نشر الكاتب المصري عماد الدين أديب، مقالا يتحدث فيه عن انتهاء عصر ما أسماه بـ"دفتر الشيكات النفطي المسيس".

وقال أديب إنه "لا بدّ من فهم عميق غير قابل للالتباس لقواعد التعامل الثنائي اليوم مع دول الخليج عامة، والسعودية على وجه الخصوص".

وتحدث أديب في مقاله عن تغير التفكير الخليجي تجاه تمويل مصر، والدول العربية الأخرى، إذ باتت الدول الممولة تشترط الاستثمار بدلا من إعطاء المنح المالية المقطوعة.



ويقول أديب نقلا عن مصدر خليجي، قوله إنه "لم تعد هناك حالة الخواطر في عمليات البزنس الخليجية، بل أصبح المقياس الأساس هو: استثمار فاشل أم ناجح؟ مشروع مربح أم خاسر؟ أرقام وبيانات صحيحة أم متلاعب بها؟ هذه هي المعايير التي تتبعها عواصم الخليج الآن في البزنس من صنعاء إلى كراتشي، ومن أمستردام إلى واشنطن ومن دلهي إلى بكين".

وتاليا النص الكامل لمقال عماد الدين أديب:

مبدأ "دفتر الشيكات النفطي" المفتوح الذي يقوم على مدى الرضاء السياسي عن الغير، بمعنى الدعم السياسي القائم على المِنح والمساعدات والهبات الذي شهدته المنطقة بعد فورة أسعار النفط حتى العقد السابق، قد انتهى إلى غير رجعة ولا إمكانية لعودته بأيّ شكل من الأشكال.

في السنوات الأخيرة حاولت واشنطن وباريس تليين مواقف دول الخليج وإقناعها بتقديم مساعدات أو دعم استثمارات من قبيل الدعم السياسي، فجاءت الإجابة واضحة قاطعة، وبالذات في ما يتّصل بدعم الاقتصاد اللبناني المنهار: "عصر الدعم كمبدأ انتهى وحلّ محلّه مبدأ الاستثمار المنتج المبنيّ على قواعد من المصالح والمنافع الاقتصادية".

تأتي بقيّة الشروح الخليجية لتقول: "في الحالة اللبنانية لن نكرّر خطأ تقديم دعم اقتصادي لنظام سياسي معادٍ لمصالحنا ويسيطر عليه حزب يعادينا ويدرّب ويسلّح ويساعد من يطلقون الصواريخ على أرضنا ومواطنينا من اليمن".

يقول دبلوماسي سعودي مخضرم خدم لسنوات طويلة في مجالات الإشراف على المساعدات في المنطقة: "منطق المال السياسي انتهى من كلّ العواصم الخليجية، والمال الوحيد المتاح الآن هو ما يقع في مجال المساعدات الإنسانية مثل مرحلة الدعم الصحّي في زمن وباء كورونا أو في حالة الكوارث الطبيعية من زلازل وسيول وجفاف...".


170 ملياراً من المساعدات الخليجيّة
على سبيل المثال وليس الحصر فإنّ دول مجلس التعاون الخليجي قدّمت مساعدات (إنسانية)، بمعنى أنّها ليست في مجالات التجارة أو الاقتصاد أو الاستثمار أو القروض أو المِنح، بما يساوي 170 مليار دولار.

وكانت السعودية الداعم الأكبر بمبلغ 72 مليار دولار توزّعت على النحو التالي:
حصل اليمن على 21 مليار دولار، مصر 14 مليار دولار، سوريا 7 مليارات، باكستان 7 مليارات، فلسطين 5 مليارات، لبنان 2 مليار وستمئة وثمانية وخمسين ألف دولار. وُزّعت كلّ هذه المساعدات على ما يزيد على 350 مشروعاً في هذه الدول.

تعلّمت دول الخليج العربي الدرس. فهي تقوم بتمويل مشروعات إنسانية توجد احتياجات شعبية إليها، وتقوم بالمتابعة والمراقبة لعمليات التنفيذ بدءاً من دراسة الجدوى فبدء التنفيذ ثمّ المشتريات والتأكّد من الجودة وتسليم المشروع.

هذا الكلام يؤكّده لي مصدر خليجي بالقول: "انتهى عصر "castle is hands"، أي إعطاء مال سائل للدول المستفيدة، لكنّ لدينا حالتين فقط للتمويل:
الأولى: المشروعات الإنسانية.
الثانية: مشروعات البزنس".

منطق البزنس والأرباح والخسائر
منطق مشروعات البزنس يقوم على نفس القواعد الدولية المتعارف عليها في كلّ أنواع الاستثمار في العالم، وهي الشفافية والحوكمة والتقويم العادل لقيمة الشركات، ضمانات الاستثمار في سهولة ويسر، ودخول الأسواق في ظلّ قوانين واضحة مستقرّة، وسهولة النظام النقدي أثناء دورة الاستثمار والقدرة على تحويل الأرباح إلى صاحب المشروع.

كلّ دول الخليج الآن لديها صناديق سيادية تتعدّى قيمتها 2 تريليون دولار، تديرها إدارات وطنية شابّة تدرّبت ودرست في الخارج قواعد وقيم وأسس وإجراءات المجتمع الرأسمالي الحرّ، وتدعمها كبرى شركات الاستثمارات المالية التي تقدّم المشورة وتساعد في عمليات التقويم والتدقيق المالي والقانوني للاستثمارات.

يؤكّد مصدر اقتصادي خليجي: "لم تعد هناك حالة "الخواطر" في عمليات البزنس الخليجية، بل أصبح المقياس الأساس هو: استثمار فاشل أم ناجح؟ مشروع مربح أم خاسر؟ أرقام وبيانات صحيحة أم متلاعب بها؟ هذه هي المعايير التي تتبعها عواصم الخليج الآن في البزنس من صنعاء إلى كراتشي، ومن أمستردام إلى واشنطن ومن دلهي إلى بكين".

ويختم المصدر الاقتصادي الخليجي كلامه بالقول: "لا تسييس في الأرباح أو الخسائر. أعطني مشروعاً شفّافاً فيه معدّل ربح حقيقي في ظلّ قواعد السوق العالمية، وسوف تجد بلا شكّ التمويل جاهزاً". وغير ذلك يشبه انتظار سطوع الشمس الحارقة في المحيط المتجمّد الشمالي!

بالطبع في حالات مثل اليمن الحوثي أو لبنان – الحزب، أو كلّ من يهدّد الأمن القومي الخليجي، فإنّ تهديد المصالح العليا أو الإضرار بالأمن القومي يجعل أيّ قرار بتقديم دعم خليجي ذا معايير سياسية بالأساس.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات المصري مصر رابعة السيسي سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ملیار دولار دول الخلیج

إقرأ أيضاً:

200 مليار دولار.. بيل جيتس يستخدم ثروته لخدمة إفريقيا| تفاصيل

في خطوة إنسانية غير مسبوقة، أعلن الملياردير الأمريكي بيل جيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت، عن خطة طموحة لإنفاق الجزء الأكبر من ثروته في سبيل دعم الصحة والتعليم في القارة الأفريقية، خلال السنوات العشرين المقبلة، مؤكدًا أن هذا المسار هو السبيل نحو نهضة شاملة في القارة.

الواجبات المنزلية .. إرث حضاري منذ العصور القديمةقفزة نوعية جديدة.. عقار مناعي يعالج سرطان الرأس والرقبة| تفاصيلالتزام طويل الأمد: عشرون عامًا من العطاء

في خطاب ألقاه في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، أوضح بيل جيتس (البالغ من العمر 69 عامًا) أن مؤسسته الخيرية تعتزم تكريس جهودها على مدى عقدين من الزمان لتحسين الرعاية الصحية الأساسية والتعليم، وهو ما اعتبره مفتاحًا لإطلاق الطاقات البشرية الكامنة في أفريقيا.

التبرع التدريجي للثروة

أشار بيل جيتس إلى أن 99% من ثروته، والتي تبلغ ما يقارب 200 مليار دولار، سيتم التبرع بها تدريجيًا حتى عام 2045، وهو العام الذي تخطط فيه المؤسسة لإيقاف عملياتها.

الذكاء الاصطناعي في خدمة الرعاية الصحية

لم تقتصر رسالة جيتس على التمويل فقط، بل وجّه نداءً إلى المبتكرين الشباب في أفريقيا للتفكير في كيفية تسخير الذكاء الاصطناعي لتحسين قطاع الصحة في القارة، وضرب مثالًا بدولة رواندا، التي بدأت تستخدم الموجات فوق الصوتية المدعومة بالذكاء الاصطناعي لرصد حالات الحمل عالية الخطورة، مشيرًا إلى أن هذا النوع من التكنولوجيا يمكن أن يُحدث تحولًا جذريًا في جودة الرعاية الصحية المقدّمة.

أولويات مؤسسة جيتس في أفريقيا

كشفت مؤسسة "بيل وميليندا جيتس" عن ثلاث أولويات رئيسية خلال الفترة المقبلة:

القضاء على الوفيات التي يمكن تجنبها بين الأمهات والرضع.ضمان نمو الأطفال في بيئات صحية خالية من الأمراض المعدية القاتلة.انتشال ملايين الأفراد من دوائر الفقر المزمن.

وأكدت المؤسسة في بيان رسمي أنها ستوقف أنشطتها بشكل كامل بعد تحقيق أهدافها في عام 2045.

دور النساء ودعم القادة المحليين

رحّبت غراسا ماشيل، السيدة الأولى السابقة لدولة موزمبيق، بهذا الإعلان، واصفةً إياه بأنه جاء في "لحظة حرجة" تمر بها القارة، وشددت على أهمية التزام جيتس بالسير جنبًا إلى جنب مع المجتمعات الأفريقية في سعيها نحو التغيير.

تراجع الدعم الدولي ودور المبادرات الفردية

يأتي هذا التعهد في ظل تراجع الدعم الأمريكي لأفريقيا، وخاصة في برامج علاج مرضى فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، نتيجة سياسة "أمريكا أولًا" التي اتبعها الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب، مما أثار مخاوف بشأن مستقبل الصحة العامة في العديد من الدول الأفريقية.

شغف جيتس بالتغيير الحقيقي

عبر مدونته الشخصية، أكد جيتس أنه يسعى لتكثيف حجم التبرعات خلال الفترة القادمة، قائلًا: "عندما أموت، لا أريد أن يُقال عني إنني متّ غنيًا". كما أوضح أن شخصيات بارزة مثل المستثمر وارن بافيت ألهمته لاتخاذ هذا القرار الإنساني الجريء.

طباعة شارك بيل جيتس إفريقيا ثروة بيل جيتس مايكروسوفت مؤسس شركة مايكروسوفت

مقالات مشابهة

  • 200 مليار دولار.. بيل جيتس يستخدم ثروته لخدمة إفريقيا| تفاصيل
  • عملاق الموانئ الخليجي يعلن عن صفقة جديدة في تركيا بميزانية 2.5 مليار دولار
  • وزير الاستثمار: نسعى لتقليص مدة الإفراج الجمركي إلى يومين وتوفير 1.7 مليار دولار للشركات
  • الحكومة : برنامج جديد لرد أعباء التصدير بـ 45 مليار جنيه
  • لقرابة 100 مليار دولار ارتفاع احتياطي العملة الاجنبية للبنك المركزي العراقي
  • سعد الدين الهلالي لعمرو أديب: الشراكة في الأضحية فيها خلاف
  • المالية: نعلن غدا عن برنامج جديد لرد أعباء الصادرات بـ 45 مليار جنيه
  • عماد الدين حسين: زيارة وزير الخارجية الإيراني تطور مهم فى علاقات البلدين
  • بأكثر من 70 مليار دولار.. بغداد تعرض عشرات الفرص الاستثمارية أمام طهران
  • خلال عام.. الرز الهندي يكلف العراق نحو مليار دولار