أخفى فقدانه البصر.. مخرج كفيف يصوّر فيلماً سينمائياً
تاريخ النشر: 17th, October 2024 GMT
اعتاد الممثل والمخرج السينمائي البريطاني آدم مورس أن يُخفي فقدانه البصر، خوفاً من رد الفعل الذي قد يتعرض له عندما يطرح مشروعاته الفنية.
ولكن بعد سنوات شارك خلالها بدور البطولة في المسلسل التلفزيوني (سي) وأخرج الفيلم الروائي (لوسيد) وأعمالاً أخرى، يأمل أن يكون نموذجاً لآخرين في التعايش مع الإعاقة.وقال مورس هذا الأسبوع خلال شهر التوعية بفقدان البصر "كلما تمكنت من شق طريق للآخرين، الجيل القادم من الفنانين.
.. الذين يعيشون مع الإعاقة أو العمى ويريدون دخول صناعة السينما... فإن ذلك يمكنهم من القول "حسنا، لا تسألوا ما إذا كان ذلك ممكناً أم لا، انظروا إلى هذا الرجل".
فقد مورس، وهو أيضاً كاتب ومنتج، البصر بنسبة كبيرة في عام 2009 عندما كان عمره 19 عاماً، إذ تم تشخيص إصابته بمرض اعتلال العصب البصري الوراثي.
وخلال تصوير فيلم "لوسيد" لم يكن سوى عدد قليل جداً من المشاركين في الفيلم على علم بأنه كفيف.
ويقول مورس إن أساليب عمله لا تختلف إلا قليلاً عن أساليب المخرجين الآخرين، مثل استخدام شاشة أكبر لتحقيق أقصى استفادة من الرؤية الطرفية الجزئية التي لا تزال لديه.
وقال "قد لا تكون التفاصيل واضحة بالنسبة لي في هذا اليوم. لا بأس، لأن... كل تلك القرارات بشأن التفاصيل التي ستظهر على الشاشة يتم اتخاذها مسبقاً".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية نجوم
إقرأ أيضاً:
أجساد ضاوية وقلوب مقاتلة.. عندما تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها
بين الجسد والقلب والروح تناسب عكسي في غزة، فالنار واللهب والجوع تملأ الأجسام هشاشة وانحناء، تمتص نضرة الجسم، وتحيله أكواما متراكبة من العظام الناحلة، أما القلوب فيزيدها الألم قوة وعنفوانا وتعلقا بالشهادة. هكذا تنطق الوجوه الشاحبة، وتفتر الشفاه المتقلّصة إلا عن بسمة تغالب شبح الجوع الرهيب.
هنا غزة، يبيت مئات الآلاف ويظلون على الطوى في انتظار مأكل كريم، تقف دونه سطوة الاحتلال ولهب صواريخه، وخذلان ذوي القربى عربيا وإسلاميا.
رياحين تحت نار المجاعةلم تعد المجاعة في غزة شرَّ غائب منتظر، بل أصبحت الشبح المرعب الذي يجول بين الخيام، ويطبع ببصماته المؤلمة على الأمعاء الخاوية، ويمتص عصارة سنوات من خِصب قليل تحت حصار سيئ.
أكل الجوع ما بتلك الأجسام الصغيرة من نضارة، وأنضَب أثداء الأمهات اللائي طالما أرضعن أبناءهن عصارة سحرية من الصمود والمقاومة، فلم تعد تلك الأثداء الشاحبة تَبِضُّ بمِصاص لطفل رضيع مُنعت عنه كل أسباب الحياة، وذوَى جسمه الضاوي كما يذوي الغصن الرطيب تحت لافحات السَّموم.
وحده الجلد المتغضّن حدّ اليبس يحنو على عظام بالية، ويرسم الصورة البشعة التي تقرع بعنفها غفوة الشعوب والأنظمة التي يفترض أن تنهض دعما لغزة وفكا للحصار، وإنهاء للحرب التي أكلت الأرض وما عليها، ثم أكلت من عليها.
إعلان
أبواب الموت
للموت اليوم ألف باب، وإنّ منها لما يهبط من السماء لهبًا لا رحمةَ فيه، وغضبا إسرائيليا على أبرياء أرادوا أن يعيشوا بكرامة في أرض يرون أنهم ألصق بها من العنف والوحشية بقلوب من يصبّون عليهم نار الموت كل حين.
للجوع في غزة أكثر من مليون قصة، تتعدد الألسنة، وتتكاثر الحالات؛ دعك من شيخ يأكل جسمَه السكري والسرطان، ثم يأتي الجوع ليأكل ما بقي من ركام السنين، ومن طفل ضنّ عليه ثدي أمه التي تُكاتم لوعة الجوع، وشابٍّ يعصب على بطنه مقاوما شبح الاحتلال وشبح الجوع في الآن ذاته.
لم يعد اللهب القاتل الوحيد في غزة، بل يُتوقع أن يتراجع إلى الرتبة الثانية إذا تواصل الحصار المؤلم، واستمر شريان الحياة في التوقف بعد أن كان -قبل استئناف الحرب- يقطر بتباعدٍ وضآلة عبر الشاحنات التي ترد بين الحين والآخر من المعابر إلى غزة.
الجوع اليوم هو القاتل الأكبر، وعما قريب ستحدُث -لا قدر الله- واحدة من أبشع المجاعات التي عرفها العالم في قرنيه الأخيرين، خصوصا أنه لا أمل يلوح في الأفق، ولا سند يحنو على الأجساد الضاوية، ولم يعد في الأرض ما يَنبت ولا في الضرع ما يدِرّ.
من ينقذ الأمعاء المتكلسة؟تأكل المجاعة في غزة أجساد أكثر من 876 ألف إنسان لم يعرف للراحة ولا الأمن ولا استمرار النظام الغذائي طعما منذ أكثر من سنة ونصف، كما ينخر شبح المجاعة بوحشية أيضا أكثر من مليون طفل اجتمع عليهم الجوع والخوف والاضطراب النفسي جراء موج اللهب المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
على أن من بين هذا المليون نحو 60 ألف طفل أصبحوا في وضعية كارثية أو في عداد الأموات تقريبا بسبب سوء التغذية الحاد، فلم تعد أجسادهم غير ركام من العظام الصغيرة التي يكسوها جِلد امتصّ الجوعُ نضارته وروحه وتركه شنًّا باليا، شاهدا على أبشع جرائم العصر وأطول نومات الضمير العالمي.
إعلان
عالم من البدانة والوجبات السريعة
في حين يمتص الجوع ما بقي من أجساد الغزيين مما لم تأكله نار القصف، يعيش العالم بشكل عام والعالم العربي فورةً في البدانة، وصرفا غير مسبوق على الوجبات السريعة، تُظهره فواتير متعددة لأرباح المطاعم وسوق الأغذية أيام الأعياد والمناسبات وغيرها، وكأن الدنيا قد قُسّمت عالمين بينهما سور، باطنه فيه عذاب أهل غزة وجوعهم القاتل ومأساتهم المستمرة، وظاهره من قبله فورة في الرفاهية والمتعة واستمرار رتيب لحياة لا تشكو مراكبها عِوجًا ولا أمتًا.
وتُقدر مصادر متعددة ما ينفقه العالم العربي سنويا على الوجبات السريعة وفي الأفراح والأعياد والمناسبات المختلفة، بعشرات المليارات من الدولارات، دون أن يكون لأهل غزة من ذلك أي نصيب سوى وجبات سريعة مستمرة من الموت الزؤام واللهب الفتاك والجوع ذي الأنياب المتوحشة.
ولقد أبيت على الطوى وأظلهلا صوت في غزة ولا صِيت يعلو على الصمود، يهدم اللهبُ والجوع البنايات والأجساد، غير أنه لا يهدم الأرواح المتوثبة كالخيل العتاق؛ وحدها الأجساد تذوي، كما يذوب الشمع الذي أضاء للعالم العربي والإسلامي بل وللعالم كله فجَّين عميقين أحدهما عن أنصع ما تكون المقاومة، وأعلى ما يكون التصدي للاحتلال، والآخر عن أفظع ما يرسم الجوع وأسوأ ما يكون الخذلان.
وبين الفجّين العميقين، يواصل أهل غزة يوميات من الموت والشهادة والجوع، ولسان حالهم يتردد بين ثلاث لا تتخلف:
ولي وطن آليت ألا أبيعه … وأن لا أرى غيري له الدهر مالكا
فإذا ما عض الجوع بأنيابه العُصل، ترنم الصوت المبحوح في الجسد الضاوي:
ولقد أبيت على الطوى وأظله … حتى أنال به كريم المأكل
ثم كانت بسمات الشهادة هتافا إلى الخلود "وعجلت إليك رب لترضى".