عام على "طوفان الأقصى".. أي فشل عسكري واستراتيجي منيت به "إسرائيل"؟
تاريخ النشر: 8th, October 2024 GMT
غزة - خاص صفا
طويت يوم الإثنين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2024 صفحة عام كامل من حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.
شرارة الحرب التي انطلقت صبيحة السابع من أكتوبر 2023 بعملية "طوفان الأقصى"، نفذتها كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة (حماس) مع فصائل المقاومة؛ عبر اقتحام مواقع جيش الاحتلال العسكرية في "غلاف غزة".
جاءت العملية ردا على الاقتحامات الإسرائيلية المتكررة للمسجد الأقصى وجرائم القتل والاستيطان في الضفة الغربية والحصار المطبق على قطاع غزة، إضافة لتصاعد الاعتداءات بحق الأسرى.
ونجح مقاتلو "القسام" في السيطرة على معظم المواقع العسكرية للاحتلال وقتل مئات الجنود وأسر نحو 250 آخرين في إنجاز غير مسبوق في تاريخ القضية الفلسطينية، وأثار حينها ذهولا كبيرا حول العالم.
ولطالما حذرت حركة حماس وفصائل المقاومة قبل اندلاع الحرب من أنها لن تبقى صامتة تجاه الجرائم الإسرائيلية، وطالبت مرارا المجتمع الدولي بلجم الاحتلال ومنح الفلسطينيين حقوقهم المشروعة.
لم تمض ساعات على "طوفان الأقصى" حتى أعلنت "إسرائيل" الحرب الشاملة على قطاع غزة وفرضت حصارا كاملا، وقطعت المياه والكهرباء والغذاء والدواء عن المواطنين، وارتكبت مجازر دموية خلفّت خلال عام الحرب نحو 42 ألف شهيد و10 آلاف مفقود و100 ألف جريح، وفق إحصائيات رسمية.
ووضعت حكومة الاحتلال المتطرفة في بداية الحرب مجموعة أهداف للحرب أبرزها القضاء على حركة (حماس) وإنهاء حكمها وتحرير أسراها من القطاع بالقوة العسكرية.
لكن بعد مرور عام لم تنكسر حركة "حماس" وتواصل التصدي بقوة لأي عملية توغل إسرائيلي، وما تزال تحتفظ بأكثر من 100 أسير إسرائيلي فضلا عن تمكنها، أمس الإثنين، من قصف قلب "تل أبيب" برشقة صاروخية؛ "ردا على المجازر بحق المدنيين والتهجير".
ويرى مختصون بالشأن العسكري أن "إسرائيل" منيت بفشل عسكري واستراتيجي ذريع في تلك الحرب ولم تحقق حتى اليوم أي من أهدافها، إنما ارتكبت المجازر بحق الأبرياء والأطفال والنساء.
فشل ذريع
المختص في الشأن العسكري والاستراتيجي واصف عريقات يقول إن "إسرائيل" لم تتمكن من تحقيق الأهداف التي أعلنتها؛ إذ لم يتم القضاء على المقاومة، بينما معظم أسرى الاحتلال ما زالوا موجودين في قبضة المقاومة.
ويضيف عريقات، في حديث مع "صفا" أنه رغم توغل جيش الاحتلال في القطاع وارتكاب مجازر حرب إبادة وتطهير عرقي، ووجود أكثر من مليوني فلسطيني في العراء بدون ماء ولا غذاء ولا كهرباء، إلا أن الشعب الفلسطيني ما زال موجودا على أرضه ولم تنكسر إرادته.
ويردف "نتنياهو وحكومته يريدون لهذا الشعب أن ينزح ويهجر أرضه إلى مصر لكن ما زال هذا الشعب صامدا والمقاومة مستمرة في التصدي للاحتلال بإمكانياتها المتواضعة".
ويتابع عريقات "بالنسبة للجيش الإسرائيلي وما قام به من حرب إبادة جماعية وتطهير عرقي هو سقوط أخلاقي أمام العالم وليس نصرا عسكريا يستطيع أن يتحدث به".
ويشير إلى أن جيش الاحتلال أصبح يقال عنه بأنه الجيش الأول في العالم في حرب الإبادة الجماعية، وموضوع على اللائحة السوداء في المؤسسات الدولية وقادته مطلوبون للجنائية الدولية كمجرمي حرب.
عوامل الصمود
وحول عوامل الصمود رغم مرور عام على الحرب يوضح عريقات أن أولها يتمثل في عدم كسر إرادة وصمود الشعب وتحمله كل الآلام والدماء والتضحيات وصبره على العذابات
وثاني عوامل الصمود، حسب عريقات، يتمثل في صمود المقاومة وثباتها في التصدي للاحتلال.
الصمود الأسطوري المذكور بعد عام من الإبادة، يخلق انعكاسات سلبية داخل المجتمع الإسرائيلي ويؤدي إلى ارتدادات خطيرة في أوساط الاحتلال بحسب عريقات الذي يعتقد أنه "طالما طال التصدي للاحتلال فإن ذلك يشكل كيًا للوعي الإسرائيلي".
ويفسر الخبير العسكري ذلك بالقول: "الإسرائيليون كانوا يعتقدون أن جيشهم الذي انتصر على جيوش عربية في معارك لم تتجاوز الأيام قادر على الانتصار في غزة، ولكن انتهاء عام كامل دون حسم الحرب يؤكد أن الجيش الإسرائيلي لم يعد في عيون جمهوره ذلك الجيش الذي يوفر لهم الأمن والأمان والاستقرار".
ويتوقع عريقات أن "الإسرائيليين توصلوا إلى قناعة بأن الحلول العسكرية غير مجدية خاصة مع الفلسطينيين فهو يستطيع القتل والتجويع والتهجير ولكن الفلسطيني متمسك بأرضه ولن يرضخ للرغبات الإسرائيلية".
البناء والاستعداد
المختص في الشأن الإسرائيلي ساري عرابي يرى أن الاحتلال فشل في تحقيق أهدافه بتفكيك المقاومة واستعادة الأسرى، لعوامل تتعلق بطبيعة البناء والاستعداد.
ويقول عرابي، في حديثه لـ"صفا": "مع النظر إلى أن الحرب غير متكافئة، إلا أن المقاومة وحركة حماس نجحت في خلق بنية تنظيمية وتحتية واستعداد جيد للحرب، وبصمودها وحسن تنظيمها صعّبت على الاحتلال كسرها وتفكيك بناها التنظيمية".
ويشير إلى أن الاحتلال كان يراهن على قدرته كسر المقاومة خلال فترة لا تتعدى 6 أشهر، وأكثر الإسرائيليين والأمريكان كان في تقديرهم أن المعركة تنتهي في نهاية شهر يناير/ كانون الثاني 2024، لكن ذلك لم يتم؛ ما أحدث صدمة كبيرة للكيان الإسرائيلي.
يضاف إلى ذلك أن المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة بالرغم مما تعرض له من دمار هائل وقتل واسع وتجويع وحصار وآلام وأوجاع كبيرة، كان لديه نوع من المسؤولية الوطنية والأخلاقية تجاه الحرب العدوانية الإسرائيلية، بحسب عرابي.
ويضيف "نحن لا نتحدث عن حرب جيش مقابل جيش ودبابة مقابل دبابة لذلك من الطبيعي أن ينجح الاحتلال في التوغل والقتل داخل قطاع غزة خصوصا أن مساحته ضيقة لا تتجاوز 365 كيلو متر".
ويتابع عرابي "مع ذلك لم يستطع الاحتلال الاستقرار داخل القطاع ولم يتمكن من إنزال قواته بشكل دائم ومستمر بين الفلسطينيين بحيث يفرض حكما عسكريا هناك، لذلك هو غير قادر على ذلك".
ويلفت عرابي إلى أن "عدم تمكن الاحتلال من تحقيق أهدافه، أسهم في خلق خلخلة إقليمية بمعنى أن فشله في غزة انتقل بهذه الحرب إلى لبنان ومن الممكن انتقالها إلى ساحات أخرى، وبالتالي الصراع مع الاحتلال يعود إلى النقطة صفر، حيث تندفع قوى أخرى في الإقليم للصراع مع الاحتلال".
ويمضى بالقول: "بالتالي قد نكون خلال المرحلة القادمة أمام اهتزازات واصطفافات ومواجهات وتحالفات عنواها الرئيسي قطاع غزة والقضية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال وهذا من الارتدادات الأساسية لعملية السابع من أكتوبر".
المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية
كلمات دلالية: طوفان الأقصى غزة المقاومة حرب غزة المقاومة الفلسطينية حماس كتائب القسام قطاع غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
اقتحام جديد لباحات المسجد الأقصى وسط حماية مشددة من الاحتلال
اقتحم مستوطنون إسرائيليون، صباح الخميس، باحات المسجد الأقصى المبارك من جهة باب المغاربة، تحت حماية مشددة من شرطة الاحتلال، في إطار الاقتحامات اليومية المتكررة التي تسعى لفرض وقائع جديدة في الحرم القدسي الشريف، ضمن مساعي الاحتلال نحو التقسيم الزماني والمكاني.
وأفادت مصادر محلية في القدس بأن شرطة الاحتلال كثفت انتشارها داخل باحات الأقصى، وفرضت قيودًا مشددة على حركة المصلين المسلمين، ومنعتهم من الاقتراب من مسار اقتحام المستوطنين، ما يشكل انتهاكًا صارخًا لقدسية المكان ولحق المسلمين في ممارسة شعائرهم بحرية.
مستوطنون يواصلون اقتحام المسجد الأقصى المبارك pic.twitter.com/1mhKoc647k — القسطل الإخباري (@AlQastalps) June 5, 2025
بحراسة من قوات الاحتلال ... المستوطنون يواصلون اقتحام المسجد الأقصى المبارك pic.twitter.com/ISlmbMBYlv — القسطل الإخباري (@AlQastalps) June 5, 2025
مواصلة العدوان على الضفة لليوم الـ130
وفي الضفة الغربية، تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، لليوم الـ130 على التوالي، عدوانها المتصاعد على مدينة طولكرم ومخيمها، ولليوم الـ117 على مخيم نور شمس، عبر حملات اقتحام واسعة النطاق، ومداهمات عنيفة للمنازل، واعتقالات، وتخريب ممنهج للبنية التحتية والممتلكات.
وفي طولكرم نفذت قوات الاحتلال الليلة الماضية عملية اقتحام استمرت نحو سبع ساعات، استهدفت خلالها أكثر من 40 منزلًا ومحلاً تجارياً في ضاحية اكتابا شرقي المدينة، وشهدت عمليات تدمير متعمد لمحتويات المنازل، وسرقة مبالغ مالية، واعتداءات جسدية على السكان، إلى جانب تحقيقات ميدانية.
مشاهد جديدة.. الاحتلال يواصل هدم المنازل بمخيم نور شمس في طولكرم. pic.twitter.com/nVqnIt7Hgu — شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) June 4, 2025
وتركزت المداهمات في أحياء عدة أبرزها محيط الدوار، والمجلس، والحارة القديمة (حارة المختار)، والحارة الجنوبية، حيث أغلقت قوات الاحتلال الشارع الرئيسي قرب مكتب تكسي اكتابا، وصادرت تسجيلات كاميرات مراقبة من إحدى الصيدليات وسط الضاحية.
وخلال هذه الحملة، اعتقلت قوات الاحتلال الشاب محمود نائل أبو عطية، والفتى علي محمد قزلي، فيما أفرجت لاحقًا عن الشاب أوس هادي مروح.
كما اعتدت بالضرب المبرح على الشقيقين مصعب ومعتز محمود ملحم، ودمرت محتويات منزلهما وسرقت مبلغ 3 آلاف شيقل.
وفي صباح الخميس٬ استأنفت قوات الاحتلال عمليات الدهم في مختلف أحياء المدينة، من بينها مجمع دعباس في شارع مستشفى الشهيد ثابت ثابت، حيث اقتحمت الشقق السكنية بعد خلع أبوابها، وأجبرت السكان على الخروج، قبل أن تعتقل الأسير المحرر صالح برقاوي.
كما داهمت منزل عائلة أبو شنب في الحي الشرقي واعتقلت شابين لم تُعرف هويتهما بعد، وخربت بشكل كامل محتويات منزل عائلة الشهيد عبد الله دعباس في ضاحية شويكة، بما في ذلك صور الشهيد.
وتشهد مدينة طولكرم وضواحيها تحركات مكثفة لوحدات الاحتلال وآلياته العسكرية التي تجوب الشوارع الرئيسية والأحياء السكنية على مدار الساعة، مع إطلاق أبواق المركبات بشكل استفزازي والسير بعكس الاتجاه، بالإضافة إلى نصب حواجز طيارة، لا سيما في السوق وشارع نابلس، وتوقيف المواطنين وتفتيشهم وإخضاعهم للاستجواب.
هدم واسع في مخيم نور شمس
وتواصل قوات الاحتلال عمليات الهدم في مخيم نور شمس، حيث هدمت جرافاتها يوم أمس الأربعاء عددًا من المنازل، ليصل عدد المباني المهدمة في الأسابيع الأخيرة إلى أكثر من 20.
وتأتي هذه العمليات ضمن خطة إسرائيلية لهدم 106 مبانٍ في مخيمي طولكرم (58 مبنى) ونور شمس (48 مبنى)، بهدف فتح طرق جديدة وفرض تغييرات جغرافية على طبيعة المخيمات.
كما تفرض قوات الاحتلال حصارًا خانقًا على المخيمين، حيث تنتشر في المداخل والأزقة، وتمنع السكان من العودة إلى منازلهم أو أخذ مقتنياتهم، وتطلق النار المباشر تجاه كل من يحاول الاقتراب.
ولا تزال قوات الاحتلال تحتل عددًا من المباني السكنية في شارع نابلس والحي الشمالي للمدينة، بعد طرد سكانها قسريًا وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، بعضها قيد السيطرة العسكرية منذ أكثر من ثلاثة أشهر.
ويشهد شارع نابلس، الرابط بين مخيمي طولكرم ونور شمس، أضرارًا جسيمة بفعل السواتر الترابية التي وضعتها قوات الاحتلال، ما أدى إلى شلل في حركة المركبات وعرقلة حياة السكان.
وأسفر هذا العدوان المتواصل حتى الآن عن استشهاد 13 مواطنًا، من بينهم طفل وامرأتان، إحداهما كانت في الشهر الثامن من الحمل، بالإضافة إلى عشرات الإصابات والاعتقالات، وتدمير واسع طال المنازل والبنية التحتية والمحلات التجارية والمركبات.
وتشير آخر الإحصاءات إلى تهجير أكثر من 5 آلاف عائلة من المخيمين، أي ما يزيد على 25 ألف مواطن، وتدمير ما لا يقل عن 400 منزل بشكل كلي، وتضرر 2573 منزلًا جزئيًا، في وقت لا تزال فيه مداخل المخيمين مغلقة بالسواتر، مما حولهما إلى مناطق شبه خالية من الحياة.
ويأتي هذا التصعيد في الضفة الغربية، بما فيها القدس المحتلة، بالتزامن مع المجازر المستمرة في قطاع غزة، حيث يواصل الاحتلال الإسرائيلي، بدعم أمريكي، تنفيذ حرب إبادة جماعية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، أسفرت عن استشهاد نحو 180 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى أكثر من 11 ألف مفقود، ونزوح مئات الآلاف من السكان.
وفي الضفة الغربية، أدى تصاعد وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية من قبل الجيش والمستوطنين إلى استشهاد ما لا يقل عن 973 مواطنًا، وإصابة نحو 7 آلاف، واعتقال أكثر من 17 ألف فلسطيني، وفقًا لمعطيات فلسطينية رسمية.