الأم الثلاجة.. لماذا اتهمت الأمهات بتوريث التوحد لأطفالهن؟ وكيف أنصفهن العلم؟
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
رعاية وتنشئة طفل التوحد مهمة ليست هينة، ورغم الجهد المضاعف الذي تبذله الأم، فإن الاتهامات ما زالت توجه إليها بأنها أحد أسباب إصابة طفلها باضطراب التوحد، وإنْ دحض العلم لتلك الاتهامات قبل عقود.
نظرية الأم الثلاجةالأم الثلاجة أو الأم الباردة هي نظرية زعمت أن التوحد سببه نقص دفء الأمومة، لكن تم رفضها على نطاق واسع، إذ إن الأبحاث الحالية تشير إلى أن مجموعة من العوامل الوراثية والتعرض إلى العوامل البيئية السائدة هي أسباب التوحد.
صاغ الطبيب النفسي النمساوي ليو كانر مصطلح "الأم الثلاجة" في الأربعينيات من القرن الماضي لوصف الأم التي يتسبب أسلوبها البارد غير المكترث في إصابة طفلها بصدمة شديدة لدرجة إصابته بالتوحد.
يرى عالم النفس سيغموند فرويد أن جميع المشكلات النفسية تقريبا تنبع من صدمة الطفولة المبكرة. وكان يعتقد أن التوحد هو شكل من أشكال المرض العقلي، ولذلك كان من المنطقي الافتراض أنه نتج عن صدمة مبكرة.
في وقت لاحق، عندما بدأ كانر وخبير التوحد هانز أسبرغر في استكشاف الاضطراب، عملا بشكل أساسي مع آباء من الطبقة العليا، الذين يبدو على سمتهم العام البرود والرسمية، ونادرا ما ينغمسون في حديث أو لعب مع أطفالهم، ومن ثم يلجأ الأطفال إلى الوحدة كرد فعل تلقائي لبرودة والديهم.
على الرغم من أن كانر يعتقد أن التوحد ربما كان فطريًا في الطفل وغير مكتسب، فإنه لاحظ أيضًا برودة واضحة من جانب أمهات مرضاه، وافترض أن هذا يزيد من المشكلة.
برونو بيتلهايم، الأستاذ المعروف في مجال تنمية الطفل بين الأربعينيات والسبعينيات من القرن الماضي، كان مروجًا ذاتيا فعالا، وغالبًا ما يتم الاستشهاد به في وسائل الإعلام. تبنى فكرة الأم الثلاجة وشبّه هؤلاء الأمهات بالحراس في معسكر اعتقال نازي.
ساعد كتاب بيتلهايم "القلعة الفارغة.. التوحد الطفولي وولادة الذات"، جنبًا إلى جنب مع ظهوره في البرامج التلفزيونية الوطنية وفي المجلات الشعبية، على تحويل مفهوم "الأم الثلاجة" إلى فكرة مقبولة شعبيًا.
وعلى الرغم من أن بيتلهايم كان متخصصا زائفا في علم نفس الأطفال، وزوّر أوراق اعتماده، فإنه نجح في ترويج أن الأم سبب رئيسي في إصابة طفلها بالتوحد، لا سيما مع غياب أي تفسيرات علمية توضح أسباب هذا المرض.
يعود الفضل إلى المؤسس الراحل ومدير معهد أبحاث التوحد برنارد ريملاند في فضح هذه الأسطورة. بصفته والدًا لطفل مصاب بهذا الاضطراب، كان لديه اهتمام باكتشاف أسباب التوحد وفهمها بشكل أفضل، ومحو المفهوم الشائع بأن الأبوة والأمومة السيئة هي المسؤولة.
غيرت أبحاثه، جنبًا إلى جنب مع عمله في جمع الآباء معًا كمدافعين عن أنفسهم، التفكير في جذور التوحد. وبحلول أوائل السبعينيات، لم تعد فكرة "الأم الثلاجة" مقبولة، ولم تعد مناهج الأبوة والأمومة محور البحث في أسباب التوحد.
واليوم أصبح من المتفق عليه عمومًا أن اضطراب طيف التوحد ناتج عن مجموعة من العوامل الوراثية والبيئية، ولا علاقة له بـ"الأمومة الباردة".
تفيد الدراسات بأن أمهات الأطفال المصابين بالتوحد أكثر عرضة للاكتئاب، في حين أكد عالم النفس الدكتور دان جوتليب أن الأمهات اللواتي يشعرن أنهن لا يمكنهن فعل ما يكفي لتطوير مهارات أطفالهن المصابين بالتوحد من المرجح أن يعانين من الاكتئاب.
لكن تطور أطفال التوحد البطيء والمختلف عن أقرانهم ليس السبب الوحيد في إصابة الأمهات بالاكتئاب. فأسرة طفل التوحد في معظم الوقت لا تنخرط في الأنشطة الاجتماعية التقليدية لرفض الطفل الاندماج مع الأقران، ولطبيعته المختلفة عن الآخرين، وربما تختلف اهتمامات أم الطفل المصاب بالتوحد عن أمهات الأطفال النموذجيين.
وقد يكون علاج طفل التوحد مكلفًا، في حين لا يغطي التأمين الصحي في معظم البلدان تكلفة العلاج المناسب الخاص بتنمية مهارات الطفل المصاب ورعايته المستمرة، وقد ينتهي الأمر بأحد الأبوين -الأم عادة- إلى ترك الوظيفة لرعاية الطفل.
كما يعاني العديد من الأطفال المصابين بالتوحد من صعوبة في النوم ويبقون والديهم مستيقظين طوال الليل، مما يؤثر على السلامة النفسية لأفراد الأسرة. وإضافة للأسباب السابقة، فإن طفل التوحد يعاني من صعوبات شديدة في التعلم، ومن ثم قد لا يصبح مقبولا في كثير من المدارس غير المؤهلة لاستقباله، وهذا الأمر يشكل عبئا على الآباء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: التوحد من
إقرأ أيضاً:
التهاب الأذن الوسطى الحاد لدى الأطفال.. أعراض مؤلمة وطرق علاج فعالة
التهاب الأذن الوسطى الحاد من أكثر المشكلات الصحية شيوعًا بين الأطفال، إذ يسبب لهم شعورًا بالانزعاج الشديد نتيجة الألم القوي في الأذن وارتفاع درجة الحرارة وصعوبة النوم.
وفقًا لما أورده موقع أبونيت.دي، وهو البوابة الرسمية للصيادلة الألمان، فإن هذا النوع من الالتهاب يصيب الأطفال بمعدل واضح ويؤثر على نشاطهم اليومي وجودة نومهم، ما يدفع الأهالي إلى البحث عن أسباب المشكلة وطرق التعامل معها على النحو الصحيح.
واقرأ أيضًا:
أوضح موقع أبونيت.دي أن التهاب الأذن الوسطى الحاد غالبا ما يكون ذا منشأ فيروسي، وهو ما يعني أن التدخل العلاجي القائم على المضادات الحيوية لا يكون ضروريا في جميع الحالات.
ويشير الموقع إلى أن الكثير من حالات الإصابة يمكن أن تتحسن بشكل تلقائي مع متابعة وضع الطفل بدقة وانتظام.
وفي تلك الصورة يكون الانتظار والمراقبة خيارا مناسبا، خاصةً إذا لم تظهر أعراض إضافية تستدعي العلاج الدوائي.
الأعراض التي يشعر بها الطفلتظهر على الأطفال المصابين بالتهاب الأذن الوسطى الحاد مجموعة من العلامات التي تؤثر على راحتهم وصحتهم العامة.
وتشمل هذه العلامات الألم الشديد في الأذن الذي يزداد في أثناء الليل، وارتفاع درجة حرارة الجسم، بالإضافة إلى معاناة الطفل من صعوبة في النوم نتيجة الألم المتكرر.
ويؤكد خبراء الموقع أن هذه الأعراض قد تختلف من طفل إلى آخر، إلا أنها تمثل المؤشر الأول الذي يدفع الوالدين إلى البحث عن الاستشارة الطبية.
على الرغم من أن السبب الفيروسي يجعل المضادات الحيوية غير ضرورية في كثير من الحالات، إلا أن موقع أبونيت.دي يوضح أن هناك حالاتٍ استثنائية يصبح فيها العلاج بالمضاد الحيوي أمرًا مهمًّا.
وتتمثل هذه الحالات في الأطفال دون سن الثانية الذين يصابون بالتهاب في كلتا الأذنين في الوقت ذاته، إضافة إلى الأطفال الذين يعانون من خروج إفرازات قيحية من الأذن.
وفي هذه الصورة يكون التدخل العلاجي ضروريًا لمنع تفاقم الالتهاب أو تأخر الشفاء، وفق دي بي إيه.
فوائد المضادات الحيوية في الحالات المناسبةيشير الموقع إلى أن استخدام المضادات الحيوية عند الضرورة يساعد على خفض خطر تمزق طبلة الأذن، كما يعمل على الحد من انتشار الالتهاب داخل الأذن أو المناطق المحيطة بها.
ويعد هذا التدخل إحدى الوسائل الوقائية التي يعتمد عليها الأطباء للحفاظ على سلامة الأذن ومنع حدوث مضاعفات قد تتطلب وقتا أطول للعلاج.
يشدد الخبراء على أن التشخيص المبكر ومتابعة حالة الطفل بشكل مستمر يمثلان خطوة أساسية في التعامل مع التهاب الأذن الوسطى الحاد.
فمعرفة التطورات التي تطرأ على الأعراض ومراقبة تغيرات الألم أو الحرارة تساعد الوالدين والطبيب في تحديد ما إذا كان الالتهاب يستدعي تدخلا دوائيًا أو يمكن الاكتفاء بالمتابعة.
كما أن الاستجابة المبكرة لأي علامة مقلقة تسهم في تجنب حدوث مضاعفات وتحسين فرص الشفاء الكامل.
دور الأهل في حماية الطفليلعب الوالدان دورا مهما في مراقبة أعراض التهاب الأذن لدى الطفل، وتوفير الراحة له، وتجنب تعرضه لأي عوامل قد تزيد من تهيج الأذن.
ويساعد الوعي بالمعلومات الصحيحة على تقليل القلق واتخاذ القرار المناسب بشأن توقيت زيارة الطبيب أو بدء العلاج الدوائي إذا لزم الأمر.
وتعد المعرفة الموثوقة إحدى أبرز الأدوات التي تمكن الأسرة من التعامل مع هذا المرض الشائع دون مبالغة أو إهمال.