أصبحت قمة بريكس، محور اهتمام وسائل الإعلام الروسية حيث نجحت في كسر عزلة موسكو التي فرضتها الأزمة الأوكرانية، وبرزت كأهم حدث دولي تنظمه روسيا منذ بداية الصراع، ومشاركة 32 دولة في قمة قازان الروسية المرتقبة يعزز مكانة روسيا على الساحة الدولية ويمثل خطوة هامة نحو كسر العزلة المفروضة على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهذه القمة تعد فرصة لروسيا لاستعادة دورها الفاعل في النظام العالمي خاصة في ظل الضغوط والعقوبات الغربية.

قمة بريكس

من جانبه، تحدث محمود إبراهيم الخبير الاقتصادي، عن هيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي والتغيرات المحتملة بسبب الأحداث الجيوسياسية الحالية.

وقال إبراهيم لـ صدى البلد، إن هناك مؤشرات واضحة على بدء العد التنازلي لهيمنة الدولار الأمريكي على الاقتصاد العالمي، مضيفا أن العديد من الناس يجهلون أن هذه الهيمنة لا تعود فقط إلى القوة الاقتصادية، بل أيضًا إلى الهيمنة العسكرية التي تمتلكها الولايات المتحدة، وقوة الدولار مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالقوة العسكرية الأمريكية، وهو أمر يحتاج إلى فهم أعمق.

وأشار إلى أن الأحداث العالمية الأخيرة مثل الحرب الروسية الأوكرانية، أظهرت ضعفًا في ردود الفعل الأمريكية، حيث كان من المتوقع أن تقوم الحكومة الأمريكية باستجابة قوية ضد روسيا، لكن هذا لم يحدث، مما يدل على تراجع القوة الأمريكية، وتبع ذلك تصاعد الأزمات في المنطقة، بما في ذلك الصراع الإسرائيلي على غزة، وتوسيع نطاق هذه الحروب ليشمل لبنان وإيران.

وفي تطور مفاجئ، أبدت الحكومة الأمريكية تخوفها من أي هجمات إسرائيلية على المفاعلات النووية الإيرانية بسبب القلق من ردود الفعل الإيرانية المحتملة، وهناك شائعات حول أن إيران قد تمكنت من اختبار قنبلة نووية، مما زاد من حدة المخاوف الأمريكية والإسرائيلية من امتلاك إيران للأسلحة النووية.

وتحدث عن الوضع الحالي الذي يجعل الولايات المتحدة تعيش على ذكرياتها كقوة مهيمنة على العالم، محذراً من أنه إذا استمرت الأمور في هذا الاتجاه، قد تتعرض الولايات المتحدة لاختبارات خطيرة حول قوتها ونفوذها العالمي.

وأشار الخبير الاقتصادي، إلى سلوكيات الدول خلال فترات الحروب والاضطرابات، حيث تتجه الدول والأفراد إلى اتخاذ إجراءات تحوطية، وتعتبر احتياطيات النقد الأجنبي مقسمة عادة إلى قسمين: الدولار والذهب، ومع تزايد التوترات العالمية بدأت العديد من الدول في تقليل احتياطياتها من الدولار وزيادة احتياطياتها من الذهب، وهي خطوة تُعتبر طبيعية في أوقات الأزمات.

وفي ضوء الصراعات المتزايدة، مثل التهديدات العسكرية بين روسيا وأمريكا، هناك احتمال لانخفاض قيمة الدولار،و يلجأ الكثير من الدول إلى تقليل احتياطياتها بالدولار وزيادة استثماراتها في الذهب كوسيلة للحفاظ على القيمة.

رئيس مجلس الدوما الروسي، فياتشيسلاف فولودين، أكد أن زمن هيمنة واشنطن وبروكسل قد ولّى، وأن دولًا عديدة تختار الآن طريق الحوار والتعاون المتكافئين بما يخدم مصالح شعوبها، مشيرا إلى أن المستقبل يتجه نحو دول بريكس التي أصبحت بالفعل مركزًا اقتصاديًا عالميًا رئيسيًا، مشددًا على أن بريكس تمثل المستقبل في ظل الأزمات التي تواجهها الدول الغربية، وصربيا ترى في بريكس بديلًا للاتحاد الأوروبي، مما يعكس توجه دول عديدة نحو الابتعاد عن الهيمنة الأوروبية والأمريكية.

سفير روسيا بالقاهرة : انضمام مصر لـ "بريكس" اعتراف دولي بقوة وإمكانيات اقتصادها مشاركة متميزة لـ اتحاد العمال .. الجمل يشيد بتوصيات المنتدي النقابي لدول بريكس

فولودين أوضح، أن مجموعة بريكس تمثل ضمانًا لعالم متعدد الأقطاب، حيث تتمتع الدول الأعضاء بحرية التعاون دون ضغوط أو تدخلات خارجية، على عكس الاتحاد الأوروبي الذي يُعرف بفرضه شروطًا على الدول، مؤكدا أن اقتصاد دول بريكس يتفوق بشكل كبير على مجموعة السبع، التي تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، بما في ذلك تراجع الناتج المحلي الإجمالي في دول أوروبية عدة، والخسائر الكبيرة التي تتكبدها صناعاتها.

مجموعة بريكس، التي تضم عشر دول وتمثل 45% من سكان العالم، تشهد اهتمامًا متزايدًا من أكثر من 30 دولة تسعى للانضمام إليها، وفي قمة قازان الروسية المرتقبة سيشارك ممثلون من أكثر من 30 دولة، ما يعكس تنامي أهمية هذه المجموعة على الساحة العالمية.

اقتصاد دول بريكس

المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، وصف مجموعة بريكس بأنها جذابة للعديد من الدول بسبب اعتمادها على مبدأ الاحترام المتبادل بين أعضائها، موضحا أن بريكس تختلف عن الأندية المغلقة مثل مجموعة السبع، التي كانت تفرض قيودًا على العضوية حتى على الدول الصاعدة مثل الصين والهند، وتوفر بريكس تفاعلًا وتعاونًا متساويين بين أعضائها، مما يجعلها منصة أكثر ديمقراطية وتفتح الباب للتعاون المثمر بين الدول.

القمة التي ستعقد في قازان خلال الفترة من 22 إلى 24 أكتوبر 2024، بمشاركة زعماء دول بريكس، ستكون فرصة لتوسيع التعاون بين الدول الأعضاء، خاصة أن روسيا تتولى رئاسة المجموعة منذ يناير 2024، وتضم بريكس دولًا مثل مصر، روسيا، البرازيل، الهند، الصين، جنوب أفريقيا، إيران، الإمارات، السعودية، وإثيوبيا، ما يبرز تنوع وتعددية المجموعة.

في سياق متصل، أكد أحمد كجوك وزير المالية، أن بريكس يمكن أن تلعب دورًا محوريًا في إعادة تشكيل الهيكل الاقتصادي العالمي بما يخدم مصالح الدول النامية والناشئة، وأوضح أن مصر تتطلع إلى إصلاح النظام النقدي الدولي وخلق إطار اقتصادي أكثر شمولًا وعدالة للأسواق الناشئة، وخلال مشاركته في جلسة «تحسين النظام النقدي والمالي العالمي» ضمن اجتماعات بريكس في موسكو، موضحا أن المجموعة تمثل منصة مهمة للتكامل الإقليمي بين أفريقيا، الشرق الأوسط، وآسيا، وتسعى لتوفير فرص استثمارية وتجارية جديدة.

مصر تشارك في الاجتماع الثاني لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة "بريكس" بموسكو بريكس: الحكومة المصرية تسعى إلى تعزيز دور ذوي الهمم في بناء الدولة

وبحسب تقارير روسية، تواجه قمة بريكس ضغوطًا من واشنطن التي تحاول إقناع بعض الدول بمقاطعة القمة أو تقليص مستوى تمثيلها، ومع ذلك أكدت روسيا مشاركة زعماء دول رابطة الدول المستقلة والاتحادات الإقليمية من آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية، ومن المتوقع أن يحضر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، إضافة إلى عدد من المسؤولين الدوليين البارزين، مثل الأمين العام لمنظمة شنغهاي للتعاون، ورؤساء منظمات دولية أخرى.

ويركز الكرملين خلال قمة بريكس على عدد من الجوانب السياسية، حيث يسعى لعقد لقاءات ثنائية مع الزعماء المشاركين لتعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع دائرة التعاون داخل المجموعة، وتحاول روسيا الاستفادة من هذه القمة لتوسيع العلاقات مع الدول التي تتشارك في الأيديولوجية والفكرية وتتبنى مبدأ التعددية لتحقيق التنمية والاستقرار العالميين.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: بريكس قمة بريكس مجموعة بريكس دول بريكس اقتصاد دول بريكس قمة بریکس دول بریکس من الدول

إقرأ أيضاً:

بين التمرد والتجريد: قراءة نقدية لمقال خالد كودي عن ظاهرة القونات

بين التمرد والتجريد: قراءة نقدية لمقال خالد كودي عن ظاهرة القونات

راني السماني

(من سلسلة: تفكيك الظاهرة- القونات، تمرد مُعلَن أم توظيف مُبطّن؟)

في مقاله الممتد بعنوان “بين الطار والعار: القونات يقئن الحمل على صلف النخب عند عتبات الخراب السوداني”، يقدم الأستاذ والفنان التشكيلي خالد كودي دفاعاً صريحاً وواسع النطاق عن ظاهرة “القونات”، بوصفها تمرداً فنياً أصيلاً، وساحة احتجاج جمالي على أنقاض الوطن المكسور، ويُلبسها أردية الهامش والمقاومة، ويضعها في قلب اشتباك جمالي مع النخبة، كما يُحمّلها أبعاداً احتجاجية تتجاوز المحلي، لتتصل بسرديات التمرد العالمي:من الدادائية إلى الهيب هوب، ومن الريغي إلي البوتو، بل ويضعها على تماس مع حلقات الذكر.

يُعيد كودي تموضع “القونة” لا كمجرد مؤدّية، بل كرمز مقاوم.

يكسوها لغة شعرية وفضاءً تمثيلياً كثيف الدلالات، كأنها تنهض من تحت الركام لتعيد للهوامش لغتها الخاصة، وللجسد دوره في مواجهة السلطة.

الطرح جريء، مشغول بهمّ إعادة الاعتبار لجماليات مُهمّشة، ومكتوب بلغة نَفَسية، مشبعة بالمجاز والانفعال الجمالي.

لكنه، برغم زخمه، يُطل برأسه من مرآة ضبابية: نلمح من خلاله صوراً لامعة، ولكننا لا نُمسك تماماً بالبُنية التي تربط تلك الصور، ولا بالسياق السوداني الذي يُفترض أن يحتضنها.

تمجيد الجسد أم تفكيك السلطة؟

في رغبته الواضحة والمشروعة لهدم خطاب النخبة المُحافِظة، يكاد كودي يُبرّئ الظاهرة برمّتها من أي مساءلة.

فكل انتقاد يُقرأ كتواطؤ برجوازي، وكل تحفظ يُفكك كامتداد أخلاقي سلطوي، وكل أداء جسدي يُستقبل كنص احتجاجي.

لكن هل يمكن للرمز أن يعفي الظاهرة من المراجعة؟

هل يُغني الاحتجاج وحده عن وجود رؤية متماسكة؟

وهل يقف الجسد وحده شاهداً دون خطاب يرفده، ومشروع يُنظّمه، ومرجعية تُنقّيه من التوظيف؟

تلك أسئلة لا يُجيب عليها المقال صراحة، لكنها تلوح من بين سطوره، كإيقاع خفي في نصّ يحتفي بالمخاطرة.

عن المقارنة القلقة: من “الدادائية” إلى “الزنق”

يربط المقال بين “فن القونات” وحركات احتجاجية كونية، وهو ربط يُحسب له من حيث الجرأة، لكنه يحتاج إلى عناية أكبر بالسياقات.

فهل يمكن فعلاً مقارنة ظاهرة سريعة التشكل، تنتج أحياناً في مناخ ترندات متقلبة، بحركات نشأت من معسكرات اللجوء، أو من جحيم الحرب العالمية، أو من شوارع السود الأميركيين المحاصرين بالقمع؟

قد تتقاطع الظواهر في الشكل، في الجسد، في الصوت، لكن السياقات لا تتشابه:

لا من حيث البنية الطبقية،

ولا الخلفية السياسية،

ولا أدوات الإنتاج الفني نفسها.

وهنا، لا نرفض المقارنة، ولكننا نُشير إلى الحاجة لتثبيت الفروق، كي لا تنقلب رمزية “القونة” إلى صورة جاهزة، تُعلّق على كل ثورة، وتُعلّب في كل مشهد احتجاجي دون تفصيل.

غياب المشروع الجمالي: سؤال لم يُطرح بعد

في خضم الاحتفاء بالشكل، لا نجد في المقال كثير تأمل في المضمون:

ما هو مشروع القونات فعلياً؟

ما مضامين أغانيهن؟

ما لغتهن الفنية؟

ما أدواتهن الجمالية؟

هل نحن أمام حركة تحمل خطاباً تحويلياً، أم مجرد تكرار جاذب لشكل اختُبر في أماكن أخرى؟

ربما لا يسعى المقال إلى الإجابة عن هذه الأسئلة، وربما أراد أن يفتح الباب فقط، لا أن يُغلقه بإجابات حاسمة.

لكن مع ذلك، فالقارئ يخرج وفي قلبه فراغ صغير، يتساءل فيه:

من أين يبدأ الفن؟ من الشكل أم من الموقف؟

عن النخبة: هل كل نقد خيانة؟

المقال يعامل “النخبة” بوصفها جداراً واحداً، لكنه لا يُفكّك مكوناتها.

فيتساوى من صمت مع من قاوم، ويُدان من انتقد دون أن يُمنح فرصة التوضيح.

والحال أن النخبة في السودان، كما في أي مكان، متباينة:

هناك من غطّى القمع بشهادته،

وهناك من غنّى للمعتقل،

وهناك من صمت، وهناك من قاوم بالكلمة والموقف.

لهذا، يحتاج نقد النخبة، كي يكون عادلاً، أن يكون تفكيكياً لا تبسيطياً.

أن يفرّق بين الحارس والساكت، بين المتواطئ والمتحفّظ، بين من باع ومن انسحب ليحفظ ما تبقى من كرامته.

خاتمة: تمهيد لسؤال أعمق

لا يسعى هذا المقال إلى الردّ أو النفي، بل إلى فتح أبواب قراءة موازية، تُضيء ما غاب، وتضع بعض إشارات استفهام على خريطة كودي الثريّة.

وربما نحتاج، بعد هذا التقديم، إلى تفكيك أعمق للغة المقال، لمقولاته، لافتراضاته الجمالية والسياسية، وهو ما سيأتي لاحقاً في مقال منفصل، بعنوان:

بين الاحتجاج والتسليع

رد نقدي على مقال خالد كودي:”.

وما بين التمجيد والرفض، تبقى المساحة الرمادية هي الأكثر حاجةً للضوء.

مايو 2025

الوسومالحرب العالمية الزنق السودان القونات خالد كودي راني السماني معسكرات اللجوء

مقالات مشابهة

  • سوريا تكسر الصمت وتكشف حقيقة المفاوضات المباشرة مع إسرائيل
  • ضحية لقمة العيش.. مصرع شاب سقط من علو في بدر
  • قراءة في ،،،، خطّة المليشيا للسيطرة على العاصمة
  • “يويفا” يوضح أسباب استمرار استبعاد روسيا.. وتشيفرين يتحدث عن “ضغط سياسي”
  • ما حكم قراءة الأبراج ومتابعتها؟.. الإفتاء تجيب
  • بين التمرد والتجريد: قراءة نقدية لمقال خالد كودي عن ظاهرة القونات
  • رئيس القاهرة الفرانكفوني: المهرجان ينطلق بمشاركة قياسية بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي
  • خبير ذهب تركي يحذر: لا تفوّتوا أخبار الأربعاء
  • عين الشيطان على الدولار الأمريكي
  • العالم شرقًا.. قمة أسيوية تكسر الجغرافيا وتحركات أمريكية تثير التساؤلات