عربي21:
2025-08-02@21:19:31 GMT

السابع من أكتوبر.. سنة من كتابة التاريخ

تاريخ النشر: 10th, October 2024 GMT

من 7 أكتوبر 2023 إلى 7 أكتوبر 2024 ليست سنة مما يعد عموم الناس، وليست 365 يومًا بتقويم الأجندة. إنها سنة من كتابة التاريخ، وأي تاريخ؟ إنه تاريخ مقاومة الاحتلال، وسنة من رفرفة العلم بألوانه الأربعة في كل الساحات، وأجملها وأروعها ساحات الجامعات العريقة في العالم، والشوارع التي ما زالت تتكلم بلغة العدالة والسلام والأخوة الإنسانية في الشرق والغرب.

إنها سنة ظهور الكوفية المرقطة على أعناق الشباب والشابات من كل الأديان والأعراق والثقافات في الجهات الأربع من العالم، وسماع اسم فلسطين مقرونًا بكلمة حرية “Free”.

من 7 أكتوبر 2023 إلى 7 أكتوبر 2024 تراجع مشروع الاستسلام للهمجية الإسرائيلية، وتوقف قطار التطبيع قبل أن يصل إلى أرض الحرمين الشريفين. تراجعت هيبة الردع التي كان المشروع الصهيوني يحكم بها العقل العربي الرسمي ويجمع بها شتات اليهود الخائفين الذين لا يجمع بينهم شيء، وتعرّت إسرائيل البربرية والعنصرية أمام الرأي العام العالمي. أصبحت الدولة "الديمقراطية" الوحيدة في غابة الاستبداد العربي متهمة بالإبادة الجماعية للفلسطينيين وأطفالهم، وقادة الكيان الغاصب على لوائح الاعتقال في مطارات دول كثيرة ما زالت تقيم بعض الوزن للقانون الدولي. وهذه النكسة للمشروع الصهيوني ما هي إلا البداية، ومن يعش سيحكي كيف ومتى بدأ العد العكسي للوجود الإسرائيلي على أرض السلام؛ هذا الوجود الذي نشأ ضد الطبيعة وضد القانون الدولي وضد التاريخ، وقريبًا سيصير ضد الواقع أيضًا.

عام ليس كباقي الأعوام، فيه رويت النفوس العطشى للحرية والعدالة والإنصاف والسلام الدولي الحقيقي، لا سلام الرومان المفروض بقوة السلاح. عام ظهرت فيه أصوات حرة بعمق إنساني وأخلاقي عزّ نظيره في الشرق والغرب، لم تخشَ في كلمة الحق لومة لائم، ولا سلاح ظالم، ولا إعلامًا منحازًا إلى صاحب القوة والنفوذ والمال.سيذوب المشروع الصهيوني ليس من قوة سلاح المقاومة ولا من تخلي الغرب الأوروبي والأمريكي عنه، بل سيذوب من الداخل جراء الإحساس الجماعي بالخوف والرفض وعدم الأمان. من سيقبل من الإسرائيليين العيش في فلسطين بكلفة نفسية غالية، وأمامه خيار العيش بأمان في أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا؟ هذا هو المفعول غير المرئي لطوفان الأقصى، الذي لا يرى بالعين غير المدربة على رصد التحولات العميقة في بنية المجتمعات والأمم والعلاقات الدولية.

فكرة إقامة دولة خاصة لليهود وُلدت في عقل الصحفي والمنظّر الصهيوني تيودور هرتزل أثناء تغطيته لمحاكمة ضابط يهودي اسمه ألفرد دريفوس في فرنسا. هرتزل، الذي يُعتبر من مؤسسي الحركة الصهيونية، قام بتغطية محاكمة دريفوس. كان صحفيًا في ذلك الوقت، وحضر المحاكمة في عام 1894 وشهد على الظلم الذي تعرض له ألفرد دريفوس، الضابط اليهودي الفرنسي الذي اتُّهم زورًا بالخيانة وحُكم عليه بالإعدام، قبل مراجعة الحكم بتدخل إميل زولا وغيره من المثقفين. هنا وُلدت لدى هرتزل فكرة إقامة وطن آمن لليهود خارج أوروبا التي كانت آنذاك تفيض بمعاداة السامية وكراهية اليهود فقط لأنهم يهود. إذًا، عندما تسقط مرتكزات إقامة وطن آمن لليهود في فلسطين، سينهار المشروع الصهيوني على المدى البعيد. سنكون أمام احتمالين: إما إقامة دولة واحدة للشعبين الفلسطيني والإسرائيلي، وتعايش الأديان الثلاثة، الإسلام واليهودية والمسيحية، على أرض واحدة وفي كنف دولة ديمقراطية، أو سنشهد هجرة معاكسة لليهود نحو مواطنهم الأصلية التي تخلصت إلى حد بعيد من آفة معاداة السامية. وقد نشهد أيضًا حربًا أهلية داخل كيان هجين أُسس على أساطير وعلى جريمة طرد شعب آخر ليحل محله.

من 7 أكتوبر 2023 إلى 7 أكتوبر 2024 ظهر قاموس جديد في الأرض المباركة وما حولها. ظهر طوفان الأقصى، حيث عبقرية الشهادة والمقاومة اللتان كسرتا قانون التفوق العسكري الإسرائيلي والأمريكي، وأظهرتا صلابة المعدن الذي تشكل داخله الفلسطيني المتشبث بالأرض والعرض والهوية والحق الذي لا يزول. ظهرت عبقرية الأنفاق التي دوخت الاحتلال الإسرائيلي واحتضنت الحلم الفلسطيني في وقت عزّ فيه الظهير والنصير. ظهر اختراع وحدة الساحات ونصرة المظلوم، حتى أصبحت الصواريخ من إيران والعراق واليمن ولبنان وغزة دائمة الزيارة إلى القبة المخرومة لإسرائيل، معلنةً سياسيًا قبل عسكريًا أن نتنياهو وعصابته جسم سرطاني لا مكان له على خارطة المنطقة، وأن المقاومة لا تتقيد بالسقف الواطئ للأنظمة العربية والإسلامية التي وقفت تتفرج على الإبادة الجماعية للفلسطينيين. أعلن طوفان الأقصى عن ميلاد فاعل إقليمي وسياسي وعسكري واستراتيجي جديد اسمه مشروع المقاومة، المدعوم من الشارع العربي والإسلامي بكل فصائله وانتماءاته وتعبيراته السياسية والأيديولوجية التي تختلف في كل شيء إلا فلسطين. وفلسطين اليوم هي المرادف الأصدق والأقوى لقيمة الحرية، جذر الإنسانية.

من 7 أكتوبر 2023 إلى 7 أكتوبر 2024 قُتل وجُرح وتيتم آلاف الأطفال الذين حُملوا في أكفان بيضاء إلى قبور صغيرة، أو ظلوا تحت الدمار الذي عمّ غزة من أقصاها إلى أقصاها. استشهد أكثر من 42 ألف مقاوم ومقاومة، وفي مقدمتهم رموز هذه المسيرة الملحمية: إسماعيل هنية وحسن نصر الله وإخوانهم الذين جادوا بالروح، وقدموا الدرس بأن البطولة ما زالت عملة قابلة للصرف في الصحراء العربية. المقاومة ليست خطبًا وتنظيرات وعنتريات وصورًا وفيديوهات للاستهلاك المحلي، بل هي قبل وبعد نبل دم يراق على مذبح التضحية، والدم دائمًا أقوى وأعلى صوتًا وتأثيرًا وحضورًا. العالم لا يسمع للمظلومين الساكتين الخانعين القابلين للهوان، بل يسمع المظلومين الذين يقاومون ويضحون ويبذلون الدم من أجل قضيتهم. لأجل هؤلاء، يسمع أحرار العالم اليوم، ومن أجل هؤلاء يبدأ الرأي العام الدولي في مراجعة أوراقه وخططه ومواقفه. وهذه لعمري زراعة طويلة الأمد ستظهر ثمارها في السنوات المقبلة.

من 7 أكتوبر 2023 إلى 7 أكتوبر 2024 ظهر النفاق الأوروبي والأمريكي في أقبح وجوهه دبلوماسيًا وسياسيًا وعسكريًا وإعلاميًا، حيث انتشرت سردية مظللة ترى ما حدث في غزة يوم السابع من أكتوبر وكأن لا شيء قبله. لا احتلال خارج القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة لأكثر من سبعين عامًا؟ ولا حصار مدمر وقاتل لكل مظاهر الحياة في غزة التي لا تتجاوز مساحتها 360 كيلومتر مربع؟ ولا سجون مكتظة بالأسرى الذين يموتون بالتقسيط وراء القضبان؟ ولا تنكيل وإهانات عند المعابر كل يوم؟ ولا صمت دولي وعربي على الحق الفلسطيني الذي يتآكل في كل لحظة تحت ضربات اليمين الديني المتطرف الذي يزرع المستوطنات في ما بقي من أراضي الفلسطينيين، ويعتدي يوميًا على الأماكن المقدسة للمسلمين والمسيحيين دون خجل أو خوف من محاسبة أو عقاب؟ هذا ما تنبه له الأمين العام للأمم المتحدة الذي قال: “إن السابع من أكتوبر له ما قبله”، وجرّ ذلك عليه نهش آلة الدعاية والتشهير الصهيونية المنتشرة في كل العالم، والتي وصلت إلى دول الاتفاقات الإبراهيمية وصار لها موطن وصوت ينطق بلغة الضاد لا يخجل لا من ضميره ولا من مشاعر الذين يعيش وسطهم.

سيذوب المشروع الصهيوني ليس من قوة سلاح المقاومة ولا من تخلي الغرب الأوروبي والأمريكي عنه، بل سيذوب من الداخل جراء الإحساس الجماعي بالخوف والرفض وعدم الأمان. من سيقبل من الإسرائيليين العيش في فلسطين بكلفة نفسية غالية، وأمامه خيار العيش بأمان في أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا؟ هذا هو المفعول غير المرئي لطوفان الأقصى، الذي لا يرى بالعين غير المدربة على رصد التحولات العميقة في بنية المجتمعات والأمم والعلاقات الدولية.الكيل بمكيالين ليس جديدًا على القوى الكبرى في العالم، لكن أن تقف نخب الغرب الأوروبي والأمريكي مع جزار مثل نتنياهو، يقود حكومة التعصب الديني والعنصري التي قتلت أكثر من 14 ألف طفل في غزة وحدها، وتخرق يوميًا القانون الدولي الإنساني، وتلقي بقنابل تزن آلاف الكيلوغرامات من الجو على أحياء سكنية وسط بيروت من أجل استهداف شخص واحد، يؤازر الغرب إسرائيل في الوقت الذي تقبل فيه محكمة العدل الدولية توجيه الاتهام لها بأخطر جريمة على وجه الأرض (الإبادة الجماعية). وكل هذا يجري على مرأى ومسمع الإعلام الجديد والقديم مباشرةً صوتًا وصورة، فهذا أمر غير مسبوق، ولا يسائل التزام هذه الحكومات بالقيم الديمقراطية التي انتخبت على أساسها، بل يسائل القيم الغربية في أسسها ومنطلقاتها ومدى سريانها على كل البشر.

عام ليس كباقي الأعوام، فيه رويت النفوس العطشى للحرية والعدالة والإنصاف والسلام الدولي الحقيقي، لا سلام الرومان المفروض بقوة السلاح. عام ظهرت فيه أصوات حرة بعمق إنساني وأخلاقي عزّ نظيره في الشرق والغرب، لم تخشَ في كلمة الحق لومة لائم، ولا سلاح ظالم، ولا إعلامًا  منحازًا إلى صاحب القوة والنفوذ والمال.

تعرف الجيوش كيف تبدأ الحرب ،لكن لا العسكري ولا المدني  يعرف كيف تنتهي الحروب، الحرب ظاهرة  تتمدد وتتقلص وتخلق لنفسها ديناميكية داخلية غير متحكم فيها ….لهذا فان الاصعب والأخطر على الفلسطينيين وعلى اللبنانيين وعموم المقاومين قد مر ،رغم أكلافه الباهظة ،من يصمد سنة في ساحة معركة غير متكافئة القوة يمكن ان يصمد سنوات، ومن أعطى دماء وتضحيات جسيمة وكبيرة فلا يعود أمامه وخلفه ما يخشى عليه،  الدور الآن على اسرائيل التي خسرت هذه السنة ما لا تستطيع استرجاعه ( الهيبة ،  قوة الردع ، الإحساس بالأمان ،مشروع الاندماج في المنطقة وتطبيع العلاقات مع السعودية، السمعة الدولية … )

كثيرا ما كان النصر في المعركة فخ يقود إلى الهزيمة في الحرب، وكثيرا ما كانت الهزيمة في المعركة فرصة للانتصار في الحرب ..

*إعلامي مغربي

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الاحتلال فلسطين الرأي طوفان غزة احتلال فلسطين غزة رأي طوفان مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة اقتصاد سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة تكنولوجيا رياضة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الأوروبی والأمریکی المشروع الصهیونی

إقرأ أيضاً:

جدى توفى يوم نتيجتي وكان نفسه أكون دكتور.. محمد أيمن السابع على الجمهورية في الثانوية الأزهرية بالشرقية يروى سر تفوقه

احتفل الطالب «محمد أيمن» ابن بقرية شنبارة التابعة لمركز أبوحماد بمحافظة الشرقية، والمقيد بمعهد عمرو عبد السلام الإعدادي الثانوي التابع لإدارة أبوحماد بمنطقة الشرقية الأزهرية، والسابع على مستوى الجمهورية بحصولة على مجموع ٦٤٥ بنسبة 99.25٪.

وأكد الطالب «محمد أيمن » فى تصريحات خاصه لـ «الأسبوع »يوم ظهور النتيجة توفي جدي رحمه الله رحمة واسعة، وكان يأمل أن التحقق بكلية الطب، فكان دائما يوصيني بالمداومة على حفظ وتلاوة القرآن الكريم ومساعدة الناس وحسن الخلق، والحمد لله اكرمني الله وحققت ما كان يتمناه، وكان نفسي يفرح بنجاحى.

وأضاف الطالب محمد"حفظت القرأن الكريم، وحفظ القرأن الكريم سر تفوقي، وأذاكر دروسي أول بأول وأحرص على صلاة الفجر والتوجه إلى المعهد الديني للاستماع لشرح معلمي الأزهر، كما أواظب على مذاكرة دروسي دون تأجيل شيء للغد، والحمد لله المناهج الأزهرية علمتنا القرآن الكريم وفهم معانية ومقاصده وفقه العبادات، وكنت اذاكر 8 ساعات يوميا.

وأشار الطالب «محمد أيمن» كان لوالدى ووالدتى دور كبير فى تفوقي من خلال توفير كل الامكانيات التى احتاج اليها، ودعمي من خلال الحث على المذاكرة، ولوالدتي دور كبير فى حفظي للقرأن الكريم ولا أنسى تقديم الشكر لوالدى ومعلمي المعهد الذين وقفوا بجانبي وكانوا سببا فى تفوقي نجاحى.

وقال أيمن عليوة مؤذن الأوقاف ووالد الطالب «محمد» ابني كان لديه الاصرار والعزيمة على التفوق والنجاح والحصول على أعلي الدرجات فى الشهادة الثانوية الأزهرية، اعتمد بشكل رئيسى على الكتب المعهدية المنهجية، والحمد لله كلل الله جهده بالنجاح والتفوق، وبإذن الله مستمر فى دعمه لخدمة وطنه.

وقال عبد الله عبد الدايم موجه الصحافة بالتربية والتعليم وأحد أقارب الطالب محمد "قم في فم الدنيا وحى الأزهر وانثر على سمع الزمان الجوهر واجعل مكان الدر إن فصلته في مدحه خرز السماء النيرا، ومحمد أيمن حرص على مذاكرة دروسه أول بأول، وأتم حفظ القرأن الكريم ونظم وقته، وبعزيمة واصرار وتحدى تحقق له ما أراد وأصبح من أوائل الثانوية الأزهرية.

مقالات مشابهة

  • هل كتابة أسماء الله والأذكار على الكفن حرام شرعا؟ دار الإفتاء تجيب
  • جيجل.. وفاة شخص سقط من الطابق السابع لبناية طور الإنجاز  بحي بن عاشور
  • كاش كوش.. حين تعيد العظام المطمورة كتابة تاريخ المغرب القديم
  • عمرو أديب: من يهاجم مصر لن يربح أبدا.. والتاريخ يعيد كتابة نفسه
  • «الشارقة الدولي السينمائي للأطفال والشباب» ينطلق في أكتوبر المقبل
  • جيوكيريس يبدأ مشواره مع آرسنال بالقميص رقم 14: أرغب في كتابة تاريخي الخاص
  • محافظ القاهرة يفتتح معرض بازار القاهرة السابع فى مدينة نصر
  • جدى توفى يوم نتيجتي وكان نفسه أكون دكتور.. محمد أيمن السابع على الجمهورية في الثانوية الأزهرية بالشرقية يروى سر تفوقه
  • محافظ القاهرة يفتتح معرض «بازار القاهرة السابع» بـ مجمع السوق الحضاري في مدينة نصر
  • في دقائق لا تُنسى… ميسي يُعيد كتابة السيناريو ويقود إنتر ميامي لعبور أطلس