جريدة الرؤية العمانية:
2025-05-13@17:10:18 GMT

يُذكرني نوفمبر

تاريخ النشر: 4th, November 2024 GMT

يُذكرني نوفمبر

 

 

عبدالله علي المجيني

 

​كنَّا صغارًا في عمر الزهور لا نَفقه من أحوال الدنيا إلَّا القليل، نعومة أظفارنا تشير إلى عمق براءتنا، وسلامة طويتنا، وصفاء قلوبنا، وحرَّية مُهَجنا، فحبُّنا كان نقيًا صافيًا لا تشوبه أدنى شائبة، وإيماننا كان راسخًا لا تعيبه أدنى عائبة، كنَّا صغارًا نحترم الكبار، ونكُّن لأقوالهم كل وقار، فهم الآباء والمعلمون والقادة، وإراداتنا لتوجيهاتهم منقادة، فتعلَّمنا منهم الإيمان بالله وفهمنا معنى الولاء للسلطان وانغرست في قلوبنا الأهمية القصوى للذود عن الوطن.

 تعلَّمنا في تلك المرحلة المبكرة من حياتنا أنَّ قابوس هو أبونا وقائدنا وسلطاننا، الذي يحبُّنا ويرعانا ويعمل لأجلنا، فأحببناه وعظّمناه وأَطعناه، فما مرَّ يوم بعدها إلَّا وهو يُثبت لنا بأفعاله قبل أقواله صدق ما ظنناه وأملناه، وحقيقة حبّه لنا وحبّنا إياه.

 كنَّا في تلك السن المبكرة نعتقد جازمين أنَّ كل طائرة تمرُّ في أجواء قريتنا الصغيرة لا بدَّ وأن تحط رحالها في مسقط! وبسبب التأثير الإعلامي آنذاك فلم يكن يخامرنا أدنى شكّ في أنَّها ستحظى حتمًا باستقبال سلطاننا، فأصبح دأبنا التّلويح بأيدينا الصغيرة لكلّ طائرة مهما كان نوعها وكل منَّا يهتف: " سلمي على أبي قابوس"! نردّدها موقنين بأنّها ستوصل سلامنا فردًا فردًا، وأنّه حتمًا يعرفنا واحدًا واحدًا، أليس هو أبونا؟ وسلطاننا الذي يحبُّنا، ويسهر لأجلنا؟ .

وكبرنا قليلًا وكَبُر الحبُّ كثيرًا وصادف حبُّ قابوس قلوبًا عطشى وأفئدةً ظمأى فتمكَّن، وانخرطنا في الصفوف المدرسية، وانتشرت أجهزة التلفاز وأصبحت تنقل لنا كلَّ مراسم زيارات ضيوف سلطاننا، فكانت كلُّ زيارة أَنَّما هي لنا وبلادنا وسلطاننا ممَّا يوجب احتفاءنا بتلك المناسبة.

وفي طابور الصباح، بمدرسة الخليل بن أحمد الفراهيدي بودام الساحل، صباح اليوم التالي لإعلان زيارة حاكم دولة لسلطاننا، ينبري مدرس التربية الإسلامية الأستاذ علي بن صالح بن أحمد الكازروني - رحمه الله - منشّدا أبياتًا أعدَّها لمثل المناسبة العظيمة، فبعد إعلانه اسم الضيف وسماعه هتافاتنا وتصفيقنا يبدأ في ترديد أبيات شعر لا أتذكَّر منها إلَّا قوله:

"عاشت عُمان وعاش الزائرون لها

وعاش سلطاننا المغوار قابوسُ"

فيا لها من لحظات تلك التي مرَّت علينا فور سماعنا لكلمات تلامس شغاف قلوبنا وترسّخ إيماننا وحبنا وولاءنا.

ومضت الأيَّام ودارت الأيَّام وانضجت تجاربها عقولنا التي أصبحت تروّض عواطفنا، فأصبحت النظرة إلى أبينا قابوس أعمق وأبعد تأثيرا، وأصبحنا نعي ما وراء كلماته وما يرمي إليه من أفعاله وقراراته، الشيء الثابت والذي لم يتغير هو انهماكنا في التعلم منه، فقد تعلمنا الاهتمام  بما علمنا آباؤنا في السبلة ومدرسونا في المدرسة وضرورة تطبيقه، فقد كان سلطاننا يكرر افتخاره بما علمه أبوه ومدرسوه ومدربوه العسكريون وتمسكه بذلك فتمسكنا بتقاليدنا مفتخرين بعاداتنا وبِسَمتنا العماني الأصيل، رأيناه العماني الأول فتسابقنا في فعل ما يفعل وقول ما يقول، تلهفنا لمعرفة آرائه وأسلوب حياته، ركّزنا على طريقة صلواته العيد والجمعة، راقبنا كيفية استقباله الضيوف وتوديعه إياهم، قلّدنا اعتداده بلباسه العماني الرسمي وغير الرسمي، فهمنا أسلوبه الجاد في العمل واستمتاعه بأوقات الترفيه والاحتفالات، أثّر فينا دون أن نشعر في جوانب لم ندركها، كان طيّب الله ثراه عسكريا فأصبح الشعب عسكريا انضباطا وهيئة وهنداما وسلوكا دونما انتساب لأي دورات أو تدريبات عسكرية، كان طيّب الله ثراه محبا للطبيعة والحياة والإنسانية فتفتقت ملكات الشعب حبا في البيئة وتلمّسا لجوانب الجمال والفنون وتراحما مع بقية الشعوب وتفهما واستيعابا لبقية الحضارات، ناهيك عن حب العلم والمعرفة وتطوير الذات والتفاني والإخلاص والاجتهاد والتواضع، والتنبه لمحاولات المرجفين والخبثاء والمتربصين المغلفة بشعارات رنانة واهية، وغير ذلك الكثير والكثير مما علمنا أبونا وسلطاننا.

وجاء الوعد الحق الذي لا مهرب منه فذقنا غصة الفقد وتجرعنا مرارة الفراق، وآلمتنا لوعة المصاب، فذرفت عيوننا الدموع ورددت ألسنتنا وقلوبنا الأدعية، بيد أننا سرعان ما استوعبنا أنه فارقنا جسدا وبقي معنا روحا، فاستمر استحضارنا وجوده بيننا تذكرا لكلماته وتوجيهاته وأسلوب حياته وتنفيذا لتوصياته وتعليماته، وها هي الأيام تمر والمناسبات توقد فينا  الحنين وتلهب في أرواحنا ذكريات وذكريات نترجمها أدعية من القلب بأن يتغمد الله أبانا قابوس بواسع رحمته ويدخله فسيح جناته، ويوفق سلطاننا هيثم بن طارق المعظم ويطيل عمره ويكلل مساعيه  بالنجاح. فكل عام وبلادنا سلطنة عمان سلطانا وشعباً بكل خيروأمن وأمان وتقدم وازدهار.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

يونيفيل: العثور على أكثر من 225 مخبأ سلاح جنوب الليطاني منذ نوفمبر

أعلنت قوة الأمم المتحدة المؤقتة في جنوب لبنان (يونيفيل) يوم الاثنين، أنها عثرت على أكثر من 225 مخبأ للأسلحة جنوب نهر الليطاني منذ نوفمبر الماضي، مشيرة إلى أنها أحالت هذه المواقع إلى الجيش اللبناني.
وأوضحت "يونيفيل" في بيان أن قواتها، بدعم من الجيش اللبناني، أعادت الانتشار في أكثر من 120 موقعًا دائمًا جنوب الليطاني، تنفيذًا لبنود اتفاق وقف إطلاق النار المبرم في 27 نوفمبر 2024.استمرار غارات الاحتلالوأشار بيان "يونيفيل" إلى أن الجيش اللبناني لم يتمكن من الانتشار الكامل بسبب استمرار وجود قوات الاحتلال الإسرائيلية في الأراضي اللبنانية، رغم انتهاء المهلة المحددة للانسحاب ضمن الاتفاق.
أخبار متعلقة بينهم أطفال ونساء.. الاحتلال يعتقل 530 فلسطينيًا في الضفة الشهر الماضيالأسباب مجهولة.. اشتباكات بين مجموعات مسلحة في العاصمة الليبيةولا تزال قوات الاحتلال تحتفظ بوجود عسكري في 5 مرتفعات استراتيجية تمنحها إشرافًا واسعًا على جانبي الحدود، وتواصل شنّ غارات جوية طالت أخيرًا مناطق في جنوب لبنان والضاحية الجنوبية لبيروت.

دخل اتفاق وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في 27 نوفمبر، بعد مواجهة استمرّت لأكثر من عام على خلفية الحرب في قطاع #غزة#اليوم #لبنانhttps://t.co/0kLIOtNRnX pic.twitter.com/X8Vyu4uMxu— صحيفة اليوم (@alyaum) May 8, 2025حصر السلاح بيد الدولةويطالب لبنان المجتمع الدولي بالضغط على كيان الاحتلال لوقف انتهاكاته، والانسحاب الكامل من الأراضي التي توغلت فيها.
في المقابل، تؤكد الحكومة اللبنانية في الآونة الأخيرة أنها تسعى إلى حصر السلاح بيد الدولة، وسط ضغوط أميركية متزايدة لنزع سلاح حزب الله.
وكان الرئيس اللبناني جوزيف عون أعلن في نهاية أبريل أن الجيش اللبناني يسيطر على أكثر من 85% من الجنوب، مشيرًا إلى أنه نجح في "تنظيف" المناطق ضمن تنفيذ التزامات اتفاق وقف النار.

مقالات مشابهة

  • حكم الحج عن المريض الذي لا يثبت على وسائل الانتقال.. الإفتاء تجيب
  • يونيفيل: العثور على أكثر من 225 مخبأ سلاح جنوب الليطاني منذ نوفمبر
  • مدرسة الشيخ أبو قحطان الهجاري بالعوابي تدشن مشروع "تقطير ماء السعتر العماني"
  • تدشين خدمة "التفويض الإلكتروني للخصم المباشر" من البنك الوطني العماني
  • وزير الخارجية يجرى اتصالين هاتفيين مع نظيريه العماني والإيراني
  • وزير الخارجية والهجرة يُجري اتصالين هاتفيين مع نظيريه العماني والإيراني
  • ما هو يوم الحج الذي أوجب الله عليه الناس؟ تعرف عليه
  • سلطنة عُمان.. الودق الذي يُطفئ الحروب
  • رقمنة سوق التأمين العماني تُرسخ ثقافة الوقاية وتدعم الاستدامة الاقتصادية
  • نانسي عجرم تحيى حفلًا غنائيًا بإندونيسيا 5 نوفمبر المقبل