المحلل السياسي شالوم ليبنر: غطرسة حكومة نتنياهو تهدد إسرائيل بسيناريو مظلم
تاريخ النشر: 13th, October 2024 GMT
واشنطن "د. ب. أ": يعيش الإسرائيليون خلال السنوات الأخيرة كما لو كانوا يركبون "قطار الموت في مدن الملاهي" فتتبدل حياتهم بين الصعود والهبوط. فبعد تجاوز تداعيات جائحة فيروس كورونا المستجد التي تفجرت عام 2020، وخوض 5 انتخابات مبكرة، كانوا يستعدون للتعافي الوطني في 2023.ولكن سرعان ما بدت صعوبة تحقيق هذا الآمال في يناير 2023 عندما كشف وزير العدل ياريف ليفين خططه لإصلاح النظام القضائي مما فجر موجة احتجاجات شعبية وانقسامات سياسية واسعة.
وفي تحليل نشرته مجلة ناشونال إنتريست الأمريكية قال المحلل السياسي الإسرائيلي شالوم ليبنر الزميل الباحث غير المقيم في برنامج مبادرة سكوكورفت لأمن الشرق الأوسط في مركز أبحاث المجلس الأطلسي الأمريكإن الدمار الشامل الذي ألحقته هجمات 7 أكتوبر بالقواعد والمستوطنات الإسرائيلية في غلاف غزة امتد إلى تحطيم ثقة الإسرائيليين في مؤسساتهم العامة التي كانت تحظى باحترام كبير وهي الحكومة والجيش، وأجهزة الاستخبارات، مع اتضاح حجم الخلل الهائل الذي أصاب هذه المؤسسات، حتى بدت إسرائيل تائهة، وقد تخلت عنها قياداتها على ما يبدو في ذلك الوقت.
إسرائيل لم تكن مستعدة للحرب ضد حماس في غزة
وأضاف ليبنر أنه بعد مرور عام على هجمات 7 أكتوبر الماضي، مازالت مشاعر الإحباط وخيبة الأمل تسيطر على أغلبية الإسرائيليين. وقد أصبحت وعود رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتحقيق "نصر كامل" على حماس جوفاء. والإسرائيليون إما يشعرون بخيبة الأمل لأن تعهداته لم تتحقق، أو أنهم لا يصدقون أن مثل هذا الإنجاز ممكن.
وفي حين تتزايد خسائر الإسرائيليين في حرب غزة رغم الدمار الهائل الذي تلحقه إسرائيل بمدن القطاع، وقتلها لأكثر من 42 ألف فلسطيني أغلبهم من الأطفال والنساء، تعيد حركة حماس تجميع صفوفها داخل المناطق التي ينسحب منها الجيش الإسرائيلي. كما تتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل لقبول وقف إطلاق النار الذي لن يوقف تفكيك البنية التحتية للفصائل الفلسطينية المسلحة. في القطاع.
ولكن الروح المعنوية المنهارة للإسرائيليين، تلقت دفعة قوية يوم 17 سبتمبر الماضي عندما تحول الاهتمام فجأة نحو لبنان، بعد سقوط الآلاف من أعضاء حزب الله اللبناني العدو اللدود لإسرائيل بين قتيل وجريح بسبب تفجير متزامن الالاف أجهزة النداء الآلي (بيجر)، ثم مئات أجهزة الاتصال اللاسلكي (ووكي توكي) في اليوم التالي، في عملية استخباراتية محكمة.
ورغم نفي إسرائيل الرسمي مسؤوليتها عن العمليتين، فإن الجيش الإسرائيلي أعقبهما بسلسلة هجمات جوية اسفرت عن قتل كبار قادة الحزب اللبناني وفي مقدمتهم أمينه العام حسن نصر الله، وشن عملية عسكرية واسعة على لبنان حملت اسم "الأسهم الشمالية" مما أحيا شعبية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بين الإسرائيليين.
وفي حين لم تكن إسرائيل مستعدة للحرب ضد حماس في غزة، فإنها كانت مستعدة بصورة أفضل للتعامل مع حزب الله سواء على الصعيد العسكري أو الاستخباراتي، وهو ما أتاح لها توجيه ضربة قوية إليه جعلته "يرجع 20 عاما إلى الوراء" على حد قول مسؤول أمريكي لشبكة سي.إن.إن التلفزيونية الأمريكية.
25 سبتمبر يوم مشهود في اسرائيل
ولكن هذه الارتفاع في الروح المعنوية للإسرائيليين وتفوقها في ساحة القتال ضد حزب الله، قد يتضح فيما بعد انه مؤقت. ويقول شالوم ليبنر الذي عمل خلال الفترة من 1990 إلى 2016 في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي مع 7 رؤوساء وزارة متعاقبين، في تحليله إنه وهو يكتب هذا التحليل، ما يزال عشرات الآلاف من الإسرائيليين نازحين عن منازلهم الموجودة في مرمى نيران حزب الله. ويمكن أن يزداد أعداد النازحين الإسرائيليين إذا وسع حزب الله نطاق هجماته. وقد شهد يوم 25 سبتمبر قصفا صاروخيا غير مسبوق من حزب الله لتل أبيب. إن الحكمة التقليدية تقول إن الحزب ما يزال يحتفظ بترسانة صاروخية كبيرة، يمكنه إطلاقها مع تقدم التوغل البري للجيش الإسرائيلي. والأخطر من ذلك أن إيران تجاوزت سريعا ضربات إسرائيل لحزب الله وأغرقت إسرائيل بنحو 200 صاروخ باليستي في الأول من أكتوبر.
والآن تقف إسرائيل مرة أخرى في مفترق طرق. ففي حين يتزايد القصف الإسرائيلي في لبنان كجزء من محاولة معلنة لتعزيز "خفض التصعيد من خلال التصعيد"، يمكن أن تمتد نيران تلك المواجهة إلى مناطق ساخنة مجاورة أخرى، لتصبح هذه الصيغة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لإسرائيل، وخاصة بعد أن خرجت إيران من الظل لتدخل المعركة بشكل لا لبس فيه.
إن الخطأ في التقدير ــ سواء من جانب إسرائيل أو حزب الله ــ فيما يتصل بتصورات أو مسار المواجهة قد يؤدي إلى إشعال فتيل حرب شاملة على الجبهات المتعددة التي ذكرها نتنياهو مرارا وتكرارا. وهذا من شأنه أن ينذر بكارثة محتملة ليس فقط بالنسبة لمواطني إسرائيل وبنيتها الأساسية، بل وأيضا بالنسبة لاقتصادها المتعثر بالفعل ومكانتها العالمية.
في الوقت نفسه تطرح الدعوة التي وجهتها مجموعة من الدول بدعم من الولايات المتحدة في 25 سبتمبر الماضي إلى هدنة مدتها 21 يوما على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية، تنطلق منها المفاوضات الرامية إلى التوصل إلى وقف دائم للأعمال العدائية، مسارا مختلفا للمضي قدما. ويتردد الإسرائيليون في المضي قدما في هذا المسار لأن مثل هذه الهدنة من شأنها منح حزب الله وقتا ثمينا للتعافي وإعادة تكوين ترسانته المستنفدة. كما إن الاتفاقيات القائمة على الضمانات الدولية مثل قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1701، الذي نص على "إنشاء منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني لا توجد بها أسلحة غير تلك التابعة لحكومة لبنان وقوات اليونيفيل"، ولكن حزب الله انتهكها بشكل صارخ.
جعل الوضع الحالي السيئ أشد سوءا
ويرى شالوم ليبنر أنه في غياب الخيارات المثالية، أصبحت حكومة نتنياهو ــ التي مازالت شعبيتها متدنية إلى حد كبير بين الناخبين ــ في مواجهة عدة قرارات حرجة تؤدي إما إلى انتشال الإسرائيليين من كابوسهم الممتد أو جعل الوضع الحالي السيئ أشد سوءا. ويمكن أن تصبح "إعادة سكان الشمال إلى ديارهم بأمان"، التي أضافتها الحكومة الأمنية الإسرائيلية إلى أهدافها الحربية في 17 سبتمبر أقل مشاكل هذه الحكومة.
في الوقت نفسه يشير تعامل نتنياهو السيئ مع المناقشات الأخيرة المتعلقة بالوقف المحتمل لإطلاق النار لمدة ثلاثة أسابيع إلى أنه ربما يتحرك في الاتجاه الخاطئ. ففي تكرار لخطوته الكلاسيكية، أعطى نتنياهو موافقته على جهود التهدئة المبذولة، ثم استسلم للاعتراضات الصاخبة من شركائه في الائتلاف الحاكم والذين هددوا باسقاط الحكومة، فسحب موافقته على جهود التهدئة. وإذا كانت التحفظات الإسرائيلية على الاتفاق المقترح تستحق أن تؤخذ في الاعتبار، فإن تنفير الوسطاء المتعاطفين مع إسرائيل لن يؤدي بالتأكيد إلى تفاقم مأزق إسرائيل. كما أن الاحتكاكات الواضحة مع الولايات المتحدة بشأن الخطوط العريضة للرد المتوقع من جانبها على الهجوم الإيراني يمكن أن تعرض إسرائيل للخطر، وهي تفتقر إلى القدرة على التعامل مع التهديد الإيراني بمفردها.
ويقول ليبنر إن الغطرسة التي تمارسها حكومة نتنياهو ليست حليفا جيدا، وسوف تتوقف المعارك في نهاية المطاف، لذلك فإن مسار العمل الأكثر فعالية لنتنياهو هو التعاون مع إدارة الرئيس الأمريكي بايدن وبدء العمل البناء لصياغة نهاية مستدامة للعبة بما يضمن المكاسب التي حققتها إسرائيل بشق الأنفس في ساحة المعركة، وينهي حروب الاستنزاف في غزة ولبنان، ويسهل عودة مواطنيها الأسرى والمهجرين إلى ديارهم.
وأخيرا، فقد كانت واشنطن وباريس، من بين عواصم أخرى، سارعت بإرسال المساعدات لإسرائيل عندما أطلقت إيران أكثر من 300 صاروخ وطائرة بدون طيار عليها في 13 أبريل. ولكن لن يكون لهذا الدعم ــ بالإضافة إلى المساعدات المادية والدبلوماسية التي يقدمها الداعم لإسرائيل في البيت الأبيض ــ نفس الأهمية إذا تدهورت الظروف ووجدت إسرائيل نفسها متورطة في قتال أوسع نطاقا وأشد ضراوة. وإذا قاد نتنياهو إسرائيل إلى هذا السيناريو المظلم، بسبب غطرسة حكومته اليمينية، بعد أن يكون قد أحرق كل الجسور مع أصدقاء بلاده، فسوف يظل الإسرائيليون يشعرون بالحزن والإحباط لفترة طويلة قادمة.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
هآرتس تكشف خطة نتنياهو التي سيطرحها على الكابينت بشأن غزة
قالت صحيفة هآرتس الإسرائيلية ، مساء الاثنين 28 يوليو / تموز 2025 ، إن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يعتزم طرح خطة على الكابينيت الأمني والسياسي المصغّر، تقضي بضمّ تدريجي لأجزاء من قطاع غزة ، وذلك في محاولة لإبقاء وزير المالية، بتسلئيل سموتريتش، ضمن الحكومة.
وبحسب هآرتس ، تنصّ الخطة على أن تُمهل إسرائيل حركة " حماس " عدة أيام للموافقة على اتفاق لوقف إطلاق النار، وفي حال رفضها، تبدأ إسرائيل بضم مناطق من القطاع بشكل تدريجي. ووفق "هآرتس"، سيُعرض هذا المخطط على الكابينيت بعد قرار نتنياهو زيادة حجم المساعدات الإنسانية لغزة وهو القرار الذي اتُخذ رغم اعتراضات "الصهيونية الدينية" بقيادة سموتريتش.
وبحسب التفاصيل التي قدّمها نتنياهو خلال محادثاته مع وزراء في الحكومة، فإن عملية الضم ستبدأ بالمناطق الحدودية الفاصلة قطاع غزة عن مناطق الـ48 (الغلاف الداخلي الذي أحدثه الاحتلال لقطاع غزة)، ثم تمتد إلى شمالي القطاع، ولا سيما المناطق القريبة من "سديروت" و"عسقلان"، وصولًا إلى ضم القطاع بالكامل على مراحل. وادعى نتنياهو في هذه المحادثات أن "الخطة حصلت على الضوء الأخضر من إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب".
ونقلت الصحيفة عن مصادر سياسية أن سموتريتش قال لنتنياهو خلال الأيام الأخيرة إنه "سيُقيّمه بالأفعال"، وإنه "سيبقى في الحكومة في هذه المرحلة إذا نُفذت خطة الضم". وفي رسالة وجّهها إلى أعضاء حزبه، كتب سموتريتش: "نحن ندفع باتجاه خطوة إستراتيجية جيدة، ولا داعي لتفصيلها الآن، وسنعرف قريبًا إن كانت ستنجح وإلى أين سنتجه". وأضاف: "لا ينبغي اتخاذ قرارات سياسية خلال الحرب. سنُقيّم الموقف بناء على النتيجة – أي حسم المعركة ضد حماس".
وحذّرت الصحيفة من أن تهديد إسرائيل بضمّ أراضٍ في غزة، بالتوازي مع دعوات العديد من الوزراء لإقامة مستوطنات في القطاع، من شأنه أن يُدخلها في صدام مباشر مع المجتمع الدولي، باستثناء الولايات المتحدة. ورجّحت "هآرتس" أن تُشعل خطوة كهذه موجة اعترافات بالدولة الفلسطينية على غرار ما قامت به فرنسا، إضافة إلى فرض عقوبات على إسرائيل.
وأشارت الصحيفة إلى أن نتنياهو لم يُبدِ حماسة في السابق لخيار الضمّ، لكنه بات مستعدًا للمضي فيه في محاولة لإنقاذ حكومته. وأبلغ وزراءه أن وزير الشؤون الإستراتيجية، رون ديرمر، قدّم الخطة لوزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، وأنها "تحظى بدعم البيت الأبيض". وذكرت الصحيفة أن الرئيس دونالد ترامب، الذي يزور حاليًا أسكتلندا، لم يحضر الاجتماع.
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من الأخبار الإسرائيلية جنود إسرائيليون يرفضون العودة للقتال في غزة تفاصيل خطة الجيش الإسرائيلي الجديدة بشأن غزة نتنياهو يعقد مشاورات أمنية بشأن غزة ويُصر على "هدفي الحرب" الأكثر قراءة محمد اشتية... خيرا فعلت واستمر في فعل الخير - بقلم : د. احمد المعروف حماس : نواصل المشاورات لإنجاز اتفاق مشرّف الكشف عن هدف العملية العسكرية في دير البلح محدث: ارتفاع عدد المتوفين نتيجة التجويع في غزة إلى 20 خلال يومين عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025