متاح الآن! الخبراء لم يتوصلوا لإمكانية تحديد موقعك في الحياة.. مكانك في القلب
تاريخ النشر: 14th, August 2023 GMT
ماذا لو أغلقت هاتفك بضع ساعات، أو فصل شحن وليس يإمكانك إعادة شحنه، أو ذهبت في أحد المناطق غير المغطاة بشبكة اتصال؟
ربما تشعر حينها أن هذا الجهاز الذي لا يتجاوز كف يدك تحول إلى نافذة تربط بينك وبين العالم الخارجي، ولا أعلم ما إذا كانت هذه الصورة صحيحة أم العكس أكثر صدقا؛ بمعنى آخر هل أصبحنا سجناء في مواقع التواصل الاجتماعي أم أننا نشعر بالحبس الانفرادي والعزلة الإجبارية حال انفصالنا عنها؛ سواء بمحض إرادتنا أم رغما عنا.
ثم حين تتمكن من إعادة فتح هاتفك المحمول أو الاتصال بالشبكة من جديد سوف تجد العديد من الرسائل تخبرك بأن بعض الأشخاص قد حاولوا الاتصال بك وأنت خارج نطاق الخدمة، وعلى الجانب الآخر سوف تصلهم رسائل لتخبرهم بأن هذا الرقم الذي حاولت الاتصال به “متاح الآن”، وفي غضون تلك الأوقات الحبلى بألف انتظار تدور أحداث مختلفة، فربما يصيب القلق المدقع البعض لغيابك، وربما تتعطل مصالح البعض لعدم التواصل، ويبقى بعض الأشخاص الذين يمثلون ضجيجًا بلا طحين في حياتك لن يشعروا بغيابك أو حضورك طالما لم تتواصل أنت معهم أو لم تنضج حاجاتهم إليك في رحم النفس ولم تولد الطلبات بعد إثر طلقات الإلحاح.
وإذا كان خبراء التكنولوجيا ووسائل الاتصال نجحوا في تحديد موقعك الجغرافي على كوكب الأرض، فإنهم لم يتوصلوا لإمكانية تحديد موقعك في الحياة.. مكانك في القلب.. منزلتك في النفوس. ولكنها المواقف والظروف يا عزيزي من تفصح لك عن مكانتك وسط الأنام المحيط مهما تكاثر الزحام.
وإعمالا بنصيحة الفيلسوف الإسكتلندي ديفيد هيوم: إن رقة الذوق مواتية للحب والصداقة، من خلال قصر اختيارنا على قلة من الناس، وجعلنا غير مبالين بصحبة ومحادثة الجزء الأكبر من الرجال.
فرصيدنا في الحياة لا يعتمد على تخمة العلاقات غير المجدية، وعدد الاصدقاء والمتابعين على السوشيال ميديا لا يمثل أي مؤشر على الصدق والمحبة ومهما تكدس هاتفك بالأرقام فهذا لا يعني ابدا في أنك حصلت على صك المحبة والإخلاص، فلا تغرق في وهم الأرقام وخيال الزحام. وتذكر جيدا الوجوه التى التفت حولك وقتما باغتتك ظروف الحياة غير المحمودة ومن مد يده إليك ومن سندك ومن قام بالطبطبة، ومن اكتفى بدور المشاهد ومن صعد لدور النهائي في التجاهل!
وتأكد أنني لم أتعمد تصدير صورة ظلامية عن العلاقات الإنسانية، ولكن ما قصدت تقديمه هو مجرد ضوء مركز صوب البؤر الضبابية حتى تتضح الرؤية ويمكننا تدارك السقطات والأخطاء وتقنين الألم وليد الصدمات والضغوط المتكررة، فلن يبقى جوارك سوى الأنقى والأصدق، وعلينا أن نستوعب المسيرة الفلسفية للحياة العملية دون السقوط في بئر العشم المفرط.
وأوضح هذا الكاتب والفنان أنطون تشيكوف حين قال: الشمس لا تشرق فى اليوم مرتين.. والحياة لا تعطى مرتين.. فلتتشبث بقوة ببقايا حياتك ولتنقذها
وتعددت وسائل الإنقاذ والحياة واحدة، فقد تنأى بنفسك عن الخطر حين تقتصر علاقاتك على أهل الثقة الذين منحتهم المواقف صكوك المحبة، وقد تنقذ روحك من الخدوش والنتوء التي خلفتها علاقات سامة “توكسيك” حين تخضعها لعملية استئصال لمثل هؤلاء الأشخاص.
وتصبح قادرًا على شحن طاقتك إيجابيًا بالتزلف إلى الله وانتقاء من يستحق مشاركتك حياتك أو وقتك، وليس لمن يجود بهم المحيط الاجتماعي أو العملي أو حتى العائلي ولا زبد بحور السوشيال ميديا.
في الحياة أشياء مكذوبة تُكبِّرُ الدنيا وتُصغِّر النَّفْس، وفي الحياة أشياء حقيقيَّة تَعْظُمُ بالنفس وتَصغُرُ بالدنيا؛ وذَهَبُ الأرض كلُّهُ فقرٌ مُدْقعٌ حين تكون المعاملةُ مع القلب.. مصطفى صادق الرافعي.
فدع لقلبك الفرصة سانحة لاختيار الأقرب، مقرونًا بتقييم العقل وفقًا للمواقف والخبرات الناتجة عن التفاعلات والتعاملات والعشرة، ولتملأ قلبك بالرضا الكامل حتى لو اكتفيت بشخص واحد يصبح متاحًا الآن وكل آن.
د. هبة عبدالعزيز – بوابة الأهرام
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: فی الحیاة
إقرأ أيضاً:
ميتا تعتمد على الذكاء الاصطناعي لمراجعة مخاطر المنتجات وتقلص دور الخبراء
لسنوات كانت شركة ميتا تخضع ميزات تطبيقاتها، مثل إنستجرام وواتساب وفيسبوك، لمراجعات دقيقة من قِبل فرق بشرية متخصصة لتقييم المخاطر المحتملة، مثل انتهاك الخصوصية أو الأذى المحتمل للقاصرين أو تعزيز انتشار المحتوى المضلل والسام.
لكن وفقًا لوثائق داخلية حصلت عليها شبكة NPR، تستعد ميتا لجعل ما يصل إلى 90٪ من هذه التقييمات تتم بواسطة الذكاء الاصطناعي بدلاً من البشر.
الذكاء الاصطناعي يصادق على التحديثات بدلًا من الموظفينفي الواقع، هذا التغيير يعني أن تحديثات حاسمة مثل خوارزميات ميتا الجديدة، ميزات الأمان، وتعديلات سياسات مشاركة المحتوى، سيتم اعتمادها آليًا دون تدخل بشري فعّال، ما يقلص من دور الموظفين المعنيين بمراجعة الأثر الاجتماعي أو سوء الاستخدام المحتمل لهذه التعديلات.
داخل ميتا، يُنظر إلى هذه الخطوة على أنها انتصار لفِرَق تطوير المنتجات، إذ ستسمح لهم بإطلاق التحديثات والميزات بسرعة أكبر. لكن موظفين حاليين وسابقين أعربوا عن مخاوفهم من أن تقليص التدقيق البشري لصالح الذكاء الاصطناعي قد يؤدي إلى قرارات خطيرة تتسبب في أضرار فعلية على أرض الواقع.
قال أحد التنفيذيين السابقين في ميتا، طالبًا عدم الكشف عن هويته: "طالما أن هذا التغيير يعني طرح المنتجات بسرعة أكبر وبمراجعة أقل، فهو يزيد من احتمالية حدوث مشاكل حقيقية لم يتم التحسب لها مسبقًا."
ميتا تدافع عن نفسها وتعد بالحذرفي بيان لها، قالت ميتا إنها استثمرت مليارات الدولارات لحماية خصوصية المستخدمين، وأكدت أن القرارات عالية المخاطر لا تزال تخضع لتقييم بشري، بينما تُترك المهام "المنخفضة الخطورة" للأنظمة الآلية.
إلا أن الوثائق الداخلية التي اطلعت عليها NPR تكشف أن ميتا تدرس أتمتة مراجعة مواضيع حساسة مثل سلامة الذكاء الاصطناعي، مخاطر الأطفال، ومجال "النزاهة" الذي يشمل المحتوى العنيف والمعلومات المضللة.
مهندسون يقررون دون خبرة في الخصوصيةتشير الشرائح الداخلية إلى أن فرق المنتجات ستحصل الآن في معظم الحالات على "قرار فوري" من الذكاء الاصطناعي بعد إكمال استبيان حول المشروع. سيتعين على الفريق التحقق من استيفاء المتطلبات قبل إطلاق الميزة، دون المرور بالمراجعة اليدوية الإلزامية كما كان في السابق.
لكن خبراء سابقين داخل ميتا مثل زفيكا كريجر، المدير السابق للابتكار المسؤول، أبدوا قلقهم قائلين: "معظم المهندسين ليسوا خبراء في الخصوصية، وهذا ليس محور تقييمهم أو ما يُحفَّزون عليه." وأضاف أن بعض التقييمات الذاتية تحولت إلى مجرد إجراءات شكلية تفوّت مخاطر كبيرة.
الذكاء الاصطناعي يُحرّر الموظفين... ولكن!في تقريرها الفصلي الأخير حول "النزاهة"، قالت ميتا إن النماذج اللغوية الكبيرة التي تستخدمها بدأت تتفوق على الأداء البشري في بعض السياسات، مشيرة إلى أن ذلك يساعد على تحرير المراجعين البشر للتركيز على المحتوى الأكثر احتمالًا لانتهاك القواعد.
حماية خاصة للمستخدمين في الاتحاد الأوروبيوفقًا للوثائق، فإن مستخدمي ميتا في الاتحاد الأوروبي قد يكونون محصنين جزئيًا من هذا التغيير، حيث ذكرت إعلانات داخلية أن اتخاذ القرار والإشراف في أوروبا سيبقى من صلاحيات مقر الشركة في أيرلندا، ذلك امتثالًا لقوانين الاتحاد مثل قانون الخدمات الرقمية الذي يفرض رقابة صارمة على المحتوى الرقمي.
تفكيك للقيود القديمة وسط تقارب مع ترامب؟تم الكشف عن هذه التغييرات بعد فترة وجيزة من إيقاف ميتا لبرنامج التحقق من المعلومات وتخفيف سياساتها تجاه خطاب الكراهية.
ويبدو أن هذه الخطوات تشكل تحولًا نحو حرية أكبر في التعبير وتحديث أسرع للتطبيقات، في تفكيك واضح للقيود التي وضعتها الشركة سابقًا للحد من إساءة الاستخدام. ويأتي ذلك وسط تقارير عن مساعي مارك زوكربيرغ للتقارب مع الرئيس السابق دونالد ترامب.
هل التسرع في التقييمات يُعد انتكاسة ذاتية؟تأتي هذه التغييرات في إطار سعي ميتا إلى تسريع عملياتها في ظل منافسة متزايدة من شركات مثل تيك توك وOpenAI وSnap.
وفي حين ترى بعض الشخصيات مثل كاتي هاربيث، المديرة التنفيذية لمؤسسة Anchor Change، أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يقلل التكرار ويزيد الكفاءة، فإنها شددت على ضرورة وجود رقابة بشرية متوازنة.
لكن موظفًا سابقًا آخر شكّك في نجاعة هذه السياسة قائلاً: "يبدو أن هذا القرار يضر ميتا أكثر مما ينفعها.
ففي كل مرة تطلق منتجًا جديدًا، يتم اكتشاف مشكلات لم تؤخذ على محمل الجد."
تصريحات رسمية وتعجيل في التنفيذقال ميشيل بروتي، مدير الخصوصية في ميتا، في منشور داخلي في مارس إن الشركة "تمنح فِرَق المنتجات مزيدًا من الصلاحيات" لتطوير آليات إدارة المخاطر. وقد بدأ تنفيذ نظام الأتمتة تدريجيًا خلال شهري أبريل ومايو.
ورغم أن بروتي شدد على أن الهدف هو "تبسيط عملية اتخاذ القرار"، يرى البعض داخل الشركة أن استبعاد العامل البشري من التقييمات قد يؤدي إلى نتائج كارثية.
وقال أحد الموظفين المعنيين بالمراجعات: "نحن نمثل المنظور البشري حول كيف يمكن أن تسوء الأمور وإذا تم تهميشنا، فالنتائج ستكون أسوأ للجميع."