل من هذا النوع أو الإهمال للحوادث وآثارها وتركها دون الانتباه للشقوق وترميمها؛ قد يوقع الفرد أو الأمة في أسوأ حال
- في ديمومة النظم: أغلب الدول في عالمنا العربي تقيم أنظمتها على إخضاع الجماهير وغياب الشفافية معها، وترتكز على تثبيتها بدعم وهمي من الخارج الذي لا يعمل إلا على قدر مصالحه، لذا فكلفة البقاء غير المضمون هذا عالية، وهذا ليس تفكيرا استراتيجيا.
- في العراق مثلا تواجه النخبة والحكومة مشكلة المياه بلا منطق أو واقعية، حيث تعتمد روتين أساليب قديمة كانت تفيد حينها ومتاحة، أما اليوم فمواجهة هذا باستثمار النفط لبناء مشاريع مياه ضخمة وإبداع أساليب في نقل تدوير المياه ومعالجتها، وإقامة مشاريع ونظم إدارية عابرة للحدود السياسية، فالبقاء بالكلام عن حصص وغيرها ليس تفكيرا استراتيجيا.
- الدولة منظومة إدارية تنمّيها المهارات وليست روتينية تنجز المعاملات، أو تترك الحبل على الغارب فيتوسع الإهمال يوظف ليكون بيئة للفساد، فالتفكير الاستراتيجي أن تكون هنالك منظومة إعداد وتطوير وتفكير بمشاريع واستثمار الموارد الطبيعية وتحويلها إلى موارد مالية أخرى وصناعات تستوعب النمو السكاني.
خاتمة الكلام:
إن التفكير الاستراتيجي يلغي رد الفعل أو السلوك غير المدروس دون استقراء الواقع ثم التخطيط المحكم لحل بتتابع الخطوات، فردّ الفعل من هذا النوع أو الإهمال للحوادث وآثارها وتركها دون الانتباه للشقوق وترميمها؛ قد يوقع الفرد أو الأمة في أسوأ حال، وكلما تطورت وسائل الاتصالات والمواصلات وامتدت المصالح يصبح من يقرر بانفعال الحدث ولا يخطط ضحية سهلة لمن يخطط ويعمل ويستقرئ ويستشرف الأحداث والحاجات التي ينبغي تطوير صناعتها أو ما يمكن ابتكاره.
أحد أطر التعريف أن التفكير الاستراتيجي هو استخدام المنظومة العقلية في إيجاد البدائل بعد استيعاب الصدمة والتخطيط المحكم لأمور إبداعية ليست معروفة سابقا، أو معروفة لكنها لا تستخدم في بلد ما.