الحرة:
2025-12-14@00:20:59 GMT

تبعات الحرب على لبنان بعد عام على اندلاعها

تاريخ النشر: 12th, October 2024 GMT

تبعات الحرب على لبنان بعد عام على اندلاعها

عام على التصعيد في لبنان بين حزب الله وإسرائيل بعد إعلان الحزب ما يسميها "إسناد حرب غزة"  لا شكّ في أنّه ترك تبعات اقتصادية ومالية على المواطنين، في بلد يعاني أصلًا من ظروف اقتصادية صعبة جدًا، بدأت منذ خمس سنوات تقريبًا ولا تزال مستمرّة. 

وهذه التبعات تطال جميع القطاعات وتترك نتائجها على المواطن الذي يبحث عن موارد مالية لتأمين مستلزماته الأساسيّة في ظلّ الحرب.

فالزراعة كما السياحة كما التجارة كما الصناعة، تسجّل تراجعًا متواصلًا في مستوى المداخيل، ما يطرح تساؤلات عن مستقبل هذه القطاعات في حال استمرار الحرب التي تسبّب شلًلا على مستوى البلاد بأكملها.

الخبير الاقتصادي البروفسور جاسم عجاقة يعتبر في حديث لموقع "الحرة" أنّ "الاقتصاد اللبناني يعيش أزمة كبيرة حتى ما قبل الثامن من أكتوبر 2023، نتيجة الانهيار المالي الذي انسحب على النقد والاقتصاد وأدّى إلى أزمة مصرفية كبيرة، وكنتيجة لهذه الأزمة انخفض الناتج المحلّي الإجمالي من 54 مليار دولار أميركي عام 2019 إلى 17 مليار دولار أميركي عام 2023 بحسب أرقام البنك الدولي".

ويضيف عجاقة أنّ "الحرب مع إسرائيل عقّدت الأمور أكثر خصوصًا أنّها أدّت إلى تدمير بنى تحتية ومنازل وإلى تهجير أكثر من مليون ومئتي ألف شخص من منازلهم، وتسبّبت بأضرار في القطاع السياحي والبنى التحتيّة والقطاعَين الزراعي والتجاري".

أما على صعيد القطاع السياحي الذي يسهم بربع الناتج المحلّي الإجمالي في لبنان، فتُقدّر الخسائر بحسب عجاقة بحدود الـ 3.7 مليار دولار أميركي، ومن المتوقّع أن ترتفع هذه الخسائر أكثر مع استمرار المواجهة الحالية، كما أنّ أيًا من شركات الطيران لم تعد تؤمّن رحلات من وإلى لبنان إلا شركة طيران الشرق الأوسط.

أما على صعيد القطاع الزراعي الذي يسهم بـ 5% من الناتج المحلّي الإجمالي ويسهم الجنوب اللبناني وحده بأكثر من 30% من النتج العام، فتُقدر الخسائر بحسب عجاقة بأكثر من مليار ونصف مليار دولار ناتجة عن خسائر مباشرة وغير مباشرة، مع خسارة القطاع الزراعي 30% من قدرته الإنتاجية وتراجع الصادرات الزراعية التي تذهب بالدرجة الأولى إلى الدول العربيّة.

وعلى صعيد البنية التحتية، فيشير عجاقة إلى أنّ "هناك تقديرات بأكثر من 4000 وحدة سكنية تمّ تدميرها بشكل كامل أو جزئي، بالإضافة إلى العديد من المرافق الحيوية (محطات ضخّ مياه، وكهرباء، وطرقات، ومحطات إرسال للاتصالات...) وهو ما يجعلنا نُقدّر الخسائر في البنية التحتية بأكثر من ملياري دولار أميركي بأقلّ تقدير".

وعلى صعيد الصادرات، يقول عجاقة لموقع "الحرة" إنّ تأثير الحرب كان ملحوظًا مع انخفاض حجم الصادرات من 3.49 مليار دولار أميركي عام 2022 إلى 2.99 مليار دولار أميركي عام 2023، وهو ما يُشكّل تراجعًا بنسبة 14.22%. ويتابع أنّ "الحرب أثّرت على الواردات التي تركّزت بشكل كبير على الأساسيات وتخلّت عن السلع غير الأساسية، وانخفضت من 19 مليار دولار أميركي عام 2022 إلى 17.5 مليار دولار أميركي عام 2023، ومن المتوقّع أن تنخفض هذه الأرقام أكثر مع بطالة تقنيّة ضربت اليد العاملة اللبنانية بأكثر من 50% من اليد العاملة، وهذه البطالة التقنية سترتفع أكثر مع مرور الوقت وستتحوّل لاحقًا إلى بطالة فعلية سينخفض معها الاستهلاك والناتج المحلّي الإجمالي بشكل هيكلي".

ويختم عجاقة لموقع "الحرة" أنّ "استمرار الحرب سيزيد حكمًا من الخسائر المادية والخسائر البشرية، وسيؤدّي إلى تقليص حجم الاقتصاد الرسمي اللبناني بأكثر من 7% هذا العام و5% العام المُقبل في حال استمرار الحرب".

من جهته يذكّر عميد كلية إدارة الأعمال في جامعة القديس يوسف ورئيس الاتحاد الدولي لرجال وسيدات الأعمال اللبنانيين البروفسور فؤاد زمكحل أنّ "لبنان يواجه منذ خمس سنوات أكبر أزمة اقتصادية ومالية في التاريخ بحسب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ولم يستطع لغاية الآن الخروج منها، وأنّ الناتج المالي كان يوازي 50 مليار تقريبًا سنة 2023 أما اليوم فيتراوح بين 18 و 19 مليار دولار سنويا ما يعني انخفاضًا بالاقتصاد يفوق الـ 60% وبخسائر تفوق الـ 70 مليار دولار في الاقتصاد اللبناني، ما يعني أنّه اقتصاد منهك نسبيًا".

ويضيف زمحكل أنّه "منذ أكتوبر 2023 وبعد صيف واعد، فوجئنا بانطلاق الحرب في غزة، ثم بدخول لبنان في هذه الحرب بعد أيام قليلة بجبهة إسناد مكلفة على لبنان مع العلم أنّ هذه الحرب ليست حربنا ومرة جديدة تمّ جرنا إلى ما يعرف بحرب الآخرين على أرضنا والتي هي حرب مكلفة جدًا على جميع القطاعات وخصوصًا أنّها جعلتنا نخسر ثقة المستثمرين في الخارج والداخل في الزراعة والصناعة التجارة والتكنولوجيا والسياحة والاستشفاء، وطبعًا خسرنا الموسم السياحي في فصل الصيف".

ويتابع زمكحل لموقع "الحرة" أنّه على الرغم التحذيرات المستمرة بأنّنا غير قادرين على الدخول في هذه الحرب لأننا لا نملك مقومات الصمود وقد خسرنا كلّ مكونات المواجهة وإعادة الإعمار، فقد دخلنا في الحرب حتى وصلنا إلى مرحلة من الإرهاق الاقتصادي بعد أن دخلنا في عدة حروب على مر السنوات، وكنا في كل مرة نعيد الإعمار من جديد، ثمّ يتهدّم كل شيء، وهذا يعني أنّ المستقبل ليس بأيدينا إنما بأيدي مَن يقرر عنا الدخول في الحروب، ولا ننسى أنّ اللبنانيين خسروا أموالهم في المصارف التي سرقت، ثم دخلنا في فخ الحرب التدميرية".

ويقول زمكحل إنّه بالأرقام "فقد تمكّن القطاع السياحي في صيف 2023 من إنتاج 3 أو 4 مليارات دولار للاقتصاد اللبناني، لكن هذا الأمر لم يستمرّ وتراكمت الخسائر من جديد وعلى نحو كبير جدًا في صيف 2024 والتي نربطها بخسائر نهاية العام الحالي، وتضاف إليها خسائر في القطاع الصناعي في كلفة الإنتاج والنقل والتأمين والأهم خسارة الثقة". 

ويضيف أنّ الأمر نفسه ينسحب على القطاع التجاري حيث تراجع حجم الطلب على السلع اللبنانية بنسبة والانخفاض وصل إلى نسب تتراوح بين 60 و70% وهذه أرقام كبيرة بالمقارنة مع حجم الاقتصاد اللبناني". يبقى القطاع الرابع والمهم جدًا بحسب زمكحل وهو القطاع الزراعي وخصوصًا مفاعيل الحرب على الزراعة في الجنوب والبقاع وحتى لو انتهت الحرب فبرأيه الأراضي الزراعية هناك غير قدارة على الإنتاج قبل خمس سنوات بأقل تقدير بفعل نتائج القنابل الفوسفورية التي تستخدمها إسرائيل وفق قوله.

وختم زمكحل بالإشارة إلى القطاع المالي والنقدي، فالمصارف برأيه لم تعد تملك رأسالمال فالودائع تراجعت على نحو كبير ما عدا بعضها بحجم صغير، وهذه لا تستطيع تمويل الاقتصاد. ونحن اليوم نستطيع القول "أننا أمام خسائر تتخطى الخمسة مليارات دولار بعد عام من الحرب والأزمة الكبرى ستكون بعد الحرب في كيفية إعادة الإعمار، وهل هناك استعداد لذلك بعد الحروب المتكررة ومع فقدان الثقة؟"

من جهتها المحامية الدكتورة جوديت التيني فأكّدت لموقع "الحرة" أنّ "استمرار الحرب سيزيد من الشلل في المؤسّسات العامة والقضاء وسيكبّل الاقتصاد وستتّجه الحكومة الى الزيادة من سياستها المالية التقشفيّة تجاه القطاعات الإنتاجية والخدماتية، ما يعني زيادة معاناة اللبنانيين". وتابعت أنّ "الدولة اللبنانية غير قادرة على تحمّل تبعات الحرب وهي ستكون تبعات قاسية وطويلة الأمد، ومن الناحية الدستورية لم تتخذ القرار في حرب الاسناد عملًا بما تقضي به الفقرة الخامسة من المادة ٦٥ من الدستور التي توجب أخذ قرار الحرب والسلم في مجلس الوزراء بأكثرية الثلثين". 

وتابعت التيني أنّه "يبدو مستقبلًا وبعد مرور كل الوقت الضائع سيشكّل التضامن بين كافة اللبنانيين السند والمبرّر لإعادة النظر في أرقام الإنفاق العام وستعتمد الحكومة على الهبات والقروض لتسهم في تغطية التداعيات الناجمة عن الحرب لعلّ وعسى أن تكون هذه المصادر كافية فلا تضطر إلى فرض ضرائب جديدة أو زيادة معدلاتها".

وختمت التيني في حديثها لموقع "الحرة" أنّ "المشكلة في لبنان تكمن في سوء الحوكمة ما يعني سوء الترقّب والتخطيط والدليل على ذلك شكل ومضمون مشروع موازنة عام ٢٠٢٥ الذي أقرّه مجلس الوزراء في جلسته المنعقدة في ٢٣ أيلول ٢٠٢٤، وهذا المشروع تمّ إعداده في وزارة المالية في خضمّ مشاركة جهة لبنانية في الأعمال الحربية، ولكنه لم يترقّب في صلبه نتائج هذه المشاركة للنواحي المالية والاقتصادية والاجتماعية.

وتساءلت التيني عن السبب: "هل لأنّ الدولة اللبنانية لا ترغب في تغطية نفقات نتائج المشاركة في الحرب أم أنّ سوء تخطيطها منعها من ترقّب النتائج؟" 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: ملیار دولار أمیرکی عام استمرار الحرب بأکثر من على صعید أکثر من ما یعنی

إقرأ أيضاً:

ZTE تقترب من دفع مليار دولار لإنهاء تحقيقات الرشوة مع الحكومة الأمريكية

 تقترب شركة الاتصالات الصينية العملاقة "زد تي إي" (ZTE) من طي صفحة واحدة من أعقد أزماتها القانونية في الولايات المتحدة، حيث كشفت مصادر مطلعة مطلعة على سير المفاوضات لوكالات أنباء عالمية، اليوم، أن الشركة بصدد الموافقة على دفع غرامة مالية ضخمة تصل إلى مليار دولار أمريكي للحكومة الأمريكية. 

تهدف هذه التسوية المتوقعة إلى إنهاء تحقيق جنائي طويل الأمد يتعلق بمزاعم تورط الشركة في قضايا رشوة لمسؤولين أجانب، في خطوة قد تعيد رسم خريطة العلاقات التقنية المتوترة بين واشنطن وبكين.

تفاصيل القضية والاتهامات 

ذكرت التقارير الصحفية التي تداولت الخبر أن التحقيقات، التي تقودها وزارة العدل الأمريكية (DOJ)، تتمحور حول انتهاك محتمل لقانون الممارسات الأجنبية الفاسدة (FCPA).

تشير الوثائق المسربة إلى أن الشركة متهمة بدفع رشاوي لمسؤولين حكوميين في عدة دول نامية للفوز بعقود اتصالات مربحة، مما وضعها تحت طائلة العقوبات الأمريكية الصارمة التي تلاحق الشركات المتداولة عالمياً والتي تستخدم النظام المالي الأمريكي في تعاملاتها.

الاتحاد الأوروبي يقترب من حظر كامل لهواوي و ZTE في شبكات الاتصالات الأوروبيةشروط التسوية والمراقبة 

أوضحت المصادر ذاتها أن الاتفاق المبدئي لا يقتصر على الغرامة المالية فحسب، بل يتضمن شروطاً تنظيمية قاسية. 

يتوقع أن تلزم وزارة العدل الأمريكية شركة ZTE بتعيين مراقب امتثال مستقل (Independent Monitor) لعدة سنوات، لضمان عدم تكرار ممارسات الفساد وللإشراف على السياسات الداخلية للشركة. 

تعد هذه الخطوة بمثابة "طوق نجاة" للشركة لتجنب توجيه تهم جنائية قد تؤدي إلى حرمانها من العمل في الأسواق الغربية أو الحصول على التكنولوجيا الأمريكية الحيوية.

تأثير القرار على السوق والاقتصاد

تفاعل المستثمرون بحذر مع هذه الأنباء، حيث يرى المحللون الاقتصاديون أن دفع هذا المبلغ الضخم سيؤثر بلا شك على النتائج المالية للشركة في الربع الحالي، لكنه في المقابل يزيل حالة "عدم اليقين" التي خيمت على مستقبل الشركة لسنوات. 

تسعى ZTE من خلال هذه التسوية إلى استعادة ثقة الشركاء الدوليين والمضي قدماً في خططها لتوسيع شبكات الجيل الخامس (5G) في الأسواق التي لا تزال ترحب بها.

تنتظر الأوساط التقنية والسياسية الإعلان الرسمي عن تفاصيل الاتفاق النهائي بين ZTE ووزارة العدل الأمريكية خلال الأيام القليلة المقبلة. يبقى السؤال المطروح حول مدى تأثير هذه الغرامة القياسية على قدرة الشركة التنافسية أمام خصمها المحلي "هواوي" والمنافسين الأوروبيين "نوكيا" و"إريكسون".

طباعة شارك ZTE شركة الاتصالات زد تي إي

مقالات مشابهة

  • 25.3 مليار دولار صادرات تركيا لدول الجوار خلال 11 شهرا
  • ZTE تقترب من دفع مليار دولار لإنهاء تحقيقات الرشوة مع الحكومة الأمريكية
  • عن لبنان وحزب الله... تصريحٌ لسيناتور أميركيّ
  • ديزني تستثمر مليار دولار في أوبن أيه آي
  • ديزني تستثمر مليار دولار في أوبن إيه.آي
  • وزير الاستثمار: 11 مليار دولار حجم التبادل التجاري بين مصر والمغرب
  • السيّد: هل تكفي الدولارات القليلة التي تحال على القطاع العام ليومين في لبنان ؟
  • حرب غزة تدفع بأمريكا لمضاعفة مساعدتها العسكرية للاحتلال لـ 32 مليار دولار
  • النواب الأميركي يقر مشروعاً دفاعياً ضخماً بـ900 مليار دولار
  • النواب الأمريكي يقر قانون الدفاع الوطني بإنفاق 900 مليار دولار