الجزيرة:
2025-12-15@04:40:37 GMT

التكايا موروث تاريخي لمجابهة أزمات السودان

تاريخ النشر: 31st, October 2024 GMT

التكايا موروث تاريخي لمجابهة أزمات السودان

الخرطوم- بتعب بادٍ على محياها، تتحدث السودانية "زينب" (اسم مستعار) عن اعتمادها على تكية الحي الذي تقيم فيه بأم درمان لإطعام أطفالها التسعة.

وتقول السيدة للجزيرة نت إنها منذ أشهر لم تطبخ الطعام في المنزل، لأنها لا تملك ما تعد به الوجبات، لذلك تأتي للتكية يوميا وتأخذ وجبتَي الفطور والغداء، وبفضلها لا تجوع هي ولا أبناؤها.

ومع طول أمد حرب السودان منذ منتصف أبريل/نيسان 2023، وتحذيرات منظمات أممية من أن نحو 97% من السكان يواجهون "مستويات خطيرة من الجوع، ونحو 25 مليون شخص يواجهون انعداما حادا للأمن الغذائي"، برز دور التكايا في عدد من المناطق، خاصة التي تشهد معارك بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

ملاذ

باتت التكايا ملاذا لبعض المواطنين والنازحين موفرة العلاج والطعام، حيث تقدم وجبات مختلفة كالفول المصري والعدس والأرز.

وفي مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم كانت تكية "مسيد شيخ الأمين" في حي بيت المال، الذي لم يغادر سكانه مع اندلاع الحرب، وظل المسيد (المصلى وخلوات تحفيظ القرآن الكريم والضيافة) ملاذا يقدم الطعام والدواء.

وقال الشيخ الصوفي الأمين عمر الأمين -للجزيرة نت- إن تكية المسيد من أوائل التكايا المستمرة منذ عام، وتقدم 3 وجبات إلى جانب العلاج وصرف الدواء مجانا عبر أطباء وصيادلة، لنحو 5 آلاف شخص.

وأضاف أنه منذ نشأة المسيد عام 1992 زاوية صغيرة، كانت بها تكية، ولكن ليست بسعتها الحالية بعد الحرب، وأنهم بدؤوا بتقديم مائدة رمضان وتوسعت خدمات تقديم الوجبات مع توافد أعداد المتأثرين بالحرب.

ويعمل القائمون على التكايا في ظروف بالغة التعقيد، لا سيما في المناطق التي تقع تحت سيطرة قوات الدعم السريع، ويواجه العالقون فيها شحا في الغذاء والدواء مع انتشار الأوبئة وانقطاع خدمات الاتصال والكهرباء والمياه، إلى جانب ارتفاع أسعار السلع الغذائية، مما أدى إلى توقف عدد من التكايا بالخرطوم، خاصة في مناطق "جنوب الحزام".

غرف طوارئ

وفي وقت سابق، قالت غرفة طوارئ الجريف -للجزيرة نت- إنها تدعم 18 مطبخا توقف معظمها "لضعف التمويل والنهب المستمر من الدعم السريع"، مما يهدد الأمن الغذائي لنحو 7 آلاف أسرة تعتمد على تكية المنطقة. ويعتمد معظم العاملون في التكايا على جمع التبرعات من الخيرين.

ومن شمالي أم درمان، تبرز تكية "فكة ريق" بمسارات مختلفة لتقديم العون للنازحين والمتضررين من الحرب.

ويقول عثمان الجندي -للجزيرة نت- إن التكية تقدم الغذاء والكساء والدواء، وتدعم النساء الناشطات اقتصاديا بتمويل مشاريعهن الإنتاجية وتسويقها في مناطق سكنهن لمساعدتهن على الخروج من دائرة الفقر.

ووفق الجندي، تقدم تكية "فكة ريق" وجبات متنوعة لأكثر من 300 عائلة بمعدل 5 أشخاص في الأسرة الواحدة، وتتضمن الفول والعدس والأرز والمعكرونة، وذلك بدعم من الجهات الرسمية والخيرين في الداخل والخارج.

لم تكن التكايا وليدة تداعيات الحرب، ووفق الشيخ الأمين عمر، فإن تاريخها ضارب في القِدم منذ دخول الإسلام السودان وبدأت عبر الطرق الصوفية، وهي إرث صوفي، وأي "مسيد" يجب أن تنشأ معه التكية. وارتبطت بـ"الزعماء الدينيين" وشيوخ هذه الطرق وخلوات تحفيظ القرآن الكريم.

سودانيات من مطابخ مجتمعية يديرها متطوعون محليون يعددن الطعام للمتضررين من الحرب في أم درمان (رويترز) تكافل مجتمعي

من جانبه، وصف الكاتب الصحفي محمد مصطفى جامع -للجزيرة نت- التكايا بأنها أحد مظاهر التكافل المجتمعي الذي اشتهر به السودان على مدى التاريخ، وبعد الحرب صارت مصدر إعاشة رئيسيا لآلاف الأسر التي تقطعت بها السبل في مناطق الحرب في الخرطوم ودور الإيواء.

وأضاف أن معظم الناس في مناطق الحرب فقدوا مصادر دخلهم بفعل النهب الممنهج وهجمات الدعم السريع على الولايات الآمنة، الأمر الذي تسبب في ازدياد حجم المحتاجين للمساعدات الإنسانية.

ومع اتساع رقعة تقدم الجيش، يقول وزير الرعاية والتنمية الاجتماعية بولاية الخرطوم صديق فريني إن أرقام التكايا في تزايد مع ارتفاع عدد المستفيدين من خدماتها، وإن طبيعة الصراع جعلت الولاية تفكر في جعل التكية النموذج المعتمد للعون الغذائي.

وأضاف -في حديثه للجزيرة نت- أن عدد التكايا النموذجية في العاصمة 7 والخيرية 314، وأن عددها متغير، "وتحظى جميعها باهتمام والي الخرطوم عبر تقديم الدعم العيني والمالي". وبرأيه، فإن تجربة التكايا تعبير دقيق عن تقدّم المجتمع على الدولة في المبادرة، وأثبتت قدمه في إغاثة الملهوف وإطعام الجائع، وهي نموذج متقدم في العون الإنساني.

ووفقا لفريني، بلغ عدد المتلقين للوجبات الجاهزة من التكايا حتى الأسبوع الماضي 75 ألفا. و"بعد اعتداءات الدعم السريع على قرى شرق ولاية الجزيرة، زاد عدد المترددين عليها بمعدل 10 آلاف، يجري حصرهم والترتيب لاستيفاء احتياجاتهم".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الدعم السریع للجزیرة نت فی مناطق

إقرأ أيضاً:

سفير السودان: القرار البريطاني ضد الدعم السريع خطوة سياسية مهمة

قال السفير الصديق الأمين، سفير السودان لدى بريطانيا، إن القرار الذي أصدرته الحكومة البريطانية بفرض عقوبات على عدد من قيادات ميليشيا الدعم السريع يمثل "خطوة في الاتجاه الصحيح"، ويعكس – بحسب تعبيره – إدراكاً دولياً متزايداً لخطورة الجرائم التي ترتكبها هذه الميليشيا في إقليم دارفور ومناطق أخرى من السودان، وعلى رأسها مدينة الفاشر التي شهدت، خلال الأشهر الماضية، انتهاكات ووقائع دامية أثارت قلق المجتمع الدولي.

وأوضح السفير الأمين، خلال مداخله هاتفيه على شاشة القاهرة الإخبارية ، مع الإعلامية رغدة منير ، أن أهمية القرار البريطاني تكمن في قيمته السياسية لا الاقتصادية، موضحاً أن عناصر ميليشيا الدعم السريع "لا يملكون في الغالب أرصدة كبيرة داخل بريطانيا"، إلا أن صدور العقوبات عن دولة عضو في مجلس الأمن الدولي وتحمل القلم في ملف السودان يعطيها وزناً خاصاً، ويرسل رسالة واضحة بأن المجتمع الدولي بات أكثر وعياً بما يجري على الأرض.

وأكد سفير السودان لدى بريطانيا أن الميليشيا استغلت في السابق غياب الردع الدولي لتصعيد عملياتها، معتبراً أن عدم اتخاذ إجراءات حقيقية ضدها فُسّر من جانبها كأنه "موافقة ضمنية" على جرائمها، وهو ما شجّعها – بحسب قوله – على ارتكاب مجزرة جديدة الأسبوع الماضي في روضة للأطفال، أسفرت عن مقتل أكثر من خمسين طفلاً واستهداف الروضة مرتين، ثم استهداف المستشفى الذي نُقل إليه المصابون.

وبشأن التواصل مع الجانب البريطاني، أشار السفير الأمين إلى وجود تنسيق مستمر بين الجانبين، لكنه شدّد على أن القرار الأخير استند أساساً إلى معلومات وتقييمات جمعتها الحكومة البريطانية بنفسها.

وأضاف أن العالم بأسره يشاهد الآن بشاعة الجرائم المرتكبة، مؤكداً أن "جميع عناصر الميليشيا وقياداتها، من أكبر قائد إلى أصغر جندي، أيديهم ملطخة بدماء السودانيين".
 

طباعة شارك سفير السودان القرار البريطاني السفير الصديق الأمين

مقالات مشابهة

  • السودان.. مقتل 6 جنود للقوات الأممية و«الدعم السريع» تعلّق!
  • بعد استهداف البعثة الأممية.. السودان يدعو لتصنيف الدعم السريع جماعة إرهابية
  • السودان يدين هجوم مليشيا الدعم السريع على مقر الأمم المتحدة بكادوقلي
  • مصرع مواطن سوداني بنيران الدعم السريع في كردفان
  • انتهاكات وحشية..حاكم دارفور: أولويتنا حماية المواطنين من اعتداءات الدعم السريع
  • الجيش السوداني يُدمر ارتكازات ومعدات عسكرية للدعم السريع
  • البرهان يناور بذكاء ويتوعد الدعم السريع
  • سفير السودان: القرار البريطاني ضد الدعم السريع خطوة سياسية مهمة
  • بريطانيا: عقوبات على 4 من قادة الدعم السريع بينهم عبد الرحيم دقلو
  • المملكة المتحدة تفرض عقوبات على قيادات من "الدعم السريع" بالسودان