مركز دبي للأمن الإلكتروني يعيد صياغة أمن الحوسبة السحابية
تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT
من بين التوجهات العالمية المستقبلية في مجال التحول الرقمي، تبرز الحوسبة السحابية بوصفها القاسم المشترك والشرط الضروري لعالم يحقق أقصى استفادة ممكنة من التحولات التكنولوجية الهائلة. وبنظرة سريعة على أبرز تلك التوجهات وأثرها المتوقع على الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030 نجد ما يلي: يتوقع الخبراء أن يسهم الذكاء الاصطناعي بزيادة قدرها 15 ترليون دولار، فيما تسهم تقنية البلوك تشين بنحو 2,1 ترليون دولار، والواقع الافتراضي والمعزز بحوالي 3 ترليون دولار.
هذه الأرقام ترسم صورة مستقبلية لعالم أكثر تشابكاً وذكاء وتطوراً مما يتخيله الكثيرون. ولمّا كانت التطبيقات العملية لهذه التقنيات الناشئة تعتمد اعتماداً وثيقاً على ما تتمتع به البنى التحتية الرقمية من استقرار، ومرونة، وسرعة استجابة، وقدرة على التشبيك، فقد أصبحت الحوسبة السحابية المرنة والمستقرة هي العنوان الأبرز والشرط الأكثر أهمية لنجاح مسيرة التحول الرقمي والمدن الذكية.
لكن الحوسبة السحابية عموماً لا تخلو من أخطار وتحديات يتعيّن على الحكومات الاستعداد الجدي لها والتعامل معها على نحو استباقي. في رأس قائمة تلك التحديات يبرز الأمن السيبراني باعتباره جزءاً من منظومة الأمن والأمان الشاملة على المستويات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها.
ففي مجال خصوصية البيانات، يظل الهاجس قائماً بأن تكون المعلومات المخزنة على السحابة عرضة للبرمجيات الخبيثة والاختراقات والبرامج الضارة، الأمر الذي يتطلب وجود معايير وضوابط معتمدة لحماية البيانات، مثل التشفير والتحديثات الأمنية المستمرة وغيرها.
هذه الاعتبارات كانت جزءاً من التفكير المستقبلي الذي قامت عليها الرؤية الاستراتيجية لمركز دبي للأمن السيبراني، التي أطلقها صاحب السمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم، ولي عهد دبي، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، رئيس المجلس التنفيذي لإمارة دبي ، والتي تشمل أربع محاور هي : مجتمع آمن سيبرانياً، مدينة حاضنة للابتكار، مدينة مرنة سيبرانياً، والتعاون والشراكات السيبرانية
في هذا السياق أطلق المركز العديد من المبادرات، منها على سبيل المثال “مواصفة أمن مزودي خدمات الحوسبة السحابية” التي يقدمها المركز وفقاً لأعلى معايير الشهادات والاعتمادات الدولية، وبالتعاون مع أبرز الخبرات العالمية الرائدة في هذا المجال. وتتضمن هذه المواصفة المتطلبات والإرشادات والضوابط الأمنية الواجب اتباعها، سواء من جانب مزودي خدمات الحوسبة السحابية أو الجهات الحكومية وشبه الحكومية في دبي، بما يضمن أعلى درجات المرونة والسلامة الرقمية وسلاسة تقديم الخدمات واستمرارية الأعمال.
وقد وصل عدد الخدمات المعتمدة على الحوسبة السحابية التي يقدمها المركز إلى 950 خدمة، فيما بلغ عدد المزودين المعتمدين لخدمات الحوسبة السحابية إلى 17 جهة، وبلغ عدد مراكز البيانات التي تستضيف الخدمات السحابية 20 مركزاً داخل دولة الامارات، ووصل عدد الجهات الحكومية المستفيدة من الخدمات المعتمدة إلى 100 جهة، أما عدد مراكز تزويد الخدمات السحابية قيد الاعتماد النهائي فيبلغ 42 مركزاً.
ويشير سعادة يوسف حمد الشيباني، الرئيس التنفيذي لمركز دبي للأمن الإلكتروني إلى أن “هذه الجهود وغيرها مما يقوم به المركز، تندرج ضمن رؤية شاملة لجعل دبي المدينة الأكثر أماناً في الفضاء الإلكتروني، بما يعزز ازدهارها الاقتصادي ويضمن مواكبتها للتقدم التكنولوجي وريادتها العالمية كعاصمة للابتكار والحداثة وصنع المستقبل، والمدينة الأكثر استقطاباً للمستثمرين وأصحاب الكفاءات والأفكار الخلاقة.”
ويضيف الشيباني في هذا السياق: “نحن نستلهم توجهات قيادتنا الرشيدة في العمل على إعادة صياغة مفهوم أمن الحوسبة السحابية، بما يتناسب مع التغيرات الهائلة في عالم اليوم ولا سيما في مجال التكنولوجيا الناشئة والمتجددة، واضعين نصب أعيننا حماية الفضاء الإلكتروني للإمارة، وترسيخ مفاهيم مجتمع واقتصاد المعرفة، ودعم الجهات الحكومية والقطاعات المختلفة فنياً واستشارياً لمساعدتهم على تحقيق أعلى مستويات ممكنة من الأمن الإلكتروني لضمان الاستدامة واستمرارية الأعمال في كل المجالات.”
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
الفنون تكتب مقاومة جديدة للعنف الإلكتروني ضد المرأة
في إطار حملة الـ16 يومًا من الأنشطة لمناهضة العنف ضد المرأة، نظّمت لجنة الفنون والثقافة بالمجلس القومي للمرأة ندوة بعنوان «العنف الإلكتروني ضد المرأة ومهارات النجاة – جروح بلا ندبات»، وذلك بحضور المستشارة أمل عمار رئيسة المجلس، والدكتورة إيناس عبد الدايم عضو المجلس ومقررة اللجنة ووزيرة الثقافة الأسبق، والدكتور رضا حجازي وزير التربية والتعليم والتعليم الفني الأسبق، وعدد من عضوات وأعضاء اللجنة، إلى جانب طالبات وطلاب من جامعات عين شمس وحلوان والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، و أدارتها مها شهبة - عضو لجنة الثقافة والفنون بالمجلس.
في كلمتها، أكدت المستشارة أمل عمار أن هذه الحملة العالمية ليست مجرد نشاط توعوي، وإنما هي تجديد سنوي للالتزام بحماية كل امرأة وفتاة تتعرض لأي شكل من أشكال العنف، وبخاصة العنف الإلكتروني الذي بات يمثل أحد أخطر التحديات المعاصرة.
وأشارت إلى أن العنف الإلكتروني لا يقتصر على الرسائل المسيئة أو التنمر أو انتهاك الخصوصية، حيث يمتد أثره ليصيب نفسية المرأة وأسرتها ومحيطها الاجتماعي، ويقوّض شعورها بالأمان في الفضاء الرقمي.
كما أكدت أن الدولة المصرية، بقيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أولت قضايا حماية وتمكين المرأة أولوية متقدمة، ومن ضمنها مواجهة العنف الإلكتروني. وشدّدت على أن الفنون والثقافة ليست ترفًا، بل قوة ناعمة قادرة على تشكيل الوعي المجتمعي ومواجهة خطاب الكراهية والتحرش والتنمر الرقمي، عبر تأثيرها الممتد في السينما والمسرح والموسيقى والأدب والفنون البصرية.
وأعربت المستشارة أمل عمار عن سعادتها بمشاركة قامات رفيعة من المبدعات والرموز الثقافية، مؤكدة أن وجودهن رسالة دعم قوية تُعزّز دور الثقافة والفن في حماية الفتيات وتعزيز وعي المجتمع بمخاطر الفضاء الإلكتروني.
كما شدّدت على أهمية بناء شراكات واسعة تشمل المؤسسات الثقافية والفنية، والجامعات، ووسائل الإعلام، ومنصات التواصل الاجتماعي، والأسرة والمدرسة، لمواجهة هذا النوع من العنف.
واختتمت كلمتها بتقديم الشكر لكل فنانة ومثقفة ومبدعة جعلت من فنها صوتًا للمرأة، ومن ثقافتها جسرًا للدعم والحماية. وباسم المجلس القومي للمرأة، جدّدت الالتزام بمواصلة العمل على حماية نساء مصر وفتياتها، في الواقع وفي الفضاء الإلكتروني، حتى تنعم كل امرأة بالأمان والكرامة والاحترام.
شهدت الندوة جلسة حوارية تناولت دور الأدب والسينما والدراما في مكافحة العنف الإلكتروني، أدارتها الدكتورة جهاد محمود عواض أستاذ الأدب المقارن والنقد الأدبى الحديث المساعد بكلية الألسن جامعة عين شمس ، وعضوة اللجنة ، وتناولت الدكتورة جهاد محمود عواض فى كلمتها عرضا متمثلا فى مقارنة بين كاتبة مصرية وكاتبة صربية وتناولهما للعنف ضد المرأة مؤكدة أن ثقافة العنف لا تقتصر على ثقافة بعينها وإنما منتشرة فى كل الثقافات حتى الثقافة الصربية وفرقت بيت مصطلح " المجتمع " و" الدولة".
فيما أكدت الدكتورة ميرفت أبو عوف عضوة اللجنة وعميدة كلية الفنون البصرية و الإبداع بجامعة إسلسكا ضرورة إدماج الوعي الأكاديمي بمخاطر الذكاء الاصطناعي - والذي قذ يوظف في العنف الإليكتروني - في التعليم منذ المراحل المبكرة، مشيرة إلى أن التكنولوجيا الحديثة تنطوي على مخاطر حقيقية تستدعي استعدادًا أكاديميًا وإعلاميًا وأسريًا متكاملًا لمواكبة سرعة التطور التقني.
وتناولـت الفنانة وفاء الحكيم في كلمتها الدور المحوري للدراما باعتبارها فنًا مرئيًا يعكس الواقع ويؤثر فيه، مشيرة إلى أن المجتمع يشهد حالة من الازدواجية الثقافية رغم ما تحققه الدولة من تقدم وإنجازات، وأكدت على أن تعزيز ثقافة احترام الاختلاف ضرورة لحماية فئات ذوي الهمم من العنف والتنمر، داعية إلى إعادة المجتمع إلى قيم تقبّل التنوع والاختلاف.
واستعرضت الدكتورة ثناء هاشم الأستاذة بالمعهد العالي للسينما تأثير الفن عبر التاريخ، موضحة أن الفن يؤثر على المجتمع بالتراكم، وأن السينما المصرية شهدت ريادة نسائية منذ بداياتها. وأكدت أن التحديات الحالية تتطلب أعمالًا فنية تُصنع بحب وإيمان بدور الفن الوطني، خاصة في ظل قوة العادات والتقاليد.
وتناولت الروائية والكاتبة المصرية الأستاذة هالة البدرى دور الأدب فى توثيق ومقاومة العنف ضد المرأة .
تضمنت الندوة فقرة لتكريم رائدتين أسهمتا في تشكيل وتغيير وعي المجتمع بقضايا المرأة حيث قامت المستشارة أمل عمار بتكريم الكاتبة الصحفية الكبيرة سناء البيسي ، واسم الكاتبة الكبيرة الراحلة فتحية العسال، وتسلمت درع التكريم الفنانة صفاء الطوخي، ابنة الكاتبة الراحلة.
كما شملت الندوة دائرة حكي بعنوان «كيف نفذن من الحائط الشفاف» ، حيث أكدت الكاتبة رشا عبد المنعم على أن العنف ضد المرأة قضية معقدة ذات أسباب متداخلة، تتطلب تكاتف المجتمع المدني والدولة، إلى جانب تعزيز الوعي وإحياء روح الفن والجمال للارتقاء بالإنسان والابتعاد عن مظاهر القسوة،كما تطرقت إلى تجربتها الشخصية داخل أسرتها، وسعيها لإقناع والدها بقدرتها على أن تصبح كاتبة مسرح، مؤكدة أن الحوار الهادئ وبناء الثقة كان لهما دور في تغيير الصورة الذهنية.
وتحدثت المخرجة عبير علي عن تجربتها الفنية، مشيرة إلى تأسيسها فرقة مستقلة تهتم بإعادة قراءة التاريخ غير المدوّن، وتغيير الصورة الذهنية للتاريخ الاجتماعي عبر الحكايات. وأوضحت أن التضييق في المساحات الثقافية والتعليمية يُضاعف من التحديات أمام المبدعات، لافتة إلى محدودية القيادات النسائية في المؤسسات الثقافية عالميًا، ومؤكدة أن «الحرية لا تُمنح بل تُنتزع بالجدارة والتميز»، وأن الاستثمار في تدريب الشباب بالمحافظات كان أحد أنجح مشروعاتها.
و عبّرت المخرجة والممثلة عبير لطفي، مؤسسة ورئيسة مهرجان إيزيس الدولي لمسرح المرأة، عن انزعاجها من استمرار مناقشة قضايا العنف ضد المرأة حتى عام 2026، موضحة أن شغفها بالإخراج وتدريب الشباب كان دافعًا رئيسيًا في رحلتها الفنية، ومؤكدة أن فكرة المهرجان انطلقت من ضرورة وجود منصة مسرحية تُبرز إسهامات المرأة. وأشارت إلى أن التحدي المالي كان الأبرز في بداية عمل المهرجان، بالإضافة إلى تحديات جائحة كورونا، معربة عن تقديرها لدعم أسرتها وزوجها لمسيرتها.
وحول إبداعات المرأة في المسرح، تحدّثت الفنانة سلوى محمد علي عن حضور المرأة الراسخ في المسرح المصري، مؤكدة أن هناك أعمالًا مسرحية عظيمة جسدت قضايا المرأة بعمق، وأن المرأة – مؤلفة ومخرجة وممثلة – أثبتت حضورًا قويًا، وأن طبيعة المرأة الثرية بالحساسية والجمال تجعلها أكثر قدرة على الإبداع، مشيرة إلى أن المسرح الأوروبي يرى أن المرأة المصرية على الخشبة أقوى من الرجل لاضطرارها إلى التعبير «بحيلة وذكاء» في مختلف أدوارها في الحياة، خصوصا كزوجة.
و قدمت الكاتبة الصحفية أمل فوزي ورشة عن «التعافي بالكتابة التعبيرية»، كتابةٌ تُرتِّب الداخل وتمنح الجُرح لغةً تمشي إلى الأمام، والتي أكدت أنها ليست رفاهية، بل ضرورة للتنفيس عن المشاعر وتعزيز التعافي النفسي، موضحة شروطها وأساليبها. وقدمت تدريبا عمليا للحاضرات من الفتيات والشباب على كيفية ممارستها للتعافي من الصدمات التي قد تنتج عن العنف
وفي مداخلة الدكتور اللواء محمد رضا الفقي – رئيس قسم الطب النفسي والأعصاب بالأكاديمية الطبية العسكرية ووزير التربية والتعليم والتعليم الفني الأسبق – عبرعن سعادته بتواجده بالمجلس وتحدث عن التنمر والعنف الالكتروني ضد المرأة وتناول قضية التشافي بالكتابة بشكل منهجي وعلمي .
وفي الختام، وجّهت الفنانات المشاركات الشكر للدكتورة إيناس عبد الدايم لدعمها الثقافة المصرية ولدورها في «اختراق الحائط الشفاف» وتقديم نموذج لوزارة ثقافة منفتحة ومتحررة.