ماذا لو أغلقت هاتفك بضع ساعات، أو فصل شحن وليس يإمكانك إعادة شحنه، أو ذهبت في أحد المناطق غير المغطاة بشبكة اتصال؟

ربما تشعر حينها أن هذا الجهاز الذي لا يتجاوز كف يدك تحول إلى نافذة تربط بينك وبين العالم الخارجي، ولا أعلم ما إذا كانت هذه الصورة صحيحة أم العكس أكثر صدقا؛ بمعنى آخر هل أصبحنا سجناء في مواقع التواصل الاجتماعي أم أننا نشعر بالحبس الانفرادي والعزلة الإجبارية حال انفصالنا عنها؛ سواء بمحض إرادتنا أم رغما عنا.

ثم حين تتمكن من إعادة فتح هاتفك المحمول أو الاتصال بالشبكة من جديد سوف تجد العديد من الرسائل تخبرك بأن بعض الأشخاص قد حاولوا الاتصال بك وأنت خارج نطاق الخدمة، وعلى الجانب الآخر سوف تصلهم رسائل لتخبرهم بأن هذا الرقم الذي حاولت الاتصال به “متاح الآن”، وفي غضون تلك الأوقات الحبلى بألف انتظار تدور أحداث مختلفة، فربما يصيب القلق المدقع البعض لغيابك، وربما تتعطل مصالح البعض لعدم التواصل، ويبقى بعض الأشخاص الذين يمثلون ضجيجًا بلا طحين في حياتك لن يشعروا بغيابك أو حضورك طالما لم تتواصل أنت معهم أو لم تنضج حاجاتهم إليك في رحم النفس ولم تولد الطلبات بعد إثر طلقات الإلحاح.

وإذا كان خبراء التكنولوجيا ووسائل الاتصال نجحوا في تحديد موقعك الجغرافي على كوكب الأرض، فإنهم لم يتوصلوا لإمكانية تحديد موقعك في الحياة.. مكانك في القلب.. منزلتك في النفوس. ولكنها المواقف والظروف يا عزيزي من تفصح لك عن مكانتك وسط الأنام المحيط مهما تكاثر الزحام.
وإعمالا بنصيحة الفيلسوف الإسكتلندي ديفيد هيوم: إن رقة الذوق مواتية للحب والصداقة، من خلال قصر اختيارنا على قلة من الناس، وجعلنا غير مبالين بصحبة ومحادثة الجزء الأكبر من الرجال.

فرصيدنا في الحياة لا يعتمد على تخمة العلاقات غير المجدية، وعدد الاصدقاء والمتابعين على السوشيال ميديا لا يمثل أي مؤشر على الصدق والمحبة ومهما تكدس هاتفك بالأرقام فهذا لا يعني ابدا في أنك حصلت على صك المحبة والإخلاص، فلا تغرق في وهم الأرقام وخيال الزحام. وتذكر جيدا الوجوه التى التفت حولك وقتما باغتتك ظروف الحياة غير المحمودة ومن مد يده إليك ومن سندك ومن قام بالطبطبة، ومن اكتفى بدور المشاهد ومن صعد لدور النهائي في التجاهل!

وتأكد أنني لم أتعمد تصدير صورة ظلامية عن العلاقات الإنسانية، ولكن ما قصدت تقديمه هو مجرد ضوء مركز صوب البؤر الضبابية حتى تتضح الرؤية ويمكننا تدارك السقطات والأخطاء وتقنين الألم وليد الصدمات والضغوط المتكررة، فلن يبقى جوارك سوى الأنقى والأصدق، وعلينا أن نستوعب المسيرة الفلسفية للحياة العملية دون السقوط في بئر العشم المفرط.

وأوضح هذا الكاتب والفنان أنطون تشيكوف حين قال: الشمس لا تشرق فى اليوم مرتين.. والحياة لا تعطى مرتين.. فلتتشبث بقوة ببقايا حياتك ولتنقذها
وتعددت وسائل الإنقاذ والحياة واحدة، فقد تنأى بنفسك عن الخطر حين تقتصر علاقاتك على أهل الثقة الذين منحتهم المواقف صكوك المحبة، وقد تنقذ روحك من الخدوش والنتوء التي خلفتها علاقات سامة “توكسيك” حين تخضعها لعملية استئصال لمثل هؤلاء الأشخاص.

وتصبح قادرًا على شحن طاقتك إيجابيًا بالتزلف إلى الله وانتقاء من يستحق مشاركتك حياتك أو وقتك، وليس لمن يجود بهم المحيط الاجتماعي أو العملي أو حتى العائلي ولا زبد بحور السوشيال ميديا.

في الحياة أشياء مكذوبة تُكبِّرُ الدنيا وتُصغِّر النَّفْس، وفي الحياة أشياء حقيقيَّة تَعْظُمُ بالنفس وتَصغُرُ بالدنيا؛ وذَهَبُ الأرض كلُّهُ فقرٌ مُدْقعٌ حين تكون المعاملةُ مع القلب.. مصطفى صادق الرافعي.

فدع لقلبك الفرصة سانحة لاختيار الأقرب، مقرونًا بتقييم العقل وفقًا للمواقف والخبرات الناتجة عن التفاعلات والتعاملات والعشرة، ولتملأ قلبك بالرضا الكامل حتى لو اكتفيت بشخص واحد يصبح متاحًا الآن وكل آن.

د. هبة عبدالعزيز – بوابة الأهرام

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: فی الحیاة

إقرأ أيضاً:

«السياحة» تنظم رحلة تعريفية لعدد من الخبراء والصحفيين والمؤثرين الفرنسيين

نظمت وزارة السياحة والآثار، ممثلة في الهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، رحلة تعريفية لما يقرب من 150 من خبراء السياحة ومنظمي الرحلات والصحفيين والمؤثرين الفرنسيين لزيارة المقصد السياحي المصري، والتعرف عن قرب على التنوع السياحي الذي يتمتع به، وذلك بالتعاون مع Travel Evasion، أحد أكبر وأبرز الشركات العاملة في السوق الفرنسي.

ويأتي تنظيم هذه الرحلة التعريفية في إطار استراتيجية الوزارة والهيئة لتنشيط الحركة السياحية الوافدة من الأسواق الأوروبية ومنها السوق الفرنسي، أحد أهم الأسواق المصدرة للسياحة إلى مصر، كما تأتي استكمالاً لجهودهم المكثفة لتعزيز الشراكة مع هذا السوق الهام، ولاسيما في ظل الارتفاع الملحوظ الذي تشهده الحركة السياحية الوافدة منه إلى المقصد السياحي المصري، خلال العام الجاري مقارنة بالعام الماضي.

وأوضح المهندس أحمد يوسف، الرئيس التنفيذي للهيئة المصرية العامة للتنشيط السياحي، أن التعاون مع كبرى منظمي الرحلات بالأسواق السياحية المختلفة ولاسيما المستهدفة يمثل ركيزة أساسية بالاستراتيجية الترويجية للهيئة، لافتاً إلى أن الرحلات التعريفية تُعد إحدى أكثر الأدوات الترويجية تأثيرًا وفاعلية، حيث تساهم في نقل صورة واقعية وإيجابية عن المقصد المصري، مما يعزز من قدرته التنافسية أمام المقاصد السياحية العالمية الأخرى.

وأضاف أن هذه الجهود تسهم بشكل مباشر في مضاعفة أعداد التدفقات السياحية الوافدة للمقصد المصري، وهو ما يدعم مستهدفات الدولة لزيادة عائدات السياحة وترسيخ دور القطاع كقاطرة رئيسية للتنمية الاقتصادية الوطنية.

وقد تضمن البرنامج السياحي زيارة أبرز المعالم الأثرية والسياحية بكل من الأقصر وأسوان، بالإضافة إلى زيارة منطقة أهرامات الجيزة والمتحف المصري الكبير، فضلاً عن تنظيم ندوات تثقيفية متخصصة للمشاركين بالرحلة بهدف تزويدهم بالمزيد من المعلومات عن الحضارة المصرية العريقة.

اقرأ أيضاًعبد الغفار: مشروع مستشفى التأمين الصحي الشامل بالعاصمة تجاوزت تكلفته 2.175 مليار جنيه

سعر طن الأرز الشعير اليوم السبت 13 ديسمبر 2025 في الأسواق

بشراكة مجتمعية ودعم رئاسي.. غرب سهيل تستعد لانطلاقة سياحية وتراثية جديدة بأسوان

مقالات مشابهة

  • نشرة المرأة والمنوعات | فواكه غنية بالألياف تساعد على تخفيف الإمساك.. لماذا يشعر بعض الأشخاص بالنعاس بعد شرب القهوة؟
  • «السياحة» تنظم رحلة تعريفية لعدد من الخبراء والصحفيين والمؤثرين الفرنسيين
  • هجمات «الزيرو كليك» تهدد هاتفك.. كيف تحمي نفسك من الاختراق؟
  • شرب عصير الرمان يوميًا يحسن صحة القلب ويقلل الالتهابات
  • علي جمعة: صلاح القلب مفتاح صلاح العمل وحسن العلاقة مع الله
  • حتى مع ممارسة الرياضة.. الجلوس لفترات طويلة يزيد مخاطر أمراض القلب والسكري لدى كبار السن
  • جمعية الخبراء: صناعة المستلزمات الطبية تنتعش مع الحزمة 2 من التسهيلات الضريبية
  • بنزيما يلمّح لإمكانية العودة إلى منتخب فرنسا في كأس العالم 2026
  • دليل جديد من تنظيم الاتصالات.. هكذا تحمي هاتفك وبياناتك من الاختراق
  • 7 نصائح لحماية هاتفك الذكي من محاولات الاختراق