“نهاية الصمت كسر جبروتهم ” !!
تاريخ النشر: 7th, October 2024 GMT
بقلم : سمير السعد ..
في خضم الأحداث المتسارعة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، يبرز الرد اليمني كقوة ترفض الخضوع للأطماع الدولية والاستبداد، ويُعد الإعصار اليمني الجديد بمثابة هزة سياسية وعسكرية تهدد توازنات القوى في المنطقة. ففي الوقت الذي يواصل فيه العدو الصهيوني ممارساته الاستفزازية، ويتمادى في غطرسته بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية، يأتي الرد اليمني ليكشف عن قوة الإرادة والعزيمة في وجه هذه الهيمنة.
لم يكن الرد اليمني مجرد ردة فعل عابرة، بل هو نتيجة سنوات من النضال والتحدي ضد الاستعمار الحديث. الجماعات اليمنية المسلحة، التي تتصدر مشهد المقاومة، عززت من قوتها العسكرية وتكتيكاتها القتالية، ما جعلها قادرة على تنفيذ ضربات نوعية تهز أمن واستقرار العدو الصهيوني وحلفائه.
الولايات المتحدة، التي لطالما دعمت إسرائيل بمختلف الأشكال، وجدت نفسها أمام معادلة جديدة. فسياسات الغطرسة والتدخل المستمر في شؤون الدول، والتي استهدفت اليمن بشكل خاص عبر دعم تحالفات عسكرية، لم تؤدِ إلا إلى تأجيج الصراع وتعزيز روح المقاومة. هذا التحالف الأمريكي الصهيوني لم يعد يواجه جبهات تقليدية، بل يواجه الآن تحركات شعبية مسلحة تتمتع بروح ثورية ترفض الهيمنة والاستبداد.
الضربات اليمنية الأخيرة لم تقتصر على الجانب العسكري فحسب، بل حملت أبعادًا سياسية كبيرة. فقد تسببت في إحراج الكيان الصهيوني على المستوى الدولي، وأظهرت هشاشته أمام تحركات مقاومة تتمتع بالإرادة القوية والقدرة على توجيه الضربات الدقيقة.
الاستراتيجية اليمنية الجديدة تنبئ بمرحلة جديدة في الصراع الإقليمي. فإسرائيل وأمريكا، اللتان اعتادتا على فرض سياساتهما بالقوة، تواجهان اليوم تحديات كبيرة من قبل شعوب المنطقة. الرد اليمني ليس مجرد رد فعل، بل هو إشارة واضحة إلى أن زمن الهيمنة المطلقة قد ولى، وأن الشعوب قادرة على الوقوف في وجه الغطرسة مهما كانت الظروف.
في ظل التحولات الجيوسياسية التي تعصف بالمنطقة، أثبت الرد اليمني أنه ليس مجرد مقاومة محلية، بل جزء من استراتيجية إقليمية أوسع تسعى إلى تغيير موازين القوى التقليدية. ما كان يُعتقد أنه مجرد حركة مقاومة محلية يتضح اليوم أنه يمتلك أبعادًا إقليمية ودولية، حيث يسعى اليمنيون إلى توسيع نطاق مقاومتهم ليشمل التأثير على سياسات الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.
ما يميز الرد في هذه المرحلة هو الدعم الشعبي الكبير الذي يتلقاه من كافة أطياف المجتمع. إذ يشعر اليمنيون أن قتالهم ضد الهيمنة الصهيونية والأمريكية هو معركة وجودية، ليست فقط من أجل تحرير الأرض، ولكن من أجل استعادة الكرامة والسيادة الوطنية. هذا الدعم الشعبي القوي يزيد من قدرة المقاومة على الصمود وتوجيه المزيد من الضربات المؤثرة.
حيث يأتي الرد في إطار سلسلة من التحولات التي تشهدها المنطقة، حيث بدأت دول أخرى تعيد تقييم مواقفها السياسية والعسكرية. المقاومة في اليمن تُعتبر الآن حجر الأساس في تغيير قواعد اللعبة السياسية في الشرق الأوسط. لم تعد المقاومة محصورة في حدود بلد واحد، بل أصبحت نموذجًا يُحتذى به في دول أخرى تعاني من الهيمنة الخارجية.
على الساحة الدولية، هناك تباين في ردود الفعل حول الرد اليمني. بينما تحاول الولايات المتحدة التقليل من أهمية هذه الضربات والتعامل معها كحركات متمردة، تجد دول أخرى في أوروبا وآسيا نفسها مضطرة للتعامل بحذر مع الوضع الجديد في اليمن. فقد أثبت اليمنيون قدرتهم على التصدي للقوى الكبرى، ما يجعل التحالفات الدولية في المنطقة محل إعادة تقييم.
لقد جاء الرد ليكسر صمتًا طويلاً حيال ما يجري في المنطقة من اعتداءات وممارسات استفزازية. كان الرد بمثابة رسالة واضحة: لن يُسمح للقوى الكبرى بالاستمرار في فرض هيمنتها دون مواجهة. هذه الرسالة تكررت في كل مرة أطلق فيها اليمنيون صواريخهم أو نفذوا عملياتهم النوعية، مؤكدة أن المقاومة مستمرة، وأن الشعوب قادرة على فرض واقع جديد.
على الرغم من النجاحات التي حققتها المقاومة اليمنية، فإن التحديات القادمة ليست بالهينة. فالتصعيد العسكري والاقتصادي ضد اليمن سيستمر في محاولة لتحجيم تأثير المقاومة. لكن الروح اليمانية المعروفة بالصمود والتحدي تجعل من هذه التحديات فرصًا جديدة للمزيد من التوحد والتكاتف في مواجهة الغطرسة.
كذلك الرد اليمني يعد بمثابة إعصار سياسي وعسكري يهدد جبروت العدو الصهيوني وغطرسة أمريكا، ويؤكد أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة من الصراع، عنوانها المقاومة والتحدي.
خلاصة القول ، يتضح أن الرد اليمني ليس مجرد ردة فعل آنية على اعتداءات متكررة، بل هو جزء من مشروع أوسع يسعى إلى إنهاء هيمنة القوى الكبرى على مقدرات المنطقة. وهو بمثابة إعصار حقيقي يهدد زعزعة جبروت العدو الصهيوني وغطرسة أمريكا، ويمثل فجرًا جديدًا للمقاومة والحرية. سمير السعد
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات الولایات المتحدة العدو الصهیونی الرد الیمنی فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
الصاروخ اليمني وتغيير المعادلات.. كيف فرضت اليمن الحصار الجوي على “إسرائيل”؟
في لحظة خاطفة، تهاوى وهم “السماء المحصّنة”. ففي الرابع من مايو 2025، لم يكن الشرق الأوسط على موعد مع مجرّد تصعيد جديد، بل مع ولادة معادلة استراتيجية غير مسبوقة. بإعلان القوات اليمنية المسلحة فرض “حصار جوي شامل” على الكيان “الإسرائيلي”، تحوّلت خارطة الاشتباك من جغرافيا غزّة إلى فضاء إقليمي مفتوح، تجاوز خطوط التماس المباشر، ليضرب أحد أكثر رموز البنية التحتية “الإسرائيلية” حساسية: مطار “بن غوريون” الدولي.
الصاروخ الذي استهدف مطار “بن غوريون” لم يكن اعتياديًا. لقد اخترق طبقات الدفاع المتعددة، الأمريكية و”الإسرائيلية”، ليصيب هدفه بدقة، وسط صدمة استخبارية لم تنفع معها التبريرات. فشل منظومات الدفاع “القبابيّة” كشف هشاشة ما سُمّي لعقود بـ”حصن الردع الإسرائيلي”، وكشف معه محدودية القدرة الأمريكية في تأمين الحليف المدلل في لحظة الحقيقة.
منذ سبتمبر 2024، دأبت القوات اليمنية على إطلاق صواريخها باتجاه البحر الأحمر والأراضي الفلسطينية المحتلة، دعمًا واضحًا وصريحًا للمقاومة في غزة. لكن استهداف المطار المركزي لـ”إسرائيل” شكل نقطة تحوّل: فالأمر لم يعد مجرّد إسناد رمزي، بل دخول فعلي في معركة فرض المعادلات.
ما جرى لم يكن فقط خرقًا أمنيًا؛ بل خرقًا مفهوميًا لمعنى “الحدود الآمنة”، وأسّس لمرحلة جديدة، تُفقد “تل أبيب” تفوقها الجوي والناري، وتضع مطاراتها ومرافئها تحت رحمة قرار يُتخذ من جبال صعدة أو كهوف عمران.
القدرة على التحرك الجوي كانت جزءًا من تفوق “إسرائيل” الاستراتيجي: حركة الطيران المدنية والعسكرية، استقبال الدعم الخارجي، والهروب نحو الملاذات الدولية عند الأزمات. اليوم، كل تلك القواعد باتت مهددة. فحين تُصبح مطارات “اللد” و”إيلات” و”ريشون لتسيون” ضمن مدى نيران منظمة ومتكررة، فإن “إسرائيل” لم تعد نقطة منيعة في شرق المتوسط، بل هدفًا مرصودًا ضمن مجال ناري يمتد من اليمن إلى لبنان، مرورًا بسورية والعراق.
ما يحرج واشنطن أكثر من الضربة نفسها هو العجز عن منعها. الغارات الأمريكية على اليمن، وإسقاط طائرة “إف-18 سوبر هورنت” في البحر الأحمر، والانكشاف الاستخباري أمام منصات الإطلاق المتنقلة، جميعها مؤشرات على مأزق الردع الأمريكي، لا تجاه اليمن فحسب، بل تجاه المحور الذي تقوده طهران ويضم صنعاء وبغداد وبيروت وغزة.
الإدارة الأمريكية، العالقة بين مستنقع أوكرانيا وارتدادات صراع غزة، تدرك أن توسيع الجبهة ضد إيران لم يعد خيارًا واقعيًا، خصوصًا بعد دخول روسيا علنًا على خط الحلف الاستراتيجي مع طهران. فالاتفاقية العسكرية الموقّعة بين موسكو وطهران، والتي دخلت حيز التنفيذ لعشرين عامًا، تقلب طاولة التهديدات، وتجعل أي عدوان على إيران مغامرة غير محسوبة العواقب.
الضربات الأمريكية و”الإسرائيلية” لم توقف مسار الصواريخ اليمنية، بل زادت من وتيرتها ومن دقتها. وهذا بحد ذاته يُسقط إحدى أهم ركائز العقيدة العسكرية الغربية: القدرة على الضرب الاستباقي. فالحوثي – كما تُصرّف النخبة السياسية الغربية اسمه – لم يعد مجرد “متمرّد” في نظرهم، بل فاعل إقليمي يمتلك ناصية القرار في منطقة حساسة، تمتد من باب المندب إلى عمق الأراضي الفلسطينية.
أما التهديدات “الإسرائيلية” بالردّ “بسبعة أضعاف” فهي أقرب إلى الاستعراض الإعلامي منها إلى الخطط الفعلية. فتجربة اليمن أثبتت أن الحرب المفتوحة مع صنعاء مكلفة ومكشوفة ومحفوفة بالمخاطر، سواء من ناحية الجغرافيا أو القدرة القتالية أو حتى مناخ الإسناد الشعبي العربي المتصاعد.
اليوم، لم تعد صنعاء في موقع الدفاع عن غزة، بل أصبحت لاعبًا يفرض مفاعيل قراره على عمق “إسرائيل”. الحصار الجوي لم يأتِ كرد فعل، بل كخيار هجومي مدروس، ينقل المواجهة من الرمزيات التضامنية إلى فرض المعادلات الصلبة.
تل أبيب في مرمى النيران الدقيقة، وواشنطن في مأزق الخيارات، وعواصم الغرب أمام اختبار حقيقي لصدقية تحالفاتها. أما العرب، فإن لحظة الحقيقة أمامهم: إمّا أن يكونوا شهودًا على تغيير التاريخ، أو شهود زور في محكمة تسقط فيها فلسطين مرة أخرى.
الضربة اليمنية لم تُعطّل مطارًا فحسب، بل عطّلت أيديولوجيا بكاملها، تلك التي بُنيت على تفوّق السماء. لقد ولّى زمن الهيمنة الجوية، وبدأ زمن الأهداف المكشوفة. ومن لا يملك سماءه، لن يفرض شروطه على الأرض.