غزة - خاص صفا

فككت الحرب على غزة التي تدخل عامها الثاني دون رؤية استراتيجية، المجتمع الداخلي الإسرائيلي، وجعلته بين تيارين، أحدهما فضل مغادرة "إسرائيل"، وآخر يعيش غربة داخلها، كما يجزم مختصون بالشأن الإسرائيلي.

ويؤكد المختصون في أحاديث منفصلة مع وكالة "صفا"، أن سياسة الحكومة الحالية في حربها على غزة، أحدثت خلافات تجاوزت الأشخاص وتياري اليمين والمعارضة، وتعدته لحدوث شرخ واسع في المجتمع الإسرائيلي.

‎ومنذ أكتوبر العام المنصرم، تشن "إسرائيل" عدوانًا متواصلًا على غزة، ارتقى فيه ما يزيد عن 50 ألف مواطن، وما يزيد عن 96844 مصابا، ومن بين الشهداء 72% من النساء والأطفال، بالإضافة لآلاف المفقودين تحت الأنقاض.

خلافات سياسية وعسكرية واجتماعية

ويقول المختص بالشأن الإسرائيلي خلدون البرغوثي لوكالة "صفا": "إن حرب غزة أوجدت خلافات سياسية بين متخذي القرار في الكيان الإسرائيلي ومخالفيه ممن يرون أن بنيامين نتنياهو يضحي بإسرائيل على كافة المستويات السياسات والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، وحتى الدولية".

ويضيف البرغوثي، أن الكثيرين في المستوى السياسي والمجتمعي يرون أن نتنياهو يضحي بالكيان في محكمة الجنايات الدولية والقضاء ويضعف علاقاتها الدولية".

وتبرز الخلافات العسكرية أكثر منذ الحرب على غزة، وهو ما اتضح في التصريحات والمؤتمرات والمقاطعات التي يشهدها الائتلاف بين الوزراء ونتنياهو، والتي وصلت مؤخراً إلى تهديد الأخير بإقالة رئيس الجيش الوزير غالانت من الحكومة"، يقول البرغوثي.

ويوضح بأن المستوى العسكري والأمني ينظر بطريقة موضوعية للحرب ويرى بضرورة إنهائها وإتمام صفقة حتى لو كانت الكل مقابل الكل، في الوقت الذي يشخصن بها نتنياهو الحرب وفقًا لمصالحه، لافتًا إلى أن هذه الخلافات هدأت قليلًا مع الحرب على لبنان، لكنها ستعود بقوة لاحقًا.

وبحسبه، فإن حرب غزة قسمت المجتمع الإسرائيلي إلى عائلات أسرى وعائلات قتلى، وعليهما انقسم المجتمع كله، وهي خلافات مجتمعية مجتمعية.

خلافات مع الدول

وإضافة لذلك، "فإن حرب غزة سبّبت خلافات إسرائيلية أمريكية ودولية، وبرز ذلك في تفجر الخلافات مع الأمم المتحدة ومعاداة أمينها العام من قبل إسرائيل، ومنعه من دخول الكيان باعتباره شخصية غير مرغوبة، بالإضافة لاستهداف أونروا ومؤخراً منظمة اليونسيف الدولية".

ويشير البرغوثي إلى أن كل ما سبق من خلافات سببها نتنياهو، قائلًا "إنه الآن رغم كل النصائح التي وجّهت له من الخبراء والقادة العسكريين والسياسيين مستمر في الحرب، لينجو بشخصه".

ويؤكد بأن نتنياهو تسبب بتفجر خلافات تعصف بالمجتمع الإسرائيلي مع استمرار الحرب، دون أن تؤدي إلى تحرير الأسرى".

موجودة وتتصاعد

من جانبه، يرى المختص بالشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش، أن الخلافات الداخلية الإسرائيلية موجودة قبل الحرب، ولكنها توحدت حينما بدأت الحرب على أهداف الانتقام من أهل غزة والمقاومة، ووصلت إلى دعوات باحتلال غزة واستيطانها".

ويستدرك في حديثه لوكالة "صفا" بالقول "ولكن مع مجريات الحرب وعدم وضوح أهدافها مع هذه المدة، بدأت تظهر خلافات عديدة على كافة المستويات، بعضها سياسي وأخرى أمنية، وأهمها كان حول موضوع أسرى الاحتلال بغزة، وأهمية هذا الملف".

ويكمل "هناك خلافات أخرى تمثلت في دور السلطة ومدى إمكانية عودتها من عدمه، وأخرى هو الرؤية الأمريكية حول حرب غزة، وما نتج من خلافات، نتيجة إصرار نتنياهو على الاستمرار فيها دون أهداف محققة أو واضحة".

وبناءً على ما سبق من خلافات، بدأ المجتمع الإسرائيلي يتفكك، ليس حبًا في إنهاء الحرب ولا لأجل أهل غزة، وإنما حرصًا على مكانة "إسرائيل" وسمعتها الدولية، وواجب الحكومة في استعادة الجنود الأسرى بأي طريقة وصمت، كما يقول أبو غوش.

وفي ذاقت الوقت، يجزم بأن المعارضة التي ظهرت خلافاتها الشديدة مع نتنياهو، وفضحها لأهدافه الشخصية في الحرب، إلا أنها لا تقل تطرفًا عنه.

وأيضًا يلفت إلى أن معارضي نتنياهو ما يزالون أقوى من ائتلافه، وذلك حسب استطلاعات الرأي الأخيرة، وهذا يعود لكونه ما يزال يحارب لتمرير سياساته التي يريدها، والتي يحاول أن يعمل من أجلها على توسيع ائتلافه لحماية نفسه.

انكسار وشرخ داخلي

لكن المختص بالشأن الداخلي الإسرائيلي عماد عواد، يجزم بأن "الأثر الأهم الذي تركته الحرب على غزة، هو استمرار حالة الانكسار الروحي للمجتمع الإسرائيلي الذي كان يرى أنه لا يكسر".

ويقول في حديثه لوكالة "صفا": "إن إسرائيل بدأت تحسم صراعها الداخلي باتجاه الذهاب إلى شكل جديد للدولة الإسرائيلية وهو القومية الصهيونية الدينية، وترك الليبرالية الصهيونية التي حكمت لعقود، وظل تأثيرها لفترة ما عمق الشرخ الداخلي الإسرائيلي، ومن هنا " كان تيار الصهيونية الليبرالية أمام خيارين، إما أن يواجه ويخرج الشارع كما فعل وقت التعديلات القضائية أو أن يرفع الراية البيضاء".

وبرأيه " فجزء كبير منهم خرج من البلاد، و900 ألف منهم يعيشون بالخارج قبل الحرب، وآخر بعد الحرب، وجزء منهم يعيش غربة داخل الكيان الإسرائيلي، وبالتالي هو لا يتدخل مطلقاً، وبالتالي بدأ يفكر بالهجرة وينقل أمواله للخارج".

وقاد هذا الأثر -وفق عواد- إلى شكل جديد لـ "الدولة" سيصطدم مع الجميع، حيث سيصطدم داخليًا ومع الإقليم ومع المجتمعات الغربية ومع الولايات المتحدة الأمريكية مع مرور الوقت.

ويكمل "وبالتالي في ظل سياسة هذا التيار الحالية، سيؤدي لزيادة عجلة الصراع إقليمياً، ومع مرور الوقت سيؤدي إلى استنزافه وتآكله شيئًا فشيئاً، على الرغم من أنه يحقق الآن انتصارات تكتيكية، لكن دون روية استراتيجية ودون تحقيق أهداف استراتيجية، مما يعني أن بقاء الحال الحربي المتصاعد الموجود حالياً، سيكون انعكاسه الأكبر على إسرائيل".

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: حرب غزة طوفان الاقصى اسرائيل المجتمع الإسرائیلی الحرب على على غزة حرب غزة

إقرأ أيضاً:

فريدمان: نتنياهو خدع ترامب في غزة ولن يحقق النصر الكامل

قال الكاتب الأميركي توماس فريدمان إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خدع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب عندما خرق وقف إطلاق النار في مارس/آذار الماضي وفق حسابات سياسية داخلية كانت الغاية منها بقاءه في السلطة تحت ضغط حلفائه في الائتلاف اليميني المتطرف.

وأوضح فريدمان في مقال بـ"نيويورك تايمز" أن نتنياهو خرق بشكل أحادي اتفاقية وقف إطلاق النار في غزة تحت ضغط وزير المالية بتسلئيل سموتريتش والمتطرفين الآخرين الذين خيّروه بين استئناف الحرب أو الإطاحة به من رئاسة الحكومة.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الإعلام الإسرائيلي يرصد حجم التناقض في التصريحات بشأن المجاعة بغزةlist 2 of 2ماذا يحدث إذا اعترفت بريطانيا بالدولة الفلسطينية؟ صحف بريطانية تجيبend of list

وسعيا للبقاء في السلطة -يضيف فريدمان- فقد خدع نتنياهو الرئيس ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف، وأقنعهما بأنه يستطيع تحرير الرهائن الإسرائيليين في غزة من خلال تصعيد الحرب على حماس ومحاصرة سكان غزة في زاوية صغيرة من القطاع.

ولاحظ فريدمان المعروف بدفاعه القوي عن إسرائيل من منظور ديمقراطي أن ذلك الترتيب كان خطأ فادحا، إذ إن حماس لم تُهزم، وإن إسرائيل اضطرت في النهاية إلى استئناف إمداد الغذاء عبر منظمة تابعة لها هي "مؤسسة غزة الإنسانية" التي كان أداؤها متعثرا لدرجة أن أعدادا لا تحصى من أهل غزة كانوا يُقتلون يوميا أثناء انتظار المساعدات الغذائية.

وفي هذا الصدد، نقل فريدمان عن الكاتب الإسرائيلي عمير تيبون قوله إن "نتنياهو جر ترامب وويتكوف إلى تبني سياسة فاشلة، سياسة لم تُعِد أي رهائن أحياء، وأودت بحياة ما يقارب 50 جنديا إسرائيليا منذ استئناف الحرب في مارس/آذار".

وفي مقال بصحيفة هآرتس بعنوان "كيف سهّل ترامب سياسة نتنياهو لتجويع غزة وفشل في تحرير الرهائن؟" قال تيبون إنه لم يكن هناك مبرر عسكري يدفع نتنياهو لاستئناف الحرب التي أدت إلى مقتل آلاف المدنيين الفلسطينيين، وتسببت في كارثة إنسانية شاملة، وإن عواقب ذلك الفشل ستلاحق إسرائيل لسنوات.

إعلان

وتعليقا على مقتل ذلك العدد من الفلسطينيين، قال فريدمان إن الأمر ليس من باب الصدفة، بل هو نتاج أمر أعمق وصفه بالأمر المخزي للغاية الذي يعتمل داخل حكومة نتنياهو المتطرفة، ويتجسد من خلال مجاهرة شخصيات بارزة في الائتلاف الحاكم مثل وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير بسياسة من شأنها أن تفضي إلى تجويع العديد من سكان غزة، لدرجة اضطرارهم لمغادرة القطاع تماما.

وأشار فريدمان إلى أن أمر هذه السياسة افتضح أمام الملأ بانتشار صور مروعة للأطفال المجوعين في غزة، وإقرار الرئيس ترامب بأن ما يحدث هناك "مجاعة حقيقية"، وذكر في السياق أن سموتريتش أكد العام الماضي أن منع المساعدات الإنسانية عن قطاع غزة "مبرر وأخلاقي" حتى لو أدى ذلك إلى موت مليوني مدني جوعا.

واعتبر الكاتب الأميركي أن ذلك التصريح وغيره من السياسات الأخرى يعكس وجه الحكومة الإسرائيلية الحالية التي وصفها بأنها سيئة للغاية وتنذر بـ"زوال إسرائيل التي عرفناها"، وهو عنوان مقال كتبه في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 غداة انتخاب تلك الحكومة.

وأوضح فريدمان أن ما قاله سموتريتش يعكس جوهر ما فعله نتنياهو بإسرائيل، والمتمثل في التحالف حكوميا مع من سماهم ممثلي أقلية ظلت مقموعة منذ زمن طويل في التاريخ اليهودي، وهي تؤمن بأن بقاء اليهود في هذه المنطقة يجب أن يكون على حساب الآخرين.

فرديمان: لا أستطيع معرفة كيف ولا متى ستنتهي الحرب، لأن نتنياهو لا يزال يصر على "النصر الكامل" على حماس، وهو ما لن يحققه أبدا، في ظل إصرار الحركة على البقاء في القطاع

وتوقف فريدمان عند الكثير من قرارات حكومة نتنياهو التي انخرطت في حملة متواصلة لسحب السلطة من حُماة إسرائيل المستقلين والأخلاقيين، من مسؤولين أمنيين وعسكريين وقضائيين، وذلك تحديدا لتحقيق أمر لم يسبق لأي حكومة إسرائيلية أن فعلته: ضم الضفة الغربية رسميا، إن لم يكن غزة أيضا، وطرد أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين.

ويرى فريدمان أن الرئيس ترامب ومبعوثه إلى المنطقة ويتكوف لم يفهما هذا الأمر اعتقادا منهما أن الجميع -بمن في ذلك فلاديمير بوتين ونتنياهو- يتعاملون من منظور تبادل المصالح ويريدون "السلام" أولا وقبل كل شيء، وليس "قطعة" من أوكرانيا أو "قطعة" من الضفة الغربية أو غزة، وبذلك نجح نتنياهو وبوتين في تضليل ترامب وويتكوف لفترة طويلة.

وعن مآل الحرب التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة، قال فريدمان إنه لا يستطيع معرفة كيف أو متى سينتهي الأمر، لأن نتنياهو لا يزال يصر على "النصر الكامل" على حماس، وهو ما لن يحققه أبدا، في ظل إصرار الحركة على البقاء في القطاع.

مقالات مشابهة

  • 31 شخصية إسرائيلية بارزة تطالب المجتمع الدولي بفرض عقوبات على إسرائيل احتجاجًا على تجويع غزة
  • فريدمان: نتنياهو خدع ترامب في غزة ولن يحقق النصر الكامل
  • شخصيات إسرائيلية عامة تدعو المجتمع الدولي لفرض عقوبات على إسرائيل لارتكابها جرائم حرب في غزة
  • ترامب: إسرائيل ترفض حصول حماس على المساعدات التي يتم توزيعها في غزة
  • بعد فضيحة أخلاقية.. نتنياهو يقرر إعادة السفير الإسرائيلي من الإمارات
  • وزير الخارجية الإسرائيلي: الضغط العسكري على حماس فعال لكنه ليس الخيار الوحيد
  • هآرتس تكشف خطة نتنياهو التي سيطرحها على الكابينت بشأن غزة
  • منظمة “بتسيلم” الإسرائيلية: إسرائيل تنفذ إبادة جماعية في قطاع غزة
  • ترامب يقلص المهلة التي منحها لبوتين لوقف الحرب
  • ستارمر: صور أطفال غزة مروّعة.. وترامب يتحدث عن خطط مع نتنياهو