لا شك أن الاستفهام عن هل تجوز الرشوة عند الضرورة لقضاء مصلحة؟ يعد من أهم الأحكام التي ينبغي الوقوف عليها، حيث استساغ البعض الرشوة بل وأطلقوا عليها مسميات أخرى للتخفيف من وقعها ، تحايلاً على إثمها، لذا ينبغي معرفة هل تجوز الرشوة عند الضرورة لقضاء مصلحة أم أن الرشوة حرام على إطلاقها؟

هل تبديل الذهب بالذهب حرام؟.

. انتبه لـ3 حقائق منها سبب نهي النبي هل ارتداء البراندات حرام؟.. انتبه لـ7 حقائق لتفلت من عقوبة ثوب الشهرة هل تجوز الرشوة عند الضرورة 

قال الدكتور علي فخر، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إنه  يجب أن نعرف أنه لا يوجد شيء اسمه "النية الحسنة في المعصية"، فالمعصية تبقى معصية، والمعصية لا تعرف النية الحسنة.

وأوضح “ فخر” في إجابته عن سؤال: “هل تجوز الرشوة عند الضرورة لقضاء مصلحة ما وأنا نيتى حسنة؟”، أن سيدنا الإمام السيوطي في "الأشباه والنظائر" قال: "ما حرم أخذه حرم إعطاؤه".

وتابع: “بمعنى أن الشيء الذي لا يجوز أخذه لا يجوز أيضًا إعطاؤه، لكن استثنى من هذه القاعدة ما يُدفع إلى الحكام، أي أرباب المصالح، الذين يستطيعون أداء المصلحة، منوهًا بأن ذلك بمعنى إذا كنت أحتاج لإنجاز مصلحة معينة، وأحتاج للذهاب إلى موظف، فهذا الموظف يُعتبر بالنسبة لي كالحاكم”.

وأضاف:  "لأنه هو الذي يقرر إذا كانت الورقة التي أقدمها ستمشي أم لا، وإذا كنت أرى أنه متعنت، ولا أستطيع إيجاد سبيل آخر لإنهاء هذه المصلحة، فهل يجوز لي دفع الرشوة؟، الإجابة هنا هي "لا".

هل يجوز دفع رشوة لأخذ حق

وأشار إلى أنه  يجب أولاً استنفاد كل الطرق الممكنة للوصول إلى حقي بدون رشوة، يجب أن أحاول أكثر من مرة، وأبحث عن أي وسيلة لمساعدتي، مثل الشكوى لرئيسه أو البحث عن شخص آخر يمكنه مساعدتي، حتى أفقد الأمل تمامًا ولا أجد مخرجًا إلا من خلال الرشوة.

ونبه إلى أنه “في هذه الحالة، إذا كنت مضطرا لدفع الرشوة للحصول على حقي، فهذا لا يُعتبر حرامًا في حقك، ولكن يُعتبر حرامًا في حق من يأخذها، لذلك، إذا اضطررت لدفع الرشوة حتى أحصل على حقي، دون أن أكون قد أخذت حق غيري، فإن الإثم الشرعي هنا يقع على الآخذ، وليس على الدافع”.

حكم دفع الرشوة لقضاء المصالح

وأفادت دار الإفتاء المصرية، بأن الرشوة بكل صورها حرامٌ شرعًا؛ لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة: 188]، وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن الله الراشي والمرتشي والرائش» رواه أحمد وغيره، واللعن معناه أنها من الكبائر.

ويدخل في الرشوة ما لو دفع إنسانٌ شيئًا ليستخلص به حقه، فإن لم يستطع استخلاص حقه إلا بهذه الطريقة، وكان مضطرًّا، فإن الحرمة حينئذٍ تكون على الآخذ، وهذا لا يعني التهاون في أمر الرشوة، بل ينذر بأهمية الضرب على يد المفسدين، ويوجب على ولي الأمر اتخاذ الإجراءات الصارمة في القضاء على مثل هذا الفساد.

حكم الرشوة

وبينت " الإفتاء" أنه معلومٌ من الدين بالضرورة حرمة الرشوة بكل صورها وبجميع مراتبها إذا اكتملت شروط تحريمها وتحققت أركان جريمتها، ولا يحتاج ذلك إلى كثرة استدلال أو كبير بيان؛ قال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [البقرة: 188].

واستشهدت بما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لعن اللهُ الراشي والمرتشي» رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال: حسنٌ صحيح، وابن ماجه وابن حبان والحاكم وصححه، وفي رواية بزيادة: «والرائش»، أي الساعي بينهما.

ولفتت إلى أن اللعن من الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وآله وسلم معناه أن ذلك كبيرة من الكبائر، والمرتشي يحرم نفسه من نعمة استجابة الدعاء؛ فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول فيما رواه الطبراني في "المعجم الصغير": «أَطِبْ مَطْعَمَكَ تَكُنْ مُسْتَجَابَ الدَّعْوَةِ».

ونوهت بأنه بقبول المرتشي للرشوة فإنه يدخل في جوفه وجوف من يعول السحت والمال الحرام، والحديث يقول: «لا يدخل الجنة مَن نَبَتَ لَحْمُهُ مِن سُحْتٍ» رواه أحمد، مشيرة إلى أنه قد جاءت الشريعة الغراء فحرَّمت هذا الفعل؛ سواء أصدر من موظف حكومي أم غير حكومي.

واستطردت: “وسواء أكان عموميًّا أم خاصًّا، وعدت الرشوة ضربًا من ضروب الفساد، ما يستوجب على المسئولين في مواقعهم الضرب بيدٍ من حديدٍ بلا تهاونٍ على يد أولئك المفسدين”.

وأوضحت أنه قد توسَّع الفقهاء أيضًا في معنى الرشوة حتى أدخلوا فيها من دفع شيئا لغيره ليستخلص به حقه، أو يدافع به عن نفسه، أو عرضه، أو حتى عن الآخرين، فهذه تسمى رشوة أيضًا، ولكن الفقهاء قصروا الحرمة حينئذ على الآخذ دون المعطي بشروط وقيود مشددة.

وفصلت: “عليه أولًا أن يستنجد ويستنصر ويستغيث بكل من يظن فيه أن يوصل له حقه أو يمنع عنه الظلم، فإذا ضاقت به السبل ولم يجد المعين أو المجير أو المغيث فإنه يكون في حكم المضطر والذي يرتكب أخف الضررين ويدفع أشد المفسدتين حين يقدم شيئا للحفاظ على حقه أو حق غيره، وهذا متفقٌ عليه بين المذاهب الأربعة”.

وأكملت: "ويخرج من إثم التحريم الدافعُ والمعطي وحده، ويبقى الإثم والفسق والكبيرة تحيط بالآخذ والقابض وحده واقعًا تحت الوعيد، مجرَّمًا بعار وخزي هذه الكبيرة؛ فيقول السيوطي الشافعي في كتاب "الأشباه والنظائر" في قواعد فقه الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: [القاعدة السابعة والعشرون: ما حرم أخذه حرم إعطاؤه.. ويستثنى صور منها: الرشوة للحاكم ليصل إلى حقه] اهـ".

وواصلت: "وهو نص كلام ابن نجيم الحنفي، ويؤيده ابن عابدين في حاشيته على "الأشباه"، وفي كلام العلامة عبد الغني النابلسي في كتابه الموسوم بــ"تحقيق القضية في الفرق بين الرشوة والهدية" ما يوافق ذلك، وهذا الاتفاق من أصحاب المذاهب الأربعة لأنه يحقق قاعدة: ارتكاب أخف الضررين واجب".

وحذرت: “وهذا التكييف لا يدعو القائمين على الأمر إلى التهاون في الضرب على أيدي المفسدين، بل على العكس من ذلك تمامًا: يجب أن ينذر بأهمية الضرب على أيدى العابثين المفسدين الفاسقين، ويشحذ الهمم ضدهم، وعلى ولي الأمر أن يغيث كل من طلب منه الغوث للقضاء على هذا الفساد العريض، ويجب على الراشين والمرتشين أن يتوبوا إلى الله تعالى من هذا الإثم حتى يبارك الله سبحانه في أموالهم وأولادهم”.
 


 

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: حكم الرشوة صلى الله علیه وآله وسلم دفع الرشوة على الآخذ إلى أن

إقرأ أيضاً:

ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها

بتاريخ 05 يونيو 2025، صدر في الجريدة الرسمية النظام الداخلي للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، والذي تم اقراره بواسطة قرار مجلس الهيئة رقم 5 في 16 ديسمبر 2022 وقرار مجلس الهيئة رقم 42 في 12 ماي 2025.
ويثير هذا النظام الداخلي بعض الإشكالات المرتبطة بالاستقلال المالي لهذه الهيئة ومدى الانسجام بين اختيارات المشرع التي تضمنها القانون المحدث للهيئة واختيارات مجلس الهيئة التي تضمنها النظام الداخلي، وخاصة في ما يتعلق بالميزانية الخاصة بالهيئة وعلاقتها بالميزانية العامة للدولة، فالسلطة التقديرية للمشرع اتجهت بشكل واضح نحو اعتبار ميزانية الهيئة ميزانية خاصة ومستقلة وحددت لها تبويبها الخاص والجهة المختصة بإعدادها والمصادقة عليها، كما عززت مواردها عبر التنصيص على أن الاعتمادات التي تخصصها الدولة للمساهمة في تمويل الهيئة، يتم تضمينها بواسطة فصل في القانون المالي السنوي وهو ما يعزز ضمانات استقلاليتها على عكس هيئات أخرى تسجل مساهمة الدولة في تمويلها في ميزانيات قطاعية تابعة في الغالب لرئيس الحكومة من قبيل المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي.
تنص المادة 13 من القانون رقم 46.19 المتعلق بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، على أن مجلس الهيئة يختص بالمصادقة على مشروع ميزانية الهيئة، وتنص المادة 17 على أن اختصاصات رئيس الهيئة تشمل اقتراح مشروع الميزانية السنوية للهيئة وعرضه على مجلس الهيئة للمصادقة عليه.
وتنص المادة 42 من هذا القانون على تسجيل الاعتمادات المرصودة لميزانية الهيئة في الميزانية العامة للدولة تحت فصل يحمل عنوان « الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها »
وتشمل ميزانية الهيئة في باب الموارد على الاعتمادات المرصودة للهيئة في الميزانية العامة للدولة، والهبات والوصايا التي يمكن أن تحصل عليها الهيئة، والتي ليس من شأنها التأثير بأي كيفية على استقلالية الهيئة؛ والمداخيل المختلفة
وبعد نشر النظام الداخلي للهيئة، بعد سنوات من تنصيب مجلسها، تبين أن مجلس الهيئة كانت له اختيارات أخرى لا تتقيد بمنطوق القانون الخاص بالهيئة، فالنظام الداخلي جعل من ميزانية الهيئة مجرد ميزانية فرعية ضمن الميزانيات الفرعية التي يتم تقديمها أمام البرلمان من طرف الحكومة، حيث نصت المادة 142 من النظام الداخلي على أن مجلس الهيئة يصادق فقط على التوجهات العامة لمشروع ميزانية الهيئة، وأن رئيس الهيئة ينسق مع وزير المالية بخصوص عرض ميزانية الهيئة على نظر اللجان البرلمانية المختصة وإمكانية حضور رئيس الهيئة رفقة وزير المالية ومشاركته في النقاش أمام ذات اللجنة.
والحالة هذه، تكون الهيئة قد نصت في متن نظامها الداخلي على مقتضيات لا تنسجم مع استقلاليتها المالية الكفولة بموجب قانونها وانسجاما مع الدستور.
فالقانون صريح في أن الفصل المتضمن في قانون المالية يتعلق فقط بالاعتمادات التي تخصصها الدولة للمساهمة في موارد الهيئة والتي تشمل ميزانيتها موارد أخرى ونفقات أخرى، ولم يشر القانون الى أن ميزانية الهيئة جزء من الميزانية العامة للدولة باعتبارها ميزانية فرعية.
وتكشف قراءة اختيارات مجلس الهيئة في النظام الداخلي والذي جعل من الميزانية مجرد ميزانية فرعية ضمن الميزانية السنوية التي تتكلف بها وزارة المالية، عن سعي مجلس الهيئة إلى القيام باختصاص مسنود دستوريا للمجلس الوزاري، فاختيار مجلس الهيئة الوطنية أن يجعل ميزانيتها فرعا لا يتجزأ من قانون المالية السنوي يفرض عليها أن تتقيد بالتوجهات العامة التي يقرها المجلس الوزاري، ولا يستقيم أن ينظر مجلس الهيئة في التوجهات العامة لهذه الميزانية لأنها من اختصاصات المجلس الوزاري الذي ينظر في التوجهات العامة للقانون المالي السنوي.

مقالات مشابهة

  • ميزانية الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها
  • هل القرض من البنك حلال أم حرام؟.. أمين الإفتاء: يجوز بشرط واحد
  • عاجل: "داخلية البحرين" تحذر: إشغال الطرق الرئيسية عند الضرورة
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • فتاوى وأحكام.. من هم الملائكة السيّاحين .. وماذا يفعلون؟.. هل قراءة القرآن بصورة جماعية بدعة؟.. هل الموت في الحج حُسن خاتمة؟.. هل يلزم ترديد أذكار الصباح قبل الظهر أم تجوز بعده؟
  • الشيخ محمد أبو بكر: ذكر الله في الحمام الأفرنجي جائز بشرط
  • الأزهر: الإسلام دعا إلى الإحسان للكائنات ورتب عليه الأجر والثواب
  • هل يلزم ترديد أذكار الصباح قبل الظهر أم تجوز بعده؟
  • موقف الرئيس بري يُعَّول عليه
  • هل يجوز الوفاء بالنذر مع جمعية خارج مصر؟ أمين الفتوى يجيب