عام على طوفان الأقصى، وما بعد (7) أكتوبر 2023م، لم يعد كما قبله، فالطوفان غيّر كل المعادلات وكشف وهم منظومة الردع، وزيف مقولة الجيش الأقوى في المنطقة، وفضح كذبة الصدارة للقوة الأمريكية.
والطوفان فرز الغث من السمين على مستوى العقيدة وعلى مستوى الأخلاق والانتماء للنوع البشري، كما وبلور محور المقاومة، وعرّى نفاق الكيانات، أنظمة أو جماعات تجاه الشعب الفلسطيني، ثم الطوفان كشف أن الكيان وأمريكا والغرب، منظومة متكاملة في التآمر على العرب والمسلمين ولا يفهمون إلا لغة القوة، ومتى ما امتلكت الأمة عناصر القوة مادية ومعنوية أمكن لها أن توصل صوتها وموقفها للآخرين، هذا هو منطق هذا الزمان الذي شوهت أمريكا من قيمه ومبادئه وعاثت فيه فسادا وإفسادا، في الطبيعة البشرية ومفاهيم التعايش والتكامل.
عندما لجأ الكيان الصهيوني إلى استخدام القوة المفرطة تجاه الشعب الفلسطيني هل كان يعلم أنه بذلك إنما يدق آخر مسمار على نعش حلم الصهاينة في تسيُّد المنطقة وإخضاعها لإرادته؟ لا شك أن حساباته كانت تذهب إلى التصور بأن القتل والتدمير كفيل بإخلاء محيطه من أي فعل مقاوم أو مُهدِد، ولأنه انطلق في ذلك من عُقدة التفوق، لذلك جاء فعله طائشا، كاشفا عن عدم اتزان، واهتزاز لشخصيته بذلك الطيش والذهاب بالعربدة إلى أكثر من اتجاء لإعطاء الشعور بالتفوق فيما هو لم يكن أكثر من محاولة للّعب على الجانب النفسي لمستوطنيه يمنحهم بذلك، الانطباع بأن كل خيوط المعركة في قبضة متطرفيهم.
عدا ذلك فإن ما ظهر من قدرات محور المقاومة – أكان لجهة المقاتلين وارتفاع مستوى الحماس والمعنويات، أو الأسلحة – شكّل هو أيضا صفعة مدويّة فاجأت كل المنظومة الغربية الاستعمارية بزعامة أمريكا، الأمر الذي فرض على واشنطن أن تعيد حساباتها المرتبطة بإعادة رسم خارطة المنطقة والتمكين المفتوح للكيان في التحكم بواقع شعوبها، كما فرض هذا الظهور القوي المفاجئ لمحور المقاومة إعادة رسم قواعد الاشتباك في الصراع مع أعداء الأمة، وفق رؤية المقاومة.
وليس ذلك كل شيء، فالوضعية التي صار إليها الكيان – كما وأمريكا التي ترى فيه، عَصَب الحياة الذي لا بد من حمايته – لم تعد في المستوى الذي يمنحهما القوة لوضع شروطهما أو إحياء أي أوهام قديمة، سواء لظهورهما بذلك الضعف عن رد الهجمات عنهما، أو لظهورهما بتلك النزعة الحيوانية في القتل للنساء والأطفال والشيوخ والتدمير للأعيان المدنية، وقد شهد العالم أن حرب المقاومة إنما كانت مع قطّاع طرق وعصابة مسلحة اسمها في الأصل الهاجانا، ليُنبئ المشهد بتحولات جديدة للمنطقة تتصدرها قوى من تُربة هذه الجغرافيا.
في المتغير كتداعيات لطوفان الأقصى أيضا أنه هزّ بشكل قوي من ثقة المستوطنين الصهاينة في قدرة قادتهم على توفير الحماية لهم في المناطق المحتلة، وباتوا يشعرون فعليا بالخطر الوجودي، كيف لا وهي العبارة التي قالها نتنياهو نفسه يوم انقشع غبار الطوفان على كارثة هزيمة مدوية لجيش الغاصبين داخل الكيان.
وكيف لا وردّ الفعل جاء طائشا لا ينُمّ عن ثقة وقدرة بقدر ما أكد الضعف والقلق، أراد استعادة هيبة الردع بتحرك عدواني مفرط فأحدث سلوكه، فعلا عكسيا فضح السقوط الأخلاقي والإنساني لهؤلاء الشرذمة من البشر ولكل الغرب معهم، كما وتلاشت بذلك خطابات المظلومية الصهيونية الزائفة التي كان يروج لها كهنة اليهود والمتطرفين، بتصوير وقوع مجتمع المستوطنين في دائرة اضطهاد واستهداف العرب والمسلمين.
وربما ما هو أكثر قساوة على العدو الصهيوني وأمريكا والغرب، هو أن الطوفان ركل حلم الصهاينة بإنشاء كيانهم المزعوم، إلى خارج حلبة المتاحات، وحفّز أكثر لامتلاك السلاح فظهر اليمن بشكل أكثر اقتدارا وبأسلحة نوعية نجحت في نسف كذبة المنظومة الدفاعية للكيان وجعل تل أبيب تحت طائلة القصف.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
اليوم.. استكمال محاكمة 12 متهما باستعراض القوة في العمرانية
تستكمل اليوم الثلاثاء محكمة جنايات الجيزة، محاكمة 12 متهمًا، باستعراض القوة والبلطجة والشروع في القتل.
وبحسب التحقيقات، فإن المتهمين من الأول حتى العاشر قاموا باستعراض القوة واستخدام العنف والتهديد ضد عدد من الأشخاص، من بينهم "محمد. أ"، و"علي. أ"، و"محمود. ح"، بالإضافة إلى عدد من سكان منطقة شارع عبد القادر، وذلك على خلفية خلافات بينهم، بهدف إثارة الرعب وفرض السيطرة على المنطقة.
وأوضحت النيابة أن المتهمين من الأول حتى التاسع جهزوا أسلحة نارية وبيضاء، واستقل بعضهم دراجات نارية، متجهين إلى مكان تواجد الطرف الآخر، حيث أطلقوا الأعيرة النارية وأشهروا الأسلحة البيضاء لترهيب السكان، ما أدى إلى ترويع الأهالي وتعريض حياتهم وسلامتهم للخطر.
وجهت النيابة العامة للمتهمين من الأول حتى التاسع تهم الشروع في قتل المجني عليهم "علي. أ"، و"محمد. س"، و"محمود. ح"، مع سبق الإصرار والترصد، حيث خططوا مسبقا لارتكاب الجريمة، وأعدوا أسلحة نارية (بندقيتي خرطوش) وسلاح أبيض.
وخلال الاعتداء، اقتحم المتهم الخامس محل الواقعة مسددا عدة ضربات بسلاح أبيض لأحد المجني عليهم، بينما دعم باقي المتهمين الجريمة بتواجدهم في المكان، ثم لاذوا بالفرار بعد تنفيذ الاعتداء، إلا أن محاولاتهم في القتل باءت بالفشل بسبب سرعة إسعاف الضحايا.
كما نسبت النيابة العامة للمتهمين حيازة وإحراز أسلحة نارية وذخائر وأسلحة بيضاء دون ترخيص، واستخدامها في الواقعة، بينما وُجهت تهمة إيواء المتهمين الهاربين للمتهمين الحادي عشر والثاني عشر، رغم علمهما بأنهم مطلوبون على ذمة القضية.