يحاول جيش الاحتلال يحاول كسر الصورة الأسطورية التي رسمها العالم لرئيس حركة المقاومة الإسلامية (حماس) يحيى السنوار بعد الطريقة التي استشهد بها، وذلك من خلال محاولة الزعم أنه كان مختبئا داخل نفق، كما يقول الخبير في الشأن الإسرائيلي مهند مصطفى.

وقال مصطفى إن محاولة الاحتلال وصم وجود السنوار داخل نفق عشية انطلاق عملية طوفان الأقصى بأنها نوع من الهرب "لا يعدو كونه محاولة تشويه للصورة التي رسمتها المنطقة والعالم للرجل خلال اليومين الماضيين"، في إشارة للمشهد الأخير في حياته، إذ استشهد وهو يرتدي بزته العسكرية ويقاوم الاحتلال حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.

وأضاف "لا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ولا وزير دفاعه يوآف غالانت ولا المتحدث باسم الجيش دانيال هاغاري يقاتلون إلى جانب جنودهم كما فعل السنوار حتى رمقه الأخير".

وعزا مصطفى هذا التحرك الإسرائيلي لتشويه السنوار إلى الصورة الأيقونية والرمزية التي صنعها الرجل في مخلية جيل كامل من الفلسطينيين كمقاوم قاتل الاحتلال حتى اللحظة الأخيرة.

وقال مصطفى إن الطريقة التي تحاول بها إسرائيل تشويه السردية الفلسطينية "لا يمكن وصفها إلا بالغبية، إذ إنه لم يكن مطلوبا أو متوقعا من السنوار أن يقف في وسط غزة رافعا يديه للقول: أنا هنا"، مضيفا "هذا سلوك طبيعي من رجل مقبل على خوض معركة كبيرة".

قلق وجودي

الرأي نفسه ذهب إليه المحلل السياسي سعيد زياد بقوله إن الإسرائيليين لديهم قلق وجودي من السردية الفلسطينية بعدما تفاعل العالم كله مع بطولة الرجل "السنوار" حتى قال اليابانيون إنه ذكرهم بمقاتلي الساموراي الذين يقاتلون حتى النفس الأخير.

ويرى زياد أن الحالة الأسطورية التي تحيط بموت السنوار سلبت الإسرائيليين الكثير من الانتصارات الاستخبارية والعسكرية، مضيفا أن قادة إسرائيل يظهرون أمام العالم وهم يركضون هربا من صاروخ يعرفون أنه لن يطالهم بالنظر إلى ترسانة الصواريخ والدفاعات التي يمتلكونها.

وأضاف "هل كنتم تريدون من السنوار أن يخرج للقتال؟ ها هو قد خرج وقاتل حتى قتل، فهل يخرج قادتكم أنتم للقتال؟".

واعتبر زياد أن الصور التي تنشرها إسرائيل تعكس أزمة إسرائيل السياسية والاستخبارية والإعلامية مع السنوار الذي ظهر غير محاط بالمدنيين كما كانوا يقولون، وكان يتحرك في غرفة معيشة بسيطة جدا.

وعن السبب في محاولات تشويه الرجل، قال مصطفى إنها سياسة إسرائيلية راسخة، مشيرا إلى أن نتنياهو سبق أن وصف السلطة الفلسطينية بأنها "أكبر مصدر للإرهاب في العالم"، لافتا إلى أن الحركة الصهيونية تحاول تحويل المقاومة الفلسطينية إلى جزء من مشروع إيراني وليست حركة تحرر وطني.

وكشف المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري ما قال إنها لقطات تظهر السنوار في الليلة التي سبقت هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

وادعى هاغاري في مؤتمر صحفي اليوم السبت أن السنوار كان يفر إلى نفق مع عائلته فيما يقوم بنقل معدات.

وأضاف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي (شاباك) عثرا على الفيديو في غزة قبل بضعة أشهر.

وخلال اليومين الماضيين ركز مسؤولون إسرائيليون على محاولة تشكيل سردية جديدة لاستشهاد السنوار بعدما لقيت صور ومشاهد اللحظات الأخيرة له تفاعلا واسعا مع "صموده البطولي"، وفق ما رآه عدد كبير من المتفاعلين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

غزة.. أسطورة الصمود التي كسرت هيبة الاحتلال وأعادت للحق صوته

عامان من النار والحصار والدمار.. عامان لم تشهد لهما البشرية مثيلا في القسوة، ولا في الصبر. في تلك الرقعة الصغيرة المحاصَرة بين البحر والحدود، وقف أهل غزة عُزّل إلا من إيمانهم، فحملوا على أكتافهم ملحمة أعادت تعريف معنى الكرامة، وأثبتت أن الشعوب الحرة قادرة على قلب الموازين، ولو كانت وحدها في مواجهة آلة القتل.

عامان من الصمود الأسطوري

منذ اللحظة الأولى للعدوان، ظنّ قادة الاحتلال أن غزة ستنحني سريعا، وأن القصف العنيف سيكسر إرادة المقاومة، لكنّ ما حدث كان عكس كل حساباتهم. فكلما اشتد القصف، اشتعلت روح التحدي أكثر، وكلما سقط بيت، وُلدت في الأنقاض ألف إرادة جديدة.

لم يكن في غزة جيوش نظامية أو أسلحة متطورة، بل كان فيها رجال يعرفون أن الأرض لا تُسترد إلا حين يُقدَّم من أجلها الدم والعرق والعمر.

عامان من المواجهة المتواصلة أثبتا أن إرادة الشعوب، مهما حوصرت، قادرة على فرض واقع جديد، وأن الاحتلال مهما امتلك من قوة، لا يمكنه أن يهزم فكرة الحرية.

المقاومة.. من ردّ الفعل إلى فرض المعادلة
عامان من المواجهة المتواصلة أثبتا أن إرادة الشعوب، مهما حوصرت، قادرة على فرض واقع جديد، وأن الاحتلال مهما امتلك من قوة، لا يمكنه أن يهزم فكرة الحرية
لم تعد المقاومة الفلسطينية ذلك الطرف الذي يردّ بعد الضربات؛ بل أصبحت اللاعب الأساسي الذي يرسم ملامح المعركة ويحدد إيقاعها.

أجبرت فصائل المقاومة الاحتلال على الجلوس إلى طاولة المفاوضات بعد عامين من العدوان المتواصل، بعدما أدركت القيادة العسكرية والسياسية للاحتلال أن خيار "الحسم العسكري" مجرد وهم، وكل محاولة للتوغّل بَرّا تحولت إلى فخٍّ قاتل، وكل اجتياحٍ بري انتهى بانسحابٍ مذلّ.

المقاومة لم تدافع فقط عن غزة، بل أعادت تعريف مفهوم الردع. وبدل أن تكون غزة "نقطة ضعف"، أصبحت "نقطة ارتكاز" لمعادلة جديدة في المنطقة: أن أمن المحتل لن يكون ممكنا ما دام أمن الفلسطينيين منتهكا.

هزيمة السمعة وسقوط صورة "الجيش الذي لا يُقهر"

ربما لم يخسر الاحتلال في تاريخه الحديث خسارة أخلاقية وسياسية كتلك التي خسرها خلال حرب غزة الأخيرة، وجيشه الذي كان يتفاخر بـ"الدقة التكنولوجية" ظهر كآلة قتلٍ عشوائية تستهدف الأطفال والمستشفيات والمدارس ومراكز الإغاثة.

انهارت صورة "الجيش الأخلاقي" أمام عدسات العالم، وتحوّل قادته إلى متهمين بجرائم حرب في المحاكم الدولية. وما لم تستطع المقاومة فعله بالصواريخ، فعله الوعي العالمي بالصور والفيديوهات التي نقلت بشاعة العدوان إلى كل بيت على وجه الأرض.

سقطت هيبة الاحتلال، لا فقط في الميدان، بل في الرأي العام الدولي، حتى صار قادة الغرب يجدون حرجا في تبرير دعمه أمام شعوبهم.

التعاطف العالمي.. النصر غير العسكري

لم يكن الانتصار في غزة بالسلاح وحده، فخلال عامين من المجازر، تحوّلت فلسطين إلى قضية إنسانية عالمية. شهد العالم مظاهرات غير مسبوقة في العواصم الغربية، من لندن إلى نيويورك، ومن باريس إلى مدريد. الملايين خرجوا يحملون علم فلسطين، يهتفون باسم غزة، ويدينون الاحتلال بصوتٍ واحد. الجامعات، والنقابات، والمؤسسات الأكاديمية، والمبدعون، وحتى الرياضيون؛ كلهم قالوا كلمتهم: كفى قتلا في غزة.

لقد أعادت المقاومة تعريف الصراع أمام الضمير الإنساني: فالقضية لم تعد "نزاعا سياسيا"، بل معركة بين الحرية والاحتلال، بين العدالة والإبادة. وهذا الوعي العالمي المتزايد ربما يكون أعظم مكاسب غزة، لأنه نصر طويل المدى، يغيّر الرأي العام الغربي الذي لطالما كان منحازا للاحتلال.

غزة تُسقط الصمت العربي

وحدها غزة قاتلت، ووحدها دفعت الثمن، بينما كانت أنظمة عربية كثيرة تكتفي بالصمت أو البيانات الباردة. لكن هذا الصمت لم يمنع الرسالة من الوصول: أن المقاومة، رغم كل الحصار والخذلان، فعلت ما عجزت عنه جيوشٌ نظامية تمتلك أحدث الأسلحة والعتاد.

لقد سقطت أوهام القوة الزائفة، وكُشف حجم جيش الاحتلال الحقيقي أمام العالم. فذلك الجيش الذي قيل عنه إنه "لا يُقهر" عجز عن إخضاع مدينة محاصرة لا تتجاوز مساحتها 365 كيلومترا مربعا. إنها الحقيقة التي على كل عاصمة عربية أن تتأملها: القوة ليست في السلاح، بل في الإيمان بعدالة القضية.

اتفاق وقف النار.. إعلان نصر لا هدنة
الاحتلال مهما امتلك من سلاح، يظل هشّا أمام إرادة من يقاتل من أجل حقه.. أن الكرامة لا تُشترى، وأن الحرية لا تُمنح، وأن من يقف بثبات على أرضه يُرغم المحتل في النهاية على التراجع
حين يُوقَّع اتفاق وقف إطلاق النار، فذلك ليس مجرد نهايةٍ مؤقتةٍ للقتال، بل اعترافٌ بانتصار غزة. فالاحتلال لم يجلس إلى طاولة التفاوض إلا بعدما استنفد كل وسائله، ولم يرضَ بالتفاوض إلا بعدما أدرك أن الحرب أصبحت عبئا لا مكسبا.

وقفُ إطلاق النار، بالنسبة للمقاومة، ليس تنازلا، بل تتويجا لمسيرة صمودٍ دامت عامين، دفعت فيها غزة ثمن الحرية دما، لكنها انتزعت اعترافا سياسيا ومعنويا بأنها الطرف الذي لا يمكن تجاوزه في أي معادلة قادمة.

غزة.. مدرسة الأحرار

لقد قدّمت غزة للعالم درسا خالدا: أن الاحتلال مهما امتلك من سلاح، يظل هشّا أمام إرادة من يقاتل من أجل حقه.. أن الكرامة لا تُشترى، وأن الحرية لا تُمنح، وأن من يقف بثبات على أرضه يُرغم المحتل في النهاية على التراجع. هي مدرسة للأحرار، ومصدر إلهام لكل شعبٍ يسعى للخلاص من القهر.

وغزة اليوم لا تنتظر التصفيق، بل تطلب أن يُكتب تاريخها كما يليق بها: كأعظم قصة صمود في وجه أعتى آلة بطش عرفها العصر الحديث.

غزة انتصرت.. لأن الحق لا يُهزم

في زمنٍ يُباع فيه المبدأ وتُشترى المواقف، ظلّت غزة وفية لقضيتها، وحين ظنّ العالم أن صوتها سيخفت تحت الركام، خرجت لتقول: "ما زلنا هنا، وما زال لنا وطن".

لقد انتصرت غزة، لا فقط في الميدان، بل في الوعي والكرامة والتاريخ. وانتصارها هو انتصارٌ لكل من يؤمن بأن الحرية تستحق النضال، وأن الحق لا يضيع ما دام وراءه شعبٌ يقاتل من أجله حتى الرمق الأخير.

مقالات مشابهة

  • معاريف: إسرائيل ترفض مشاركة تركيا بـالقوة الإقليمية التي ستدخل غزة
  • هاشم: الرسالة التي أرادت إسرائيل إيصالها وصلت
  • أحمد موسى: نتنياهو فشل في إعادة الرهائن رغم الإبادة التي قام بها
  • غزة.. أسطورة الصمود التي كسرت هيبة الاحتلال وأعادت للحق صوته
  • الاحتلال يعلن اكتشاف وثيقة بخط يد السنوار
  • إسرائيل تزعم العثور على مذكرة بخط يد يحيى السنوار في غزة
  • حماس تكشف مصير البرغوثي وسعدات وهل جرى التفاوض على جثـ.ـمان السنوار؟
  • منظمة التحرير الفلسطينية دانت الهجوم الإسرائيلي على المصيلح
  • الإعلام الإسرائيلي عن اتفاق شرم الشيخ: مصر في حالة نشوة.. وتل أبيب خارج الصورة
  • السلطة الفلسطينية تصرف نصف راتب عن شهر يوليو وسط أزمة مالية متفاقمة