قال باحث إسرائيلي إن هناك فرصة سانحة أمام الغرب وعلى المستوى الاستراتيجي، لاتخاذ خطوات من شأنها أن تساعد اليمنيين على تحرير أنفسهم من النظام الحوثي المدعوم من إيران.

 

وأضاف آري هيستين الباحث العبري والمستشار في القضايا المتعلقة باليمن، في تحليل نشره موقع "شيفر بريف" وترجم أبرز مضمونه إلى العربية "الموقع بوست" إن الهجمات الحوثية ضد إسرائيل والشحن الدولي التي أعقبت هجمات حماس في 7 أكتوبر من العام الماضي، استُخدمت لنزع فتيل أزمة محلية، وقد تم الاعتراف على نطاق واسع بذلك، حيث كان الحوثيون يواجهون معارضة غير مسبوقة في الداخل بسبب الاستياء المتزايد من سوء حكمهم".

 

وتابع هيستين -الذي وشغل منصب زميل بحثي ورئيس أركان في معهد دراسات الأمن القومي في تل أبيب- "قبل ذلك اليوم الرهيب بقليل، تغير ذلك في أعقاب هجمات 7 أكتوبر، وحرب إسرائيل ضد حماس في غزة. منذ أن بدأ الحوثيون في قصف إسرائيل والشحن الدولي قبل عام واحد، روجت المجموعة لتجمعات عامة ضخمة في اليمن للاحتفال بـ "مقاومتها" في جميع أنحاء الأراضي الخاضعة لسيطرتها. لقد افترض الجميع أن الهجوم الحوثي كان سبباً في تحويل الغضب الشعبي، ولكن استطلاعات الرأي العام الأخيرة تحكي قصة مختلفة".

 

الحوثي بلا شعبية

 

وأردف "في الواقع، يحكم الحوثيون، الذين يعملون من العاصمة صنعاء، أكثر من 20 مليون شخص يعارضون الحوثيين بشكل ساحق. وفي حين أن هذا السكان قد ينظرون إلى الجماعة الإرهابية المدعومة من إيران بشكل أكثر إيجابية من أولئك اليمنيين الذين يعيشون تحت حكومة البلاد الشرعية، فإن هذا لا يعني الكثير؛ حيث تصل شعبية نظام الحوثيين إلى 8٪. وهذا يبشر بالخير للحوثيين، وينذر بالحاجة المستمرة للجماعة إلى استخدام الوحشية للحفاظ على السيطرة".

 

واستدرك "ومع ذلك، في حين أن النظرة العامة للحوثيين سلبية للغاية، فمن الصحيح أيضًا أن ما بين ثلث وربع السكان اليمنيين يؤيدون هجمات الحوثيين في البحر الأحمر، والتي تم تصويرها على أنها داعمة للفلسطينيين. ويعارض أقل من خُمس السكان هذه الهجمات، التي ألحقت الضرر بالعشرات من السفن وأعادت توجيه الشحن العالمي على مدار عام. ولكن في حين حظيت هجمات الحوثيين بدعم شعبي، فإن جهود الحوثيين لتحويل هذا الدعم إلى دعم لنظامهم باءت بالفشل الذريع".

 

وراء أرقام الاستطلاع

 

وبحسب الباحث العبري فإن الاستطلاع ــ الذي أجري في يوليو/تموز وأغسطس/آب ــ يشير إلى قدرة واضحة بين أغلبية السكان اليمنيين على التمييز بين تصرفات الحوثيين والقضية الفلسطينية، وهي حقيقة قد تكون مفاجئة إلى حد ما في ضوء الجهود الدعائية الحوثية المتواصلة لخلط الأمرين. وحتى بين اليمنيين المحكوم عليهم بالعيش تحت وطأة مصاعب حكم الحوثيين، الذي ينطوي على التلقين المستمر للنظام والوصول المحدود إلى وسائل الإعلام الخارجية، يبدو أن هناك فهماً واسع النطاق بأن النظام ساخر ومهتم بمصالحه الذاتية قبل كل شيء.

 

ويرى أن هذا تفسير معقول لسبب تقييم غالبية اليمنيين أيضاً بأن هجمات الحوثيين من غير المرجح أن تنهي الحرب في غزة؛ وربما يدركون أن هذا يعادل في الشرق الأوسط إظهار الفضيلة من قِبَل نظام يعامل شعبه بهذه الفظاعة.

 

وقال إن ما يثير الاهتمام في أحدث استطلاع للرأي العام هو أنه يشكل استثناءً للقاعدة، حيث لا تتوفر أي بيانات حول ما يفكر فيه اليمنيون تحت حكم الحوثيين. ففي المناطق التي يحكمها الحوثيون، لا وجود لحرية التعبير ــ وهي السياسة التي تستطيع الجماعة فرضها بسبب سيطرتها الصارمة على البنية الأساسية للاتصالات وبمساعدة أجهزتها الأمنية القاسية.

 

وزاد "بفضل الاستطلاع الأخير، أصبح لدينا الآن مؤشر واضح ومقنع على أن الدعم الذي تحظى به الجماعة منخفض؛ فهي أقل شعبية، على سبيل المثال، من شعبية الرئيس الروسي فلاديمير بوتن بين عامة الناس في الولايات المتحدة".

 

وقال "يجب على إسرائيل تجنب إضافة الوقود إلى هذه النار. وأخيرا، فإن النهاية المحتملة للقتال في غزة ولبنان، والتي تنتهي بصورة واضحة وحاسمة لهزيمة المحور، من شأنها أن تقلل من أهمية القضية التي يدعيها الحوثيون في حين تسلط الضوء على هشاشته".

 

وأستطرد الباحث "إن هذا العداء العام الواسع النطاق تجاه الميليشيات المدعومة من إيران ليس مضمونا أن يستمر. وهذا ليس لأن هناك خطرا من أن يحكم الحوثيون اليمن بكفاءة وفعالية لتحويل تيار الرأي العام لصالحهم، ولا يوجد خطر حقيقي من أنهم قد يرهبون رعاياهم اليمنيين ليحبوهم".

 

فرصة سانحة أمام الغرب

 

ويرى أن "الخطر هو أن الحوثيين يعملون بجد لغسل أدمغة الجيل القادم من اليمنيين ليصبحوا جهاديين متطرفين، وفقا لأيديولوجيتهم الشيعية المتطرفة. وفي حين أن الأجيال الأكبر سنا تعترف على الأرجح بأن اليمن كان وسيظل على الأرجح لديه نصيبه العادل من القيادة السيئة والسياسيين الفاسدين، فإن خطوات مثل تطرف الأطفال اليمنيين من أجل تحويلهم إلى وقود للمدافع أمر غير مقبول".

 

وقال "على المستوى الاستراتيجي، هناك فرصة سانحة أمام الغرب لاتخاذ خطوات من شأنها أن تساعد اليمنيين على تحرير أنفسهم من النظام الحوثي".

 

وأكد أنه إذا فشل الغرب في التعامل بجدية مع التهديد الذي يشكله الحوثي، فضلاً عن الفرصة المحدودة للقضاء عليه، فقد يرتفع الدعم الشعبي للجماعة الإرهابية المدعومة من إيران إلى عنان السماء، عندما يصبح هؤلاء الأطفال الذين جندهم الحوثيون في برامج التدريب العسكري الصيفية في نهاية المطاف أغلبية السكان اليمنيين، وقبل أن يتحول اليمن إلى كوريا الشمالية على البحر الأحمر".

 

وتابع "وبينما يتراجع محور المقاومة بقيادة إيران، فإن صنعاء معرضة بشكل خاص للتهديدات من الداخل والتي يمكن تضخيمها من خلال الضغوط التي تمارسها الجهات الفاعلة الخارجية التي تعرف كيف تحدد الفرصة وتستغلها".

 

 


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن اسرائيل امريكا الحوثي البحر الأحمر من إیران فی حین

إقرأ أيضاً:

ضابط إسرائيلي سابق: إسرائيل تسير نحو الانتحار والمنبوذية

على خطى كثير من الباحثين والمحللين الإسرائيليين السياسيين والعسكريين، يسير الباحث العسكري والضابط السابق في الاستخبارات الإسرائيلية الدكتور مايكل ميليشتاين في التحذير من أن إسرائيل تسلك مسارا انتحاريا على الساحة الدولية.

ويؤكد ميليشتاين أن إسرائيل تدفع بنفسها نحو عزلة متزايدة تهدد موقعها الإستراتيجي، وتضعها في مواجهة مع أصدقائها التقليديين، في ظل غياب أي رؤية سياسية أو إستراتيجية واضحة للخروج من الحرب المستمرة في غزة.

ويحمل المقال الذي نشرته صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية عنوانا لافتا: "هكذا تصبح إسرائيل دولة منبوذة"، ويقول فيه ميليشتاين، رئيس منتدى الدراسات الفلسطينية في مركز موشيه ديان التابع لجامعة تل أبيب، إن إسرائيل لم تعد قادرة على مواصلة تعليق التدهور في صورتها الدولية على مشاجب "العلاقات العامة السيئة" أو "معاداة السامية"، بل باتت تواجه انهيارا إستراتيجيا ناتجا عن غياب البوصلة وغياب القيادة، وسط شعارات لا تنتهي عن "النصر الكامل" و"الحرب الأبدية".

عزلة متزايدة

ويشير ميليشتاين إلى أن إسرائيل ترد على التحديات الدولية المتزايدة بسلوك يشبه "الانتحار"، خاصة في ظل المداولات الدولية المرتقبة، وعلى رأسها الاجتماع المشترك الفرنسي-السعودي في الأمم المتحدة في 17 يونيو/حزيران الحالي، والذي يُتوقع أن يشهد توجها واسعا نحو الاعتراف بالدولة الفلسطينية.

إعلان

ويقول: "رد إسرائيل هو التهديد باتخاذ خطوات أحادية الجانب، مثل ضم أراض في يهودا والسامرة (الضفة الغربية)، ما لا يؤدي فقط إلى تقويض ما تبقى من علاقاتها مع الدول العربية ودفن إمكانية التطبيع مع المملكة العربية السعودية، بل يفتح الباب لسيناريو الدولة الواحدة"، وهو الذي يعتبره الضابط الإسرائيلي "الخطر الأكبر على الرؤية الصهيونية نفسها".

وفي وصفه لحال إسرائيل في المحافل الدولية، يلفت ميليشتاين إلى أن دولا حليفة مثل ألمانيا وإيطاليا وهولندا تجد صعوبة متزايدة في الدفاع عن إسرائيل، خاصة في ظل حربها على غزة، والتي لا يراها أحد -بحسب تعبيره – كحرب ذات هدف إستراتيجي واضح، بل كحملة مفتوحة تصاحبها تصريحات "مهووسة بالدمار والسحق" تصدر عن وزراء الحكومة.

ويضيف: "هذه الصورة تولّد انطباعا عن إسرائيل كدولة متطرفة لا تعبأ بالرأي الدولي، وتندفع خلف رؤى مسيحانية، ونتيجة لذلك يزداد الزخم في أروقة السياسة الدولية حول فكرة مقاطعة إسرائيل وتقليص العلاقات معها".

تآكل ونسيان

وفي هذا السياق، يرى ميليشتاين أن إسرائيل ترفض الاعتراف بأن ذكرى هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 تتآكل وتنسى دوليا، ولم تعد كافية لتبرير استمرار الحرب في غزة، خاصة أن الصور التي تصل إلى الجمهور العالمي من دمار ودماء أصبحت المعيار الذي يتم عبره الحكم على إسرائيل وليس ما تزعمه من دوافع أمنية.

ويضيف: "لا يمكن مواصلة اتهام تراجع الدعم الدولي للدعاية ضد الفلسطينيين أو معاداة السامية، لأن العالم يرى بوضوح دولة تتحرك بلا إستراتيجية منظمة، وتتمسك فقط بشعارات القوة والغلبة".

وينتقد الضابط الإسرائيلي ما يسميه "الوهم الخطير" بأن الولايات المتحدة ستواصل دعم إسرائيل في كل سيناريو. ويذكّر بمفاجآت سابقة تمثلت في حوارات أجرتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب مع إيران، وتفاهماتها مع الحوثيين، وحتى المحادثات غير الرسمية مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس).

إعلان

ويشير إلى أن إسرائيل لا تزال تؤمن بأن حل قضية غزة يكمن في "ترحيل" سكانها، بينما هي الدولة الوحيدة في العالم التي تتشبث بهذه الفكرة!

ويقول: "هذا التوجه لا يُقوّض فقط علاقات إسرائيل الدولية، بل يثبت أنها لم تستوعب بعد حجم التغير في المزاج الدولي".

تحذير ودعوات

من ناحية ثانية، يحذر ميليشتاين من أن الوضع في الضفة الغربية يتجه أيضا نحو انفجار سياسي ودبلوماسي، خاصة في ظل تنامي الاعتراف الدولي بفلسطين، وهو ما يعكس استمرار الفكر الإسرائيلي القديم الذي انهار في السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والذي يقوم على إمكانية "إدارة" الصراع الفلسطيني من دون حله.

كما يحذر من غياب التركيز على التهديد الإيراني، ويقول إن إسرائيل قد تحقق مكاسب ميدانية في غزة لكنها ستخسر في المواجهة الأهم: "إسرائيل قد تحتل غزة، لكنها ستواجه ترسانة نووية إيرانية تشكّل التهديد الوجودي الأكبر الذي كان يجب أن تنصب عليه كل جهودها"، وفق تعبيره.

ويختم الضابط الإسرائيلي مقاله بدعوة صريحة لوقف "دوامة الحرب الأبدية"، مشددا على أن على إسرائيل أن تبدأ بمراجعة ذاتها، والاعتراف بضرورة إعادة تأهيل العلاقة مع العالم، وصياغة إستراتيجية طويلة الأمد تجاه غزة.

كما يدعو إلى معالجة "الصدمة المجتمعية" التي تعيشها إسرائيل بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول، والتوجه نحو مرحلة من التعافي الداخلي تتضمن إطلاق سراح المختطفين، وفتح حوار داخلي حول قضايا شائكة مثل العلاقة بين الدولة والحريديم، وبين العرب واليهود، وكذلك البدء بتحقيق وطني شامل في إخفاقات الحرب، مؤكدا أن الوقت يمرّ، وكل تأخير يجعل الفشل التالي أكثر خطورة.

مقالات مشابهة

  • جابر يختتم زيارته إلى القاهرة: لبنان أمام فرصة جديدة
  • الحوثيون يعلنون استهداف مطار إسرائيلي بصاروخ باليستي
  • وزير الخارجية الإيراني: مصر الدولة الوحيدة التي أتيحت لي فرصة لقاء رئيسها
  • واشنطن تجدد تهديداتها لسفن الوقود التي تصل مناطق الحوثيين بـ "عقوبات قاسية"
  • كارنيغي: ما الأهداف التي تسعى روسيا إلى تحقيقها من الصراع في اليمن؟ (ترجمة خاصة)
  • ضابط إسرائيلي سابق: إسرائيل تسير نحو الانتحار والمنبوذية
  • دونجا: هناك ملايين كانت تنتظر خسارة بيراميدز أمام صن داونز
  • دونجا: «هناك ملايين كانوا ينتظرون خسارة بيراميدز أمام صن داونز»
  • إسرائيل وحربها الممنهجة
  • الحوثيون : سنسقط طائرات الاحتلال الإسرائيلي التي تقصف بلادنا